أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - جواد البشيتي - العرب.. -يوم أسود- بلا -قرش أبيض-!















المزيد.....

العرب.. -يوم أسود- بلا -قرش أبيض-!


جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 2435 - 2008 / 10 / 15 - 09:10
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


في الأزمات الحادة والكبرى، كالأزمة التي تعصف الآن بالنظام المالي والاقتصادي العالمي في زمن العولمة، يمكن ويجب أن تتحوَّل الضارة إلى نافعة، فالأزمة، وعند اشتدادها على وجه الخصوص، لا تؤكد ذاتها فحسب، وإنَّما تؤكد وجود الحل، وكأن وجودها هو خير وأقوى دليل على وجود، وعلى وجوب وجود، الحل.

والأزمة لجهة تأثيرها وتأثرها بضحاياها من الناس هي تجربة؛ وليس من أهمية تُذْكَر للتجربة إذا لم يخرج الناس منها بالدروس والعبر، فالعقل المخرَّب إنما هو الذي يجرِّب المجرَّب لعله يتوصَّل إلى نتائج مختلفة.

من رحم أزمة الكساد العظيم في الثلاثينات من القرن المنصرم، خرجت "الكينزية" التي أسَّست نظرياً لدولة تملك من الخواص الاقتصادية ما يسمح لها بدرء مخاطر "السوق الحرة" عن الاقتصاد والمجتمع؛ ولا بدَّ للأزمة المالية والاقتصادية التي تعصف بالعالم اليوم من أن تدفن فكرة "الرأسمالية الجديدة" التي جاء بها ملتون فريدمان، والتي تجسدت بـ "الريغانية" في الولايات المتحدة، و"التاتشرية" في بريطانيا.

البورصات العالمية الآن في انتعاش، فمنسوب الخوف والذعر والهلع.. والتشاؤم في نفوس المستثمرين في الأسواق المالية هبط قليلاً؛ ولكن لا تتطرفوا في الإيمان بقوة الحلول، التي هي محاولة للحل، أو لترويض قوى الانهيار والسيطرة عليها بما يُوْقِف أو يبطئ الانهيار، فالاقتصاد العالمي برمته شرع يتباطأ نمواً، وغدا اجتناب شر الركود، أو الكساد، أو شر اجتماع الركود والتضخم، من الصعوبة بمكان.

إنَّ الأزمة تتحدَّانا نحن العرب أن ننجح في جعلها تجربة مفيدة (لنا) مع أنَّ التجارب والاختبارات السابقة قد جاءت دائماً بما يقيم الدليل على أننا كتلة اقتصادية ضخمة، تعاني قصوراً ذاتياً مزمناً.

إذا بدأنا بالنفط (والغاز) بوصفه سلعة استراتيجية ناضبة، ومَصْدراً هو الأكبر للقطع النادر، ولثروتنا المالية الدولارية، فالأزمة، أي أزمة تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي مع اشتداد الميل إلى تحوُّل هذا التباطؤ إلى ركود، وإلى ركود تضخمي، إنما تتحدَّانا الآن، حيث هبط سعر برميل النفط من 150 دولاراً (في تموز الماضي) إلى 80 دولاراً، أن نضرب صفحاً عن نصيحة، أو تحذير، رئيس الوزراء البريطاني، فنشرع، بالتالي، نقلِّص حجم الإنتاج بما يقي "سعر البرميل" شرَّ مزيد من الهبوط، فالدفاع عن "السعر" هو الآن مهمة الساعة للاقتصاد النفطي العربي.

رئيس الوزراء البريطاني، والذي يُنْظَر إلى أفكاره ومقترحاته الآن، في أوروبا، وفي الولايات المتحدة أيضاً، على أنَّها خير مرجعية للحلول، إنما يريد مزيداً من الرخص النفطي (من خلال منع تقليص إنتاج النفط) فالركود الزاحف يمكن أن تخالطه مخاطر التضخم إذا لم ينعم هذا الركود (وفي الصناعة على وجه الخصوص) بالرخص، وبمزيد من الرخص، النفطي.

الأزمة أكدت لنا أهمية وضرورة ما عرفناه وأدركناه من قبل؛ ولكن من غير أن نسعى في جعله حقيقة واقعة، وكأننا أسرى مصالح تَحُول بيننا وبين ترجمة الحلول النظرية الجيدة بحقائق واقعة، فاتخاذ النفط وسيلة لتوليد مزيد من الثروة الحقيقية، وللتوسع في بناء "اقتصاد حقيقي"، ما زال هدفاً دونه خرط القتاد.

نحن حتى الآن لم نؤسِّس لعلاقة جيدة بيننا وبين النفط الخام، فهذه المادة تحدَّتنا، في استمرار، أن نمنع أنفسنا من بيع جزء كبير من المُنْتَج منها، وأن نعرف كيف نستثمره على خير وجه في "الاقتصاد الحقيقي" عندنا، فإنَّ النفط الخام هو السلعة التي يمكن أن نشتق منها، وأن نُصنِّع ونُنْتِج، سلعاً كثيرة، فننمِّي، بالتالي، ثروتنا الحقيقية.

والتوصُّل إلى ذلك لم يكن بالشيء الذي يشبه اجتراح معجزة، فما يأتي به الجزء المباع من النفط الخام من قطع نادر كان يمكن، ويجب، أن يوظَّف في غير المباع من النفط الخام، توصُّلاً إلى توليد مزيد من الثروة الحقيقية منه.

ولكن سوء "الإنفاق" و"الاستثمار" هو ما حدث حتى الآن، ففي "الإنفاق" رأيْنا جزءاً عظيماً متعاظماً من هذا القطع النادر يُنْفَق إنفاقاً استهلاكياً، عسكرياً ومدنياً.

عسكرياً، رأيْنا كثيراً من القطع النادر يُنْفَق في شراء أسلحة؛ ولكن بما يوافق مبدأ "أسلحة أكثر وأمن أقل".

ومدنياً، رأيْنا كثيراً من القطع النادر يُنْفَق في شراء المواد والسلع الاستهلاكية، وكأنَّ العولمة عاجزة عن جعلنا منتجين لكثير من تلك المواد والسلع.

أمَّا الأسوأ من هذا "الإنفاق" فكان "الاستثمار"، فالأفراد منَّا، والمصارف، والحكومات، اندفعوا في استثمار ثرواتهم من القطع النادر في ذلك الجزء من الاقتصاد العالمي الذي يقوم على المضاربة، وكأنَّ خير تجارة هي الاتِّجار بـ "سلعٍ من ورق"، كالعملات والأسهم والسندات.

كان ينبغي لنا تغيير "عقيدة الاستثمار"، والتي قوامها "الربح السهل والسريع والورقي"، والذي يمكن أن يتحوَّل بين ليلة وضحاها إلى خسارة تصيب الذي يتكبدها بنوبة قلبية.

لقد أفْرَغنا الاستثمار المالي من "السياسة"، فلو "سيَّسناه" قليلاً لرأيْناه قوَّة تبتني لنا اقتصاداً حقيقياً، وتنمِّي لنا ثروة حقيقية، فينتفع من ذلك المستثمرون أنفسهم، وتتهيأ الأسباب لقيام سوق عربية مشتركة، يتوسَّع فيها، ويتعزَّز، التكامل الاقتصادي العربي.

ثرواتنا المالية (الورقية) الطائلة هي الآن عرضة للاحتراق من ثلاثة مصادر للنار: الأزمة المالية العالمية التي أحرقت كثيراً من ثرواتنا المستثمرة في البورصات العالمية وغيرها، وأزمة انهيار أسعار النفط، والضغوط التي شرعنا نتعرَّض لها توصُّلاً إلى إرغامنا على المساهمة في حل أزمة نقص، أو شُح، السيولة في المصارف والمؤسسات المالية العالمية، ومنها على وجه الخصوص تلك التي تخصُّ أكبر مرابي في التاريخ، وهو الولايات المتحدة.

فَلْنَنْظُر الآن في حال "البروليتاريين" العرب من شعوب ودول، فالأزمة المالية والاقتصادية العالمية تبشِّرهم بـ "يوم أسود"، لا وجود فيه لـ "قرش أبيض".

إذا كان "إشهار الإفلاس"، في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي واليابان، من نصيب شركات ومصارف ومؤسسات مالية فقد يغدو من نصيب "الدول" عندنا. وهذا إنَّما يعني أن تُعْلِن "الدولة" أنَّها أصبحت عاجزة عن أمرين: عن سداد ديونها، وعن الحصول على قروض.

إننا نحصل على القطع النادر، وعلى "الورقة الخضراء" على وجه الخصوص، من المساعدات والمِنَح المالية التي نتلقاها من دولٍ تجاهد الآن في سبيل حل أزمة نقص السيولة في مصارفها، ومن الصادرات الدولارية، ومن مواطنينا الدولاريين العاملين في الخارج، ومن السياحة الأجنبية عندنا.

إذا اندفع الاقتصاد العالمي في مساره الهابط (من الأزمة المالية، إلى التباطؤ، إلى الركود التضخمي) فإنَّ أزمة اقتصادية لا مثيل لها لجهة عنفها، وعلى هيئة مُثلَّث، ستعصف بنا.

ضلعها الأول هو جفاف تلك المصادر للقطع النادر؛ والثاني هو ارتفاع أسعار المواد والسلع الغذائية؛ والثالث هو ارتفاع أسعار الوقود.

وهذا إنما يعني أن يصبح اقتصادنا اقتصاداً بلا صادرات، وبلا واردات!

وممَّا يزيد الطين بلة أن تنجح المصارف الأجنبية (وبعض المصارف العربية) التي حظيت بضمان حكومي للودائع فيها في أن تجتذب إليها الودائع في مصارفنا.

وكل هذا يمكن أن يحدث لنا ونحن ما زلنا ممسكين بـ "راية الخصخصة"، التي أُكْرِه الذين أكرهوننا على حَمْلِها على التخلِّي عنها، ولو إلى حين، وعلى حَمْل "راية العمعمة"، وكأننا سنمضي قُدُماً في "تحرير" التجارة حتى تُقْنعنا المأساة بأنَّ هذا "التحرير" هو الطريق إلى "العبودية"، وبأننا قد نجحنا في شيء كان ينبغي لنا أن نفشل فيه، وهو بيع المستقبل بثمن بخس هو تلبية حاجات الحاضر!



#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قاطرة الاقتصاد العالمي تجرُّها الآن قاطرة التاريخ!
- .. وإليكم الآن هذا الدليل -المُفْحِم- على عبقرية الدكتور زغل ...
- رجل البورصة ماكين!
- ماركس!
- نهاية -نهاية التاريخ-!
- انفجار -السوبر نوفا- في -وول ستريت-!
- قريع ينطق ب -آخر الكلام في اللعبة-!
- -حقوق الإنسان-.. حديث إفْكٍ!
- الفاتيكان يجنح للصلح مع داروين!
- متى نجرؤ على اغتنام -فرص الأعاصير-؟!
- إنَّها دولة وحكومة -وول ستريت- فحسب!
- مِنْ آفات الكتابة السياسية اليومية!
- -الوعيد- و-الصفقة- في خطبة مشعل!
- -تجربة- تَحْبَل ب -ثورة فيزيائية كبرى-!
- -القاعدة-.. لعبةٌ لمَّا تُسْتَنْفَد المصالح في لعبها!
- عندما تتصحَّر -الليبرالية- ويزدهر -الليبراليون الجُدُد-!
- تهاوي -ثقافة الحقوق- في مجتمعنا العربي!
- -العرب الجُدُد- و-العرب القدامى-!
- أُمَّةٌ تبحث عن فلك تسبح فيه!
- ما ينقص -الفكرة- حتى تصبح -جذَّابة-!


المزيد.....




- تركيا تطلق برنامج تأشيرة الرحّل الرقميين
- فيديو خاص: تعرف على أرض الذهب الأسود في إيران
- -نحن بحاجة إلى معجزة-: الاقتصادان الإسرائيلي والفلسطيني متضر ...
- بركان في القارة القطبية الجنوبية -ينفث الذهب-!
- هل ستؤدي زيارة رئيسي لإكمال مشروع نقل الغاز إلى باكستان؟
- بوتين يحدد أولويات السلطات في التعامل مع أضرار الفيضانات
- مستقبل التكنولوجيا المالية في منطقة المشرق العربي
- بعد تجارب 40 سنة.. نجاح زراعة البن لأول مرة في مصر
- كندا تسمح لـ-إيرباص- بشراء التيتانيوم الروسي
- -أرامكو- السعودية توقع صفقة استحواذ ضخمة


المزيد.....

- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى
- التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي / مجدى عبد الهادى
- نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م ... / مجدى عبد الهادى
- دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في ... / سمية سعيد صديق جبارة
- الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا / مجدى عبد الهادى
- جذور التبعية الاقتصادية وعلاقتها بشروط صندوق النقد والبنك ال ... / الهادي هبَّاني
- الاقتصاد السياسي للجيوش الإقليمية والصناعات العسكرية / دلير زنكنة
- تجربة مملكة النرويج في الاصلاح النقدي وتغيير سعر الصرف ومدى ... / سناء عبد القادر مصطفى
- اقتصادات الدول العربية والعمل الاقتصادي العربي المشترك / الأستاذ الدكتور مصطفى العبد الله الكفري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - جواد البشيتي - العرب.. -يوم أسود- بلا -قرش أبيض-!