أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - جواد البشيتي - -حقوق الإنسان-.. حديث إفْكٍ!














المزيد.....

-حقوق الإنسان-.. حديث إفْكٍ!


جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 2414 - 2008 / 9 / 24 - 10:13
المحور: حقوق الانسان
    


ليس لكل عبارة معنى، وإنْ كانت سليمة تماماً من الوجهة النحوية، فهل من معنى لعبارة "أكَلْتُ ماءً مُثلَّثاً"؟!
و"حقوق الإنسان" هي من هذا النمط من العبارات؛ بل هي العبارة القانونية والسياسية والاجتماعية، التي على كثرة استعمالها، وعلى كثرة ما أُقيم لها من منظمات ولجان وهيئات، يشقُّ على كل متضلِّع من علم معاني الكلام أن يقف على معناها، أو معانيها، فالعبارة مَبْنِية من مجهولين كبيرين، أو من مصطلحين مستغلقين، هما "الحقوق" و"الإنسان".

لنتحدَّث أوَّلاً عن "الإنسان"، فذوو الفكر الذين لهم مصلحة في نبذ "التعيين التاريخي"، وفي مقدَّمهم الليبراليون، من قدماء وجُدُد، يفضِّلون دائماً التحدُّث عن "الإنسان على وجه العموم"، أو "الإنسان العام"، أو "الإنسان المجرَّد"، أي عن شيء يشبه "العنقاء" لجهة استحالة وجوده.

ليس من وجود، في العالم الواقعي والحقيقي، لـ "الإنسان العام" حتى يصبح ممكناً، بعد ذلك، التحدُّث عن "حقوقه"، فالإنسان الذي نَعْرِف، والحقيقي والواقعي، إنَّما هو ابن ظرفي الزمان والمكان، ابن البيئة الاجتماعية ـ التاريخية، وابن التربية (في معناها الواسع) التي تلقَّاها؛ ولن ينال من قوة هذه الحقيقة ما يبذله هذا "المُنْتَج"، أي الإنسان، من جهد فردي أو جماعي في سبيل تغيير الواقع الاجتماعي ـ التاريخي الذي أنتجه. إنَّه يُصْنَع من حيث الأساس (صناعة اجتماعية ـ تاريخية) قبل، ومن أجل، أن يعيد (أو أن يشارِك في إعادة) صُنْع ظروف حياته الاجتماعية والتاريخية.

في العالم الواقعي والحقيقي للبشر، لا وجود إلاَّ لـ "إنسان مخصوص"، اجتماعياً وتاريخياً، فهذا الإنسان الواقعي الحقيقي هو "العامل" و"الفلاَّح" و"رب العمل" و"الطالب" و"الوزير" و"الغني" و"الفقير".. و"الرجل" و"المرأة". هو المواطن في دولة من دول الشمال والغرب، أو في دولة من دول الجنوب والشرق.

إنَّه على أنماط مختلفة، اجتماعياً واقتصادياً.. وسياسياً، أي لجهة ما يملك من نفوذ وسلطة وسيطرة.

على أنَّ كل هذا الذي نرى من أوجه ومعالم وصور "اللا مساواة" في العالم الواقعي والحقيقي للبشر لم يمنع جهابذة الفكر الليبرالي من أن يعاملوا (في حبرهم وورقهم فحسب) البشر كافة على أنَّهم سواسية كأسنان المشط من الوجهة "الحقوقية".

إنَّهم في موقفهم هذا كمثل من جاء برجلين إلى نهر، أحدهما يجيد السباحة، ويملك زورقاً، والآخر لا يجيدها، ولا يملك حتى لوحاً من الخشب، ثمَّ خطب فيهما قائلاً: إنَّكما بشران متساويان تماماً لجهة "الحق في عبور النهر"!

ومنسوب النفاق في خطابهم يعلو أكثر عندما يحدِّثونكَ عن أهمية وضرورة نشر "ثقافة حقوق الإنسان" في المجتمع، أي بين أفراده على وجه الخصوص، وكأنَّ الإنسان، أو المواطن، في مجتمعنا يكفي أن يقرأ ما تيسَّر من حقوقه (بوصفه إنساناً أو مواطناً) حقَّاً حقَّاً، وأن يحفظ عن ظهر قلب حقوقه تلك، السرمدية الخالدة المقدَّسة، حتى ننعم بمجتمع تعلوه إلى الأبد راية "حقوق الإنسان"!

وكثيراً ما سمعناهم ينسبون الضعف في "حقوق الإنسان"، وكثرة انتهاكها والتطاول عليها، إلى "الجهل"، أي إلى جهل إنساننا بحقوقه، فلو أنَّ كل إنسان عندنا توفَّر على تثقيف نفسه بحقوقه الإنسانية لَمَا تجرأ أحد على أن يبخسه إيَّاها!

ليس في هذا الأمر ما يحتاج إلى إقامة الدليل على صوابه، فالإنسان الذي لا يعي حقوقه لا يمكنه أبداً الدفاع عنها؛ ولكن مهما وعاها وأدركها وتمثَّلها لن يمتلكها إذا حيل بينه وبين "القدرة الفعلية" على امتلاكها، والتمتُّع بها، فكل عامل له الحق في أن يصبح رب عمل، فكم من العمال أصبحوا أرباب عمل؟!

وكل ناخب له الحق في أن يصبح مرشَّحاً للنيابة، فكم من الناخبين أصبحوا مرشحين؟!
وكل مرشَّح له الحق في أن يقتحم، بصوته وصورته وبرنامج وشعاراته، أسماع وأبصار وبصائر كل المواطنين، فكم من مرشَّح استطاع إلى هذا الاقتحام سبيلاً؟!

إذا جاءت كل منظمات ولجان وهيئات ودول "حقوق الإنسان" إلى شاب مُعْدِم، وسألته قائلةً "لماذا لم تتزوج وأنتَ لك كل الحق في الزواج؟!"، فماذا يمكن أن يجيبها، وهو الذي حفظ عن ظهر قلب أنَّ الزواج حقٌّ له؟!

وماذا يمكن أن يجيبهم مريض لا يستطيع الحصول على دواء، أو مصاب بأمراض منشأها الجوع أو سوء ونقص التغذية، إذا ما سألوه قائلين "لماذا توشك أن تموت مرضاً أو جوعاً وأنتَ لكَ كل الحق في الحياة؟!".

أمَّا "الحق في العمل" فهو النفاق في بيانه الأوَّل والأعظم، فهذا الذي لا يملك من الثروة إلاَّ قروشاً، وذاك الذي يملك الملايين من الدنانير أو من العملات الصعبة، متساويان تماماً لجهة "الحق في العمل"، في مجتمع، يُثْبِت ويؤكِّد على مدار الساعة أنَّ من يعمل لا يملك، ومن يملك لا يعمل!

إذا كان العمل حقُّ لي، بوصفي إنساناً ومواطناً، فواجب مَنْ جَعْل هذا الحق حقيقة واقعة؟!

أليس واجب الحكومات والدول؟!

ولكن، ما الذي فعلته، وتفعله، الحكومات والدول من أجل جَعْل الغالبية العظمى من بشرها ومواطنيها قادرين فعلاً على ممارسة حقوقهم والتمتُّع به؟!

إنَّها لم تفعل إلاَّ بما يقيم الدليل على أنَّ كل ما تقوله في أمر "الحقوق" ليس سوى قول حقٍّ يُراد به باطل، فالقائلون بـ "حقوق الإنسان" هم أنفسهم الذين يمعنون في انتهاكها والتطاول عليها إذا ما كان المنتفعون منها من البشر العاديين، أو المواطنين العاديين.

إنَّ خير نصيحة يمكن أن أسديها إلى المنافحين عن "حقوق الإنسان" من منظمات ولجان وهيئات هي أن يستنطقوا البشر العاديين ليقفوا منهم على السبب الذي يجعل هؤلاء ينظرون إلى "حقوق الإنسان"، ثقافةً وشعارات وبرامج وبيانات، على أنَّه حديث إفكٍ!



#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفاتيكان يجنح للصلح مع داروين!
- متى نجرؤ على اغتنام -فرص الأعاصير-؟!
- إنَّها دولة وحكومة -وول ستريت- فحسب!
- مِنْ آفات الكتابة السياسية اليومية!
- -الوعيد- و-الصفقة- في خطبة مشعل!
- -تجربة- تَحْبَل ب -ثورة فيزيائية كبرى-!
- -القاعدة-.. لعبةٌ لمَّا تُسْتَنْفَد المصالح في لعبها!
- عندما تتصحَّر -الليبرالية- ويزدهر -الليبراليون الجُدُد-!
- تهاوي -ثقافة الحقوق- في مجتمعنا العربي!
- -العرب الجُدُد- و-العرب القدامى-!
- أُمَّةٌ تبحث عن فلك تسبح فيه!
- ما ينقص -الفكرة- حتى تصبح -جذَّابة-!
- -خيار أوكسفورد- لا يقلُّ سوءاً!
- ثقافة -الموبايل- و-الفيديو كليب-!
- لقد أفل نجمها!
- أسبرين رايس والداء العضال!
- خطر إقصاء -الأقصى- عن -السلام-!
- العالم اختلف.. فهل اختلفت عيون العرب؟!
- -الإعلام الإلكتروني- يشبهنا أكثر مما نشبهه!
- -العلمائيون- و-السياسة-.. في لبنان!


المزيد.....




- مسؤول في برنامج الأغذية: شمال غزة يتجه نحو المجاعة
- بعد حملة اعتقالات.. مظاهرات جامعة تكساس المؤيدة لفلسطين تستم ...
- طلاب يتظاهرون أمام جامعة السوربون بباريس ضد الحرب على غزة
- تعرف على أبرز مصادر تمويل الأونروا ومجالات إنفاقها في 2023
- مدون فرنسي: الغرب يسعى للحصول على رخصة لـ-تصدير المهاجرين-
- نادي الأسير الفلسطيني: الإفراج المحدود عن مجموعة من المعتقلي ...
- أمريكا.. اعتقال أستاذتين جامعيتين في احتجاجات مؤيدة للفلسطين ...
- التعاون الإسلامي ترحب بتقرير لجنة المراجعة المستقلة بشأن الأ ...
- العفو الدولية تطالب بتحقيقات دولية مستقلة حول المقابر الجما ...
- قصف موقع في غزة أثناء زيارة فريق من الأمم المتحدة


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - جواد البشيتي - -حقوق الإنسان-.. حديث إفْكٍ!