أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية - طلال احمد سعيد - الانسحاب الامريكي والحالة العراقية















المزيد.....

الانسحاب الامريكي والحالة العراقية


طلال احمد سعيد

الحوار المتمدن-العدد: 2581 - 2009 / 3 / 10 - 07:32
المحور: العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
    


الاحتلال الامريكي للعراق شكل حالة غريبة قلما حصلت في التاريخ القريب , لذلك فان الحدث اثار في حينه هزة كبيرة في العالم و في منطقة الشرق الاوسط بالذات , وقد اتفق الكثيرون على ان الولايات المتحدة قامت بتلك العملية بقصد التخلص من نظام صدام حسين الذي طالما تحدى المجتمع الدولي وكان وراء الكثير من بؤر التوتر في المنطقة .
عملية الاحتلال نظر اليها العراقيون بشكل عام على انها طريق الخلاص من نظام جائر , الا ان تلك الصورة ضلت مشوبه بعلامات التساؤل و القلق من الهدف الرئيسي لقيام دولة عظمى بعبور المحيطات تقود جيشا جرارا بهدف تغيير نظام في بلد مثل العراق .
عملية الاحتلال في الحقيقة لم تنهي نظام البعث فقط انما اجهزت على وجود الدولة العراقية التي كانت قائمة منذ العام 1921 ، وقد وجد العراقيون انفسهم على غفلة بلادولة، بلاجيش ، بلا شرطة وبلا امن ، والعملية بمجملها لم تمر دون مضاعفات حيث رافقتها احداث مفجعه هزت العراق من شمالة الى جنوبه ، وقد ظهر ان العراق الذي كان في طريقة الى التداعي بسبب سياسة صدام حسين ، تداعى بالفعل بعد الاحتلال ليتحول الى ساحة حرب وسط انقاض وخرائب خلفتها تلك العملية بالذات . ومن الطبيعي ان يترك هذا التحول الدراماتيكي المفاجيء اثارا مدمرة على الحالة العراقية , لاسيما بعد ان سادت الفوضى وانتشرت عمليات السلب والنهب التي شجع عليها الجيش الامريكي عندما فتح ابواب المصارف والمؤسسات المالية والوزارات امام السراق كي ينفذو ابشع عملية تخريب في تاريخ البلاد .
لعل اغرب ماجرى في فصول العملية هو ان الاجتياح الامريكي تبرع بالسلطة في العراق الى الحركات الاسلامية والحركة الكردية ، والاغرب من ذلك هو ان اميركا دولة الحداثة التي تخوض حربا شرسة ضد الجماعات الاسلامية المتطرفة في شتى بقاع العالم هذه الدولة المتحضرة تتأبط الحركات الاسلامية وتدخلها الى العراق لتقيم نظاما طائفيا شوفينيا يصعب الخلاص منه الان وربما في المستقبل . وكان من المفترض بها ان تقيم نظاما علمانيا ديموقراطيا على اساس الدولة المدنيه وليس على اساس الدولة الدينيه .
بعد مرور ست سنوات على اسقاط النظام السابق فأن الكثير من العراقيين يختلفون في تقييم الدور الاميركي فمنهم من يعتقد ان مجيء الاميركان كان ضروريا ومرغوبا به في حين ان اخرين يعتقدون ان وجودهم غير مرغوب به . فموجات الارهاب التي اجتاحت العراق سببها الاميركان انفسهم حين فتحوا الحدود العراقية بغرض استدراج القاعدة وتمهيد الطريق امام مقاتيلها لحسم المعركة معهم داخل الاراضي العراقيه بدلا من حسمها في نيويورك .
ان ما حصل في العراق بين الاعوام 2005-2007 كان بمثابة حرب اهلية طائفية خاضتها الميليشيات التابعه للاحزاب الدينيه الماسكة بالسلطة ، والولايات المتحدة تتحمل مسؤولية ذلك لانها ساهمت بشكل فعال في اقامة النظام الطائفي في اطار الدولة العراقية . صحيح ان شبح الحرب الاهليه قد اصبح الان ابعد من اي يوم مضى الا ان جذور الميليشيات مازالت قائمة ويمكن ان تعود ان توفرت لها ظروف جديدة .
الوجود الاميركي في العراق استمر تحت مظلة القرارات الصادرة من الشرعيه الدولية والتي كان اخرها قرار مجلس الامن الدولي ذي الرقم 1790 الذي نص على انتهاء التفويض لبقاء القوات الاميركية في العراق حتى نهاية العام 2008 ، وقبل انتهاء الموعد كا ن على العراق والولايات المتحدة ايجاد صيغه جديدة لتمديد الوجود الاميركي فترة اخرى ، وعلى هذا الاساس تم ابرام اتفاقية بين الطرفين تحدد نهاية العام 2011 موعدا للانسحاب .
لقد قام الرئيس الجديد للولايات المتحدة باراك اوباما بتنفيذ ماوعد به اثناء حملته الانتخابية ، فأعلن انه بنهاية اب 2010 سيكون موعدا لانهاء الحرب في العراق وسحب اغلب القوات الاميركية منه في او قبل ذلك التاريخ ، والقرار الاميركي الجديد لم يكن مفاجئا وقد ينظر اليه على انه تنفيذا للاتفاقية الموقعه مع العراق بتوقيتات جديدة ، وقد اضاف باراك على عملية الانسحاب عبارة مهمة وصفها بأنها سوف تجري بمسؤولية ، والمسؤولية هنا تعني المحافظة على وحدة العراق وامنه واستقراره ، فكيف سيتمكن اوباما من تحقيق هذا الهدف بعد اتمام عملية الانسحاب .
لاشك ان الخروج الاميركي سوف يولد فراغا كبيرا وبالتالي لابد ان تكون هناك قوة تمليء هذا الفراغ ويحتمل ان تكون هذه القوة عراقية الا ان العراق سيكون امام امتحان عسير في هذا المضمار بالذات . لعل اهم خطر سوف يواجه العراقيين هو خطر الانقسام الذي يمكن ان تستغله قوة اجنبيه اقليميه . وهناك الكثير من المؤشرات على الحالة العراقية الراهنه تحمل اسبابا كثيرة تنذر بحصول مفاجئات مابعد الانسحاب وبوسعنا ان نعدد البعض منها كمايلي :-
1. الوضع الامني مازال هشا فبالرغم من تراجع الارهاب بنسبة كبيرة الا ان العمليات الارهابية لم تتوقف كليا وطالما تحصل هجمات من هذا النوع في مناطق مختلفة من البلاد ، هذه العمليات تعني ان جذور الارهاب لم تجتث بعد وهناك بؤر ارهابيه كثيرة قد تعاود النشاط بشكل محموم اذا توفر الجو المناسب لها .
2. الحالة العراقية تسودها مشاعر بعدم الثقة والشك الذي يحمله العراقيون اتجاه بعضهم البعض ، والامثلة كثيرة على ذلك ، ففي زيارة السيد هاشمي رفسنجاني الاخيرة للعراق صار واضحا مدى الانقسام الذي تعيشه البلاد ، ففي الوقت الذي يصف فيه السيد رئيس الجمهورية الزيارة بانها منه من الله ، يستنكرها نائب الرئيس عبر بيان منشور ويمتنع عن استقبال الضيف . هذا الموقف لم يأتي عن فراغ انما عن نظرة جادة وحذرة من العلاقة الحالية والمستقبليه مع الجارة ايران . ولاشك ان ترحيب مرشد الجمهورية الاسلامية الايرانيه بالانسحاب الاميركي للعراق ومطالبته بالاسرع فيه تحمل الكثير حول ماتخطط له الجارة لمابعد ذلك الانسحاب .
في سياق مسألة الانقسام العراقي ، تتفاقم يوما بعد اخر مشكلة العلاقة بين الحكومة المركزية واقليم كوردستان ، الامر الذي ينذر بالخطر ، سيما وان تصريحات عديدة صدرت من الجانب الكوردي تحذر من حصول نزاع مسلح بين العرب والكورد بسبب القضايا العالقة بين الطرفين . ومما يلفت النظر في ذلك ان الاحزاب الكوردية الكبيرة التي يرأس احداها رئيس الجمهورية اصدرت اخيرا بيانا مهما حول ماسمي بالمناطق المتنازع عليها اضافة الى قضية كركوك ، والبيان يؤكد على ضم تلك المناطق الى الاقليم استنادا الى المادة (58) من قانون ادارة الدولة العراقية للمرحلة الانتقاليه والى المادة (140) من الدستور . هذه المشكلة وغيرها القائمة بين المركز والاقليم تهدد وحدة العراق برمته ، وعليه فان مسببات الانفجار قائمة ويمكن ان تتحول الى واقع بعد رحيل القوات الاميركية

3. اشار السيد هاشمي رفسنجاني اثناء زيارته مدينه النجف بأن هناك مشاكل كبيرة تحدث هنا بسبب وجود الطوائف السنيه والشيعيه والجماعات الموالية الى ايران ، وهذه الاشارة لاتخلو من اعتراف واضح بأن لايران ركائز هنا داخل البلاد ، وهذا التأكيد سوف يشكل مصدر خطر على مسقبل العراق اذا اخذنا بنظر الاعتبار الدعوة التي تطلقها بعض الجهات لانشاء فيدرالية في الوسط او الجنوب شبيه بفيدرالية كوردستان والتي لانشك انه عندما ستقام سيكون من السهل تحقيق الحلم الايراني .
4. الوضع الاقتصادي في العراق مازال يمر بحالة من التردي فالحكومات المتعاقبة بعد التغيير عجزت عن ايجاد حل للمشاكل الاقتصادية القائمة ، فالبطالة منتشرة بشكل واسع وتتفاقم يوما بعد آخر ، والنشاط الاقتصادي متوقف خاصة مايتعلق بفعاليات القطاع الخاص . الصناعه والزراعه متدهورة بشكل يدعو الى النهوض بها للعودة الى ماكانت عليه قبل عقود من الزمن . ولقد اصبح تدهور سعر النفط الخام سببا مهماً في تفاقم المشكلة الاقتصادية والمالية التي سوف يعجز العراق عن مواجهتها وقد تكون عاملا او مسببا للمزيد من المشاكل التي تعيشها البلاد منذ السقوط او حتى قبل ذلك .

