أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إكرام يوسف - شريفة!














المزيد.....

شريفة!


إكرام يوسف

الحوار المتمدن-العدد: 2207 - 2008 / 3 / 1 - 08:44
المحور: الادب والفن
    


رشحتها إحدى المعارف لمساعدتي في أعمال المنزل.. ربة بيت صعيدية، لم يسبق لها العمل خارج بيتها.. دفعتها ظروف الحياة وضغوطها، وجدعنة فطرية تتمتع بها المرأة المصرية، للكفاح إلى جانب الزوج لمواجهة أعباء الحياة.. لاحظت أنها تتمتع بسذاجة منقطعة النظير لا تتناسب مع عمرها.. زالت دهشتي عندما عرفت أنها لم تعرف في حياتها سوى بيت أبيها حتى تزوجت في الثالثة عشر من ابن عمها، وجاءت لتقيم معه في إحدى ضواحي المدينة، ومن يومها لم تبارح البيت.. ربما لهذا السبب لم تستطع المدينة أن تلوثها، فاحتفظت بنقاء قلبها، وأصالة أخلاق تربت عليها في قريتها البعيدة.. نظافتها الشخصية لا تفوقها إلا نظافة يدها..أمانة منقطعة النظير، وعفة نفس، وترفع عن الحرام؛ قل أن تجد مثيلها لدى بعض أصحاب المناصب العليا.. المرة الأولى التي رافقتني فيها لشراء بعض مستلزمات المنزل، هالني انبهارها البالغ بما تراه في متجر كبير تدخله للمرة الأولى رغم أن العاصمة تزخر بالعشرات من أمثاله.. لن أنسى ما حييت هلعها وصراخها وتوسلاتها التي لفتت أنظار المتسوقين عندما جذبتها لنصعد على السلم الكهربائي!
خطر في بالي أن محو أميتها ربما يساعدها على تحصيل بعض ما فاتها من معرفة، ويزيد قدرنها على استيعاب ماحولها.. عرضت عليها الفكرة فابتسمت في حيرة، ثم قالت "ينفع يعني؟".. أجبتها "ولم لا.. تعالي نكتب اسمك.. شادية". كتبت لها حروف اسمها، وطلبت منها أن ترددها لتحفظها.. طريقة رسمها للحروف جعلتني أسرح بفكري.. ربما خسرنا رسامة مبدعة كان من المفترض أن تكون؛ لو لم تحرم في طفولتها من التعليم!.. فكرت أيضا في عدد المواهب ولعقول المبدعة التي كان من الممكن أن تكون لدينا لولا الأمية.. لعنة الله عليها وعلى أسبابها ومسببيها.
في اليوم التالي جاءت تعرض علي "كراسة الواجب"، قررت أن أمتحنها وطلبت منها أن تتهجى حروف اسمها.. قالت "شين، ألف، دال، ييه ،عين مربوطة" قلت لها غاضبة "الحرف الأخير غلط !".. قالت "ميم مربوطة".. كررت "غلط !" قالت "دال مربوطة"..ثم بنفاذ صبر وبلهجة صعيدية غاضبة "على فكرة بجى أنا ما اسميش شادية خالص"..فوجئت "أمال اسمك إيه؟"..ردت "أنا فعلا كان اسمي شادية في شهادة الميلاد.. لكن لما جم يجوزوني وعندي تلاتاشر سنة عملولي شهادة تسنين باسم شريفة عشان يعملوا سني 16".. وسألتها "يعني اسمك في قسيمة الزواج شريفة؟" ردت "أيوة"، سألت "وفي شهادات ميلاد أولادك؟" قالت: "شريفة".. تذكرت في جزع أنني شجعتها على عمل بطاقة شخصية حتى تستطيع فتح دفتر توفير.. وطلب منها الموظف شهادة ميلادها، فأطاعته وأحضرت شهادة ميلادها الحقيقية، وصدرت البطاقة باسم شادية!.. فكرت في مصيبة كونها تحمل الآن شهادة ميلاد تختلف عن اسمها في قسيمة الزواج.. أسرعت إلى التليفون أتصل بمحام صديق لأطلب منه إيجاد حل قانوني لتصحيح الاسم، كنت أتكلم معه بعصبية راجعة لإحساسي بالورطة التي أوقعت نفسها فيها.. وأنا أسهب في شرح الموقف للمحامي وأطلب منه سرعة التحرك.. وجدتها واقفة عند باب الحجرة تقول بلهجة أهل المنيا ذات الحروف الممطوطة "داني ماصدجت حفظت شادية.. هي شريفة فيها نوجاط (نقط)؟" .. بصوت يملؤه السخط، جاوبتها "فيها نجط وعين مربوطة كمان!"..
شريفة الآن تحمل بطاقة شخصية سليمة، وتستطيع أن تذهب إلى أي مكان وحدها، وتستخدم مترو الأنفاق دون خوف من السلم الكهربائي؛ بعدما تعلمت القراءة والكتابة.. بل أنها وعدتني أنها ستواصل المذاكرة حتى تستطيع أن تحمل عني عبء كتابة المقالات التي ترهقني!



#إكرام_يوسف (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- توأمي الضاحك
- فعلتها طهران!
- الوطن ليس أغنية !
- الوطن ليس أغنية!
- عبارات سيئة السمعة
- لم نكن مخطئين.. والتاريخ يشهد
- الديون.. وكوابيس التاريخ
- المصريون.. وأيديهم الناعمة
- عندما تفضل واشنطن الاقتصاد الموجه
- ثروتنا البشرية.. إلى أين؟
- إسكان الشباب وبيع العقارات للأجانب.. والأمن القومي
- موسم الهجوم على أوبك
- التحرير الاقتصادي الحقيقي الذي ننشده
- دروس الغزو الصيني للاقتصاد المصري
- العروبة بين الأغنيات والمصالح المادية
- خطر يهدد البشرية ونحن نيام
- الفتنة لم تعد نائمة..
- البديل البوليفاري ..والوصفة السحرية
- بين نقص الغذاء وتلوثه أي غد ننتظر؟
- دع الشعارات.. وابحث عن النفط


المزيد.....




- حماس: تصريحات ويتكوف مضللة وزيارته إلى غزة مسرحية لتلميع صور ...
- الأنشطة الثقافية في ليبيا .. ترفٌ أم إنقاذٌ للشباب من آثار ا ...
- -كاش كوش-.. حين تعيد العظام المطمورة كتابة تاريخ المغرب القد ...
- صدر حديثا : الفكاهة ودلالتها الاجتماعية في الثقافة العرب ...
- صدر حديثا ؛ ديوان رنين الوطن يشدني اليه للشاعر جاسر الياس دا ...
- بعد زيارة ويتكوف.. هل تدير واشنطن أزمة الجوع أم الرواية في غ ...
- صدور العدد (26) من مجلة شرمولا الأدبية
- الفيلم السعودي -الزرفة-.. الكوميديا التي غادرت جوهرها
- لحظة الانفجار ومقتل شخص خلال حفل محمد رمضان والفنان المصري ي ...
- بعد اتهامات نائب برلماني للفنان التونسي بالتطبيع.. فتحي بن ع ...


المزيد.....

- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إكرام يوسف - شريفة!