أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - جورج حداد - نشر الصواريخ الاميركية في بولونيا: اميركا تخسر المعركة قبل ان تبدأها!















المزيد.....

نشر الصواريخ الاميركية في بولونيا: اميركا تخسر المعركة قبل ان تبدأها!


جورج حداد

الحوار المتمدن-العدد: 2418 - 2008 / 9 / 28 - 05:11
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


بعد تردد دام بضع سنوات، قررت بولونيا الانضمام الان الى المخططات الستراتيجية الاميركية العملانية الهادفة الى تطويق وتهديد روسيا. وجاء التوقيع على اتفاقية نشر الدرع الصاروخي الاميركي في الاراضي البولونية، كجواب مباشر على الفشل الذريع الذي حققته السياسة الاميركية في ازمة جيورجيا، حيث كانت الادارة الاميركية تتوقع ان لا تجرؤ روسيا على الرد على الاستفزاز الجيورجي باكتساح اوسيتيا الجنوبية. ولكن الوقائع على الارض خيبت آمال الادارة الاميركية التي عجزت عن ان تفعل شيئا لدعم النظام الجيورجي الموالي لها؛ مما دفعها للرد على الصفعة الروسية في جيورجيا باستخدام "احتياطها البولوني". والسؤال الكبير الان: ماذا سيكون الرد الروسي، خاصة، على هذا الاستفزاز الاميركي ـ البولوني الذي يهدد الامن القومي الروسي في الصميم؟ وماذا سيكون الرد الاوروبي عامة؟
طبعا ليس من السهل الاجابة عن هذا السؤال. ولكن من السذاجة الاعتقاد ان روسيا لن ترد، وبحزم وثبات، على هذا الاستفزاز. ويمكن الاشارة الى اكثر من نقطة على هذا الصعيد، تظهر في ثناياها ملامح الرد الروسي:
1 ـ لقد ظهرت بشكل مفضوح تماما النوايا الاميركية الحقيقية ضد روسيا؛ ومن ثم انتهت مرة واحدة فترة التكاذب و"التعاون الكاذب" (كالحمل الكاذب) بين روسيا واميركا في الشؤون الدولية، بعد نهاية الحرب الباردة بشكلها الايديولوجي السابق؛ ودخل العالم من جديد في مرحلة جديدة من الحرب الباردة، مع اختلاف جوهري هو ان النزاع لا يتخذ الان طابعا ايديولوجيا، كما كان في مرحلة الاتحاد السوفياتي السابق، بل طابع المصالح الاقتصادية، ومن ثم طابعا قوميا (من الجانب الروسي). فمثلما جرى في الماضي، حينما سوّد هتلر وجه ستالين، فهاجم الاتحاد السوفياتي بعد ان كانت القيادة الستالينية الخائنة قد وقعت "اتفاقية مولوتوف ـ روبينتروب" السلمية؛ فإن القيادة الامبريالية الاميركية ـ الصهيونية قد سودت ايضا وجه عصابة غورباتشوف، حيث ظهر بعد الانفتاح الروسي على الغرب في العهد الغورباتسوفي ـ اليلتسيني ان الدولة الروسية والشعب الروسي هما مستهدفان بخطر الهيمنة والاستعمار الاميركيين، كأي شعب مظلوم في اي زاوية من زوايا العالم. والشعب الروسي سيدافع بشراسة لا حدود لها عن وجوده القومي واستقلاله الوطني، بوجه الغزاة الاميركيين وحلفائهم، كما فعل في الماضي بوجه الغزاة الهتلريين. كما ان البرجوازية الروسية الصاعدة، ولا سيما "برجوازية الدولة" (حيث ان ملكية الدولة في روسيا لا تزال تمثل الجزء الاكبر من النظام الرأسمالي الروسي "الجديد") ستدافع باستماتة عن مصالحها وامتيازاتها، ولن ترضى بأن تكون "تابعا" هامشيا وذيليا للغرب والرأسمال المالي اليهودي العالمي، كما هي برجوازيات العالم الثالث، بما فيها البرجوازيات العربية والاسلامية "النفطية".
