أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - خالد منصور - ثوري آخر ترجل














المزيد.....

ثوري آخر ترجل


خالد منصور
عضو المكتب السياسي لحزب الشعب الفلسطيني


الحوار المتمدن-العدد: 2545 - 2009 / 2 / 2 - 08:27
المحور: الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
    


مازلت اذكره في أول يوم التقيت به .. صافحته بحرارة وقابلني بابتسامة.. لم يكن يتحدث يومها كثيرا وكان أفضل من يحسن الإصغاء .. تأملته في ذلك الاجتماع.. وكان في صدري اعتزاز كبير أن يكون في حزبي مثل هذا الرجل العظيم ببساطته.. كان مظهره الهادئ يخفي ثورة في صدره.. وتواضعه ياسر كل من يلتقي به ويجالسه.. أحببت منذ ذلك اللقاء أن اعرف عنه كل شيئ..
انه اللواء العسكري محمود الرواغ المعروف بابي العلاء.. المناضل الأسمر الذي اختار منذ البداية الانتماء إلى حزب الفقراء.. ليحقق لأبناء طبقته من اللاجئين المعدمين، ومن العمال وصغار الفلاحين، ما كانوا محرومين منه.. اختار بإرادة حرة أن يكون في حزب الشيوعيين.. وكان مقداما شجاعا جريئا صلبا، لم يتوانى يوما عن أداء مهماته مهما كانت خطرة وشاقة.. عرفته أزقة المخيمات وحواري المدن، والبيوت السرية للشيوعيين.. جاع وعطش وتشرد وتنكر، وتنقل من مكان لمكان متخفيا.. كان مثاليا بالالتزام بمواعيد الاجتماعات ويشارك بوعي وجد بوضع المهمات، ويكون دوما سباقا في إبداء الاستعداد للتنفيذ.. كان إيمانه بحزبه وبأفكار الاشتراكية راسخ لا يتزحزح وأقوى من كل المغريات.. وعندما اندلعت المقاومة الفلسطينية المسلحة امتشق مثل النمر سلاحه واندفع بحماس شديد ليمارس الفعل النضالي العنيف، واثبت حينها للجميع أن الشيوعيين عندما يحملون السلاح يضيفوا إلى الفعل الثوري إضافات نوعية.. دخل المعارك وعاش في الخنادق، وعرفه المقاتلون في وقت الشدائد.. لطيفا مع الجميع ملهما وقدوة للآخرين.. واستحق أن يختاره حزبه ليقود فصيل الأنصار الذي شكله الشيوعيون كإسهام منهم في نضال شعبهم.. وواصل الفدائي الأسمر العمل المسلح حتى بعد أن انضمت قوات الأنصار إلى جيش التحرير الفلسطيني.. وتعاظمت خبرته القتالية من تجارب القتال في الأردن وفي الساحة اللبنانية.. وكان أن تسلسل في الترقيات حتى نال رتبة لواء.
أبو علاء المقاتل كان الإنسان الوديع.. وكان الإنسان المثقف المفكر الواعي.. ظل صلبا على المبادئ، ولم يبارح حزبه منذ لحظة انتسابه حتى لحظة وفاته.. واستحق وبجدارة أن يكون في أعلى هيئات الحزب-- منذ عام 1982 وحتى وفاته في العام 2009 -- وكان الرفاق ينتخبونه دوما بالإجماع، لان وجوده في الحزب كان يعني تواصل الأجيال، ويعني مزيدا من الحكمة، واستفادة من الخبرات.. فهو الرفيق الذي عاش العمل السري والعلني.. وعاش في أحياء الفقر وعرف آلام واحتياجات الفقراء عن قرب.. ورغم المغريات حافظ الرواغ على نظافة القلب واليد.. وزهد في الدنيا ولم يسمح ليده أن تمتد لتنهب أو تسرق.. بل ظل ناقدا للفساد والفاسدين.. لم يكن مجاملا ولا منافقا.. بل كان عنيدا يدافع بصلابة عن المبادئ الثورية التي تربى عليها..
التحق أبو علاء بركب قادة حزب الشعب الأوفياء-- الذين رحلوا أجسادا ولكن ذكراهم أبدا لم تفارق البلاد التي أحبوها، والشعب الذي ضحوا كل سنين عمرهم من اجل حريته، ومن اجل أن يبنوا له النظام السياسي الاقتصادي الأكثر عدالة.. التحق الرواغ بفؤاد نصار ورضوان الحلو ومحمود الأطرش ومعين بسيسو وعمر عوض الله وبشير البرغوثي وسليمان النجاب وفايق وراد ورشدي شاهين وفؤاد رزق ويونس تيم.. التحق بهم وترك لحزبه وشعبه تراثا وتاريخا يفاخرون به كل الدنيا..
أبو علاء لم يكن رجلا عادي.. بل كان ثوريا مخلصا لمبادئه.. متفانيا في العمل من اجل تحقيقها.. وفي المقدمة منها حرية الوطن-- دون أن يغفل ولو للحظة عن أن حرية الوطن لن تتحقق الا بحركة وطنية تحمل فكرا تقدميا..
أبو علاء ذلك اللاجئ ابن بلدة روبين.. ظل يحن للعودة إليها وظل مؤمنا بان العودة ستتحقق يوما ما.. أحب روبين ولكنه أحب معها غزة.. أحب غزة لأنه عاش فيها ومع أهلها .. ولأنها قطعة من ارض الوطن الواحد السليب المكلوم المحتل.. ولم يشعر بالسعادة يوما كمثل يوم عودته إليها في منتصف التسعينيات.. ولم يحزن يوما كمثل حزنه عندما حل الانقسام وسال الدم الفلسطيني بالأيدي الفلسطينية.. يومها اسودت الدنيا في عيون أبو العلاء ورفض الخضوع للأمر الواقع.. رفض الانقلاب والانقلابيين.. ورفض تجزئة الوطن وعزل غزة عن الضفة.. لأنه خاف في داخله على الحلم الذي أفنى سنين عمره كلها من اجل تحقيقه.. خاف على المصير وعلى المستقبل.. على الحرية والاستقلال والعودة.. وأخيرا عاد أبو علاء ليحتضنه ثرى غزة الطاهر الأبي.. وليودعه رفاقه وأهله وشعبه الوداع الأخير.. والكل كان عند وداعه يقول ثوري آخر ترجل.

مخيم الفارعة – 31/1/2009





#خالد_منصور (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المحرقة الصهيونية طالت مقر الإغاثة الزراعية
- وقف العدوان على غزة يفترض فينا إنهاء انقسامنا أو على الأقل ت ...
- هل سجلت اسمك في قائمة الشرف..؟؟
- بالصرماية
- سخافة..!!
- انشد وطن واشحد وظيفة
- بركاتك يا حكومة
- طار القرار يا فياض
- إرهابهم يستنهض كفاحنا
- عن التحدي والاصرار الفلسطيني - لا عاش الجبان
- مع تأجيل قضية اللاجئين
- الصحة مش بخير يا دولة الرئيس
- مجانية التدريس يا دولة الرئيس
- لو كان الفقر رجلا لقتلته
- عيش يا قديش
- أي ثقافة يا لميس..؟؟
- فرح الابناء ووجع الاباء
- لم نفقد الحب بعد
- انت المسك يا نعلين
- دور المؤسسات في زمن الانقسامات


المزيد.....




- غايات الدولة في تعديل مدونة الاسرة بالمغرب
- الرفيق حنا غريب الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني في حوار ...
- يونس سراج ضيف برنامج “شباب في الواجهة” – حلقة 16 أبريل 2024 ...
- مسيرة وطنية للمتصرفين، صباح السبت 20 أبريل 2024 انطلاقا من ب ...
- فاتح ماي 2024 تحت شعار: “تحصين المكتسبات والحقوق والتصدي للم ...
- بلاغ الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع إثر اجتماع ...
- صدور أسبوعية المناضل-ة عدد 18 أبريل 2024
- الحوار الاجتماعي آلية برجوازية لتدبير المسألة العمالية
- الهجمة الإسرائيلية القادمة على إيران
- بلاغ صحفي حول اجتماع المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية ...


المزيد.....

- سلام عادل- سيرة مناضل - الجزء الاول / ثمينة ناجي يوسف & نزار خالد
- سلام عادل -سیرة مناضل- / ثمینة یوسف
- سلام عادل- سيرة مناضل / ثمينة ناجي يوسف
- قناديل مندائية / فائز الحيدر
- قناديل شيوعية عراقية / الجزءالثاني / خالد حسين سلطان
- الحرب الأهلية الإسبانية والمصير الغامض للمتطوعين الفلسطينيين ... / نعيم ناصر
- حياة شرارة الثائرة الصامتة / خالد حسين سلطان
- ملف صور الشهداء الجزء الاول 250 صورة لشهداء الحركة اليساري ... / خالد حسين سلطان
- قناديل شيوعية عراقية / الجزء الاول / خالد حسين سلطان
- نظرات حول مفهوم مابعد الامبريالية - هارى ماكدوف / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - خالد منصور - ثوري آخر ترجل