أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - طلال احمد سعيد - قراءة في الاتفاقية الامنيه بين العراق وامريكا















المزيد.....

قراءة في الاتفاقية الامنيه بين العراق وامريكا


طلال احمد سعيد

الحوار المتمدن-العدد: 2454 - 2008 / 11 / 3 - 05:10
المحور: السياسة والعلاقات الدولية
    


عندما اجتاحت قوات الولايات المتحدة الامريكية العراق عام 2003 , فأنها لم تسقط نظام صدام حسين فقط انما قامت بأسقاط دولة العراق بأكملها , والتي كانت قد تأسست عام 1921 , وكأن التاريخ يعيد نفسه بعد اكثر من ثمان عقود , ففي العام 1917 قامت بريطانيا بأسقاط الحكم العثماني الذي الذي دام 4 قرون وساعدت العراق في انشاء حكم مدني ارتبط مع بريطانيا بمعاهدة صداقة دامت حتى سقوط الحكم عام 1958 , واليوم تقوم الولايات المتحدة بمساعدة العراق بأقامة نظام ديمقراطي على انقاض حكومة صدام حسين التي بقيت في الحكم 35 عاما ,االتشابه بين الحالتين ان بريطانيا حكمت العراق كدولة محتلة بموجب صك الانتداب تحت غطاء قرارات عصبة الامم , والولايات المتحدة تحتل العراق الان تحت غطاء قرارات مجلس الامن الدولي , والاختلاف بين الحالة الاولى والثانيه هو ان بريطانيا في الحالة الاولى نجحت الى حد كبير في تأسيس دولة عراقية حديثة بثوب وطني , الا ان الولايات المتحدة فشلت في اقامة دولة عراقية ديمقراطية , انما اقامت دولة ضعيفة ونظام هش للطوائف تحكمه احزاب دينيه متخلفة هي على نقيض تام مع فكر وفلسفة الدولة الامريكية .
ان اعتماد الولايات المتحدة على الاحزاب الدينيه وعلى الاخص الشيعيه منها وتسليمها السلطة في البلاد كان خطأ كبيرا تحصد نتائجه الان حيث وضعت في اشد المواقف حرجا وهي امام اشهر قلائل لانتهاء وجودها في العراق حسب قرار مجلس الامن الدولي ذي الرقم 1790 , وقد ينطبق عليها المثل القائل (على نفسها جنت براقش) , اذ رفضت الاتفاقية من نفس الاحزاب والاشخاص اللذين جلبتهم ونصبتهم حكاما على العراق .

الاتفاقية الامنيه موضوع بحثنا اليوم حررت في جو شديد الكتمان , ولم يطلع عليها الشعب العراقي الا قبل ايام , وكانت المفاوضات بشأنها قد استغرقت حوالي 9 شهور , والمعروف ان السيد رئيس الوزراء نوري المالكي هو رئيس الجانب العراقي المفاوض والمفترض فيه ان يكون قد وافق على منطوياتها قبل الاعلان عنها , الا انه فاجأ الجميع بوقوفه ضدها , اذ صرح بتأريخ 26-10-2008 قائلا : ان التوقيع على الاتفاقية هو انتحار سياسي .
الاتفاقية يطلق عليها (صوفا) وهي اختصار لعبارة بالانكليزية تعني (اتفاقية وضع القوات العسكريه) ولقد سبق للولايات المتحدة ان عقدت مثيلات لها مع دول اخرى تصل بمجموعها الى 115 اتفاقية وهي مبنيه على اسس واحدة الا انها قد تختلف في بعض التفاصيل وفي بعض المواد بين الواحدة والاخرى طبقا للظرف الزمني والحالة التي ابرمت بها .
عند قراءة نصوص اتفاقية صوفا المقترحة بين العراق والولايات المتحدة نجد انها تنطوي على بعض المزايا في جانب العراق ومن اهمها
1. انهاء حالة الاحتلال الامريكي للاراضي العراقية بعد ثلاث سنوات في 31-12-2011 وهذا نص جيد في مصلحة العراق
2. ماورد في القسم الخامس من اتفاقية التعاون الاستراتيجي تحت عنوان التعاون في مجالي الاقتصاد والطاقة والذي تضمن 14 بندا تتكلم عن مساعدة العراق في بناء اقتصاد مزدهر ومتقدم , مع تعزيز الجهود لاعادة بناء وتأهيل بنيته التحتيه الاقتصادية وغير ذلك من اوجه المساعدة التي تقدم في مجالات الزراعة والصناعه والتجارة والنشاط الاقتصادي والانتاجي .
3. حق العراق في الولاية القضائية على افراد القوات المسلحة والعنصر المدني التي ترتكب خارج المنشأت والمساحات المتفق عليها وخارج ممارسة الواجب وكذلك الحال مع المتعاقدين ومستخدميهم (المادة 12 فقرة 2-3)
4. انهاء مفعول الفصل السابع من ميثاق الامم المتحدة وتعهد الولايات المتحدة الامريكية بضرورة ان يسترد العراق مكانته القانونيه والدولية التي كان يتمتع بها قبل تبني قرار مجلس الامن الدولي الرقم 661 الصادر عام 1990 (المادة 26)
5. مساعدة العراق في الحصول على اكبر قدر ممكن من الاعفاءات المتعلقة بالديون الناتجة عن نظام الحكم السابق (المادة 27)
6. المساعدة في تعزيز الاستقرار في العراق وتمكينه من ردع المخاطر التي تهدد سيادته واستقراره السياسي ووحدة اراضيه (المادة 28)

يمكن القول و التاكيد ان مسودة الاتفاقية هي خلاصة ماتمكن المفاوض العراقي من الحصول عليه من مكاسب من الجانب الامريكي , ولاشك انه حقق نجاحا كبيرا في انتزاع الكثير من النصوص لمصلحة العراق كما اشرنا اليه اعلاه . والانتفاقية تعني بكل الاحوال الانتقال من حالة الاحتلال حسب قرار مجلس الامن الدولي ذي الرقم 1483 وكذلك انهاء التفويض الدولي للقوات متعددة الجنسيات ذي الرقم 1790 الى حالة الاستقرار وتحقيق السيادة الكاملة بعد 3 سنوات , وهنا لابد ان نشير الى ان دولا عديدة عقدت اتفاقيات صوفا مع الجانب الامريكي واستطاعت من خلال ذلك ان تبني مستقبلها وتصبح في صفوف الدول المتقدمة مثل اليابان وكوريا والمانيا .

الموقف من الاتفاقية التي نحن بصددها تعكس واقعا مريرا يعيشه العراق فالنقاش والجدل يجسد الصراع الايراني – الامريكي الدائر على الارض العراقية ولايعكس اطلاقا موقفا عراقيا وطنيا مدركا لمصالح البلاد ومستقبل شعبها . ان التمسك بالشعارات الوطنيه المستهلكة لاينسجم مع وضع العراق الحالي , وعلى فرض اننا اجبرنا الولايات المتحدة على الانسحاب في 31-12-2008 فهل نحن جاهزون لمسك امن العراق والدفاع عنه اتجاه المخاطر الداخلية والخارجية , فضلا عن اننا امام احتمال اخر لو قام مجلس الامن بتجديد التفوض للقوات المتعددة الجنسيات للبقاء سنه اخرى فهل يمكن ان نعتبر هذا الحل هو الافضل للعراق .
لقد اصبح واضحا ان الضجة الدائرة حول الاتفاقية بين العراق والولايات المتحدة تقف وراءها ايران بكل ثقلها , فالجانب الايراني يضغط من اجل رفض الاتفاقية او على الاقل تاجيل البت فيها للعام القادم , وهذا الضغط بسبب ان ايران تتوقع فوز المرشح الديمقراطي اوباما الذي سيقوم بسحب القوات الامريكية من العراق , وعندئذ سيخلو الجو لايران كي تحتل الفراغ الذي ستخلفه القوات الامريكية المنسحبة . ويجب علينا ان ننظر الى ايران باعتبارها لاعبا رئيسيا في الساحة العراقية , بدليل ان طهران صارت قبلة يزورها المسؤولون العراقيون الواحد تلو الاخر . و في خضم الجدل الدائر حول هذه الاتفاقية صرنا نسمع اراء في غاية الخطورة فقيل ان احد الوزراء الحاليين والعضو في جبهة الائتلاف قال( مادام السيد علي خامنئي مرشد الجمهورية الاسلامية الايرانيه قد عارض الاتفاقية فيجب علينا ان لا نمررها ) . وقد صرح نائب اخر بتاريخ 28-10-2008 قائلا انه يعارض الاتفاقية من اليفيها الى ياءها حتى لو كتبت من ثلاث سطور . اما
بصدد ملاحظات البعض حول ماورد في المادة الخامسة والعشرون عن انسحاب القوات الامريكية بتاريخ 31-12-2011 وعلى الاخص الفقرة (5) من المادة المذكورة التي تنص على انه يجوز لحكومة العراق ان تطلب من حكومة الولايات المتحدة ابقاء قواتها لفترة معينه لاغراض التدريب والمساندة وفق اتفاقيه خاصه يتم التفتوض بشانها والتوقيع عليها من قبل الطرفين . نقول في ذلك ان طلب ايه حكومة عراقية لوجود قوات امريكية او غيرها على الاراضي العراقية يمكن ان يتم سواء ان كتب هذا في نص الاتفاقية ام لم يكتب , وحتى في حالة الانسحاب الكامل لهذه القوات , وهو حق تملكه اي دولة او حكومة ذات سيادة اذ ما اعتقد ان امنها مهدد .
لقد ادلى الجانب الامريكي بتحذيرات مهمة في حال عدم توقيع الاتفاقية , ويجب علينا ان نأخذ هذه التحذيرات على محمل الجد فالعراق سيصبح في مهب الريح عندما يفقد الاسناد الامريكي ويفقد قوة دفاعيه فاعلة مثل القوات الامريكية المتفوقة , لذلك عندما نتكلم عن السيادة والاستقلال بمنطق الغوغائية , يجب ان نضع في الحسبان ان العراق يقع ضمن اطماع بعض دول الجوار وعلى رأسها ايران (وريثة الدولة الصفوية ) . التي لم تتردد يوما واحدا بالتاكيد على تلك الاطماع , لذلك عندما نبني مواقفنا الوطنيه يجب ان نضع في الحسبان كل الاحتمالات وان نضع امام اعيننا ميزان الربح والخسارة اتجاه هذا الموقف او ذاك على المستوى الوطني .
نحن لا ندعي ان الاتفاقية موضوع البحث هي اتفاقية مثالية تمثل طموح العراقيين التام فهي تحمل بعض النصوص الغامضة التي تحتاج الى تفسير او تبسيط , غير اننا عندما نضع الاتفاقية في الميزان بوجه عام يجب ان نجيب على سؤال في غايه الاهميه وهو هل ان العراق بحاجة الى هذه الاتفاقية ولماذا؟ وكذلك هل سنكون في وضع افضل مما نحن فيه لو رفضنا الاتفاقية وطلبنا بأصرار سحب القوات الاجنبيه من العراق كحل نهائي ؟.
العراق يعيش نظاما غريبا هشاً في تركيبته السياسية وهو معرض لشتى المخاطر اذا لم يتدارك اموره بحكمة وتعقل . اليوم سمعنا السيد مسعود البرزاني رئيس اقليم كردستان يقول فيه ان برلمان كردستان سوف يوافق على اقامة قواعد عسكرية امركية هناك اذا لم توافق الحكومة المركزية عل الاتفاقية وهذا تصريح خطير قد يشكل بداية لتقسيم العراق وهو المصير الذي طالما حذرت منه القوى الوطنيه العراقية . ان العراق اليوم احوج ما يكون الى قادة سياسيين شجعان ينطقون بالكلمة الحرة الملتزمة بعيدا عن المزايدات السياسية الرخيصة , واضعين نصب اعينهم وحدة الاراضي العراقية ومستقبل هذا الشعب المثقل بالجروح و المآسي .



