أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خالد منصور - انشد وطن واشحد وظيفة














المزيد.....

انشد وطن واشحد وظيفة


خالد منصور
عضو المكتب السياسي لحزب الشعب الفلسطيني


الحوار المتمدن-العدد: 2446 - 2008 / 10 / 26 - 09:57
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


التقيته في شوارع رام الله، ينتظر على موقف لسيارات مخيم الجلزون، صديق قديم عرفته في سنوات الانتفاضة الأولى، كان حينها شابا في مقتبل العمر، يفيض حيوية ورجولة، وطنيا مقداما مخلصا للقضية، وهي بالنسبة له تأتي في المقام الأول قبل الفصيل وقبل الذات الأنانية.. اذكره محرضا للشباب ومؤطرا لهم، أدمن السجن والاعتقال، وكان كل ما خرج من سجن يعود إلى آخر، ابن عائلة فقيرة معدمة، نشا في بيئة اقل ما يقال عنها أنها بيئة بؤس وشقاء، دخل الجامعة منتفعا من منحة قدمها له نادي الأسير-- وبسبب الملاحقات والاعتقالات المتكررة لم يستطع إكمال دراسته.. انقطعت أخباره عني لأكثر من 10 سنوات، انشغل هو بهمومه وبسجونه ومطارداته، وأنا انشغلت بعملي السياسي المرهق القلق واللا معروفة نهايته، وبعدها بوظيفتي بمؤسسة الإغاثة الزراعية-- التي أكملت من خلالها رسالتي في الحياة، لأكون دوما بين الناس-- وعلى الأخص بين من يحتاجون الدعم والمساندة وبين من اعتقد أنهم الأكثر إخلاصا وعطاء لحرية الوطن وشعبه.
كدت للوهلة الأولى أن لا أتعرف عليه، فقد بدا لي مختلفا إلى حد كبير، الشيب غزا ما تبقى من شعر في رأسه، وتجاعيد وجهه كانت وكأنها خرائط خطتها السنون، لترسم معالم محنة شعب بأكمله، جلست وإياه في مقهى شعبي، لنحتسي القهوة على قارعة الطريق، سألته عن أخباره وعن السنين التي غابها عني، فقص علي قصة لا أبالغ حين أقول أنها تصلح لتكون مادة لأقوى الروايات التراجيدية.. قال لي: مع قدوم السلطة وبدء ما أطلق عليه مرحلة السلام شعرت بالفراغ، ونشب في داخلي صراع شديد بين قناعاتي بلا جدوى السير وراء أوهام السلام الإسرائيلية، وبين ما حاولت قيادتنا إيهامنا بأنه تراكمات ستوصلنا إلى تحقيق كامل أهدافنا الوطنية المشروعة.. وفي مثل هذه المرحلة أصبحت أنا والكثيرين طاقة غير مرغوب بها، وعبئ ثقيل يؤرق قيادات المرحلة الجديدة، وأضاف: وجدت نفسي محاصر بالنفاق والدجل ومحاط بقناصي الفرص والباحثين عن المغانم والنفوذ، وفي مثل هذا الوضع أصبح مطلوب مني أن أتغير.. فقد تغيرت الساحة والوجوه، وتغيرت القلوب والنفوس، ولم يعد لي ما اعمل عليه من تحريض وتجنيد وتخطيط لأنشطة وطنية، لكن ولاني كنت واثقا بان ما تجري خلفه قيادتنا ما هو إلا سراب ولن يقودنا إلى ما حلمنا به من دولة حقيقية وعودة للاجئينا إلى ديارهم الأولى، فقد واصلت الاحتفاظ برأيي بان من الضروري مواصلة النضال-- وان كان بأشكال أخرى تكون شعبية جماهيرية-- تبقي على حالة اليقظة للجماهير، وتمنع المحتل من تحقيق أي مكاسب جديدة على الأرض، وتفهمه أن الصراع بين شعبنا واحتلاله لم تنتهي، بل أنها قابلة للتصاعد والانفجار فيما لو فشلت الجهود السياسية..
وأضاف صديقي بحزن واضح: لكن موقفي هذا كلفني الكثير، وأصبحت كمن يغرد خارج السرب، وبدأ الكثيرون من أصدقائي الذين وصلوا إلى مواقع المسئولية في أجهزة السلطة المدنية والعسكرية يتحاشون جلساتي وصاروا يبتعدون عني.. بل وأكثر من ذلك أغلقوا الأبواب في وجهي للحصول على وظيفة اعتاش منها تؤمن لأسرتي مصدر رزق آمن..
سألته: إلى هذا الحد وصلت أوضاعك المعيشية..؟؟ فأجاب: نعم يا صديقي فانا من نذرت حياتي للنضال والوطن والقضية اشحذ الآن وظيفة..!!! ووضعي في مهب الريح.. تخيل.. أنا من كنت أواصل الليل بالنهار، وأتنقل من منطقة إلى أخرى، وأمارس العمل-- التنظيمي السري والجماهيري العلني-- أنا الآن أخاف أن يأتي الغد الذي سيجوع فيه أبنائي ويحرمون من فرص تعليمهم..
وانهي صديقي كلامه بالقول: يبدو أنني ادفع ضريبة لانتمائي الحقيقي إلى الوطن والقضية، وادفع ضريبة لأنني لم أكن انتهازي ووصولي.. لكنني لست نادما أبدا ولن أتغير، وسأواصل العمل وفق قناعاتي، ولن أبيع ضميري حتى ولو جعت-- مقابل وظيفة اعتقد أنني استحقها وأولى بها من عشرات بل ومئات الوصوليين.
مخيم الفارعة
24/10/2008





