أليس مخجلا أننا لا نخجل؟!

منذر بدر حلوم

الحوار المتمدن-العدد: 753 - 2004 / 2 / 23 - 04:51
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    

 مات من يخجلون من زمان! ومات معهم زمانهم. أََوَلسنا نعيش خارج الزمان, في مكان نُزع منه الخجل فبات لا يشبه إلا نفسه! ونعيش خارج التاريخ, بل خارج كل شيء يحترم قوانين الطبيعة في أقل تقدير! القوانين التي تقول بالتنوّع والتبدّل وحق الأحياء بالتعبير عمّا فيهم من حياة, حق الإفصاح عن الذات بما فيها من اختلاف!
    أليس مخجلا حتى لب العظم, بل حتى لعنة القبح التي تلتصق بالروح, دمغةً تحتاج ألف جيل كي تزول, أن يكون المرء من بلد يسجن فيه الإنسان على رأي يدلي به, أياً, أياً , أياً , أياً ..أياً كان هذا الرأي؟! أليس مخجلا حتى نوبة ضحك هستيري تنتهي بتبلل السروال أن يكون الإنسان من بلد يحاكم فيه الناس على نيتهم حضور محاضرة أيّاً تكون هذه المحاضرة؟! أليس مخجلا حتى الشلل, حتى انعقاد اللسان, بل حتى البكاء أن يتم ذلك باسم القانون؟! وأي قانون! القانون نفسه الذي, واحسرتاه, انتهاكه على بعضٍ ممّن لا يخجلون أسهل من طلاق المسلم لزوجته ومن شراء طفل لأنتي بيوتك في صيدلية الحي؟! أليس مخجلا حتى الاضمحلال إلى حجم فأر أن يكون الإنسان من بلد حرّم على الناس فيه أن يحلموا بتحقيق أية مكانة وظيفية, بل أي شيء ذي شأن, ما لم يكونوا من الذين لا يخجلون أو من الصاغرين؟! أليس مخجلا أن يتخفف الإنسان من رجولته وكرامته فيبتسم حيث يجب أن يبصق, ويشكر حيث يجب أن يلعن, وينحني أمام كل ظلٍّ رجيم؟! أليس مخجلا حتى الاختباء في خرم إبرةٍ الإصغاءُ, باسترخاءٍ, إلى حديثٍ , أيّ حديث كان وإن يكن بالصدفة, وإن يكن عبر الإذاعة أو التلفاز, عن العزة والكرامة, وإن تكن الكرامة مجرّدةً أو كرامة أحدٍ ما في القطب الشمالي أو الجنوبي أو أحد ما مِنْ شعب بائد من زمن أوغاريت أو ما قبل, أو عن القوة والعدالة والحرية والمواطنة والمستقبل والأمل..أليس مخجلا مجرد الإصغاء مع علامة رضا أو لامبالاة على الوجه إلى هكذا حديث؟! أليس مخجلا حتى الانسحاق إلى غبارٍ ينحشر في شقوق الجدران ألا يخجل الإنسان من نفسه في هكذا واقع؟!...أمّا ما يكون بعد الخجل فمتروك لكل من يشعر بالخجل. إنما الخجل قيمة سينقّب عنها أبناؤنا في تاريخنا يوما ما, وإنّما نحن عن التاريخ ساهون!
-انتهى-

#منذر_بدر_حلوم (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات