أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - هيبت بافي حلبجة - نقض مفهوم اليأس لدى كيركجارد ... ( الحلقة الثانية )















المزيد.....

نقض مفهوم اليأس لدى كيركجارد ... ( الحلقة الثانية )


هيبت بافي حلبجة

الحوار المتمدن-العدد: 2312 - 2008 / 6 / 14 - 10:50
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


في الحلقة الأولى تم التركيز المباشر المقارن على أسس وأبعاد والمعطيات الكنهوية لمنطوق الفلسفة الكيركجاردية ، والتي أنطلقت مثل زميلاتها الأخرى ( لدى باسكال ، هيجل ، ماركس ، أوغست كونت ) من دورة الكمال التاريخي في اللاهوت المسيحي ، مرحلة قبل الخطيئة ، ثم مرحلة الخطيئة ، وأخيراً مرحلة مابعدها ، حيث سيدنا المسيح هو مسيح الخطيئة ، وأستقرت وأستتبت ضمن ثلاثة مراحل ، المرحلة الجمالية ، المرحلة الأخلاقية ، وأخيراً المرحلة الدينية وما بينها من مرحلتين أنتقاليتين ، المرحلة التهكمية مابين المرحلتين الجمالية والأخلاقية ، والمرحلة الفكهية مابين المرحلتين الأخلاقية والدينية . وأستنبطنا آنئذ إن الوقائعية الكيركجاردية ليست منفصلة ، كما أنها ليست مصوغة بصورة جذرية راديكالية على هيئة معادلات رياضيو – فيزيائية ، لأن محتوى الوجود وتصوره الأنطولوجي هما هكذا لدى كيركجارد ، ولأن مجالات الوجود لديه متداخلة ، وهذا التداخل قد يكون مرده أنتقالاً مابين المراحل الثلاثة ، أو مسوغه أختياراً وأجتباءاً فيما بينها . لذا أكدنا بشكل أستقرائي أن كيركجارد لم يكن من أنصار الفكر الكلي ، لأنه آثر المفكر الوجودي / المفكر الذاتي على المفكر العام / المفكر الموضوعي . وهذا هو الفيصل المميز ما بين الوجود الأنساني لدى كيركجارد والوجود الكلي لدى هيجل والوجود التاريخي الأقتصادي لدى ماركس . وهذا الفيصل المميزمعيار منطوق مقولتين لدى كيركجارد ( الحقيقة و اليأس ) هو الذي يبان كلوحة ذاتية وألوان أستطرادية ، ويمزق الأقنعة التي لاتحجب سوى نفسها ، لأن كيركجارد هو نفسه خارج تلك الأقنعة وداخل غياهب تلك الأستطرادبة . فإلى هاتين المقولتين .
أولاً . الحقيقة : رغم أن كيركجارد قد كرس نفسه للاهوت المسيحي ، إلا أن المسيحية لديه حقيقة ذاتية ، أو حقيقة وجودية على حد تعبير ~ فريتيوف برانت ~ وكأنه لم يؤمن بالعلاقة المعرفية الإيمانية العقائدية في الثالوث المقدس ، الآب والأبن وروح القدس ، أو كأنه أضفى إليها صبغة وصيغة وجوده الأنساني مناقضاً بذلك التصور النهائي لتوماس الأكويني والقديس أوغسطين وكابحاً دالة سيدنا المسيح ( عليه السلام ) الجوهرية . لأنه قد فصل مابين المعرفة والإيمان والعقيدة متأثراً بقول الأب ترتليان الشهير ( أنا أؤمن لأن هذا محال ) لذا بات وأمسى بزعم إن الدخول في المسيحية لايتم إلا بالإيمان بعيداً عن الفكر و التأمل . وأنتقد الفلسفة التأملية الهيجلية الكلية ، كما لم يعر أي أهتمام للفلسفة الأغريقية إنطلاقاً من نفس تلك المبررات والأسباب . يقول كيركجارد إذا كان المقصود بالحقيقة الحقيقة الموضوعية فلن يتمكن الأنسان من أن يقول أي شيء عن حقيقة فلسفة الحياة . أما إذا كان المبتغى من الحقيقة الحقيقة الذاتية فسيكون ثمة معنى في التساؤل عن الحقيقة . لأن أي تساؤل حول الحقيقة الموضوعية ، حسب كيركجارد ، هو تساؤل لامعيار له وخارج معادلة ( أتفاق التصور مع موضوعه ) وكأن ثمة نوع من التجافي والسلبية والأستلاب ما بين التصور وموضوعه ، بل هو نفسه يدق أسفين التباغض ما بينهما ، فهاهو يزعم أن معيار الحقيقة الذاتية هو أنفعالنا وإرادتنا المنفعلة ، فالذاتية هي الحقيقة . وهنا ينبغي أن ندرك أن مصطلح الحقيقة الذاتية يدرجه الوجوديون تحت المفهوم الأنطولوجي للوجود الأنساني . وهذا ما لم يدركه ~ فريتيوف برانت ~ وعاب على الوجوديين المفهوم الذاتي الأنفعالي والعاطفي والإرادوي للحقيقة ، معتقداً أن جوهر المشكلة لديهم غامض مبهم . في الحقيقة أن فريتيوف برانت هو الذي أبهم الفرضية لأنه لم يتصور أن جوهر المشكلة لدى الوجوديين يتعدى ويتجاوز حدها الخاص ولاتقبل أصلاً هذه الخصخصة وإن أعتمد عليها . فهاهو كيركجارد يستنطق ذاته وذات الآخرين من خلال عبارته ( بهذا الأنفعال القوي تجاه الوجود يفصل المفكر الوجودي نفسه عن المفكر الكلي / المفكر الموضوعي ) . وكأن هنالك دفق مميز ما بين الذاتية والحقيقة ومابين الأثنتين والوجود الأنساني . وهذا الدفق الكيركجاردي لايرتقي لامن زاوية منطوقه الخاص ولامن زاوية محتوى الوجود الأنساني الكيركجاردي إلى مستوى الحفيفة مابين قوسين . لأن كبركجارد غدا ضحية لدفقه الخاص وضحية لأدراكه المشوه حول الحقيقة المطلقة وأعتقاده أن معظم الفلاسفة سعوا إلى بلوغها . لذا لم يمايز ما بين الحقيقة المطلقة ، التي هي وهم وخيال ، والحقيقة الموضوعية ، التي هي الحقيقة النسبية الساعية إلى التكامل التصاعدي والمشبعة بقوانين وظروفها المرحلية ، والحقيقة الذاتية مابين قوسين التي هي حد خاص في حدية شديدة الخصوصية . وإذا ( بهذا الأنفعال القوي تجاه الوجود يفصل المفكر الوجودي نفسه عن المفكر الموضوعي ) فما قيمة هذا الفصل ، إذا نجم ونتج هذا الأنفعال القوي عن أنفعالاتنا المريضة وعن إرادتنا المنفعلة السقيمة وعن عواطفنا الجشعة والفاحشة والضيقة !!! ...
ثانياً . اليأس : تأصيل أشكالية اليأس لدى كيركجارد يؤوب في جانبه الفعلي والأعتقادي إلى جذور المعضلة لديه هو بالذات وتحديداً إلى يأسه الشخصي ، الذي كلما تفاقم وتعاظم أشتد وتعضد ذاك التأصيل الذي أضحى في النهاية أشكاليته الشخصية بكل أبعاد وأنساق هذا المفهوم . لذا يتسنى لنا القول أن مثلما عالج فرويد مشاكل مرضاه العصاميين من خلال تبصره بعصامه الخاص ، أستقرأ كيركجارد جوانب النفس الخفية من خلال ضخامة وهول يأسه الخاص . وعندما أقتنع كلياً بفحوى وسطوة الحقيقة الذاتية ، رفض اليأس التأملي النظري لصالح اليأس الوقائعي الذي تناغى وأنسجم مع نسقه الأصلي ، لذا أبدع وأمهر في أكتشاف أشكال له ..... 1 – يأس الأنسان الطبيعي ويأس الأنسان المسيحي : ينطلق كيركجارد من نقطة جوهرية تتعلق بمفهوم النفس ، فالنفس لديه لايملكها الأنسان إنما تعطى ( بضم التاء ) له ولكن على أساس متمايز مابين الأنسان الطبيعي والأنسان المسيحي . فالأنسان الطبيعي الذي يقوم بالتدابير العقلية على أساس تجريبي تمنح ( بضم التاء ) له النفس من قبل الطبيعة . أما الأنسان المسيحي الذي يعتقد بتجليات الكتاب المقدس دون تأمل أو جدل توهب له النفس من قبل الرب . لذلك أن يأس الأنسان الطبيعي يتعلق بمدلول المعاناة والموت . في حين أن يأس الأنسان المسيحي يتجاوز الموت لأنه يأمل في الأبدية ( فالمعاناة الوقتية ليست شيئاً إزاء فكرة الخلود ) ، ومن هنا أن يأس الأنسان المسيحي أعمق هوة وأثراً من يأس الأنسان الطبيعي ....... 2 – يأس الضعف ويأس التحدي : يطرح كيركجارد الصيغة الأساسية لليأس على النحو التالي ( اليأس هو إما الرغبة بيأس في ألا يكون الأنسان نفسه أو الرغبة بيأس أن يكون الأنسان نفسه ) . ويأس الضعف هو ما يبرزه الشق الأول ، فالشخص الذي لايقبل أن يكون نفسه ، يرفض هذه النفس التي أعطيت له وبالتالي لايبغي تطويرها ، أنه يريد نفساً أخرى ، نفساً جديدة . أما يأس التحدي فيبرزه الشق الثاني ( أو الرغبة بيأس أن يكون الأنسان نفسه ) على ضوء أن النفس ~ حسب كيركجارد ~ ناقصة في أنطولوجيتها ، لذا حينما لايسعى الأنسان إلى تطوير هذه النفس فأنها تشق دربها في الحياة وهي ناقصة . لذلك هو يسمي هذا اليأس بيأس التحدي ،وأقوى أشكال يأس التحدي هو اليأس الشيطاني الذي بأنفعاله هذا يحتج بيأس ضد كل الوجود ، ليكون هو نفسه برهان ضده ، لذا أنه يريد ان يكون نفسه . والآن ماهو أساس اليأس لدى كيركجارد : إنه لايؤمن بالجبرية إنما يؤمن بما يسميه بالإرادة الحرة وكان من المفترض أن يسميه أمكانية الأختيار . وأمكانية الأختيار سببها التحريم الإلهي ( حرم الرب على آدم الأكل من شجرة المعرفة ) . فالتحريم الإلهي أثار في آدم أمكانية الأختيار التي سببت القلق في أنتهاكه . وبما إن آدم أنتهك التحريم فإنه أصل القلق كما أصل الخطيئة التي هي أمكانية اليأس . وأعتقد الكثيرون من مثقفي الشرق الأوسط إن الخطيئة الأصلية هي الخطيئة الجنسية ، وفي الواقع إن هؤلاء ( أمثال سيد قطب ، عباس محمود العقاد ، محمد قطب ، حسن البنا ) لم ينتبهوا أن الخطيئة الجنسية لم تكن خطيئة أصلية إنما ألحقت بهذه الأخيرة كنتيجة لها . لذلك يقول كيركجارد في مؤلفه ( مفهوم القلق ) مع خطيئة آدم نفذت الخطيئة إلى العالم . وظهر ما هو جنسي ، بالمعنى المسيحي ، إلى حيز الوجود والأثنان لاينفصلان عن بعضهما .... محل اليأس وسببه : إن النفس لدى كيركجارد هي محل اليأس وسببه ( لايوجد شخص خارج العالم المسيحي ليس يائساً ولايوجد شخص في العالم المسيحي ليس هو حقاً مسيحياً ، وطالما أنه ليس كذلك تماماً فأنه يكون إلى حد ما في حالة يأس ) هذا الحكم الكيركجاردي هو أمتداد طبيعي لمفهوم الخطيئة لأنه يعتقد إن اليأس يلحق نفس الشخص طالما له وجود ، كما يلحق المرض جسده . فليس هناك شخص على الأطلاق يستطيع أن يدعي اللامرض ، كما لايسنطيع أن يدعي اللايأس . فلكي يحدث اللايأس يجب أن نقوم بتطوير النفس تحت رقابة القوانين الأخلاقية والقوانين الصورية من خلال تطور ونمو الفهم والشعور والإرادة . لذاك يقول في مؤلفه ( المرض حتى الموت ) كلما زادت ( نمت ) الإرادة ، كلما زادت ( نمت ) النفس . والشخص الذي بلا إرادة على الأطلاق لايكون نفساً ... في الحلقة القادمة سنرى تهافت هذه الرؤيا ..



#هيبت_بافي_حلبجة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نقض منطوق فلسفة القانون ... لدى هيجل وكانط
- رؤية مستعصية في واقع متناقض .. جدلية المعنى والقوة .. الحالة ...
- ميشيل عون ... مابين الأنتحار والأعدام
- ماركس .... مابين النقض ووعي الضرورة ... ( الحلقة الثانية )
- ماركس ... ما بين النقض ووعي الضرورة ... ( الحلقة الأولى )
- نقض مفهوم اليأس لدى كيركجارد ... ( الحلقة الأولى )
- رسالة سرية للغاية للرئيس مسعود البارزاني
- نقض اللوغوس .... وموت النظام
- نقض مفهوم الكينونة ... لدى فيورباخ ( الحلقة الثانية )
- نقض مفهوم الكينونة ... لدى فيورباخ ( الحلقة الأولى )
- الشيوعي العمالي ... مابين ماركس وتروتسكي
- الطيور المهاجرة .... نقض الأنسان وموت الطبيعة
- 1 رؤية مستعصية في واقع متناقض ....جدلية المعنى والقوة ... ال ...
- الأشكالية اللبنانية ... ما بين السياسة ... ونقيضها
- رؤية مستعصية في واقع متناقض ....جدلية المعنى والقوة ... الحا ...
- دالة العنف ... ما بين الأرهاب والجهاد
- رسالة نضالية إلى المؤتمر الرابع للحزب الشيوعي الكردستاني


المزيد.....




- ماذا قال الحوثيون عن الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين في الجام ...
- شاهد: شبلان من نمور سومطرة في حديقة حيوان برلين يخضعان لأول ...
- الجيش الأميركي بدأ المهمة.. حقائق عن الرصيف البحري بنظام -جل ...
- فترة غريبة في السياسة الأميركية
- مسؤول أميركي: واشنطن ستعلن عن شراء أسلحة بقيمة 6 مليارات دول ...
- حرب غزة.. احتجاجات في عدد من الجامعات الأميركية
- واشنطن تنتقد تراجع الحريات في العراق
- ماكرون يهدد بعقوبات ضد المستوطنين -المذنبين بارتكاب عنف- في ...
- جامعة جنوب كاليفورنيا تلغي حفل التخرج بعد احتجاجات مناهضة لح ...
- إعلام: وفد مصري إلى تل أبيب وإسرائيل تقبل هدنة مؤقتة وانسحاب ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - هيبت بافي حلبجة - نقض مفهوم اليأس لدى كيركجارد ... ( الحلقة الثانية )