ملاحظات على شخصية موسى اللاوي

جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 2576 - 2009 / 3 / 5 - 07:50
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    

كل الدلائل العلمية والإشارات تقولُ بأن موسى كان مصرياً كاهناً من علية القوم , ولو لم يكن من علية القوم وسادتهم لما إستطاع أن يسخر العبيد والرعاع والعوام من الناس والبشر , ولما إستطاع تجنيد المظلومين في ثورة ٍ يشهدُ لها القاسي والداني .

كان موسى من علية القوم , ومن المحتمل أنه كان برجوازياً من كبار البرجوازيين , وأريدُ هنا أن أخالف نفسي لأظهر موسى بمظهر عبراني ليس مصرياً ولا يونانياً , فحين كتب فرويد كتابه (موسى والتوحيد) قامت الدنيا وقعدت ...وتناولته .. معظم الجامعات الأوروبية والأمريكية والتي لها صلة باليهودية , نعم, تناولته بإهمالٍ وقالت إن سيجيموند فرويد قد كبر وشاخ و(خرفن) وأصبح يخلط على كبره بالمواضيع فموسى ليس مصرياً ولكنه عبرانياً, ولم يقدم مناصروا ومؤيدوا موسى نظريتهم العلمية , ولكنهم يكفي أنهم قد رفضوا الشك بالإيمان , وخصوصاً في معتقداتهم .

كان هذا سنة 1937م , وإلى اليوم لم ينتصر أحدٌ لموسى ولا لفرويد إنتصاراً مؤكذاً:

ومن الطبيعي أن تكون هنالك فروقاتٌ بين المجتمع الرعوي وبين المجتمع الزراعي , فلقد كتبتُ سابقاً عن فلسفة كل مجتمع من مجتمعات الرعي والزراعة , وتوصلنا إلى نتيجة مفادها أن للمجتمعات الرعوية خصائصها الدينية وكذلك لاللمجتمعات الزراعية حصائصها الثقافية , هذا يعني أن لكل مجتمع ثقافته التي تشكلُ وعيه (الإمبيريقي) و(الفيزيقي) ,(الميتافيزيقي) , وللتسهيل علينا أكثر وعليكم فإنني أقول ُ أنه من المستحيل جداً أن تكون ثقافة موسى زراعية , بل رعوية ٍ , فتعاليم الإله (رع) هي تعاليم أفريقيا المنحدرة من ماء النيل , وثقافة وطبيعة الإله يهوى منبثقة من ثقافة ووعي الصحراء , فصفات الإله (يهوى) لا تتوقفُ عند كونه إلهاً يعيش في جبل سيناء , إله حقود ...شرير... منتقمُ جداً من أعدائه, فقد كانت هذه الصفات من صفات الإله يهوى الجبار المنتقم الشرير , ولكن غاب عن أذهان الجميع أن هذه الصفات هي صفات الإنسان الرعوي الذي ليس له ثقافة ولا ديانة غير ديانة السطو والتوسع .

الإله يهوى موجود في كل مكان : مثله مثل الضوء , وهذه الصفات تتمشى مع الذي يسكن في الصحراء , فهو موجود في كل متر مربع من الصحراء , يسكن هنا وهناك وفي الخلف والأمام , ليس له بقعة أو بيتاً , لهذا السبب أوجد الراعي إلهه على صفته وشاكلته .

ولأنه في كل مكان , لهذه الأسباب أصبح مخالفاً لآلهة غيره , لذلك أيضاً أصبح في نهاية الدراما التاريخية ليس كمثله شيء .

تفسير مقنعٌ ؟ أليس كذلك ؟

طبيعة النظر من أعالي مرتفعات بلد كنعان فلسطين إلى السهول الساحلية تغري الساكن بالجبال في التوسع غرباً وشرقاً بإتجاه نهر الأردن , وغرباً بإتجاه البحر الأبيض المتوسط , وهذا كله أدى إلى تطور الفكر الموسوي اللاوي المتعلق بالإله يهوى العبراني , من هنا لا يمكن لموسى أن يكون مصرياً بل عبرانياً إن طبيعة الحياة الرعوية تظهر قناعتي بأصالة موسى , حتى وإن عاش في مصر وتأثر قومه بالثقافة الفرعونية الزراعية , فهذا لا يعني أن موسى عاد للأصالة وإنتصر على المعاصرة .
وحين كسر موسى الألواح كان هذا كالكاتب السياسي الذي يملُ مهنة الكتابة فيكسر قلمه مرة أو مرتين أو عشرين مرة في حياته , موسى كسر الألواح لأنه رأى قومه قد عادوا لعبادة أو لثقافة زراعية فرعونية أفريقية لا تمنتُ بصلة إلى ثقافة : الآراميين , الإخلامو, الهبريو, العبريو..

صفات الإله يهوى ليست فرعونية ولا مصرية بل هي صفات آلهة ذكور , إن صفات المعبود الزراعي تحتلف عن صفات المعبود الرعوي .
الثقافة الزراعية متقدمة جداً على الرعوية ولربما يستنتج غيرنا غير ذلك , ولكن أنا من الميالين للقول بأن الثقافة الزراعية والرعوية قد نشأتا مع بعضهما البعض وكل واحدة على حده , ولكل واحدة خصائص لا تتكرر في غيرها من المجتمعات الأخرى , أليس من الملاحظ أن طبيعة نشأة المجتمع الصناعي وثقافته تحتلفُ في مفاهيمها عن المجتمعات الرعوية والزراعية , فالعائلة وشكلها وأشكال التعاون في المجتمع الصناعي تختلف عن أشكال التعاون في المجتمعات الزراعية والرعوية , من هنا علينا أن نؤمن جميعنا بأن المجتمع الرعوي يختلف عن الزراعي , لذلك يهوى ليس مصرياً ولا تناسب وصاياه طبيعة المجتمع المصري .

إن نشأة المملكة الإسرائيلية لها مزايا تختلف عن نظيرتها من دولة المدينة .
لقد ظهر يهوى من أجل أن تظهر إسرائيل أو مملكة إسرائيل , تماما كما غاب وتلاشى الشعب الفلسطيني ليحل مكانه شعب مملكة إسرائيل وجزؤها الآخر السامرة غرب النهر وشرق الأردن .
نحن ُ ننتظر في الدول العربية أن يظهروا دراسات أنثربولوجية جادة حول هذه المواضيع , لأن الرأي أحياناً بحاجة إلى دلائل مادية عليه .

#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات