أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - إكرام يوسف - متى يعلنون الحداد العام؟














المزيد.....

متى يعلنون الحداد العام؟


إكرام يوسف

الحوار المتمدن-العدد: 2405 - 2008 / 9 / 15 - 10:30
المحور: حقوق الانسان
    


عندما أذاعت قناة "الجزيرة" نبأ كارثة الدويقة، هرعت إلى قنوات التليفزيون المصري.. وكالعادة لا حس ولا خبر إلى أن جاءت الأوامر بإذاعة الخبر بعدما عرفه القاصي والداني ممن يتابعون الفضائيات ووكالات الأنباء.. ولا أعتقد أننا بتنا نندهش لأمر كهذا.. أن نتلقى أنباء الوطن من وسائل الإعلام الأجنبية، لم يعد محل استغراب المصريين بعدما صارت عبارة "تليفزيون الريادة" نكنة يتندر بها الركبان.. ولكن ما يثير الغيظ أن تستمر المسلسلات وبرامج المنوعات والتسلية الفارغة، كما لو لم يكن الوطن ثكل ـ لتوه ـ عشرات من أبنائه في ساعة واحدة وتشرد العشرات غيرهم دون مأوى.. لم أعد أدري على وجه الدقة كم عدد المرات التي توقعت فيها أن تعلن حالة الحداد العام، وينكس العلم الوطني حدادا على أبناء لهذا الوطن راحوا ضحية كوارث فادحة ـ أو بالأحرى فاضحة ـ خلال السنوات القليلة الماضية.
فهل كان كثيرا أن ينكس العلم وتعلن حالة الحداد الوطني، وتتغير خريطة البرامج في التليفزيون الوطني حدادا على المئات الذين راحوا في كارثة السيل الذي دمر بيوت فقراء الصعيد وحصد أرواح العشرات من أبنائهم وترك ذويهم بلا مأوى، أو أولئك الذين راحوا ضحية كارثة قطار الصعيد، أو ضحايا حريق مسرح بني سويف أو ضحايا العبارة السلام وأهالي قلعة الكبش، ثم أخيرا أهالي الدويقة؟
متى ـ إذاـ تعلن حالة الحداد العام؟ وبعد كارثة من أي حجم بالضبط؟ وماهو عدد الشهداء الذي يتعين عنده تنكيس العلم الوطني؟ .. متى ـ إذا ـ يسمحون لنا أن نتوقف لبرهة من الزمن لنتدبر ما وصل إليه حالنا؟.. وهل هذه الآلاف من الضحايا الذين يتصادف في كل مرة أن يكونوا من فقراء هذا الوطن ـ ملح أرضه وأصحاب الحق فيه ـ لايستحقون الحداد لثلاثة أيام نتوقف فيها عن اللهاث وراء قنوات التليفزيون لمتابعة مسلسلات وبرامج لاتنتهي بمناسبة الشهر الفضيل؟.. وهل أصبح الهدف هو التشويش على صرخات الثكالى والأرامل والأيتام والمصابين حتى لا تزعج السادة في سهراتهم الرمضانية ذات الخمسة نجوم؟ أم هو إصرار على زيادة مساحة بلادة مشاعرنا وسماكة جلودنا؟
ولاشك أن دعوات البعض للبدء في جمع تبرعات لصالح الباقين على قيد الحياة من ضحايا الكارثة، أمر يشكرون عليه، ولكنه يثير تساؤل حول غياب الدولة، فمع كل كارثة من هذا النوع يتضح أكثر فأكثر أن حكومتنا لم تعد تلقي بالا للغالبية من أبناء هذا الشعب، في غمرة انشغالها بتدليل حفنة من رجال الأعمال، لا يتوقفون عن المطالبة بالمزيد من التسهيلات والامتيازات التي تقدمها لهم الدولة على حساب دورها الحقيقي في توفير حياة كريمة للغالبية الساحقة من شعبها الذي يتحول شيئا فشيئا إلى ثقافة التسول، وتترك الأمر لأرباب البر والإحسان، البعض يتحرك مدفوعا بنوازع الخير، والبعض الآخر ينتهزها فرصة للدعاية لنفسه، أوتجميل صورته، بعدما تبين للجميع نوعية نخبة المال والأعمال المسيطرة على مقدرات البلاد، والتي تفوح منها يوما بعد يوم روائح غير طيبة؛ تكشف مدى العفن المتغلغل في صفوفها.
فعندما يتردد أن "أحدهم" دفع مليوني جنيه استرليني للتحريض على قتل عشيقته السابقة، لا نستطيع أن نمنع أنفسنا في تصور عدد الأرواح التي كان يمكن إنقاذها بهذا المبلغ، لو خصصه لبناء شقق في "مدينته" لهؤلاء الفقراء.. كم عدد النفوس التي كان يمكن إحياؤها بسعر إزهاق نفس واحدة؟
وعندما نعلم أن "واحدا" غيره، أنفق من ثرواته مبالغ طائلة لإفساد ذمم تعمل في جهة كنا نتباهى بنصاعة صفحتها، سرعان ما نذهب بخيالنا إلى عدد فرص العمل التي كان يمكن أن يخلقها بهذه المبالغ؛ لحماية ذمم شباب هذا الوطن الطامحين إلى اللقمة الحلال.
في جميع الكوارث التي عاصرناها مؤخرا، لم نشعر أبدا أن الأثرياء مانحي التبرعات يتحركون من منظور "رد الجميل" للوطن الذي منحهم فرصة الثراء على حساب فقرائه.
وتتضح الصورة بجلاء عندما نقارن بين ما يدفعه أثرياؤنا من فتات لايقارن بما يكنزونه من عائد مص دم هذا الشعب، وما قام به ـ على سبيل المثال ـ وارين بافيت، ثاني أغنى أغنياء العالم، عندما تبرع بمبلغ 37 مليار دولار، تمثل 85 في المائة من إجمالي ثروته لا لبناء مسجد يحمل اسمه، كما يفعل أغنياؤنا، وإنما قرر توجيه الجزء الأكبر من التبرع لمؤسسة خيرية أخري ـ مؤسسة بيل وميليندا جيتس ـ فهو لم يرغب في إضافة مؤسسة جديدة لتخليد اسمه.‏ وعندما سئل عن السبب قال ببساطة إن بيل جيتس أكفأ منه في إدارة مثل هذه المشروعات.
أغلب الظن، أنه لو كانت أعلنت حالة الحداد العام، ونكس العلم الوطني، مع أول كارثة من هذا النوع، ربما لم تكن وقعت الكوارث التي تلتها..فإعلان الحداد العام، كان من شأنه أن ينبه من يهمهم الأمر، إلى خطورة الاستهتار بأرواح أبناء هذا الوطن، حتى لو كانوا فقراء. كما كان سيعلمنا ألا نتقبل، ببلادة منقطعة النظير، أن تستمر قوافل الضحايا، ويخطف الفساد من بيننا أرواح شهداء يفوق عددهم شهداءنا في الحروب..
ولا يبقى إلا أن أردد ـ مع الاعتذار لشاعرنا أحمد فؤاد نجم ـ "صوتي يا بهية على المساكين".!



