أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - جواد البشيتي - غساسنة ومناذرة جاءوا إلى الدوحة!















المزيد.....

غساسنة ومناذرة جاءوا إلى الدوحة!


جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 2601 - 2009 / 3 / 30 - 09:57
المحور: كتابات ساخرة
    


لو لم يأتوا على ذِكْرها لكان هذا التجاهل خير قرار؛ ولكنهم لم يجرؤوا..

إنَّها "المبادرة" التي تتحداهم أن يجرؤوا على إكرامها؛ وخير إكرام للميت هو دفنه. لقد أبوا الاعتراف بموتها قبل دفنها؛ وكلَّما استطالت المسافة الزمنية بين الموت والدفن استبدَّ بهم العجز عن إكرام هذا الميت، وكأنَّهم يحتاجون إلى من يكرمهم هم أوَّلاً.

من قبل، لم يكن من موجب ليجتمعوا دورياً وفي انتظام؛ ولم يكن من موجب، بالتالي، لتتلبَّد السماء الصافية للغساسنة والمناذرة بغيوم النزاع والخصومة والخلاف، فنَعِمْنا زمناً طويلاً بـ "أُخوَّتهم"؛ ولكنَّهم تواضعوا على أن مخاطر لا يستهان بها تحدق بنا وبهم، فقرروا، ويا ليتهم لم يقرروا، أن يلتقوا دورياً وفي انتظام، لعلَّ الله يوفِّقهم في درء تلك المخاطر.

صلحهم لا يشبه إلا خصومتهم؛ وهم يشبهون صلحهم وخصومتهم معاً، فعندما يلتقون يتصالحون؛ وعندما يغادرون يستأنفون الخصومة، التي هي السمة الجوهرية للعلاقة بين العواصم العربية بين كل قمتين.

أبصارهم زاغت، وموازينهم اختلت، فالعظائم تَصْغُر في عيونهم، والصغائر تَعْظُم، فكيف لهم أن يقودوا مركباً تتقاذفه الأمواج، وتعصف به الرياح العاتية؟!

بعضهم لبس لبوس الحكمة، وقرر أن ينتسب إلى السياسة في عالمها الواقعي، أي في عالمها غير العربي، فاكتشف إذ تناهى إلى سمعه أن السياسة هي، في بعض من معناها الأعجمي، فن الممكن، أهمية وضرورة أن يتعلَّم قادة الأمة "فن إدارة الخلاف"، فإذا كان خلافهم بوزنٍ تنوء بحمله الجبال فلِمَ لا يتوفَّرون على تحقيق الممكن، والممكن كثيراً، وهو أن يُحْسِنوا إدارته، والتحكم فيه، إلى أن يتهيأ من الأسباب الموضوعية والذاتية ما يكفي لإنهائه وإزالته.. وكأنَّه نيتشه الذي طالما دعا إلى تعليم الطير فن السقوط إنْ هو عجز عن تعلُّم فن الطيران!

ولكن، من أي نمط، ومن أي وزن، هذا الخلاف المستعصي على الحل الآني حتى يُدعى المختلفون إلى تعلُّم فن إدارته؟!

إنَّه من نمط، ومن وزن، تأبى الدول.. الدول الدول أن يكون جزءاً من العلاقة السياسية بينها، وتأبى، بالتالي، أن تتصالح كما تتصالح "دولنا"، فلا هذا التصالح، ولا ذاك الخلاف، يليق بها!

ولو كان للسياسة من محكمة، لحكمت بطرد الدول العربية من عالمها، الذي لا مكان فيه إلاَّ لدولٍ تختلف؛ ولكن لأسباب وجيهة، وتتصالح؛ ولكن بما لا يقل وجاهة عن أسباب اختلافها!

نحن أُخْوة؛ ولكننا لسنا دولاً، فالخلاف بين دولنا لا يمكن فهمه وتفسيره إلاَّ على أنَّه خلاف شخصي صرف، أي لا أثر فيه للسياسة في معناها غير العربي. إنَّه خلاف بين القادة على كل ما من شأنه أن يُنَزِّه دولهم عن الخلاف السياسي، فإذا تصالحوا فلا يتصالحوا إلا بما يؤكِّد أنَّ خلافهم كان شخصياً خالصاً.

هذا في أمر خلافهم وصلحهم؛ أمَّا في أمر قرارهم فحدَِّث ولا حرج. أُنْظروا، ولو من غير أن تمعنوا النظر، في كل "قرار" يتجشمون إصداره، فلن تقفوا على أي معنى من معاني "القرار".

إنَّهم يجتمعون، دورياً وفي انتظام، لـ "يقرروا"؛ ولكن قرارهم يأتي دائماً على هيئة "إدلاءٍ برأي"، أو "تعبيرٍ عن شعور"، فإذا دمرت إسرائيل قطاع غزة، واتَّخذته مسرحاً لجرائم حرب ترتكبها على مرأى ومسمع من دول الأمة وقادتها، قرروا أن يُدْلوا برأيهم في هذا الأمر، وأن يعبِّروا عمَّا يجيش في نفوسهم، فما قامت به إسرائيل إنَّما هو "عدوان، وعدوان آثم، ندينه ونشجبه ونستنكره..". وفي هذا النص، وأشباهه، نقف على "القرار" في معانيه العربية فحسب، أي في كل معنى لا يمت بصلة إلى المعنى الحقيقي لـ "القرار".

الساسة هناك، أي في عالمها الواقعي، إذا جاع أحدهم يأكل، فإن سئل أجاب: لقد جُعْتُ فأكَلْت. أمَّا الساسة عندنا فإذا جاع أحدهم فإنَّه يُظْهِر فِعْل الأكل على أنَّه "قرار"؛ وربَّما يتمادى في تعظيم فعله، فيُظْهِره على أنَّه "قرار تاريخي"، وكأنَّ أبا العلاء المعري حضر القمم العربية إذ قال في الساسة: يسوسون الأمور بغير عقل، فيُنْفَذ أمرهم فيقال ساسة!

وحتى تراهم وكأنَّ على عينيك غشاوة يعمدون، أو قد يعمدون، إلى أن يَلْبسوا، في خلافهم عند صوغ البيان الختامي، لبوس "الدهاء السياسي"، فـ "الحرف" يصبح موضع خلاف، ضاربين صفحاً عن أن آلاف الصفحات التي حبَّروها لم تحرِّك حصاة من مكانها!

لقد قرروا هذه المرة ما قرروه من قبل، وهو الاستمساك بمبادرة السلام العربية، التي بها ترجموا استمساكهم بالسلام خياراً إستراتيجياً؛ ولكنَّهم ضَمُّوا إلى الجَزَر بعضاً من العصي، فإذا ظلت إسرائيل مستمسكة بإباء إبليس واستكباره، ولم تنفخ في جثة المبادرة بعضاً من روحها، أي إذا لم تَفْعَل بما يسمح بتفعيلها، فلن تظل المبادرة على الطاولة إلى الأبد!

وهذا "الإنذار العربي"، الذي يراد لنا أن نفهمه على أنَّه تَكلُّم العرب بلسانٍ من نار، لن ينزل على إسرائيل برداً وسلاماً، ولسوف يكرهها على أن تجنح للسلم، وتقبل المبادرة!

ويا ليتهم لم ينذروها، فكل إنذار من هذا القبيل والوزن إنَّما يغري إسرائيل بمزيدٍ من الاستخفاف بالمبادرة، فإذا ما أمعنت في استخفافها بالخيار الإستراتيجي العربي، تساءلنا في عجب عاجب عن السبب، وكأنَّنا لم نكن نحن السبب الذي يبطل العجب!

حتى في أمر البشير جاء "قرارهم" بما يخالف معنى ومنطق القرار، فلو أن المتضامنين من القادة مع زميلهم في محنته تجشَّموا السفر معاً إلى الخرطوم للمجيء بالبشير في طائرتهم إلى الدوحة لكان عملهم هذا خير وأقوى قرار.

ولو أنَّهم، في الوقت نفسه، قرروا دعوة مجلس الأمن إلى الاجتماع لبحث مشروع قرار (عربي) يدعون فيه إلى أن يؤلِّف المجلس لجنة للتحقيق في جرائم الحرب التي ارتكبتها إسرائيل في قطاع غزة، وإلى سوق مرتكبيها، من ثم، إلى محكمة دولية، لأثبتوا للعالم أنَّهم أصحاب قرار.

في الأمس، اتفقوا على أن يختلفوا؛ واليوم، اتفقوا على إدارة خلافهم؛ وغداً، سيختلفون في كيفية إدارة خلافهم.

ولو أراد الإعلام العربي أن يساهم مساهمة جليلة في تحسين القمم العربية، وإصلاح حالها، لقرر أن يغيب بأضوائه وأقلامه عن كل قمة عربية، فكل هذا الذي نرى ونسمع إنما يُلزم الإعلام العربي الغياب إلى أن يحضر العقل والمنطق في قممهم وقراراتهم وبياناتهم!



#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ما وراء أكمة -الدعوة الفاتيكانية-!
- -الاحترام-.. حلال على حكومة نتنياهو وحرام على الحكومة الفلسط ...
- أوباما ينفخ في -وول ستريت- ما يشبه -روحاً إسلامية-!
- التَّحدِّي اللغوي!
- -الخطاب النيروزي-.. معنىً ومبنىً!
- في الأردن.. يجادلون في -الأقاليم- وكأنَّها -أقانيم-!
- -أُمُّ اللجان- يجب ألاَّ تكون ل -الحكومة-!
- شيء من -الأيديولوجيا الإعلامية-!
- على هذا فَلْيَتَّفِق -المتحاورون-!
- وخلقناكم -فصائل- لتحاوروا..!
- -الغلاء الأردني-.. مات -سبباً- وبقي -نتيجةً-!
- أزمة -مقالة الرأي-!
- -العدالة الدولية- بين إقليمي غزة ودارفور!
- حلٌّ تتوفَّر على إبداعه -حكومة نتنياهو ليبرمان-!
- رواتب الوزراء والنواب في الأردن تعلو ولا يُعلى عليها!
- أزمة العلاقة بين -السياسة- و-المبادئ-.. فلسطينياً!
- -إعادة إعمار- من طريق -الهدم السياسي-!
- -تحرير- المصالحة بين الفلسطينيين!
- أهي بداية تعافٍ في السياسة العربية؟!
- على نتنياهو أولا أن يلتزم ما التزمه عباس!


المزيد.....




- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - جواد البشيتي - غساسنة ومناذرة جاءوا إلى الدوحة!