2 ـ ان روسيا قد استفادت من تجربة الاتحاد السوفياتي السابق؛ ولهذا فهي لن تنزلق الى سباق تسلح استعراضي مفتوح مع اميركا والحلف الاطلسي، مما يشكل ضغطا على ميزانيتها القومية؛ بل هي ستركز تسلحها في الحدود الستراتيجية الفعالة؛ والتطور العلمي الحالي يسمح لها بذلك. وفي المقابل، فإن روسيا قادرة الان على بيع كميات هائلة من "الاسلحة السوفياتية" السابقة (التي لم تعد بحاجة اليها) الى مختلف البلدان الراغبة، ومن ثم تسهيل "تشغيل" كل اشكال "المصاعب العسكرية" لاميركا على مدى العالم بأسره.
3 ـ بناء لتلك التجربة، فإن روسيا غير مضطرة في المرحلة الراهنة لفتح كيسها على الاخر وتقديم المساعدات كيفما كان لمختلف الدول ممن يستحق او لا يستحق، كبولونيا "الاشتراكية" السابقة او نظام صدام "العروبي التحرري" السابق؛ وهي المساعدات التي ارهقت ميزانية الاتحاد السوفياتي السابق دون جدوى؛ وحتى اذا قدمت روسيا الان بعض الاسلحة التقليدية والمتطورة الى بعض الاطراف، فهي ستقدمها بثمنها، ولمن سيستعملها فعلا حيث يجب ان تستعمل؛ لا ان يقدمها هدية مجانية للعدو، كما فعلت بعض القيادات العربية سابقا في الحروب النظامية العربية ـ الاسرائيلية السابقة.
4 ـ ان اقدام اميركا على تهديد الامن القومي الروسي بهذا الشكل الاستفزازي والوقح، من شأنه ان يطلق يد روسيا في التعامل مع اميركا بالمثل، باستغلال جميع التناقضات التي تواجهها اميركا اينما كان، وبالتعاون مع جميع الاعداء الحاليين والمحتملين لاميركا من اميركا اللاتينية الى الشرق الاوسط الكبير الى الشرق الاقصى وغيرها من المناطق.
5 ـ ان اوروبا كلها مدينة لروسيا اكثر بكثير مما هي مدينة لاميركا. ونكتفي بذكر الواقعتين التاريخيتين التاليتين، اللتين "لا وجود" لاوروبا بدونهما:
أ ـ لا شك انه بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، طرحت اميركا "مشروع مارشال" لاعادة اعمار اوروبا الغربية. وقد استفادت اميركا، اقتصاديا وسياسيا، من مشروع مارشال، اكثر مما استفادت منه اوروبا ذاتها التي اصبحت لحقبة طويلة "مدى حيويا" اميركيا. ولكن قبل "مشروع مارشال" كانت اوروبا كلها مهددة بأن تقع تحت الحذاء الحديدي لهتلر، وان تكون ـ اي اوروبا ـ هي مركز الطاعون الهتلري في العالم، بدلا عن الكوليرا الاميركية اليوم. ولولا روسيا (العمود الفقري للاتحاد السوفياتي حينذاك)، التي ضحت بعشرات الملايين من خيرة ابنائها للقضاء على الهتلرية، لكانت اوروبا لا تزال الى الان مسحوقة تحت الحذاء الحديدي للهتلرية. وروسيا التي انقذت نفسها واوروبا والعالم من الحذاء الحديدي الهتلري، لا ترضى ان تكون اليوم ضحية الحذاء الحديدي الاميركي، ولو رضي العالم كله (وهو طبعا لن يرضى). واذا كانت اوروبا (واميركا) تتشدق بالدمقراطية، فهي مدينة بحريتها ودمقراطيتها اولا واخيرا الى روسيا التي قضت على النازية والفاشية "الاوروبيتين".
ب ـ طوال عشرات السنين كانت اوروبا الغربية تمثل الخط الامامي لاميركا في ما كان يسمى "الحرب الباردة". ولم تكتف اميركا بوضع اوروبا الغربية تحت "المظلة النووية والصاروخية" الاميركية لفرض الهيمنة الستراتيجية السياسية والعسكرية عليها، بحجة حمايتها؛ بل انها وضعتها ايضا في حالة تبعية شبه تامة لاميركا في حقل الطاقة (النفط والغاز)، مما يعني القدرة على شل وتدمير الاقتصاد الاوروبي الغربي في اي لحظة. فمن الذي يتقدم اليوم لتحرير اوروبا الغربية من هذا الكابوس المرعب، كما تقدم بالامس لتحريرها من النازية والفاشية؟ انها ايضا روسيا، التي شرعت في مد خطوط انابيب النفط والغاز القارية الى اوروبا عامة واوروبا الغربية خاصة!
6 ـ اذا أزلنا الغشاء الايديولوجي المزيف (وقد زال) الذي كان سائدا خلال فترة "الحرب الباردة"، فبناء على الواقعتين "الوجوديتين" سالفتي الذكر، فإن اوروبا تكتشف، بسهولة او بصعوبة، في الوقت المناسب او متأخرة، ان روسيا تشكل لا تهديدا، بل ضمانا لوجودها، اي وجود اوروبا، عسكريا وسياسيا واقتصاديا وعلى العموم: انسانيا. وطبعا ان "اوروبا العتيقة" (كما سماها لا فض فوه ديك تشيني) تمتلك من الحكمة العتيقة الموروثة من ايام الاغريق، ما لا يسمح لها بالتضحية بوجودها، حربا او سلما وما بينهما، لاجل مطامع وكوابيس و"صرعات" بعض المعتوهين الامبرياليين الاميركيين والصهاينة، المتحكمين الى الان بأميركا، و"حلفائهم" والاصح "اذنابهم" الصغار من الحكام البولونيين، المرضى نفسيا، والذين يعشش في رؤوسهم الفارغة من اي منطق وباء العداء لروسيا، كتجسيد لوباء العداء الثلاثي المركب: للشيوعية (اي شيوعية)، والمسيحية الارثوذكسية، والثقافة السلافية الشرقية بامتياز واعتزاز.
7 ـ ان هذا الاستفزاز غير المسؤول، المتمثل في تهديد الامن القومي الروسي، انطلاقا من تحويل بولونيا الى سن رمح اميركي، بعد ضمها الى حلف الناتو، الذي يضم ايضا البلدان الاوروبية الاخرى، سيدفع الكرملين الى انتهاج سياسة دفاعية اكثر حزما، على كل الاصعدة السياسية والاقتصادية والعسكرية، ضد حلف الناتو برمته. واوروبا كلها ملزمة اليوم ان يكون لها موقف فعال، وغير متفرج، من السعي الاميركي لسحق روسيا، ومن الدفاع عن النفس من قبل الشعب الروسي، ومن دفاع البرجوازية الروسية عن مصالحها المباشرة. وبكلمات اخرى: ان اوروبا لن تستطيع ان تقف على الحياد بين اميركا وروسيا، او ـ استلحاقا ـ بين بولونيا وروسيا؛ واذا كان من المنطقي ان لا يكون الموقف الاوروبي مطابقا بالضرورة للموقف الروسي، فإن اوروبا هي ملزمة بأن تقف، بطريقتها وتبعا لمصالحها، ضد سياسة الهيمنة الاميركية، وخصوصا ضد السياسة الاميركية المعادية لروسيا؛ وهي السياسة التي ستجر الويلات على العالم بأسره، وعلى اوروبا بالدرجة الاولى، اذا لم يوضع لها حد.
8 ـ ان اللعب بالنار مع روسيا ليس هزلا. وبولونيا، وكل دولة اخرى يمكن ان تختار ان تكون قاعدة للعدوان الاميركي على روسيا، ستدفع ثمنا غاليا جدا، على كل الاصعدة السياسية والاقتصادية والعسكرية اذا اقتضى الامر. ويمكن لبعض الدول، كبولونيا، ان تختفي تماما من الوجود كدول.
9 ـ ان الموقف البولوني المعادي لروسيا، المتمثل في تحويل الارض البولونية الى قاعدة عدوان ضد الشعب الروسي العظيم، منقذ اوروبا من النازية بالامس، ومنقذها من الانهيار الاقتصادي والجوع والصقيع اليوم وغدا، ـ هذا الموقف اللاانساني اللاحضاري اللاعقلاني لا يقرب بولونيا من اوروبا الكلاسيكية، بل على العكس يبعدها عنها بعد اميركا عن اوروبا. وهذا يعني ان بولونيا ستقع في "عزلة اوروبية" واقعية، وان باشكال مختلفة، من الشرق من جهة روسيا، ومن الغرب من جهة اوروبا الغربية، التي ستكتشف عاجلا قبله آجلا ان مصالحها الوجودية لا تتطابق مع المطامع الامبريالية الاميركية والصهيونية العالمية.
10 ـ لا يفوق غباء الدبلوماسية الاميركية سوى غباء الستراتيجية الاميركية. وبتوقيع الاتفاقية، ثم بالاقدام على النشر الفعلي للصواريخ ضد روسيا، على الاراضي البولونية، فإن اميركا لا ولن تفعل شيئا سوى انها "تخسر معركة تزمع على القيام بها، قبل ان تبدأها".
ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ
* كاتب لبناني مستقل