#إكرام_يوسف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كرامتنا.. يا أصحاب الكرامات
- دعوها تشربه!
- فقع المرارة.. في ثقافة ركوب العبارة
- إنهم يسرقون التاريخ
- الحركة الطلابية المصرية.. أمس واليوم
- -الضنا- الغالي
- غزة قبل عشر سنوات
- مثلما النسمة من بردى!
- رحلة لأسوان
- شريفة!
- توأمي الضاحك
- فعلتها طهران!
- الوطن ليس أغنية !
- الوطن ليس أغنية!
- عبارات سيئة السمعة
- لم نكن مخطئين.. والتاريخ يشهد
- الديون.. وكوابيس التاريخ
- المصريون.. وأيديهم الناعمة
- عندما تفضل واشنطن الاقتصاد الموجه
- ثروتنا البشرية.. إلى أين؟


المزيد.....




- اعتقال نائب وزير الدفاع الروسي للاشتباه في تقاضيه رشوة
- مفوض الأونروا يتحدث للجزيرة عن تقرير لجنة التحقيق وأسباب است ...
- الأردن يحذر من تراجع الدعم الدولي للاجئين السوريين على أراضي ...
- إعدام مُعلمة وابنها الطبيب.. تفاصيل حكاية كتبت برصاص إسرائيل ...
- الأونروا: ما الذي سيتغير بعد تقرير الأمم المتحدة؟
- اعتقال نائب وزير الدفاع الروسي بشبهة -رشوة-
- قناة -12-: الجنائية ما كانت لتصدر أوامر اعتقال ضد مسؤولين إس ...
- الأمم المتحدة تطالب بتحقيق دولي في المقابر الجماعية بمستشفيا ...
- مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان: أعداد الشهداء بين الأبرياء ...
- لازاريني: 160 من مقار الأونروا في غزة دمرت بشكل كامل


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - إكرام يوسف - متى يعلنون الحداد العام؟