أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ملف: الانتخابات والدولة المدنية والديمقراطية في العراق - نادية محمود - على هامش الديمقراطية والانتخابات في العراق















المزيد.....

على هامش الديمقراطية والانتخابات في العراق


نادية محمود

الحوار المتمدن-العدد: 2552 - 2009 / 2 / 9 - 08:01
المحور: ملف: الانتخابات والدولة المدنية والديمقراطية في العراق
    


ذهب العراقيون مرة اخرى الى التصويت، وسط تردد وشكوك، وتعلق بامال يتمنون انها ستكون صادقة، سينتظرون تصرم شهور قليلة ليروا فيما اذا كان هنالك اي تغيير على الاطلاق قد تحقق. يتحدث الكثير عن ان امور كثيرة تغيرت صوب المضي نحو اكتمال الديقراطية في العراق. القوى العلمانية ظهرت بشكل اوسع، القوى الاسلامية بدأت تعزف عن التاكيد على هويتها الاسلامية، التي اصبحت مسبة وشتيمة في الشارع نظرا لانكشاف حقيقة هؤلاء الاسلاميون في الشارع، الانقسامات الجديدة، والاصطفافات الجديدة، فالذي تحالف بالامس نتيجة موقف ضعف، لا يحتاج لهذا التحالف، حيث ان موقعه اصبح اكثر "قوة" مثل موقف المالكي، الذي تخلى عن حلفائة بالامس، والحكومة العراقية التي بدأت تظهر عيونا حمراء لحكومة كردستان كانت بالامس بامس الحاجة اليها، وهكذا، مرة اخرى، القتل، الارهاب، التخويف، التحميق، شراء الاصوات، خداع الناس، رشوتهم بتوزيع البطانيات في هذا الشتاء البارد، وتوزيع بعض النقد على العوائل، تلك هي سمات الديمقراطية في العراق.

وما ان تنتهي الانتخابات وتعلن الاسماء، حتى يعطي المنتخب للناخب اذانا طرشاء وعيونا عمياء، وليس هنالك من مجيب اذا كان ينادي، سينتهي دور الناخب بعد ان اعطى ومارس "حقه الديمقراطي بديمقراطية عالية". عليه بعد الانتخابات، ان يترك المنتخبون لحالهم، ليشوفوا حاجاتهم ومصالحهم وحتى اشعار اخر، اي بعد اربعة سنوات، حيث سيقسم المواطن باغلظ الايمان على انه لن يخدع ثانية، وانه لن يعطي صوته لهم. بعد اربع سنوات سيتذكرون الناخب ويتذكرون حقوقه الديمقراطية واهمية مشاركته السياسية، التي تلخص بكلمة واحدة على ان يقوم المواطن بالسير على اقدامه والتوقيع بيده، على اعطاء الشرعية لاولئك اللصوص الذي سيسرقونه في رابعة النهار.

وبينما المواطنون في العراق يتجهون لصناديق الاقتراع، يقدمون قدما ويؤخرون اخرى، تقوم هيئة الانتخابات في بريطانيا، بالشروع بحملة "وطنية شاملة للتوعية" هذه الايام، وبالتصادف، لتشجيع الناس على التصويت وخاصة في اوساط الشباب والمهاجرين الذين يشكلون نسبة كبيرة في بريطانيا.

الحملة التي شرعت في بريطانيا مؤخرا مفادها ان الناس تعزف عن الذهاب الى صناديق الاقتراع، بل وحتى تسجيل انفسهم كناخبين، وان هذا امر بحاجة الى التوقف - كما يقولون- حيث ان تاريخ النضال من اجل الحريات والحقوق قد بلغ 900 عاما، فيراد وضع استراتيجية تنطوي على عقد الجلسات والاجتماعات لتوعية الناخب الشاب بالتاريخ الذي قطعه البريطانيون على امتداد عصر باكملة من اجل الوصول الى هذه الحقوق التي يتمتع بها الشاب البريطاني والتي يعيشها باعتبارها حق معطاة ومفروغ منها.

السؤال هو: هل الخطأ يكمن في عقلية ذلك الشاب وذلك الاجنبي في عدم الذهاب للتصويت- في حالة بريطانيا-؟ هل هو نقص حقا في وعيه السياسي، بحيث يحتاج الى اعضاء من هيئة الانتخابات لينيروا له الطريق، ويضعوا امامه ما لم يدركه سابقا.