المخاطر التي تواجه العراق تكمن في مجملها في ضياع المشروع الوطني وانتصار المشروع الطائفي والشوفيني ، لذلك فأن واجب العراقيين يتجسد لما بعد الانسحاب بضرورة وحدتهم والتمسك بأستقلال بلادهم والوقوف بحزم ضد التدخلات الاجنبيه . فخطر الانقسام على العراقيين سيكون كبيرا ويفتح المجال للاستقواء بالخارج ، ولابد للعراقيين والعرب وحلفائهم الاميركان بشكل عام ان يكونوا يقضين اتجاه المرحلة القادمه ، لانها ستكون مرحلة مايسمى بفرص مليء الفراغ ولاشك انها ستكون معركة مهمة ومصيرية بالنسبه لشعب العراق ومستقبله .



#طلال_احمد_سعيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العراق الديمقراطي 2
- انتخابات مجالس المحافظات خطوة الى الامام
- العلمانيه والدين وانتخابات مجالس المحافظات
- سقوط الفيدرالية
- بمناسبة جولة التراخيص النفطية الثانية
- العراق دولة المحاصصة الطائفية
- مهمة الصحفي الكلمة وليس الحذاء
- العلمانيه هي الحل (2)
- الحوار المتمدن الباب المفتوح امام الفكر الحر
- الديمقراطية الاميركية وديمقراطية العراق
- قراءة في الاتفاقية الامنيه بين العراق وامريكا
- نفط العراق وزحف السلحفاة
- العراق الديمقراطي ومحنة الاقليات
- العراق الديمقراطي الفيدرالي
- النزعة العدوانية في العراق
- مؤتمر الفيحاء وفيدرالية البصرة
- درس من باكستان
- البصرة اول الغيث
- كركوك .. العقدة و الحل
- العراق البلد اكثر تعاسة


المزيد.....




- الهجمة الإسرائيلية المؤجلة على إيران
- بلاغ صحفي حول اجتماع المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية ...
- أصولها عربية.. من هي رئيسة جامعة كولومبيا بنيويورك التي وشت ...
- مصدر التهديد بحرب شاملة: سياسة إسرائيل الإجرامية وإفلاتها من ...
- الشرطة الفرنسية تستدعي نائبة يسارية على خلفية تحقيق بشأن -تم ...
- السيناتور ساندرز يحاول حجب مليارات عن إسرائيل بعد لقائه بايد ...
- إعادة افتتاح متحف كانط في الذكرى الـ300 لميلاد الفيلسوف في ك ...
- محكمة بجاية (الجزائر): النيابة العامة تطالب بخمسة عشر شهرا ح ...
- تركيا تعلن تحييد 19 عنصرا من حزب العمال الكردستاني ووحدات حم ...
- طقوس العالم بالاحتفال بيوم الأرض.. رقص وحملات شعبية وعروض أز ...


المزيد.....

- مَشْرُوع تَلْفَزِة يَسَارِيَة مُشْتَرَكَة / عبد الرحمان النوضة
- الحوكمة بين الفساد والاصلاح الاداري في الشركات الدولية رؤية ... / وليد محمد عبدالحليم محمد عاشور
- عندما لا تعمل السلطات على محاصرة الفساد الانتخابي تساهم في إ ... / محمد الحنفي
- الماركسية والتحالفات - قراءة تاريخية / مصطفى الدروبي
- جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية ودور الحزب الشيوعي اللبناني ... / محمد الخويلدي
- اليسار الجديد في تونس ومسألة الدولة بعد 1956 / خميس بن محمد عرفاوي
- من تجارب العمل الشيوعي في العراق 1963.......... / كريم الزكي
- مناقشة رفاقية للإعلان المشترك: -المقاومة العربية الشاملة- / حسان خالد شاتيلا
- التحالفات الطائفية ومخاطرها على الوحدة الوطنية / فلاح علي
- الانعطافة المفاجئة من “تحالف القوى الديمقراطية المدنية” الى ... / حسان عاكف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية - طلال احمد سعيد - الانسحاب الامريكي والحالة العراقية