أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - إكرام يوسف - الفتى -الحي-.. وتجفيف المنابع!














المزيد.....

الفتى -الحي-.. وتجفيف المنابع!


إكرام يوسف

الحوار المتمدن-العدد: 2498 - 2008 / 12 / 17 - 08:38
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


أي أنواع القلوب.. ذلك الذي يجرؤ صاحبه على خطف فتى مسالم جميل، فيحرم أهله من فرحة العيد؟!.. وكيف يستطيع أن ينظر في أعين أطفاله وأسرته ويحتضنهم معيدا عليهم، من أصدر قرار انتزاع شاب من بين أحضان أسرته، بينما لم يرتكب جرما سوى ممارسة حقه الطبيعي في التعبير عن الرأي؟..
ففي الوقت الذي ينشغل رفاقه ببرنامج نزهات أيام العيد، وسهرات لياليه .. فوجئ أهل محمد عادل، بمن يبلغهم أن فرقة من أشاوس رجال السلطة لم يجدوا ما يستعرضون به عضلاتهم الأمنية، سوى خطف ولدهم من على أحد مقاهي وسط القاهرة، لتنقطع تماما أخبار الفتى ذي العشرين ربيعا منذ يوم 20 نوفمبر، دون تحويله للتحقيق، أو إبلاغ أهله بمكان احتجازه.
عرفت الفتى محمد عادل للمرة الأولى، من مشاركاته في منتدى حركة كفاية الإليكتروني "مندرة كفاية"، ولفت نظري المعرف الذي كان يشارك به في المنتدى: "ميت"!.. تخيلته رجلا كبير السن، دفعته تجارب الحياة المحبطة إلى أن يساوي بين حياته والموت. ولما لمست نبرة دينية في خطابه السياسي، توقعت أنه بنى اختياره على الآية الكريمة "إنك ميت وإنهم ميتون".. وسرعان ما عرفت اسمه الحقيقي، وعمره الذي لم يكن تجاوز السابعة عشر، عندما قرأت نبأ اعتقاله أثناء فعاليات تضامن حركة كفاية مع قضاة مصر. أذكر كم كانت المفاجأة موجعة لقلبي ـ كأم ـ وتمنيت ألا تكون والدته عرفت أنه يتخذ لنفسه اسم "ميت".. ولا أخفي أنني ظللت طويلا، أتعجب من الدافع وراء اختياره للتسمية الموجعة!.
التقيته بعد ذلك، مرة أو ربما مرتين عابرتين، في نقابة الصحفيين أثناء إفطار رمضاني نظمته حركة كفاية، فوجدته عكس ما توقعت؛ وجها طفوليا، يشع براءة، خفيض الصوت، بالغ التهذيب. فرحت بأن مصر مازالت تنجب شبابا قادرا على انتشال نفسه من براثن دوامات تبتلع الكثيرين من أقرانه؛ فوسط تفشي ظواهر انحراف الشباب، من انتشار الإدمان، وحوادث العنف، وحالات التحرش الجنسي التي باتت خبرا شبه يومي يتصدر صفحات الحوادث، وتراجع القدر الكبير من أخلاقيات وقيم اشتهر بها المصريون طويلا، تحرص أم الدنيا ـ المحروسة ـ على أن تثبت قدرتها على إنجاب من يستحقون شرف الانتساب إلى رحمها.
وبصرف النظر عما يقال عن انتماء الفتى ـ مرة يقولون عنه إخواني، ومرة أخرى يقولون إنه انشق عن الإخوان لاختلافه مع ممارساتهم، لكنه ظل مرتبطا بهم عاطفيا ـ فالواضح أنه مازال في طور التكوين الفكري، يسعى ـ بصدق ـ لفهم ما حوله، وبلورة موقف إزاءه .. يشعر بهموم أمته ويتجاوب معها، ولا يقبل أن يقف سلبيا أمام ما يراه من أخطار تحدق بوطنه.. وبصرف النظر عن الاتفاق أو الاختلاف مع ما يعلنه من أفكار.. تظل أفكارا، يعبر عنها صاحبها بمختلف طرق التعبير السلمي؛ فينشئ مدونة تحت الاسم الذي اختاره لنفسه "ميت"!.. يبحث فيها أحوال الوطن من وجهة نظره، ويتبادل مع أصدقائه ومعارفه وقرائه الآراء .. يشارك في وقفة احتجاجية ضد سياسات يعتبر أنها تهدد مستقبل هذا الوطن.. يتعاطف مع أهالي غزة فيشارك في قوافل الإغاثة الذاهبة إليهم.. وكلها أنشطة وممارسات سلمية لشاب في مقتبل العمر قرر أن يتخلى عن مقاعد المتفرجين وأن يشارك بإيجابية في الدفاع عما يؤمن به.. فعلى أي شيء قرروا عقابه؟
والمعروف أن الشباب عادة في الفترة العمرية التي يمر بها محمد عادل يميلون إلى البحث عن أي نوع من أنواع الانتماء؛ بداية من التعصب لفريق رياضي، أو الانضمام إلى شلة ماجنة تمضي وقتها في الحفلات والسهرات والشرب، أو الوقوع في فخ جماعات إرهابية، أو غير ذلك من الانتماءات التافهة أو الضارة. فما الذي يقلق سلطات الأمن من شاب اختار أن يكون انتماؤه لمصلحة وطنه ـ حسبما يراها ـ ويحاول أن يشارك "سلميا" في بناء مستقبل أمته؟.. أم أن المقصود توصيل رسالة لشباب هذا الوطن فحواها "عليكم ألا تتخلوا عن سياسة السير بجوار الحائط، وإن استطعتم فلتسيروا داخل الحائط نفسه.. لا يهم إن انزلقتم إلى هاوية الإدمان، أو مختلف أشكال الانحراف والابتذال والهبوط، كل ما عليكم أن تتوقفوا عن التفكير، وتغمضوا أعينكم، وتسدوا آذانكم، وألا تنبسوا ببنت شفه فيما يتعلق بالقضايا العامة، وسياسات الدولة"؟
وعلى فرض أن الفتى من الخبث والمكر والخداع، بحيث استطاع أن يخفي وراء مظهره البريء والمسالم، ذئبا يخطط في الظلام للقضاء على أمن البلاد! فما الداعي لخطفه وإخفاء مكان احتجازه والحيلولة دون تعرف أهله ومحاميه على سبب خطفه؟.. أليس من الواجب كشف ستره وتوجيه تهمة إليه، وفضحه على الملأ بالأدلة الدامغة؟ بدلا من ترك المجال للقيل والقال، ولشائعات تتردد عن أن قوات الأمن تمارس ضد الفتى الأعزل الذي خطفته وهو يخطو ـ لتوه ـ أولى عتبات الشباب، أقسى أنواع التعذيب، حتى يقلع تماما عن رذيلة إعمال العقل والتفكير في هموم الوطن، ويتخلى نهائيا عن إدمان حب الوطن وحب الحياة.
لاشك أن محمد عادل، وأمثاله من أبنائنا ـ من مختلف الاتجاهات الفكرية والسياسية ـ هم البذرة الحقيقية لمصر الغد، ويبدو أن "البعض" حريص على وأد هذه البذرة قبل نضجها.. هناك من يحرصون على قتل جنين حب الوطن في قلوب أبنائه.. من يصرون على تجفيف منابع التغيير، بإرهاب أبنائنا ومنعهم من الانشغال بمستقبل هذا البلد بينما يسير هذا "البعض" قدما في مؤامرة الإجهاز على هذا الشعب والقضاء على مستقبله.







#إكرام_يوسف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ألف رحمة ونور!
- بص.. شوف العصفورة!
- أعذر من أنذر!
- ارفع رأسك .. أنت سعودي!
- -كرسي في الكلوب-.. أو،عندما ينقلب السحر على الساحر
- الطفلة التي فضحتهم!
- -بهية- هذا الزمان!
- الدكتور محمد.. وأصحاب المولد!
- أزهي عصور الفساد
- متلازمة -الغباء المصاحب للكرسي-
- مولد.. وصاحبه غايب
- متى يعلنون الحداد العام؟
- كرامتنا.. يا أصحاب الكرامات
- دعوها تشربه!
- فقع المرارة.. في ثقافة ركوب العبارة
- إنهم يسرقون التاريخ
- الحركة الطلابية المصرية.. أمس واليوم
- -الضنا- الغالي
- غزة قبل عشر سنوات
- مثلما النسمة من بردى!


المزيد.....




- -الشيوخ- الأمريكي يوافق على حزمة مساعدات لأوكرانيا وإسرائيل ...
- مصرية الأصل وأصغر نائبة لرئيس البنك الدولي.. من هي نعمت شفيق ...
- الأسد لا يفقد الأمل في التقارب مع الغرب
- لماذا يقامر الأميركيون بكل ما لديهم في اللعبة الجيوسياسية في ...
- وسائل الإعلام: الصين تحقق تقدما كبيرا في تطوير محركات الليزر ...
- هل يساعد تقييد السعرات الحرارية على العيش عمرا مديدا؟
- Xiaomi تعلن عن تلفاز ذكي بمواصفات مميزة
- ألعاب أميركية صينية حول أوكرانيا
- الشيوخ الأميركي يقر حزمة مساعدات لإسرائيل وأوكرانيا وتايوان ...
- واشنطن تدعو بغداد لحماية القوات الأميركية بعد هجومين جديدين ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - إكرام يوسف - الفتى -الحي-.. وتجفيف المنابع!