ان النقص ليس في وعي الشاب والاجنبي، ان الشباب والاجانب، والبيض والسود والنساء والرجال الذين خرجوا وهم الناخبون المصوتون الذين اختاروا برلمانهم بايديهم، وخرجوا بالملايين، ليقولوا لاعضاء برلمانهم ولحكومتهم (لا للحرب على العراق)، رأوا ان القرار قد اتخذ، والحرب ستشن، وكأن لسان حكومتهم وبرلمانهم يقول لهم "اذهب و أشرب من ماء البحر" حين ياتي وقت الانتخابات، سنتذكرك وسنحدثك عن اهمية مشاركتك في الانتخابات". فهل من جهد بحاجة الى ان يبذل من قبل هيئة الانتخابات في بريطانيا لمعرفة اسباب عزوف المواطن، الشاب والاجنبي عن الذهاب الى التصويت والانتخاب؟

لم يقل احد لتلك الهيئة: ان الناس ليسوا حمقوا، انهم ان انتخبوا مرة ومرتين ولم يسمعهم احد، فانهم لا يضيعوا وقتهم في عمل شيء لا جدوى منه؟ لم يقل لهم احدا وبشكل واضح: انتم كقوة اقتصادية سياسية عسكرية في البلد، تفعلون ما تريدون فعله، فلماذا هذا الزيف انكم تريدون صوت الناخب وكانكم تمثلوا مصالح الناس؟ انتم لا تمثلون مصالح الناس، بل تمثلون مصالحكم، فلماذا هذا الضجيج وهذه اللعبة كلها التي تسموها الديمقراطية. في استراليا، يفرضون على المواطن الذي لا يمارس "حقه الديمقراطي" بالانتخاب، بفرض غرامة مالية، من اجل ارغامه وجره من ياقة قميصة وحشره في قاعة التصويت، من اجل ان يعطي الشرعية لهم، وبشكل" ديمقراطي جدا".

يعيش المواطن في بريطانيا – وخاصة هذه الشهور- الوضع الديمقراطي بكل فضائله وامتيازاته، الازمة الاقتصادية الحادة، مطالبه السياسية التي يلجا الى التعبير عنها بكل الاشكال سلمية، لا تجد لها اذنا صاغية، وما تريد الهيئة الحاكمة ان تفعله، تفعله، شاء الناخب ام ابى. لم يلقوا بالا لصوت الناخب، حين قال لا نريد حربا على العراق، ولم يستشيروا الناخب البريطاني، حين قرروا اخذ 50 بليون باوند من الضرائب التي دفعها والتي من المقرر ان تعود له على شكل خدمات، و منحها لاصحاب البنوك، تعويضا عن خسائرهم، واذا لم ترق هذه القرارات للناخب ليذهب الى اقرب جدار وليضرب رأسه به.

واذا كان هذا ما يحدث في بريطانيا "عريقة الديمقراطية"، فكيف الحال في العراق؟ العراق الذي لا زالت الميشليات والعشائر ورجال الدين، والحماقات الخرافية والتجهيل، والقتل والتصفيات، وعدم قدرة النساء على وضع صورهن على البوسترات، وشراء الذمم، وشراء المواقف والاصوات، كيف سيكون حال الديمقراطية في العراق؟

في العراق، لم يحتج المواطن الى مئة عام من الديمقراطية ليعرف حقيقة الانتخابات، بل احتاج لدورتين انتخابيتين واربعة سنوات فقط، ليطرح السؤال الذي سبب الصداع للبريطانيين، والذي استدعاهم للقيام بحملة ووضع استراتيجية ، هذا السؤال الجاد الذي يطرحه المواطن في العراق وفي بريطانيا هو: لماذا اصوت؟ ولمن ساصوت؟ وما الفرق الذي سيحدثه صوتي؟

سواء في بريطانيا او العراق، الطريق الديمقراطي، والانتخابات، لا تشكل اجابة لحاجة المواطن. قد يكون بالنسبة للعراقي الذي عاش الديكتاتورية, يجد ان الديمقراطية، امر يمكن ان يعلق املا عليه، ولكن لم تعمر احلامه طويلة، فلم تتصرم اكثر من انتخابات واحدة، ليبدأ باللطم على صدره على ما فعلته يداه.

هذه الديمقراطية، سواء كانت ناضجة ام يانعة ام لازالت تحبو، فان بداياتها مثل نهايتها، ان نضجت او لم تنضج. ان ما يجري هو عملية ايهام و خداع كبرى للناس بالدخول في الانتخابات والتصويت وممارسة "الحقوق الديمقراطية" في بلد محكوم من الرأس الى الاقدام بقوة السلاح، من قلب العاصمة والمنطقة الخضراء التي تحتمي الحكومة فيها الى ابعد قرية، محكومة بالميلشيات. هذه هي البيئة الحقيقية التي يعيش فيها المواطن العراقي، بيئة العنف والقتل، بيئة الذي يملك القوة اكثر، يسود اكثر من غيره. الذي بيده السلاح، ومدعوم اما من امريكا، او ايران له الحظ الوافر، والذي يملك قوة عسكرية ستضمن له قوته الفوز بالانتخابات. انها لمحاولة ذر الرماد في العيون، بايهام الناس، بانه في التعديل الفلاني، وفي التحسين الفلاني، وفي انضاج القضية الفلانية يمكن تعديل مسار الديمقراطية، هذا ضحك - بقهقه شيطانية- على ذقون الناس.

الديمقراطية ليست هي المشكلة ولا هي بالحل. الرأسمالية هي المشكلة، الاحتلال الامريكي والاكتساح الايراني هو المشكلة. حين تتحدث الولايات المتحدة عن الديمقراطية في العراق، انها لا تعني الديمقراطية السياسية، بل تعني "الحرية الاقتصادية" حرية الخصخصة وسرقة النفط والثروات الطبيعية ورهن اقتصاد البلد بصندوق النقد الدولي، حرية السرقة والنهب هذا - ما كانوا وما سيظلوا يتحدثوا عنه- وليس حرية المواطن في اختيار من يمثله.

سواء في بريطانيا او في العراق، المشكلة واحدة وهي الدولة الرأسمالية، الديمقراطية في النظام الرأسمالي، ان تتحدث ولا يسمعك احد. ان نهاية الديمقراطية في العراق هي مثل بدايتها، اي انضاج وتحسين لها لا يخرجها من هذا الاطار. ومن الدول الـ "عريقة الديمقراطية" تتخذ الدروس.

يجب اسقاط دولة رأسمالية السوق الحر سواء كانت في العراق او في بريطانيا كخطوة اولى للحديث عن رفع العراقيل امام مشاركة المواطن حقا وفعلا في ادارة شؤونه بنفسه، كل شؤونه، الاقتصادية والسياسية، وليست شل ارادته الاقتصادية، والتباكي على حقوقه السياسية، وهذا لا يكفله غير اولا و قبل كل شيء اسقاط الدولة الرأسمالية، على ايدي الملايين ممثلين باحزاب سياسية عمالية تهد النظام الرأسمالي على اصحابة، واقامة المجتمع الاشتراكي. انه طريق ليس بسهل، ولكنه ليس بصعب. وهو الطريق الوحيد.



#نادية_محمود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقابلة مع نادية محمود- عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي العم ...
- نعم او لا.. الحلقة الاخيرة من ردي على رد الرفيق فلاح علوان ح ...
- مرة اخرى- حول المؤتمر العمالي و رد الرفيق فلاح علوان - الحلق ...
- مرة اخرى، حول المؤتمر العمالي و رد الرفيق فلاح علوان
- رسالة الى رفاقي بمناسبة العام الجديد..
- لماذا يحذر اتحاد المجالس من اقتران اسمه بالمؤتمر العمالي، كم ...
- تهنئة و شكر للحوار..
- مقابلة مع نادية محمود- الناشطة النسوية و عضو المكتب السياسي ...
- حديث نادية محمود في بغداد بمناسبة الذكرى الحادية والتسعين لث ...
- الدولة و دور الطبقة العاملة في العراق الجزء الثالث: الرؤية و ...
- اكبر عملية حرمنة في التاريخ ترتكب هذه الايام.. علنا!
- حول الدولة و دور الطبقة العاملة في العراق ...الجزء الثاني: ا ...
- حول الدولة و دور الطبقة العاملة في العراق
- حول اغتيال كامل شياع - تعلموا من حمورابي و من الاسلام السياس ...
- في اليابان: حتى السياسة، صناعة يابانية!
- ليست المباراة وحدها، بل ما بعد المباراة!
- و اذن علام كل هذا الضجيج؟
- رسالة نادية محمود الى الرفاق في اتحاد المجالس
- اليسار و ال- بزنس- بالشعارات وحدها لا يحيى الانسان.
- انطباعات عن زيارة مقر مؤتمر حرية العراق في بغداد..


المزيد.....




- تحليل لـCNN: إيران وإسرائيل اختارتا تجنب حربا شاملة.. في الو ...
- ماذا دار في أول اتصال بين وزيري دفاع أمريكا وإسرائيل بعد الض ...
- المقاتلة الأميركية الرائدة غير فعالة في السياسة الخارجية
- هل يوجد كوكب غير مكتشف في حافة نظامنا الشمسي؟
- ماذا يعني ظهور علامات بيضاء على الأظافر؟
- 5 أطعمة غنية بالكولاجين قد تجعلك تبدو أصغر سنا!
- واشنطن تدعو إسرائيل لمنع هجمات المستوطنين بالضفة
- الولايات المتحدة توافق على سحب قواتها من النيجر
- ماذا قال الجيش الأمريكي والتحالف الدولي عن -الانفجار- في قاع ...
- هل يؤيد الإسرائيليون الرد على هجوم إيران الأسبوع الماضي؟


المزيد.....



المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ملف: الانتخابات والدولة المدنية والديمقراطية في العراق - نادية محمود - على هامش الديمقراطية والانتخابات في العراق