أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - طلال احمد سعيد - العراق البلد اكثر تعاسة















المزيد.....

العراق البلد اكثر تعاسة


طلال احمد سعيد

الحوار المتمدن-العدد: 2365 - 2008 / 8 / 6 - 07:20
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


كشفت احدث دراسة دولية اجريت حول اوضاع الدول عن ان الدانمارك هي اكثر الدول سعادة , وان زيمبابوي والعراق هما الدولتان الاكثر تعاسة في العالم , وبالرغم من عدم الوثوق من دقة تلك الدراسة , الا انها مؤشر اكيد وقريب من الحقيقة , ونحن كعراقيين نلمس هذا الوضع كل يوم .
العراق لم يتعرض الى كوارث طبيعيه مثل الزلازل والفيضانات والاعاصير , انما تعرض الى فاجعة سياسيه عندما انقض على السلطة حزب البعث المغامر , واقام ابشع نظام دكتاتوري سلطوي عرفة تاريخ العراق الحديث , وبلغت الفاجعة قمتها عندما تسلم صدام حسين مقاليد الحكم كاملة عام 1979 .
لقد كان للسياسة الهوجاء المتسمه بالرعونه والتحدي اكبر الاثر في تراجع البلاد على كل المستويات السياسيه والاقتصاديه و الاجتماعيه و الثقافية , وتسببت تلك السياسه في قيام الامم المتحدة باستصدار اكثر من 62 قرارا ضد العراق , منها 12 قرار شديد ومدمر وكل تلك القرارات صدرت قبل الانسحاب من الكويت , وهذا الكم لم يصدر ضد اي دولة في تاريخ المنظمة العالمية , والملفت للنظر ان قرارات مجلس الامن لم تتوقف عند انسحاب العراق من الكويت , انما استمرت وكان اسواؤها القرار رقم 687 الصادر في 3-4-1991 , الذي تضمن 34 بندا تضع العراق تحت طائلة الفصل السابع من ميثاق الامم المتحدة , ويعني ذلك ان العراق وضع تحت الوصاية الدولية واضحى ناقص السيادة , الامر الذي جر البلاد نحو المهالك , واصبح الوضع اكثر صعوبة وتعقيدا وهو مازال كذلك اذ نحن نعاني حتى الان من اثار هذا القرار المجحف .
ان الذي يراجع قرارات الامم المتحدة الصادرة ضد العراق منذ احتلالة الكويت , لايمكن ان يتصور ان هنالك بلد في العالم يقوى على الوقوف امام تلك القرارات , وبسبب الظروف المدمرة التي مرت فقد ظهر العراق بعد سقوط النظام وكأنه البلد الاكثر تعاسه والبلدالفاقد لمقومات الحياة الاجتماعيه والاقتصاديه , وهو يبحث عمن يأخذ بيده للنهوض من جديد من الكبوة التي اصابته جراء الحكم الدكتاتوري والحروب المتواصلة وقرارات الحصار . وعندما بدأت العمليات العسكرية لاسقاط النظام في شهر اذار 2003 , كان الجميع يتطلع الى رياح التغيير القادمة متوقعين ان تاخذ بيد البلاد نحو الحرية والديموقراطية والحداثة .
نحن نكتب هذا المقال وقد مر على السقوط اكثر من خمس سنوات , والسؤال هل تحققت امنيات هذا الشعب في الخلاص من مآسي الماضي وبناء عراق ديموقراطي جديد . فالعراقيون عندما استيقظوا يوم 9-4-2003 توقعوا ان يشاهدوا ملامح عراق جديد ينهض لبناء مستقبل واعد , غير ان الذي حصل كان حالة من الفوضى العارمة اعقبتها اعمال سلب ونهب وحرق اشرفت عليها وشجعتها قوات الاحتلال . وقيل في حينه ان هذه الاعمال هي ردة فعل طبيعيه لحالة الكبت التي عاشها الشعب طيلة عقود , وهذا التفسير سرعان ما ثبت خطأوه عندما تحولت الفوضى الى عصابات للجريمه المنظمة وميليشيات تمارس الارهاب ضدالمواطنين . وبدلا من انتشار الفكر الديموقراطي ومباديء الحداثة , فقد انتشرت ثقافة الرايات السود , وحل الفكر الرجعي والخرافة محل الفكر العلماني التقدمي الحر , وكأننا عدنا الى عهود الدولة البويهيه , والدولة الصفوية , ودولة الخلافة العثمانيه , وتفاقم الاحتقان الطائفي ووصل الى حد تهجير المواطنين وسفك دمائهم , شهد العراق لاول مرة نزوح اربع ملايين مواطن بين الخارج والداخل , هربا من الصراعات الطائفية التي اوصلت البلاد الى مايشبه الحرب الاهليه ,ومازالت تهدد الاستقرار , وقد صار العراق مضرب الامثال في التشظي و الانقسام فأنتشر في العالم تعبير العرقنه وهو مرادف للصوملة والسودنه و اللبننه وغيرها .
كل ذلك كان ثمرة تأسيس دولة الطوائف , حيث قسمت المناصب وفق مشروع المحاصصة الطائفية و القوميه , بشكل لم يشهد له مثيلا من قبل , وانطلق العراق الجديد في هذا الطريق الشائك المحفوف بألمخاطر , وهو يحصد كل يوم تداعيات ذلك النهج . ولعل اهم مافي الموضوع ان الدستور الذي صدر اعد من قبل نفس العناصر التي تسلمت مراكز المسؤولية في الدولة طبقا لمبدا المحاصصة , وقد جاء الدستور ليعبر عن طموحات وافكار جهات معروفة , واتصف بألتناقض و الضبابيه وبذلك صار كالحقل الملغوم .
بأمكاننا التأكيد ان الاخوة الاكراد حصدوا مكاسب عظيمه لم يحلموا بها يوما ما , في ظل اي حكم مضى فكردستان اصبحت ذات سيادة كاملة وحكم كونفدرالي واصبح من المحرم على مواطني بغداد و الوسط و الجنوب ان تطأ اقدامهم ارض كردستان , ومن دواعي الدهشة ان الاكراد لا يفوتوا فرصة الا واشادو بالدستور (العظيم) الذي حقق المعجزات , وهم يتمسكون بالمواد التي تخدم اهدافهم مثل الاقاليم و الفيدرالية والمادة 140 وغيرها , لكنهم ضربوا عرض الحائط كل مادة في الدستور لاتخدم اهدافهم وكأنها غير موجودة فالمادة(44-اولا) تقول ( للعراقي حرية التنقل و السفر داخل العراق وخارجه ) . ان الاكراد يمنعون المواطن العراقي من الدخول الى جزء من وطنه ضمن اجراءات تعسفية غريبة لم يشهدها العراق في احلك الظروف .
لقد تباهى الماسكين على ناصية الحكم في البلاد انهم يعملون ضمن حكومة وحدة وطنيه ,وهي في جوهرها حكومة محاصصة طائفية سرعان ما انفرط عقدها , وضلت البلاد تدار بما يقرب من السنه بنصف وزارة , ثم عادت حكومة الوحدة الوطنيه الى الساحة , وهي بلا شك صورة لنفس النهج السابق لاتحمل في طياتها اي جديد .
ان الضجة التي اثارها الكرد حول المادة (24) من قانون انتخابات المحافظات ومارافق ذلك من تهديدات , كان اخرها صدور قرار من مجموعة التأخي (كرد) في مجلس محافظة كركوك بضم المدينه الى كردستان وكأن العملية يمكن ان تحسم بهذه الطريقة وهي مدعاة للشجب . وقد بادرت الحكومة العراقية الى اصدار بيان بتاريخ 1-8-2008 اكدت فيه معارضتها لاي تصرف انفرادي لتغير الوضع الحالي في مدينه كركوك . ان تداعيات مسألة كركوك وموقف الاكراد المتصلب منها تعكس بلاشك هشاشه الحكم وفشل العملية السياسيه التي مضى عليها اكثر من 5 سنوات .
لو استعرضنا وضع العراق من منظور الربح والخسارة لوجدنا ان الشعب خسر كثيرا ولم يكسب نتيجة التغيير , ولعل اخطر ماتعرضت له البلاد تلك الانقسامات الطائفية الدموية , حيث خسر الكثير من العراقيين بيوتهم ومصادر رزقهم التي امضوا سنوات في بناءها . هذا فضلا عن عمليات القتل التي شملت النساء و الاطفال الكبار و الصغار دون تمييز وتركت في نفوس الناس احزان عميقة لايمكن نسيانها او تجاوزها . ولايفوتنا التطرق الى عمليات الهجرة واللجوء الى دول الجوار وغيرها التي اصبحت مشكلة تقلق العالم بأجمعه لما لها من تداعيات خطيرة في الحاظر و المستقبل , ويخيل الي ان الحكومة العراقية لاتملك خططا جدية لاعادة هؤلاء المهاجرين الى ارض الوطن .
على صعيد انجازات الحكومات العراقية المتعاقبة , فأن الشعب لم يلمس اي تقدم , فالخدمات مازالت متدهورة او غير موجودة اساسا , الكهرباء مثلا تاخر ولم يتقدم على الرغم من كثرة تصريحات المسؤولين , وكذلك مشاريع الماء وهذا الامر ينسحب على كل الخدمات وكل مايخص المواطن في عيشه اليومي .
المشاكل الاقتصاديه تفاقت فمعامل البلاد ومزارعها معطلة او متوقفة والبطالة منتشرة , وقد تحول العراق الى اكبر مستورد للبضائع الاجنبيه بدءا (بالطماطة) و انتهاءا (بالسيارات) . بنفس الوقت صرنا نسمع عن اختلاسات تحصل في هذا المرفق او ذاك او في هذه الوزارة او تلك , بأرقام فلكيه وبالدولار وهي على مايبدو اصبحت ظاهرة (حضاريه) , فكل يوم نقرا عن فضيحة جديدة حول شكل جديد من اشكال الاختلاس , ولم نسمع اطلاقا ان شخص ما احيل الى القضاء ونال الجزاء العادل واعاد المال المختلس , الشي الغريب هو هروب المختلسين مع الاموال التي اخذوها الى الولايات المتحدة بلد القانون و النظام و الحضارة ومبادىء حقوق الانسان .
كل مايجري على ارض العراق يجعل ملايين العراقيين ينتظرون مشروعا وطنيا للخلاص بعد ان اكتشفوا ان كل ما اشيع من شعارات كاذبه ومضللة انما هي مجرد سراب خادع .
ان مشروع اقامه الحكم المدني العلماني في العراق هو مفتاح الحلول , لان الدولة المدنيه لاتمثل طائفة ولاقومية ولامذهب , فهي دولة الجميع , تجمع كل العراقيين تحت خيمه واحدة اسمها العراق , بعيدا عن مشاريع الاقاليم والفيدرالية المشبوهة والمشكوك في نتائجها . ان مشروع الحكم المدني هو المشروع الوطني لكل عراقي , والذي يحكم بعيدا عن المحاصصات الطائفية والعرقية , ان اقامه المشروع الوطني المدني يحتاج الى تجمع كل العراقيين المؤمنين به ضمن اطار ووعي جماهيري , يشخص بجرأه الاخطاء التي ارتكبت بحق الوطن منذ عملية التغير حتى الان . لقد صرنا نسمع ونقرأ لبرامج احزاب جديدة تتشكل في البلاد , كلها تنبذ الطائفية والعرقية وتشجب طريق المحاصصة , هذا يعني اننا بدأنا نسلك الطريق الصحيح لنبذ ذلك النهج الذي جرنا الى التعاسه .
ان على العراقيين ان يرفضوا وبشدة تدخل الدين بالسياسه و ان يطالبوا بألغاء شعارات الدين السياسي التي كانت سببا في الكوارث . ان المشروع المدني الوطني ينادي كل القوى السياسيه الناشطة في الساحة العراقية بان تعيد النظر في رؤيتها للعراق ليكونوا مع عراق جديد مدني وطني علماني وليس مع اي مشروع اخر .



#طلال_احمد_سعيد (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وقفة عند قانون انتخابات مجالس المحافظات
- الدولة الدينية والدولة المدنية ( 3 )
- المرأة والمادة 49 من الدستور
- الديمقراطية وانتخابات مجالس المحافظات
- الاحزاب العراقية والقانون الغائب
- الديمقراطية والحالة العراقية الراهنة
- من يقتل النساء في البصرة
- في ذكرى التغيير
- الدولة الدينية والدولة المدنية 2
- على اعتاب السنة السادسة
- الدولة الدينية والدولة المدنية في العراق
- مستلزمات بناء مجتمع مدني ديمقراطي
- العلمانية هي الحل


المزيد.....




- بتكليف من بوتين.. شويغو في بيونغ يانغ للقاء الزعيم الكوري ال ...
- نتنياهو وإيران: تلويحٌ بالتغيير من الداخل واستدعاء واشنطن إل ...
- -واينت-: مقتل جندي من جولاني في خان يونس وإصابة 4 آخرين بجرو ...
- الشرطة الإسرائيلية تعتقل أشخاصا أحضروا كاميرات لبث مباشر لضر ...
- هل بدء العد النازلي نحو -القنبلة النووية الإيرانية-.. من يص ...
- أشار إلى عملية البيجر.. سفير إسرائيلي: هناك -طرق أخرى- للتعا ...
- ‌‏غروسي: أجهزة الطرد المركزي في نطنز ربما تضررت بشدة إن لم ت ...
- OnePlus تعلن عن حاسب ممتاز وسعره منافس
- جيمس ويب يوثق أغرب كوكب خارج نظامنا الشمسي تم رصده على الإطل ...
- الاستحمام بالماء الساخن.. راحة نفسية أم تهديد صحي خفي؟


المزيد.....

- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - طلال احمد سعيد - العراق البلد اكثر تعاسة