#جورج_حداد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العقوبات ضد روسيا: سلاح معكوس
- كرة الثلج... من القوقاز... الى أين؟
- الصراع الاوروبي الاميركي على جيورجيا والمصير المحسوم لسآكاش ...
- روسيا واميركا: الحرب السرية الضارية
- اميركا تتلقى لطمة جديدة(!!) من اذربيجان
- جيورجيا: -حرب صغيرة-... وأبعاد جيوبوليتيكية كبيرة!!
- الامن العالمي و؛؛الامن القومي الاميركي؛؛
- جورجيا: قبضة الخنجر الاميركي الصهيوني التركي في خاصرة روسي ...
- وروسيا تخرق -اتفاقية يالطا- وتمد -حدودها- الى حدود اميركا
- -عملية باربروسا- الاميركية: وهذه المرة سينقلب السحر على السا ...
- -حزب ولاية الفقيه- والمسألة الشرقية
- فخامة الجنرال
- مطب السنيورة، و-الارصاد الجوية- الاميركية!؛
- -حلف بغداد- يطل برأسه مجددا: من انقره -الاسلامية!-؛
- كوميديا الدوحة وأيتام دجوغاشفيلي
- حزب الله و-فخ الانتصار-!
- المشكلة السودانية
- لبنان في الساعة ال25
- -نبوءة- نجيب العزوري
- -نبوءة-نجيب العازوري


المزيد.....




- البحرية الأمريكية تعلن قيمة تكاليف إحباط هجمات الحوثيين على ...
- الفلبين تُغلق الباب أمام المزيد من القواعد العسكرية الأمريك ...
- لأنهم لم يساعدوه كما ساعدوا إسرائيل.. زيلينسكي غاضب من حلفائ ...
- بالصور: كيف أدت الفيضانات في عُمان إلى مقتل 18 شخصا والتسبب ...
- بلينكن: التصعيد مع إيران ليس في مصلحة الولايات المتحدة أو إس ...
- استطلاع للرأي: 74% من الإسرائيليين يعارضون الهجوم على إيران ...
- -بعهد الأخ محمد بن سلمان المحترم-..الصدر يشيد بسياسات السعود ...
- هل يفجر التهديد الإسرائيلي بالرد على الهجوم الإيراني حربا شا ...
- انطلاق القمة العالمية لطاقة المستقبل
- الشرق الأوسط بعد الهجوم الإيراني: قواعد اشتباك جديدة


المزيد.....

- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي
- عالم داعش خفايا واسرار / ياسر جاسم قاسم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - جورج حداد - نشر الصواريخ الاميركية في بولونيا: اميركا تخسر المعركة قبل ان تبدأها!