أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حامد حمودي عباس - ألحياة و ألموت .. بين ألحق وألباطل .














المزيد.....

ألحياة و ألموت .. بين ألحق وألباطل .


حامد حمودي عباس

الحوار المتمدن-العدد: 2526 - 2009 / 1 / 14 - 03:38
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


مهما كابر الانسان وانعمت عليه الطبيعة بنعمة النسيان ، تبقى للعمر نهايه .. ويبقى ذلك الذي اسموه حقا وهو باطل يتربص بالروح البشرية بكل عنفوانها ليقول لها كفى فقد انقضت حصتك من الشعور وحان انتقالك الى اللاشعور الابدي .. لا أدري لماذا أوغلوا بالتجني على الحقيقة عندما سموا الموت حقا وأسموا الحياة بالباطله ؟! .. كيف يكون سكون حركة الروح ووقف نبض الاحساس بالحب وذبول زهرة باطلا.. وعكسه هو الحق ؟! .. كيف يمكن أن يسمى ألحتف المشبع برائحة التفسخ وانقضاض الديدان على حور العيون حقا ، والاحساس بالجمال والتمتع بحركة الاطراف للعمل والانتاج باطلا وباصرار ؟! .. أليس في حدود هذه المعركة المخيفة بين كنه الموت ومعنى الحياة تقع كل الاسباب التي أوحت لشتى صنوف الفلسفة الانسانية منذ القدم أن تبني صروحها الفكرية لتقول رأيها بكل ما جرى ، وكتبت فصوله على صفحات التاريخ والباقي لا يزال التاريخ يراقبه متربصا عن قرب ؟؟.
ولكنني ومع هذا الهذيان الذي أنا فيه أكره ألموت ، وأحس بأن من يدعي حبه فهو في ألنار يوم الحشر ، وأكره ألقبر وما روجوه عنه من أنه مكان تظهر فيه ثعابين عظيمه واشباح تحمل الدبابيس والسنة من لهب تشوي ألجلود ، وأحب ألحياة بما فيها من زهو وحب وجمال ولسان حالي يقول ما قاله أحد الشعراء وهو يناجي ربه بأن يمطر الدنيا صبايا كي يتلون الفضاء بالوان البقاء والديمومة البهيه .
ألحياة حق وألموت باطل أيا كانت أسبابه .. وأسوء مهنة يمتهنها الانسان هي دفن الموتى ، ولذا فلا عجب من أن أغلب من يتخذون هذه المهنة سبيلا لرزقهم هم ممن لا يأبهون بالموت ولا يخافون دبابيس القبر ولا ثعابينه ، وانهم يتعاملون مع جثة ألميت بكل استهتار حين دفنها ، ويأكلون ويشربون بعد كل عملية دفن وكأنهم قد عادوا توا من نزهة في حديقة عامه .
انني لم اتوصل بعد لتفسير يدلني على أي سبب منطقي لتلك المظاهر الجنائزية المفعمة بالنفاق احيانا في تصنع الحزن عندما يزف ميت منا الى مثواه الاخير، في حين لا أجد أي عناء في فهم طقوس الحزن لدا الشعوب الاخرى على أمواتها ، حتى مقابرنا يملؤها الاسى ولكن ليس أسى ألاموات ، فهي توحي بأحاسيس ألخوف والفزع من أشباح تسكنها على الدوام ولا تحب أن تسكن في مقابر سوانا من ألملل . انني أتذكر جيدا كيف كنا في مدينة ألحبانية القديمه نتوجه الى مقابر المسيحيين لنقرأ دروسنا تحظيرا لامتحانات البكلوريا ، فهي منبت للزهور وتعبق منها رائحة القرنفل الجميله وتكسو ارضها خضرة رائعه تعين على التلقي وتقترب بزائريها الى معاني الحياة بدلا من هول الفناء .. وأتذكر مقابل ذلك كيف كنت وأنا أزور قبر أبي مع والدتي أتلفت من حولي متعلقا بعبائتها خائفا من أن يتلقفني شبح ، وأتخيل أبي يظهر عاريا من قبره بعد أن أطل برأسه من خلال فوهة أحدثها تقلب المناخ في قمة القبر ، وتصك سمعي أصوات صراخ المعذبين تحت لهيب سياط أزلام فيلق التعذيب الالهي وأشم رائحة الجلود المشوية ، لقد كان خيالي بارعا في ترجمة كل ما يقال لنا نحن الصبية عن عذاب القبور وكيف أن ذلك العذاب يستمر الى نهاية غير معلومه و يتوقف عند نفخة الصور في اليوم العظيم لتبدأ المحاكمة الكبرى وحينها يحين يوم الحشر .. وتسوقني نباهتي المبكرة أحيانا للاستفسار عن عدالة الرب ولماذا يعذب خلقه مرتين واحدة منها قبل انعقاد جلسات القضاء و النطق بالحكم والاخرى بعده ، الكلاب السائبة بحرية تامه في المقبرة ترعبني الى حد كبير ، وقد سمعت بانها تبحث دوما عن لحم طري حي كونها سأمت لحوم الاموات ، ومن بين صرخات المعذبين المختلطة بصوت رجل يجلس غير بعيد عني وهو يتلو ايات من الذكر الحكيم مقابل أجر كنت أرى واسمع نساء يتوزعن على القبور يندبن وبحشرجة تقتل في النفس كل أمل بجدوى ألبقاء ..
مقابرنا هي مخابيء للجن ، وسكن مفضل لديهم وخاصة الجن غير المسلم ، حيث يبرع هذا الصنف من الخلق الاخر في الاستيلاء على أجساد ألمسلمين ولا يهوى سكن أجساد غيرهم من معتنقي الاديان الاخرى ، ولم أجد أيضا سببا لعزوف الجن عن التمتع بسكن مقابر غير المسلمين غير أنهم لا يستطيعون العيش وسط الزهور والحدائق ويمقتون سماع أصوات خرير النافورات المؤنسه .
قبورنا تعمرها أنواع الخفافيش وطيور ألبوم ويلجأ اليها قطاع الطرق وألفارين من الخدمة العسكرية وتحدث فيها أبشع قصص الاغتصاب وتقاسم غنائم السرقات ، وهي عبارة عن اكوام من تراب بائسه ، في حين تشخص قبور سوانا من ألملل الاخرى كهياكل كونكريتية منتظمه الاشكال وموحدة المواقع يعلوها سجل لا يسهب في ذكر السيرة الذاتية لصاحب القبرعدا عن الاعلان عن اسمه فقط .
أين تكمن اذن صفات الحق في موت كهذا وقبور كهذه تملؤها الاشباح والقطط المتوحشة وتنطق اجواؤها بصراخ سكنتها وهم يمزقون بدبابيس زبانية لا يرحمون ولا تعيقهم شفقه ؟؟ .. وكيف تكون الحياة بكل أطيافها الحلوة باطله ؟! .