#طلال_احمد_سعيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نفط العراق وزحف السلحفاة
- العراق الديمقراطي ومحنة الاقليات
- العراق الديمقراطي الفيدرالي
- النزعة العدوانية في العراق
- مؤتمر الفيحاء وفيدرالية البصرة
- درس من باكستان
- البصرة اول الغيث
- كركوك .. العقدة و الحل
- العراق البلد اكثر تعاسة
- وقفة عند قانون انتخابات مجالس المحافظات
- الدولة الدينية والدولة المدنية ( 3 )
- المرأة والمادة 49 من الدستور
- الديمقراطية وانتخابات مجالس المحافظات
- الاحزاب العراقية والقانون الغائب
- الديمقراطية والحالة العراقية الراهنة
- من يقتل النساء في البصرة
- في ذكرى التغيير
- الدولة الدينية والدولة المدنية 2
- على اعتاب السنة السادسة
- الدولة الدينية والدولة المدنية في العراق


المزيد.....




- لعلها -المرة الأولى بالتاريخ-.. فيديو رفع أذان المغرب بمنزل ...
- مصدر سوري: غارات إسرائيلية على حلب تسفر عن سقوط ضحايا عسكريي ...
- المرصد: ارتفاع حصيلة -الضربات الإسرائيلية- على سوريا إلى 42 ...
- سقوط قتلى وجرحى جرّاء الغارات الجوية الإسرائيلية بالقرب من م ...
- خبراء ألمان: نشر أحادي لقوات في أوكرانيا لن يجعل الناتو طرفا ...
- خبراء روس ينشرون مشاهد لمكونات صاروخ -ستورم شادو- بريطاني فر ...
- كم تستغرق وتكلف إعادة بناء الجسر المنهار في بالتيمور؟
- -بكرة هموت-.. 30 ثانية تشعل السوشيال ميديا وتنتهي بجثة -رحاب ...
- الهنود الحمر ووحش بحيرة شامبلين الغامض!
- مسلمو روسيا يقيمون الصلاة أمام مجمع -كروكوس- على أرواح ضحايا ...


المزيد.....

- الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن / مرزوق الحلالي
- أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا ... / مجدى عبد الهادى
- الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال ... / ياسر سعد السلوم
- التّعاون وضبط النفس  من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة ... / حامد فضل الله
- إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية / حامد فضل الله
- دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل ... / بشار سلوت
- أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث / الاء ناصر باكير
- اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم / علاء هادي الحطاب
- اطروحة التقاطع والالتقاء بين الواقعية البنيوية والهجومية الد ... / علاء هادي الحطاب
- الاستراتيجيه الاسرائيله تجاه الامن الإقليمي (دراسة نظرية تحل ... / بشير النجاب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - طلال احمد سعيد - قراءة في الاتفاقية الامنيه بين العراق وامريكا