أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جورج حداد - حزب الله و-فخ الانتصار-!















المزيد.....



حزب الله و-فخ الانتصار-!


جورج حداد

الحوار المتمدن-العدد: 2289 - 2008 / 5 / 22 - 10:08
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


اذا تجاوزنا الكثير من التفسيرات، والتبريرات، والافتراءات والادعاءات والسخافات (ذات الطابع البروباغاندي المحض)، ومن مختلف الجهات الداخلية والخارجية، لا بد من الاعتراف انه ـ على ارض الواقع ـ فإن "حزب الله" هو الذي انتصر انتصارا مبينا في الجولة الاخيرة في لبنان. وهذا ما خيب تماما آمال الرئيس الاميركي جورج بوش، الذي جاء الى المنطقة في زيارته "الوداعية" الاخيرة، لهدفين:
الاول ـ تأكيد و"تجديد" التحالف الستراتيجي الاميركي ـ الاسرائيلي، والتزام اميركا بأمن اسرائيل، التي بدأت تشعر بخطر جدي على استقرارها الداخلي وعلى وجودها كدولة، خوفا من المفاعيل "المنظورة" و"غير المنظورة" للحلف الروسي ـ الايراني غير المعلن. وهي ـ اي اسرائيل ـ قد حملت على محمل الجد، اكثر من كل الساسة العرب، تصريحات الرئيس الايراني الشاب محمود احمدي نجاد، لانها تعلم علم اليقين ان هذه التصريحات تعكس وقائع ومعطيات ملموسة على الارض، وليست تكرارا مملا لبهلوانيات طيب الذكر احمد سعيد في المرحومة "اذاعة صوت العرب" الناصرية!
والثاني ـ وهذا ما غاب تماما، ولو في الظاهر، عن الاعلام العربي الرسمي وغير الرسمي ـ هو اللقاء مع رئيس مجلس الوزراء "اللبناني"، "الشرعي"، "الدمقراطي"، "الشرق اوسطي الجديد" دولتلو فؤاد عبدالباسط السنيورة. ولكن طبعا الرئيس بوش كان يتوقع انه سيلتقي السنيورة "المنتصر" الذي كان من المتوقع ان يكون "نجم" الملتقى الاقتصادي في شرم الشيخ. ولكن فريق "14 اذار" خسر "المباراة"، التي تهيأ لها مدة سنتين، فلم يعد من معنى للقاء السنيورة مع الرئيس بوش. فكان اجتماع الدوحة كـ"جائزة ترضية" لانقاذ "ماء الوجه" وانقاذ ما يمكن انقاذه لفريق "14 اذار" الذي بذلت السي آي ايه والموساد جهودا كبيرة لتجميع عناصره المتناقضة، وهو الان على عتبة الانفراط كل لحسابه، خصوصا والانتخابات النيابية القادمة يمكن ان تكون غير بعيدة.
ولانعاش ذاكرة البعض، لسنا ننسى طبعا تصريح السيدة السمراء الجميلة غونداليزا رايس، في الاسبوع الثالث من حرب تموز 2006، بأنه من هذه المعركة سيولد "الشرق الاوسط الجديد". ولكن الصمود البطولي للمقاومة والجماهير الشعبية اللبنانية، ووقوف الجيش اللبناني الى جانب المقاومة، افشل المخطط الاميركي ـ الاسرائيلي، ولم تكتحل عينا غوندا بالمولود الذي بشرت به. بل جرى العكس تماما: بدأ "المخاض" بولادة "اسرائيل جديدة!": اسرائيل مذعورة، ترتعد فرائصها حتى امام صاروخ بدائي من صنع سنكري فلسطيني هاو، وعينها ـ اي اسرائيل ـ على "استعراض القوة" الذي قام به بوتين في الساحة الحمراء (طبعا: حمراء) في موسكو بمناسبة عيد النصر على الفاشستية في 9 ايار الفائت.
ومنذ نهاية حرب تموز ـ اب 2006، بدأ التحضير بكثافة لجولة جديدة، في الاطار الداخلي هذه المرة. وكانت التحضيرات تهدف الى تحضير "انقلاب داخلي" في لبنان. وقد تمحورت التحضيرات على ما يلي:
1 ـ خلال هذه الفترة انتهت الولاية الممددة للرئيس السابق اميل لحود، وغادر ليلا ووحيدا قصر بعبدا، وفرغ المركز الرئاسي، بدون ان يتم انتخاب رئيس جديد، وهو ما يحدث لاول مرة في لبنان، وكان يقتضي ـ بالاضافة الى كل الاوضاع المعقدة الاخرى ـ ان يتم استقالة الحكومة القائمة، وتشكيل حكومة مؤقتة (لتصريف الاعمال، والاشراف على الالية الدستورية لانتخاب رئيس جديد، والتحضير لانتخابات نيابية جديدة). ولكن حكومة السنيورة، التي هي نفسها موضع خلاف شديد و"انقسام وطني"، تمسكت بالبقاء في السلطة، مدعومة بشدة من الادارة الاميركية، التي دأب رموزها، من الرئيس بوش وبالنازل، على ضخ التصريحات المتتالية عن دعم وجود حكومة السنيورة بوصفها الحكومة الشرعية في لبنان. وهذا يعني بوضوح ان هناك دورا مميزا لحكومة السنيورة في "السيناريو الانقلابي" الذي كانت تحضره المخابرات الاميركية والاسرائيلية.
2 ـ فور انتهاء حرب تموز، راهنت الادارة الاميركية و"فريقها اللبناني" على استمالة الجيش اللبناني الى معسكرها. فطرحت موضوعة تجديد تسليح الجيش بالسلاح الاميركي، واجراء تعديلات شاملة في هيكلية الضباط، باشراف حكومة السنيورة شكليا، واشراف السفارة الاميركية فعليا. وكان هذا الطرح يقصد الى زرع الشقاق بين الجيش والمقاومة، وحصر قرار الحرب والسلم مع اسرائيل بالجيش، اي السيطرة على المقاومة ووضعها بتصرف قيادة الجيش؛ علما ان الجيش هو غير قادر على تحمل اي مواجهة مع الجيش الاسرائيلي الذي تخشاه جميع الجيوش العربية الاخرى. وهذا يعني عمليا وضع لبنان مجددا تحت رحمة اسرائيل. وللوصول الى هذه الغاية تم في وقت ما مصادرة بعض اسلحة المقاومة، وطرح موضوع منع تواجد المقاومة في مناطق تواجد الجيش في الجنوب، وعدم الاكتفاء بتطبيق قرار منع المظاهر المسلحة، و"تطويره" ليشمل حق قوات اليونيفيل وقوات الجيش في المداهمة والتعقب ومصادرة السلاح، واعتقال عناصر المقاومة وانصارها. ولكن قيادة الجيش التي تدرك تماما محدودية القدرات العسكرية للجيش في المواجهة مع اسرائيل، وبالاخص محدودية "القرار السياسي" بالمواجهة واشكالها، وجدت بالملموس، وبالحسابات الستراتيجية العسكرية الصرف، ان المنع الفعلي للمقاومة، بحجة الشكليات "الشرعية"، يعني حرمان لبنان من عنصر القوة الرئيسي الذي حقق له استعادة اراضيه المحتلة، وليس "الشرعية اللبنانية" و"الشرعية العربية" و"الشرعية الدولية" وقواتها وقراراتها، بما فيها القرار 425، الذي "نسيت" اسرائيل ان تطبقه مدة 22 سنة، ولم تطبقه الا تحت ضربات المقاومة.
3 ـ وحينما لم تقع قيادة الجيش في فخ الاصطدام المباشر مع المقاومة، لا عسكريا ولا "قانونيا" ولا "سياسيا"؛ عمد واضعو السيناريو الى نصب فخ آخر للجيش وقيادته، هو فخ الاصطدام بقوة ميليشياوية "سنية" (هي ما يسمى "فتح الاسلام"، بقيادة الضابط الاردني السابق شاكر العبسي، والتي كان المقاتلون الآتون من السعودية، عبر مطار بيروت الدولي، يشكلون القوة الرئيسية فيها؛ وكان تمويلها ودعمها اللوجستي يتم من قبل "تيار المستقبل" ذاته. وحتى الان تعمل "دولة السنيورة" على طمس واخفاء كل التحقيقات بخصوص "فتح الاسلام"). وكان الهدف من معركة مخيم نهر البارد التي استدرج اليها الجيش هو: اولا ـ الانتقام منه جنودا وضباطا. وثانيا ـ خلق ردة فعل "سنية" ضد الجيش، والضغط عليه لدفعه الى الاصطدام بحزب الله، بوصفه "ميليشيا شيعية" من اجل اعادة "التوازن الوطني" الى البلاد. وقد تعرض جنود وضباط الجيش الى اشكال من الغدر والتنكيل وصلت الى حد ذبح العناصر وهم نيام او خطفهم من الطرقات وذبحهم على الطريقة "الزرقاوية"؛ كما ترافقت المعركة مع حملة تجييش طائفي "سني!" في طرابلس والشمال. وحينما فشلت هذه الخطة، عمدت "فتح الاسلام" للتحصن داخل المخيم الفلسطيني، واتخاذ اللاجئين الفلسطينيين كدرع بشري لها، ومحاولة جر الجيش الى معركة لبنانية ـ فلسطينية. ولكن الموقف الحكيم، والحازم في الوقت ذاته، لقيادة الجيش، فوّت على هذه المؤامرة تحقيق غاياتها السوداء، وتم التعامل الميداني مع "فتح الاسلام" بطريقة أمنت توجيه ضربة عسكرية قاضية لها، دون الوقوع في شباك اشتباك جيشي ـ سني، او لبناني ـ فلسطيني، يتبعه اشتباك الجيش مع حزب الله "الشيعي"، وكان هذا بيت القصيد. وقد دفع الجيش، جنودا وضباطا، عددا كبيرا فاق المائتين من الشهداء، عدا الجرحى. واخيرا انتقم رؤوس المؤامرة الفاشلة من الجيش باغتيال العميد فرنسوا الحاج قائد العمليات في معركة نهر البارد، وهو ضابط وطني من الشريط الحدودي، حاولت القوات اللبنانية وجماعة لحد واسرائيل دفعه للتعاون معهم فيما مضى، فرفض بشدة، فعمدوا الى طرده من بيته. وكان العميد الحاج ابرز المرشحين لتولي مركز قيادة الجيش بعد العماد ميشال سليمان، كما كان يشرف على التحقيق في ملف "فتح الاسلام"، وكيفية دخول عناصرها من الخارج، خصوصا من مطار بيروت الدولي، والتحري عن هويات قتلى "فتح الاسلام"، ومصادر تمويلها، وطريقة نقل عناصرها من مخيم عين الحلوة في الجنوب الى مخيم نهر البارد في الشمال بباصات لقوى الامن الداخلي، كما افادت معلومات صحفية. وكان اغتيال العميد الحاج رسالة موجهة في اكثر من اتجاه، احدها باتجاه العماد ميشال سليمان ذاته، المرشح الابرز لرئاسة الجمهورية. وحتى الان لا تزال حكومة السنيورة تطمس وتخفي التحقيق في قضية اغتيال العميد فرنسوا الحاج، مثلما تخفي التحقيقات في كل ملف "فتح الاسلام".
4 ـ بعد هذا الفشل الذريع للمؤامرة المنفذة بواسطة "فتح الاسلام" واغتيال العميد فرنسوا الحاج، اتجه فريق "14 اذار" للاعتماد على ميليشياته الخاصة لتمرير مخططه المعادي للاستقرار والامن الوطني للبنان، بالتنسيق الكامل مع اميركا واسرائيل. فكان مخطط التوجه نحو اشعال فتنة داخلية تتخذ طابعا غالبا سنيا ـ شيعيا، والسعي لجر حزب الله الى الفتنة، لنزع صفته كمقاومة من جهة، ولتبرير التدخل الخارجي، "العربي ـ الاميركي" والاميركي والاطلسي والاسرائيلي، من جهة ثانية. وكان من المفروض ان يتم تنفيذ هذا المخطط من ضمن سيناريو يظهر فيه ان فريق "14 شباط" وميليشياته الاجرامية هو الذي يمثل "الشرعية" اللبنانية والعربية والدولية، وان المعارضة، وفي القلب منها حزب الله، تمثل خروجا او تمردا على "الشرعية". وبدأت ـ بتخطيط واضح مدروس ـ سلسلة من الاحداث الامنية المفتعلة، تارة في الكورة، وتارة في اقليم الخروب، وتارة في مختلف احياء بيروت، وكان آخرها حوادث مار مخايل حيث سقط عدة قتلى دفعة واحدة. وكان الهدف الايقاع بين الجيش اللبناني وانصار المعارضة، سواء انصار حزب الله او الحزب القومي او تيار الجنرال عون او غيرهم. وكانت هذه الاحداث والحوادث تترافق دائما مع تصريحات اميركية متتالية ومتكررة بمناسبة وبدون مناسبة، بتأييد حكومة فؤاد السنيورة و"شرعيتها"، واصبح لبنان محجة دائمة للدبلوماسيين الاميركيين، فلا يكاد السنيورة يودع مستشارا اميركيا حتى يستقبل آخر. ولو قام اي كان باحصاء تصريحات جورج بوش وغونداليزا رايس وكبار المستشارين الاميركيين بتأييد السنيورة في الاشهر القليلة الماضية لوجد انها تفوق عددا مطالعات وزير الاعلام الاستاذ غازي العريضي دفاعا عن فريق "14 شباط". وفي الوقت ذاته، وبالتنسيق التام مع الاميركيين، قام فريق "14 شباط" بمناورة تاكتيكية اعتقدها ناجحة، وهي العودة عن رفضه او تحفظه السابق على العماد ميشال سليمان، وتبني ترشيحه كمرشح توافقي لمركز رئاسة الجمهورية، مع سبق الاصرار على الفصل بين انتخاب رئيس الجمهورية وبين تشكيل حكومة جديدة (تسميها المعارضة: "حكومة وحدة وطنية") ووضع قانون انتخاب جديد غير قانون الالفين الحالي. وكان الهدف من هذه المناورة مكشوفا تماما، الا وهو الايقاع بين العماد ميشال سليمان شخصيا، وبين المعارضة، وجعل مركز رئيس الجمهورية في قبضة فريق "14 اذار"، وفرض استمرار حكومة السنيورة، او المجيء بحكومة على شاكلته وشاكلتها، تهيئة لرمي البلاد في اتون الفتنة، على قاعدة: من مع "الشرعية"، ومن ضد "الشرعية".
ولكن يبدو ان هذه المؤامرة، ولا سيما مناورة عزل العماد ميشال سليمان عن المعارضة و"الاستئثار" به، فشلت ايضا.
5 ـ واخيرا لم يبق امام فريق "14 اذار" سوى الشروع في تنفيذ مخطط الفتنة بقواه الخاصة، ولكن تحت ستار "الشرعية". فرفع من وتيرة الاستعدادات العسكرية و"التسخين" السياسي، وعمد الى استنفار وتوزيع المجموعات المسلحة في مختلف المناطق، وخاصة في بيروت. واصبح الخطاب السياسي لـ"14 اذار" اشبه شيء بقرع طبول الحرب. وادى ذلك بالطبع لتراجع كل الجناح "المعتدل" في الفريق الى خلفية الصورة، من بكركي الى قرنة شهوان؛ ولم يعد يسمع سوى بالكاد صوت شخصيات معتدلة مثل بطرس حرب ونسيب لحود، الا في بعض التصريحات الشكلية والفتاوى الدستورية حول قانون الانتخاب او آلية انتخاب رئيس الجمهورية، وما اشبه ذلك. وتقدم واجهة الفريق "الجناح العسكري" المتمثل خاصة بأميري الحرب الماروني والدرزي سمير جعجع ووليد جنبلاط، اللذين تحولا الى قيادة فعلية لفريق 14 اذار، الى درجة ان حكومة السنيورة ذاتها اصبحت تضبط ساعتها على قرارات او حتى المزاج الشخصي لكل من الأميرين المذكورين. وفي آخر ليلة سوداء طويلة جدا، شرب دولتلو فؤاد السنيورة دلو "حليب سباع" طازج وارد لتوه من المختارة، وأعلن القرارين الوزاريين المشؤومين، المتعلقين بشبكة اتصالات المقاومة (التي سبق واقضت مضاجع الجيش الاسرائيلي، واعطتها لجنة فينوغراد اهتماما خاصا) وبالضابط الجيشي مسؤول امن المطار، الذي خيب مرارا وتكرارا آمال فريق "14 اذار"، ولم يجدوا طريقة لاستمالته وحرفه عن واجباته الوطنية والعسكرية الصادقة، فمرة يفضح قدوم عناصر "فتح الاسلام" عبر "مطار رفيق الحريري" وذهابهم توا لـ"ضيافة" تنظيم سعد الحريري، ومرة يفضح تسريب اسلحة غير قتالية (اسلحة مافياوية) ككواتم صوت ومسدسات مخصصة للاغتيالات (تشبه المسدس الذي سبق وقتل به المرحوم بيار امين الجميل) مما اضطر فريق "14 اذار" للادعاء ان هذه الاسلحة تخص السفارة الاميركية، حتى يبقى المرحوم بيار الجميل مستريحا في قبره ولا يصرخ "من بيت ابي ضربت!"، ومرة يفضح تسريب كونتنرات اسلحة الى "نواطير" الجبل، ومرة ـ وهنا الطامة الكبرى ـ يفضح هبوط طائرة خاصة (لم تسجل في سجلات المطار) ووقوفها في ركن احد المدرجات حيث نزل منها الامير السعودي الشهير بندر بن سلطان، حيث لاقته ايضا سيارة رسمية نزل منها دولتلو فؤاد السنيورة للاجتماع بشكل غير رسمي وبعيدا عن الاضواء مع سمو الامير، الذي عاد قافلا بطائرته بعد الاجتماع مع السنيورة في سيارة الاخير. طبعا ان مثل هذه "الارتكابات" بحق فريق "14 اذار" هي اكثر من كافية لاتهام هذا الضابط الشجاع والوطني وغير القابل للبيع والشراء، بأنه "مع المقاومة" و"ضد الشرعية". ولكن بالرغم من كل شيء فإن هذين القرارين المشؤومين لم يخلوا من بعض النكتة، على طريقة "وشر البلية ما يضحك"، حيث جاء في حيثيات القرار الخاص بشبكة اتصالات المقاومة، انها "تسرق المال العام" و"تتعدى على املاك الدولة". رحم الله من قال "رمتني بدائها وانسلت!"، فتصوروا يا خلق الله من يقول هذا الكلام: شركة السنيورة التي "اكلت البيضة وقشرتها" ونهبت البلاد والعباد، وركبت على الخزينة "دينا عاما" اصبح يناهز 50 مليار دولار، وترفض حتى الان اجراء اي تحقيق مالي ـ قضائي محايد ونزيه (كما يطالب خاصة الجنرال عون) حول: اين صرفت هذه المليارات؟ وفي جيوب من استقرت؟
6 ـ وحسب الخطة المرسومة: اقتربت البوارج الحربية الاميركية من الشواطئ اللبنانية للتدخل "عند اللزوم"؛ وكلفت قيادة الجيش بتنفيذ القرارين المشؤومين. وكان الهدف:
أ ـ وضع قيادة الجيش امام خيار: اما "الشرعية" (شرعية السنيورة، المدعومة من جورج بوش وامين عام الامم المتحدة وساركوزي وايهود اولمرت)؛ واما "المقاومة" "اللاشرعية"، التي تنفذ (حسبما يزعمون) سياسة المحور الايراني ـ السوري في لبنان.
ب ـ استفزاز المقاومة التي كان من المعروف سلفا انها لن تنفذ هذين القرارين المتعلقين بسلاحها وامنها وامن البلاد، ودفع الجيش للاصطدام بالمقاومة "اللاشرعية".
ج ـ تحريك المجموعات المسلحة المهيأة سلفا للاصطدام بالمقاومة "دعما للجيش والشرعية!"، ولارتكاب مجازر ضد الجماهير الشعبية المؤيدة للمقاومة. وهنا التقى جنبا الى جنب هذه المرة "اعداء!" الامس: "ابطال" مجازر "السبت الاسود" و"حاجز البربارة" وصبرا وشاتيلا ضد اللاجئين الفلسطينيين والفقراء المسلمين؛ و"ابطال" مجازر الجبل وشرقي صيدا والغربية ضد المسيحيين الشرفاء العاديين الذين لم يسيروا في ركاب بشير الجميل وامين الجميل وسمير جعجع في 1975 ـ 1976 و1983. ولم يعد سرا على احد ان شركة الحريري ومن وراءها كانوا منذ تلك الايام يمولون "امراء الحرب" في الطرفين. وتعليقا على ذلك قال الفنان الرائع زياد الرحباني "كانوا معنا بالخندق!".
7 ـ ولكن هذه المرة كان "الانقسام اللبناني" ابسط واقل تعقيدا:
ـ[]ـ المال السياسي، والبرجوازية المالية اللبنانية، وامراء الحرب، والمرتزقة واللصوص الكبار والصغار والقتلة والجزارون من كل الطوائف، مضافا اليهم بعض الانتهازيين من خونة الوطنية والاشتراكية والشيوعية، في جانب؛ مدعومين من اميركا واسرائيل و"عربهما"؛
ـ[]ـ والمقاومة وجماهيرها الشعبية وانصارها وحلفاؤها والعمال والفلاحون والطلاب والفقراء والصناعيون والتجار الشرفاء ورجال الدين والمثقفون الواعون وغير المباعين والمعتدلون وانصار "الوفاق الوطني" من كل الطوائف، في الجانب الآخر؛
بين هذين "المعسكرين" امتنع الجيش عن مجاراة "المعسكر الاميركي ـ الاسرائيلي" والاصطدام مع المقاومة (المقاومة التي لم يستطع جيش اسرائيل ذاته ان ينتصر عليها)، واختار ـ اي الجيش ـ الوقوف على "الحياد الايجابي"، اي منع الاقتتال الداخلي وصيانة الامن الوطني للبنان، داخليا ـ بالوقوف بين "المتخاصمين"، و"خارجيا" باستمرار التنسيق مع قوات اليونيفيل، من جهة، ومع المقاومة كقوة ردع لاسرائيل، من جهة ثانية، لمنع اسرائيل من استغلال الاوضاع المتدهورة في لبنان وتنفيذ عدوان واسع او محدود جديد ضد لبنان باية ذريعة كانت.
8 ـ هذا في حين ان "هيئة اركان حرب" "14 اذار" كانت تأمل:
ـ اما ان يتم الاصطدام بين الجيش والمقاومة؛
ـ واما ان تقوم المقاومة بسحب قواتها المرابطة ضد اسرائيل، لاحتلال المراكز والمواقع الحكومية ولا سيما السراي وقصر بعبدا.
وفي كلتا الحالتين كانت حكومة السنيورة جاهزة لاستدعاء التدخل الاجنبي (لا سيما الاميركي) للوقوف ضد "الانقلاب" على "الشرعية" اللبنانية. وقد فضح اركان "14 اذار" انفسهم بأنفسهم حينما بدأوا يصيحون مسبقا:
ـ انقلاب! انقلاب! انقلاب!
ـ سلاح المقاومة فقد شرعيته وتوجه الى "الداخل"!
ولكن كل هذا الزعيق العاهر والفاجر والخياني ذهب ادراج الرياح! و"ذاب الثلج وبان المرج" وانكشفت وجوه المتآمرين على حقيقتها!
XXX
وربما كان من الضروري، للذكرى والعبرة والتاريخ، اعادة رسم صورة تقريبية للاحداث كما جرت على ارض الواقع، بعد صدور القرارين المشؤومين:
1 ـ رفضت قيادة الجيش تنفيذ قراري الحكومة. وبذلك اظهرت حكمة وبعد نظر سياسي وستراتيجي على السواء:
فاولا ـ ان الاصطدام بالمقاومة كان يعني استدعاء القوات الاميركية للمشاركة في المعركة ووضع لبنان تحت الاحتلال الاميركي على الطريقة العراقية.
وثانيا ـ كان الاصطدام يعني تدمير البلد على رؤوس الشعب اللبناني المظلوم. وقد اثبت الجيش حرصه على بلده، حتى ولو لم يكن قسم من جنوده وضباطه مؤيدين للمقاومة.
وثالثا ـ اثبت قائد الجيش العماد ميشال سليمان، المرشح لرئاسة الجمهورية، انه "سياسي" لبناني حكيم ولديه الحس بالمسؤولية، ولا يرضى ان يدمر البلد كي يصبح "رئيس جمهورية" فوق مقبرة جماعية للبنانيين، او ان يصبح رئيس جمهورية لبلد محتل، اي ان يصبح عميلا صغيرا يأتمر بأوامر اي كابورال اميركي او حتى اسرائيلي.
ورابعا ـ بعد ان بدا واضحا عجز عناصر المرتزقة التابعة لفريق "14 اذار" عن الدفاع عن انفسهم امام غضب الجماهير الملتفة حول المقاومة والمعارضة، لم يبق لتلك العناصر سوى الاحتماء بالجيش، بحيث انقلبت الآية، اذ بدلا من ان يكون الجيش اداة في يد اركان "14 اذار" اصبح وجود قواعد فريق "14 اذار" وقياداته مرهونا بوجود الجيش ودوره"المتوازن".
وخامسا ـ بعدم انزلاق الجيش الى موقع اداة بيد فريق "14 اذار" واميركا واسرائيل ضد المقاومة، وبوقوفه موقفا "وطنيا متوازنا"، مما مكن الجماهير المتعاطفة مع المقاومة والمعارضة من تأكيد "سيطرتها على الارض" في غالبية المناطق اللبنانية، فإنه ـ اي الجيش ـ ارسى الاساس الواقعي لقيام تفاهم وتنسيق ستراتيجي بينه وبين المقاومة، بمواجهة عوامل الفتنة الداخلية من جهة، وبمواجهة خطر العدوان الاسرائيلي من جهة ثانية. طبعا ان هذا التنسيق الضروري بين الجيش والمقاومة يعطي المقاومة موقعا استثنائيا في الاوضاع العامة للبلاد، داخليا وخارجيا، الا انه في الوقت نفسه يعطي الجيش اللبناني ميزتين ستراتيجيتين، لا يمتلكهما اي جيش عربي آخر: الاولى ـ ان يكون ضمانا للسلم الاهلي على قاعدة الوفاق الوطني بين "المعارضة" والسلطة، وليس اداة قمعية للسلطة السياسية القائمة ضد شعبها؛ والثانية ـ ان يشكل الجيش (بالتنسيق مع المقاومة) درعا حقيقيا لحماية البلاد من خطر العدوان الاسرائيلي، ويشكل خطرا على اسرائيل نفسها في حال الاعتداء على لبنان، وليس كباقي الجيوش العربية التي لا تحسب لها اسرائيل اي حساب جدي.
وطبعا ان هذا الموقف "اللبناني" (الوطني، الفينيقي، الارامي، العروبي الخ.) من قبل الجيش وقيادته لم يعجب فريق "14 اذار"، فبدأ زعيق الابواق المأجورة من جديد بأن الجيش "تخلى" او "تقاعس" عن القيام بـ"واجباته" (تدمير البلد لمصلحة اميركا واسرائيل وشركة سنيورة ـ جعجع ـ جنبلاط، هو "من واجبات" الجيش! اما حماية "السلم الاهلي"، ومنع العدوان الاسرائيلي على لبنان، والحؤول دون الاحتلال الاميركي للبنان فهو "ضد واجبات" الجيش! ـ عاش "المنطق!").
2 ـ "حلم" اركان "14 اذار" (حلم ليلة صيف) ان تسحب المقاومة قواتها الستراتيجية، المتأهبة 24/24 ساعة للرد على اي عدوان اسرائيلي محتمل على لبنان، من اجل مداهمة اوكار "14 اذار"، الرسمية وغير الرسمية، في بيروت وغير بيروت. فمن جهة يصبح البلد مكشوفا للعدوان الاسرائيلي بدون اي عقاب؛ ومن جهة ثانية يبدأ العويل والنحيب على "الدمقراطية" و"الشرعية" اللبنانية، وطلب النجدة من "الاشقاء" اياهم و"الاصدقاء" اياهم! وقد قبع السنيورة في السراي، والحريري في قريطم، وجنبلاط في كليمنصو، بانتظار ظهور طلائع جحافل "جيش المهدي". وقبع جعجع في معراب لاطلاق صيحات "النجدة" مع اي "اشارة تعد" على رموز "الشرعية اللبنانية"! ولم يكن من الصدفة ابدا انه تم، في هذا الوقت بالذات، تسفير البطريرك الماروني الجليل كي يقوم بجولة خارجية (عربية ـ اميركية، خاصة) كي يكون بعيدا عن الساحة فيسهل خداعه وتضليله عن حقيقة ما يجري، ويتم استخدام نفوذه من بعيد الى جانب "الشرعية".
ولكن مثلما ان قيادة الجيش لم تقع في الفخ الذي كان منصوبا لها، فإن قيادة المقاومة اثبتت انها من الحكمة انها لم تقع هي ايضا في الفخ المنصوب لها:
فلم يتم تحريك القوات الستراتيجية للمقاومة، ولم يحرك مقاوم واحد قدمه من الموقع المخصص له للوقوف بوجه اسرائيل؛ ولكن قيادة المقاومة، والى جانبها قيادة او قيادات المعارضة، التي كانت حتى الامس القريب تمارس اقصى ما يكون من "ضبط النفس"، سمحت لانصارها، كل في منطقته وبلده، بالتحرك لتطويق ومحاصرة اوكار "14 اذار" بما في ذلك اوكار "الشرعية" اللاشرعية؛ بل يبدو انه كان هناك توجيهات، التزمت بها القواعد الشعبية للمقاومة والمعارضة بعدم التعرض لرموز "14 اذار"، مثل السنيورة والحريري وجنبلاط، الذين تم تطويق مقراتهم وحمايتهم من قبل انصار المقاومة والمعارضة بالذات. وهذا لا يعني ان كل شيء مر "بسلام" تام، دون تكسير لوح زجاج هنا او هناك. ولكن الذي حدث بالفعل هو سيطرة اهالي كل منطقة وحي، خصوصا في بيروت العاصمة، على احيائهم ومناطقهم. هل هذا يسمى "انقلابا!"؟ انه تفسير جديد او معنى جديد لكلمة "انقلاب"، وهو ما لم نره في اي انقلاب في العالم، وخصوصا في العالم العربي. ولهذا فإن اركان "14 اذار" لم يجدوا من يصدقهم بادعاء وقوع انقلاب، حتى اسيادهم في واشنطن وتل ابيب، وحتى اصدقائهم من "العربان" لم يصدقوهم. فعمد الحريري و"صبيه" وزير الشباب والرياضة احمد فتفت لتحريك بعض المرتزقة، الذين ارتكبوا مجزرة بحق شباب الحزب القومي في بلدة حلبا في عكار، حيث قتل غدرا 11 شابا تم التمثيل بجثثهم في رابعة النهار، بهدف واضح هو استدراج ردود فعل انتقامية من قبل الحزب القومي واطراف المعارضة الاخرين، من اجل استغلالها دعائيا. ولكن الحزب القومي والمعارضة عضوا على الجرح، وفوتوا الفرصة على المصطادين في الماء العكر، وسودوا لهم وجوههم امام اسيادهم: السي آي ايه والموساد. طبعا ان الحزب القومي (ومؤسسه الزعيم الشهيد انطون سعادة القائل "الحياة وقفة عز") لن يترك هذه الجريمة تمر. ولن تقر عين للمجرمين، المحرضين والمنفذين والمشاركين على السواء. ولكن هذا الحزب الحضاري والمناقبي لن يستدرج الى اسلوب الثأر العشائري. وفي الوقت المناسب والمكان المناسب سيتم القبض على المجرمين كالجرذان الموبوءة، وتسليمهم الى القضاء لاختبار مدى شرعية "الشرعية" التي يتمسك بها شكليا عرابو المافيا السياسية المسماة "14 اذار". كما عمد وليد بيك جنبلاط الى تحريك بعض العناصر المغرر بهم، لافتعال ولو فتنة صغيرة في الجبل (عاليه) وفي الساحل (الشويفات)؛ ولكن انصار المقاومة والمعارضة تحركوا بسرعة وخنقوا الفتنة في مهدها، وتحرك بعض الشباب في جبل الباروك للنزول من هناك لـ"زيارة" البيك في قصر المختارة، فاسرع للاتصال باحد اركان المعارضة الاستاذ طلال ارسلان طالبا تدخل الجيش وتسليمه مواقع حزبه، مذكرا ومتذكرا (الحمد لله!) ان هذا الجبل هو جبل كمال جنبلاط، جبل المقاومة، كان وسيبقى!
XXX
اخيرا اضطر دولتلو فؤاد عبدالباسط السنيورة للاذعان صاغرا لطلب قيادة الجيش الغاء القرارين الاستفزازيين اللاشرعيين ضد المقاومة.
واضطر فريق "14 اذار"، الذي كان يعرقل تنفيذ "المبادرة العربية"، لفتح الطريق امام "الوساطة القطرية"، وعقد طاولة حوار جديدة بين "الموالاة" و"المعارضة" وتطبيق "سلة الحلول" كما كانت تطالب المعارضة منذ البدء.
واتفق المتحاورون بسهولة غير متوقعة على تشكيل حكومة "وحدة وطنية" وانتخاب رئيس الجمهورية وتعديل قانون الانتخاب. وفي الاخير "طلع الحق على الارمن"، حيث نسي فريق "14 اذار" قراريه الاستفزازين ونسي كل شروطه السابقة، كما نسيت اسرائيل "جندييها" في حرب تموز 2006، وتعثر الحوار فقط عند عقدة المقعد او المقعدين النيابيين للارمن في بيروت. وبذلك ظهر بشكل فاضح وصارخ مدى تهافت "شرعية" حكومة السنيورة وكل فريق "14 اذار". فهل كانوا سيحرقون البلد، ويسلمونه للفتنة وللاحتلال الاميركي والعدوان الاسرائيلي، بسبب مقعد او مقعدين نيابيين للارمن في بيروت؟ وهل ان ارمن بيروت هم الذين كانوا يخبئون بن لادن او شاكر العبسي او "اسلحة الدمار الشامل" لصدام حسين؟
لقد ظهر للعيان ان الادارة الاميركية، التي سبق لها واستقبلت في البيت الابيض ذاته اركان "14 اذار" من السنيورة والحريري الى جنبلاط وحتى جعجع، كانت ـ اي الادارة الاميركية ـ "مغشوشة" كثيرا بهم وبقوتهم وقدراتهم؛ وهذا ما يثير التساؤل حول مدى ولاء اجهزة المخابرات الاميركية للبيت الابيض والبنتاغون، والشك بأنها كانت تتعمد "غش" البيت الابيض والبنتاغون، لانه ليس من المعقول ان تكون المخابرات الاميركية العريقة على هذه الدرجة من الغباء.
ولكن اذا كان لدينا بقية ثقة بذكاء المخابرات الاميركية، فيمكن القول انها ـ اي المخابرات الاميركية ـ قد عملت بنصيحة للموساد، فعملوا بشكل مقصود على "توريط" فريق "14 اذار" بهذه اللعبة الفاشلة، كي يزيحوه من الطريق لانه اصبح "ورقة محروقة"، كما احترق فيما مضى بشير الجميل وانور السادات، فـ"أزاحوهما".
فاذا كان بعض السخفاء يصدقون ان اميركا يهمها "الدمقراطية"، وان اسرائيل يهمها من يحكم لبنان، حتى لو كان انطوان لحد ذاته (اذا لم يكن يمسك زمام الامور فعلا)، فالواقع ان اميركا واسرائيل هما "اذكى" بكثير من ذلك؛ وهما الان يخططان لكيفية ايجاد "لغة مشتركة"، خلف الستار، مع "المنتصر" في لبنان، اي المعارضة وحزب الله.
ومن الملاحظ انه في وقت انعقاد مؤتمر الحوار اللبناني في الدوحة، كان يعقد ايضا مؤتمر مجلس التعاون الخليجي في الدمام في السعودية؛ وهذا ليس صدفة بأي شكل؛ وبالتأكيد انه كان يوجد "مندوبون سريون" اميركيون واسرائيليون، للشروع في جس النبض لمباحثات من وراء الستار مع اركان المعارضة اللبنانية "المنتصرة" وخصوصا مع حزب الله. واهم ما يهم اميركا واسرائيل الان: هل يوافق حزب الله على الشعار الذي سبق وطرحه فيما مضى (وذهب ضحيته) المرحوم ياسر عرفات، ونعني به شعار "سلام الشجعان"؟!ـ
الان، وفي الافق المنظور، فإن اسرائيل لن تجرؤ على الاعتداء الفاضح على لبنان واعطاء حزب الله الحجة الضرورية لمهاجمتها ببضع عشرات الوف الصواريخ البوتينية؛ ولكن في الوقت نفسه، اذا فتح حزب الله النار على اسرائيل (لاجل مزارع شبعا مثلا) وسوريا لا تشارك في المعركة لاجل الجولان، فإن حزب الله سيفقد مصداقيته امام الجماهير الوطنية اللبنانية، وسيظهر وكأنه اداة سورية للضغط على اسرائيل بواسطة تضحيات الشعب اللبناني من اجل مصلحة النظام الدكتاتوري السوري.
كيف سيتجاوز حزب الله الشرنقة الكيانية اللبنانية، وكيف سيفتح او الاصح كيف سيتابع المعركة الضرورية ضد اسرائيل، بدون ان يبدو انه يحرق لبنان لاجل الدكتاتورية السورية؟ ـ تلك هي المسألة الآن!؛
اننا الان في مرحلة اللاحرب واللاسلام مع اسرائيل: السلام هو فخ، والوقوع في حرب متفردة يدفع ثمنها فقط لبنان هو ايضا فخ؛ هل سيتماهى حزب الله "المنتصر" مع الكيانية اللبنانية السايكس بيكوية، ام سيستمر كمقاومة، وكيف؟ كيف سيخرج حزب الله من هذه المعضلة؟ هذا ما ستكشفه لنا الاسابيع والاشهر القادمة.
ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ
* كاتب لبناني مستقل




#جورج_حداد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المشكلة السودانية
- لبنان في الساعة ال25
- -نبوءة- نجيب العزوري
- -نبوءة-نجيب العازوري
- الهوان العربي
- ازمة الكتاب العربي
- ستراتيجية المقاومة وتحديد الاعداء، الاصدقاء والحلفاء
- الكيانية اللبنانية ...الى أين؟!
- هل يكون لبنان الضحية الثانية بعد فلسطين؟!!
- جورج حبش: مأساة الامة العربية والعالم المعاصر في مأساة رجل
- بين زيارتين رئاسيتين: بوتين يحقق نقلة نوعية كبرى في الجيوبول ...
- من كاتون الكبير الى بوش الصغير: -قرطاجة يجب ان تدمر!-
- -3 الاعلام الامبريالي الاميركي الصهيوني وامكانيات الرد الث ...
- 2 الاعلام الامبريالي الاميركي الصهيوني وامكانيات الرد الثو ...
- 1 الاعلام الامبريالي الاميركي الصهيوني وامكانيات الرد الثور ...
- عقدة كيانية سايكس بيكوية، حلها في الميدان لا في البرلمان
- حوار الطرشان ... حقا طرشان!!!؛
- العداء الاستعماري الغربي للشرق العربي، و-الوعد الشيطاني-؛
- الشهيد ياسر عرفات... ضحية وهم -السلام- مع اسرائيل
- وأي رئيس جمهورية يريد حزب الله؟!


المزيد.....




- هارفارد تنضم للجامعات الأميركية وطلابها ينصبون مخيما احتجاجي ...
- خليل الحية: بحر غزة وبرها فلسطيني خالص ونتنياهو سيلاقي في رف ...
- خبراء: سوريا قد تصبح ساحة مواجهة مباشرة بين إسرائيل وإيران
- الحرب في قطاع غزة عبأت الجهاديين في الغرب
- قصة انكسار -مخلب النسر- الأمريكي في إيران!
- بلينكن يخوض سباق حواجز في الصين
- خبيرة تغذية تحدد الطعام المثالي لإنقاص الوزن
- أكثر هروب منحوس على الإطلاق.. مفاجأة بانتظار سجناء فروا عبر ...
- وسائل إعلام: تركيا ستستخدم الذكاء الاصطناعي في مكافحة التجسس ...
- قتلى وجرحى بقصف إسرائيلي على مناطق متفرقة في غزة (فيديو)


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جورج حداد - حزب الله و-فخ الانتصار-!