#حامد_حمودي_عباس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ليسمع وعاظ ألمنابر وفقهاء ألفتوى ... قتلت ابنتها خوفا من ألط ...
- ثنائية ألسياسه ألغير عادله بالنظر لقضية ألاكراد في تركيا .
- أيها ألفقراء عامكم مبارك .. لقد حل عام جديد .. ألا تعلمون ؟؟ ...
- احتفلوا بالعام ألجديد .. ولن يدخلن أحد منكم ألنار .
- غزه تحترق ضمن لعبة لن تنتهي قريبا .
- عبد العال ألحراك صوت وطني يهدف لعراق حر وشعب سعيد .
- تحية للشاعره جمانه حداد .. ودعوة لمناصرة مجلتها ( ألجسد ) .
- ألحوار المتمدن هو مركز للاشعاع ألفكري الرائد في مجال الوعي ا ...
- دعوة ألكفاءات العراقية المهاجرة للعوده .. هل هي فخ لموتهم أم ...
- سعاد خيري ومأزق الخلط بين ألشخصي وألعام .
- ألعنف ضد المرأة في حوار بين الوزيرة العراقيه ورئيس جمعية اصد ...
- ألعنف ضد المرأة وضروة التوحد الفكري والنضالي للتصدي له وبحزم ...
- ألمعتقلات العراقيه في العهد الحاضر هي مراكز اختبار للمصداقية ...
- بين ألطواشات وألطوافات .. قضية ألمرأة في العراق أسيرة أللاحل ...
- المرأة في بلادنا حرة .. ويكفيها ان حريتها كاملة في امتاع الر ...
- أحزان مهاجره
- انقلوا عهدة النساء العراقيات ألمعتقلات من السجون العراقية ال ...
- ألشخصية العراقية .. لماذا تتسم بالعنف في ألسلوك ؟. وهل حقا ب ...
- بين ألطلاق الكاذب للمرأة العراقية في الدنمارك .. وحالها في ا ...
- بعض من تداعيات ذكرى ثورة اكتوبر الاشتراكية العظيمه


المزيد.....




- مشهد صادم.. رجل يتجول أمام منزل ويوجه المسدس نحو كاميرا البا ...
- داخلية الكويت تعلن ضبط سوداني متهم بالقتل العمد خلال أقل من ...
- مدمن مخدرات يشكو للشرطة غش تاجر مخدرات في الكويت
- صابرين جودة.. إنقاذ الرضيعة الغزية من رحم أمها التي قتلت بال ...
- هل اقتصر تعطيل إسرائيل لنظام تحديد المواقع على -تحييد التهدي ...
- بعد تقارير عن عزم الدوحة ترحيلهم.. الخارجية القطرية: -لا يوج ...
- دوروف يعلّق على حذف -تليغرام- من متجر App Store في الصين
- أبو عبيدة: رد إيران بحجمه وطبيعته أربك حسابات إسرائيل
- الرئاسة الأوكرانية تتحدث عن اندلاع حرب عالمية ثالثة وتحدد أط ...
- حدث مذهل والثالث من نوعه في تاريخ البشرية.. اندماج كائنين في ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حامد حمودي عباس - ألحياة و ألموت .. بين ألحق وألباطل .