أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - هيبت بافي حلبجة - نقض مفهوم اليأس لدى كيركجارد ... الحلقة الأخيرة















المزيد.....

نقض مفهوم اليأس لدى كيركجارد ... الحلقة الأخيرة


هيبت بافي حلبجة

الحوار المتمدن-العدد: 2484 - 2008 / 12 / 3 - 09:41
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


كي يتسنى لنا نقض مفهوم اليأس لدى كيركجارد ، لامناص من الإدراك الدقيق لثلاثة مفاهيم وجودية جوهرية هي الحقيقة الذاتية ، والوقائعية ، والوجود العيني ، حيث إن المفهوم الأول يضفي على ذاته الوجود الممتلىء من خلال إنفعالنا الديمومي وإرادتنا المنفعلة ، بعد أن يقتات من المفهوم الثالث ويكتسب منه معناه الوجودي وبعده الأنطولوجي المتوازي ، والمفهوم الثاني ، الوقائعية ، وهي تمثل في ذهن كيركجارد إمكانية الأختيار مابين المجالات الثلاثة ( الجمالية ، الأخلاقية ، الدينية ) لكنها في الحقيقة لاتتقمص سوى إمكانية جافة معدومة إزاء المعاناة الفعلية في الواقع ، أما المفهوم الثالث ، الوجود العيني ، الذي يقترب في وعي كيركجارد من بؤرة الوجود الشخصي ، يستلب في الواقع معنى الموضوعي وجوهر المستقل ويحتل مجالهما. لذا عوضاً أن تعالج الوجودية الموضوعات الأساسية للوجود الإنساني إنغمست وأعتكفت في أحضان معاناة هذا الوجود . وذروة المعاناة تمثلت لدى الوجوديين أولاً: في منطوق الذعر الذي يجسد حسب – هيدجر - في مؤلفه ( الوجود والزمن ) أقوى أشكال الوجود (في الذعر ينكشف العدم ) في الذعر تنكشف المعاناة ، المذعور هو الذي يمنح الحقيقة الذاتية بعدها الوجودي العيني ، لكن في الفعلي يمنحها الضياع واللامعنى فينتصر العدم وجودياً على الوجود الذي هو في النهاية أحد أشكال المعدوم ، أحد أشكال تجلياته الباهتة . ثم ثانياً في منطوق الموت الذي يجسد أسمى تعابير الوجود وأعظم حقائقه ، فلايولد الأنسان إلا لكي يكابد الموت ، وبالموت يتجلى الوجود المعدوم ، ويهرع العدم إلى أغتصاب الموجود ليستحوذ على إشكاليته . تلك الإشكالية التي لاتعبر إلا عن الألم ولايفضحها ولايعريها ولايهتكها بالدرجة الأولى إلا اليأس ، ذاك اليأس الذي أرتقى به كل من أميل زولا في مؤلفه ( الوباء ) وجان بول سارتر في مؤلفه ( الوجود والعدم ) إلى مستوى يقارب ذاك الذي يخص السلب ، القلق ، الذعر . فهل أفلح كيركجارد وصدق في أستظهار الإتساق غير المنسلخ غير المغترب لمفهوم اليأس ؟؟ لندون إذن مآخذنا على مفهوم اليأس لديه . المأخذ الأول : صحيح إن كيركجارد أبتدع أصطلاحات وجودية ( أمكانية الوجود ، مشكلات الوجود ، ظل الوجود ، الوجود التافه ، الوجود المثالي ، تناقضات الوجود ، الوجود الإلهي ) وجسد بدقة أهم مقولاتها ( الذعر ، القلق ، الأكتئاب ، اليأس ، الأضطراب ) وأستدرك مفهوم ( السلب ، المعدوم ، المرض ، الموت ) إلا إنه لم يمنحها حقها الوجودي في السلم الوجودي ، كما فعل جابريل مارسيل وأميل زولا وجان بول سارتر ، ولم يستنطقها ضمن النسق الفكري الأجتماعي للنظام السائد كما فعل هؤلاء السادة ، ولم يبحث عن نضجها في ذاتيتها ، بل أنغمس في ( مرضه حتى الموت ) ، في يأسه ، في كآبته ، في عجزه ، وهذا لايعد عيباُ في القيم الوجودية ، وأنا أيضاً لا أعتبرها كذلك ، إلا إن الإشكالية تبدأ مع كيركجارد في إنه يعالج تلك القضايا من خلال ضعفه الخاص شديد الشخصانية ، وليس من خلال ضعف الذاتي ومعاناة الذاتي ومرض الذاتي كما فعل معظم المفكرين الوجوديين ، فهو لم يختزل الموضوعي في الذاتي ، بل أختزل عنوة الذاتي في الشخصي وأغلق الواقع وأستبدل ما بين درجات الجدول الوجودي ووضع اليأس محل المعاناة ، يقول في مؤلفه - المرض حتى الموت – ( كل فرد بصفة خاصة هو إلى حد ما في حالة اليأس ) ولقد كان حرياً به أن يقول : كل فرد هو إلى حد ما في حالة المعاناة ، ( لقد خلقنا الأنسان في كبد ، صدق الله العظيم ) . المأخذ الثاني : يقول كيركجارد ( لايوجد شخص خارج العالم المسيحي ليس يائساً ولايوجد شخص في العالم المسيحي ليس هو حقاً مسيحياً ، وطالما إنه ليس كذلك تماماً فإنه يكون إلى حد ما في حالة اليأس ) إذن ، إن الخط البياني لليأس ينوازى في السلب والإيجاب مع القرب والبعد عن المسيحية ، إذ كلما أبتعد الأنسان عن المسيحية كلما إزداد اليأس ، وإذا ما وجد شخص كامل المسيحية أنتفى اليأس تماماً ، وهذا لايمكن إن يتحقق إلا في حال سيدنا المسيح ( عليه السلام ) الواحد من الثالوث المقدس – الآب والأبن وروح القدس - وهكذا لا يكون وجودنا فقط يائساً بالضرورة ، إنما قد تأصل فيه اليأس كالخطيئة لإن كيركجارد أختزل الوجود البشري إلى الوجود المسيحي الذي يصادر الوجود الطبيعي . هنا لامندوحة من طرح سؤالين ، الأول كيف يمكن أن ندرك العلاقة الأنطولوجية مابين الوجود المسيحي والوجود الطبيعي أو الآخر؟ الثاني كيف يمكن أن نعي العلاقة الجدلية المتداخلة بالضرورة مابين الوجود البشري والوجود الإلهي كون سيدنا المسيح (عليه السلام ) واحد من التثليث المقدس ( الآب والأبن وروح القدس ) ؟ هنا لا ينبغي أن نقع في مصيدة ومكيدة إدراكنا الخاص ووعينا الطبيعي في تقويم هذه المعطيات لإن كيركجارد إنطلاقاً من جحيمه لايعترف إلا بالوجود العيني المرتبط جدلياً بالحقيقة الذاتية ، ولايمنح لغيره – حتى الوجود الإلهي – إلا ظل الوجود ، فهل ثمة تناقض أجلى وأبين من هذا ؟ . الماخذ الثالث : يقول كيركجارد ( لقد كنت طفلاً تربى – بجنون - كرجل عجوز سوداوي ) ويسترسل ( إن ما أحتاج إليه حقاً هو أن أتطابق مع ذاتي ) هنا يتبادر إلى الأذهان سؤالان ، الأول هل كان سيدرك هذا اليأس لو لم يتربى بجنون كرجل عجوز سوداوي ؟ ثم ماذا يقصد بتطابقه مع ذاته وأي ذات تلك التي يبحث عنها هل هي الذات خارج اليأس ؟ لنكترث بالجدل ملياً ، نحن إزاء ثلاثة تعاريف وحال واحدة ، هذه الحال هي إنه تربى على هذه الشاكلة التي أقصت موضوعياً ومرضياً جميع الحالات المتوقعة أو الحالات التي تتواجد في غيره ولم يحظ هو بها ، أما التعاريف فهي ، الذات وهي هنا أقرب إلى الواحد من الكثرة ، والمتطابقة التي مدلولاتها مائعة أو حتى ضائعة لدى كيركجارد ، والأحتياج الذي يفتقر إلى موضوعه ومحموله ، هنا تبرز إشكاليتنا مع كيركجارد ، فما هو المسوغ الضمني المستتر الكامن في ذهن كيركجارد كي ينطق بهذا التعبير ؟ ثم ماهو المصوغ الفعلي المنسجم الموائم لهذا الطرح الكيركجاردي ؟ لكي نعيد الأعتبار لهذا ( المسوغ والمصوغ ) لامناص من إفتراض إننا لانشاهد سوى المنعكس الضوئي للحقيقة الذاتية لإن الوجود العيني قد حاكى تناسخه . المأخذ الرابع : يزعم كيركجارد إن الشخص الذي لايملك إرادة لايملك نفساً ، ومن لايملك نفساً لايملك يأساً بالضرورة لإن اليأس ( هو اليأس على النفس ) حسب تعبيره الخاص ، هذا يعني إن تعميم كيركجارد لليأس لاينسجم مع نسق نظامه وبنيانه الوجودي وأن اليأس غير متأصل في وجودنا ، لوجود أناس خارج دائرة المسيحية فهم لايملكون نفساً ولاإرادة ولا يأساً ، لذا ندرك حجم وجسامة التناقض في قوله ( إن لكل شخص نفس توهب له إما من الطبيعة وإما من الرب فيكون إما شخصاً طبيعياً أو مسيحياً بالتتابع ) . المأخذ الخامس : يقول كيركجارد حول الوجود الأنساني ( أن توجد هو الأهتمام الأكبر للأنسان ) ، هذا يدل إن الوجود اليائس ملغى على الأقل حسب الأسبقية الموضوعية لصالح الوجود المأمول وذلك لأسبقية الوجود على عوارضه . المأخذ السادس : إذا كان محل اليأس هو النفس ، فإن محل الأمل ، الطرف الثاني في الثنائية ، هو النفس أيضاً ، وإذا تأبد أحدهما فيها فإن الثاني سيكون كذلك بالضرورة وخاصة حسب مفهوم الثنائية لدى الوجوديين ، هذا يدل إن الأمل قد يهزم اليأس لاسيما في المرحلة الدينية و في النفس المسيحية وإلا ما أنتقل الإنسان أصلاً من المرحلتين الجمالية والأخلاقية إلى المرحلة الدينية ، وفي الحقيقة ينبغي على الأمل أن يبلغ درجة المطلق لدى سيدنا المسيح ( عليه السلام ) لينتفي اليأس نهائياً لإنه مسيح الخطيئة الأولى وإلا ما أكتملت دورة الكمال التاريخي ( المسيحي والكيركجاردي ) ، فبإنتصار الأمل على اليأس نهائياً تنتهي مرحلة الأغتراب الأنساني . بمثابة الخاتمة : إنني أعتقد إن أساس الإشكالية يبدأ لدى كيركجارد منذ إقراره دورة الكمال التاريخي على المرتكز الديني في تقسيم الوجود إلى المراحل الثلاثة : ( الجمالية ، الأخلاقية ، الدينية ) أي اللذة واللحظة ، المسؤولية والزمن ، مسح الخطيئة والأبدية . وتعاظم هذا الأساس حينما أدرك إنه تورط رغماً عنه في أبدية ( المرض ، الكآبة ، اليأس ) ولم يعد قادراً على تلبية نداء المرحلة الدينية ، كما فعل سيدنا إبراهيم (عليه السلام ) عندما آثر الأبدي على الزمني ، لذا أختلطت الأوراق وألتبست عليه المفاهيم الوجودية وأنحرف بعضها عن مسارها ( الوجودي ) ، لاسيما حينما أدرك إن التحريم الإلهي ( أصل الخطيئة ، إنطلاق إمكانية الإختيار ، تأصيل اليأس ) يتعمق في الوجود العيني في شخصه هو ، فإضطر إلى أقرار أمرين ، الأول إن النفس توهب للأنسان ( الطبيعي والمسيحي ) ، والثاني إن يأس النفس المسيحية أعظم من يأس النفس الطبيعية ، وإضطرعلى أثر ذلك إلى إدخال مفهومين في هذه المسائل هما ، الإرادة وتطوير النفس . مع علمه التجريبي المسبق إن دورهما في تهافت وتخافت ....



#هيبت_بافي_حلبجة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القيم .... ما بين الصاوي و القمني
- سوريا وأيران ....ما بين لبنان والعراق ( الأتفاقية الأمنية وا ...
- الرأسمالية ... ما بين التفسخ والأنتحار
- الشرق الأوسط ... ما بين الزبالة والثورة .( حالة صدام حسين ، ...
- كوردستان سورية ... مابين دالتين .. التاريخ والمصير
- نقض مفهوم اليأس لدى كيركجارد ... ( الحلقة الثانية )
- نقض منطوق فلسفة القانون ... لدى هيجل وكانط
- رؤية مستعصية في واقع متناقض .. جدلية المعنى والقوة .. الحالة ...
- ميشيل عون ... مابين الأنتحار والأعدام
- ماركس .... مابين النقض ووعي الضرورة ... ( الحلقة الثانية )
- ماركس ... ما بين النقض ووعي الضرورة ... ( الحلقة الأولى )
- نقض مفهوم اليأس لدى كيركجارد ... ( الحلقة الأولى )
- رسالة سرية للغاية للرئيس مسعود البارزاني
- نقض اللوغوس .... وموت النظام
- نقض مفهوم الكينونة ... لدى فيورباخ ( الحلقة الثانية )
- نقض مفهوم الكينونة ... لدى فيورباخ ( الحلقة الأولى )
- الشيوعي العمالي ... مابين ماركس وتروتسكي
- الطيور المهاجرة .... نقض الأنسان وموت الطبيعة
- 1 رؤية مستعصية في واقع متناقض ....جدلية المعنى والقوة ... ال ...
- الأشكالية اللبنانية ... ما بين السياسة ... ونقيضها


المزيد.....




- زرقاء اليمامة: قصة عرّافة جسدتها أول أوبرا سعودية
- دعوات لمسيرة في باريس للإفراج عن مغني راب إيراني يواجه حكما ...
- الصين تستضيف محادثات مصالحة بين حماس وفتح
- شهيدان برصاص الاحتلال في جنين واستمرار الاقتحامات بالضفة
- اليمين الألماني وخطة تهجير ملايين المجنّسين.. التحضيرات بلسا ...
- بعد الجامعات الأميركية.. كيف اتسعت احتجاجات أوروبا ضد حرب إس ...
- إدارة بايدن تتخلى عن خطة حظر سجائر المنثول
- دعوة لمسيرة في باريس تطالب بإلإفراج مغني راب إيراني محكوم با ...
- مصدر يعلق لـCNNعلى تحطم مسيرة أمريكية في اليمن
- هل ستفكر أمريكا في عدم تزويد إسرائيل بالسلاح بعد احتجاجات ال ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - هيبت بافي حلبجة - نقض مفهوم اليأس لدى كيركجارد ... الحلقة الأخيرة