#خالد_منصور (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بركاتك يا حكومة
- طار القرار يا فياض
- إرهابهم يستنهض كفاحنا
- عن التحدي والاصرار الفلسطيني - لا عاش الجبان
- مع تأجيل قضية اللاجئين
- الصحة مش بخير يا دولة الرئيس
- مجانية التدريس يا دولة الرئيس
- لو كان الفقر رجلا لقتلته
- عيش يا قديش
- أي ثقافة يا لميس..؟؟
- فرح الابناء ووجع الاباء
- لم نفقد الحب بعد
- انت المسك يا نعلين
- دور المؤسسات في زمن الانقسامات
- صرخة عجوز فلسطينية
- صوت العقل يقول لا بديل للحوار
- مسكينة يا هالقضية
- لا للاعتقال السياسي .. لا للتجريم السياسي
- نحو الهاوية نسير
- كلمات تعزية ورثاء الى روح الفقيد الراحل فايق وراد


المزيد.....




- روسيا تقدّم إعانات مالية للأمهات الصغيرات لزيادة معدلات المو ...
- رضيعة فلسطينية تموت جوعا بين ذراعي أمها في غزة المحاصرة
- تعيين سالم صالح بن بريك رئيسًا للحكومة في اليمن
- واشنطن تفرض رسوماً جديدة على قطع غيار السيارات المستوردة
- رئيسة المكسيك ترفض خطة ترامب لإرسال قوات أمريكية لمحاربة كار ...
- الزعيم الكوري يؤكد ضرورة استبدال دبابات حديثة بالمدرعات القد ...
- نائب مصري: 32% من سكان البلاد يعيشون تحت خط الفقر (فيديو)
- إعلام: الجيش السوداني يستهدف طائرة أجنبية بمطار نيالا محملة ...
- صحيفة -الوطن-: تعيين حسين السلامة رئيسا لجهاز الاستخبارات في ...
- من هو حسين السلامة رئيس جهاز الاستخبارات الجديد في سوريا؟


المزيد.....

- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خالد منصور - انشد وطن واشحد وظيفة