أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - جورج حداد - من كاتون الكبير الى بوش الصغير: -قرطاجة يجب ان تدمر!-















المزيد.....

من كاتون الكبير الى بوش الصغير: -قرطاجة يجب ان تدمر!-


جورج حداد

الحوار المتمدن-العدد: 2183 - 2008 / 2 / 6 - 11:06
المحور: كتابات ساخرة
    


ان اي تاجر، مهما كان صغيرا او قليل التجربة، يعرف انه يوجد في السوق ما يسمى "تجارة غير شريفة"، وأحد اشكالها "التجارة الاغراقية"، ولا سيما إغراق السوق بالبضاعة القديمة الكاسدة منتهية الصلاحية، او البضاعة الجديدة وجميلة المظهر ولكن مغشوشة الجوهر. وفي معركتنا القومية المصيرية الكبرى ضد الامبريالية الاميركية والصهيونية العالمية، فإن "سوق الإعلام" العربية تكاد تختنق، حرفيا، بالسلع الاعلامية المغشوشة، التي تهدف ليس الى توعية، بل الى تسميم وعي الانسان العربي، وبكلمات اخرى "تغذيته حتى التخمة" بالوعي المسموم.
وبعض اشكال هذه السلع الاعلامية المغشوشة والمسمومة هو: تسخيف وتسطيح وتبسيط صراعنا الوجودي مع العدو الامبريالي والصهيوني.
ولكي يصل مدوزنو "اللعبة" الى اغراضهم، يرمون لنا بعض المفرقعات الاعلامية، ذات الاصداء المتقابلة، او متعددة الانفجارات، بحيث لا ندري هل ان القنبلة القاتلة تنفجر امامنا ام وراءنا ام اين؟...
من هذه المفرقعات، متعددة طبقات الانفجار، ومتعددة الاغراض، مفرقعة "صراع الحضارات" التي اطلقها نبي الشؤم الاميركي ـ الصهيوني صموئيل هنتنغتون، عشية الهجمة الاميركية الاخيرة على المنطقة العربية.
طبعا نحن "ابناء العرب" (اي ابناء الامة العربية ـ ام الحضارة الانسانية) لا يمكن ان نكون مع "صراع الحضارات" لاننا، وببساطة سطوع الشمس من الشرق، نحن "ام الصبي" الحقيقية. ولا يوجد ام حقيقية تفرط بوليدها او حفيدها او حفيد حفيدها.
ولكن هل علينا ان نأخذ هذه المقولة على علاتها، سواء بالموافقة او المعارضة؟
وبكلمات اخرى: هل مقولة "صراع الحضارات" هي بحد ذاتها مقولة صحيحة؟
ـ انها بالواقع مقولة نصف صحيحة ـ نصف كاذبة.
فالنصف الكاذب فيها هو انه لا يمكن ان توجد "حضارات" حقيقية، وان يوجد "صراع" فيما بينها؛ حيث ان قدر الحضارات (حتى لو كانت تنتمي في منشئها الى بلدان متعادية، ايا كانت اسباب العداء) هي ان تتفاعل وتتواصل، وكما يقول شاعرنا الفيلسوف سعيد عقل: ان تتبادع، لا ان تتصارع.
والنصف الصحيح فيها هو انه يوجد فعلا صراع بين الشرق العربي ـ الاسلامي وبين الغرب الامبريالي الاميركي ـ الصهيوني، ولكنه ليس صراعا بين "حضارتين"، بل هو ـ في الجوهر ـ صراع بين الحضارة الانسانية، التي يمثلها الشرق العربي ـ الاسلامي في مرحلتنا الراهنة، وبين الهمجية الامبريالية ـ الصهيونية المعادية للانسانية جمعاء.
وهذا الطرح "الملتبس" لهنتنغتون ومَن وراءه كان يقصد منه:
اولا ـ خلط الحقيقة بالكذب، و"تبرئة ذمة" الجبهة الامبريالية ـ الصهيونية من تاريخها وواقعها واهدافها الاستعمارية الهمجية، بإضفاء "الطابع الحضاري" (خصوصا: الديني) على الصراع بمجمله، اي من كلا الجانبين.
ثانيا ـ خلق الارضية المناسبة وايجاد المبررات الكافية، لتضليل وحرف الحركات "الاسلامية!!!" القابلة للتضليل والانحراف، لـ"تضييع البوصلة" وإغماض العين عن الطابع الاساسي، التحرري ـ الوطني ـ الانساني، للصراع؛ والغرق كالعميان في مستنقع الصراع الديني، خصوصا الصراع المسيحي ـ الاسلامي، ومن ثم الصراع المذهبي الاسلامي ـ الاسلامي ذاته، لأن تجربة التاريخ تثبت ان الانجرار في اي حلقة من حلقات الصراع الديني، تجر وراءها السلسلة كلها، لانها سلسلة واحدة مترابطة.
ثالثا ـ ولكن اخطر ما كانت ولا تزال تهدف اليه مفرقعة هنتنغتون هو: دفعنا الى التخلي عن الصراع ضد الامبريالية والصهيونية، باسم معارضة "صراع الحضارات"، وباسم "حوار الحضارات" و"حوار الاديان" و"لقاء الاديان"، واخيرا بيت القصيد "السلام والوئام" بين "ابناء سيدنا ابرهيم"، وما اشبه ذلك من الاكاذيب الشيطانية، التي ليس فيها شيء من الحق، حتى "الحق الذي يراد به باطل"، لانها كلها باطل، وباطل الاباطيل!
ومن الاكاذيب والخزعبلات الاعلامية الشيطانية التي يتعرض لها وجدان ووعي الانسان العربي، لا سيما في السنوات الاخيرة:
1 ـ ان الصهيونية الغربية هي سياسة شيطانية، اما اليهودية فهي "دين رباني" شرقي، كالاسلام والمسيحية. وفي الصراع ضد الصهونية "الغربية"، يمكننا "الاتكاء" على اليهودية "الابرهيمية".
2 ـ ان اسرائيل "تخدع" و"تضلل" اميركا، وان السياسة الامبريالية الاميركية هي نتيجة "تقصير" الاعلام العربي.
3 ـ ان السياسة الامبريالية الاميركية رهن بهذا الرئيس الاميركي او ذاك.
4 ـ ان اميركا، التي قامت بتحرير العراق من دكتاتورية صدام، هي جادة في اقامة "الدمقراطية" في العراق.
5 ـ ان اميركا هي جادة في اقامة "دولة فلسطينية" الى جانب الدولة الاسرائيلية اليهودية.
6 ـ ان اميركا جادة في ايجاد "تسوية وفاقية وطنية" في لبنان.
7 ـ ان اميركا جادة في اقامة السلام في السودان والجزائر والمغرب (خصوصا مع البوليساريو).
8 ـ ان اميركا جادة في تطبيع العلاقات مع ليبيا.
وغير ذلك من الاكاذيب والخزعبلات، التي تتجند غالبية وسائل الاعلام العربية ذاتها لتسويقها في السوق الاعلامي العربي مع كرنفالات روتانا باهظة الكلفة (التي تكاد تصبح احد اسباب رفع اسعار النفط)، ومع دلع نانسي، وآهات هيفا، مع كل الاحترام لهاتين الصبيتين الحلوتين.
وجوابا على هذه الخزعبلات نقول:
1 ـ لا شك ان الصهيونية (ومولودها: اسرائيل) هي ـ حسب تعبير الامام المغيب موسى الصدر ـ شر مطلق. ولكن بدلا من محاولة "اقناع" الانسان العربي بقبول الديانة اليهودية لانها "ديانة الهية" و"ربانية" و"سماوية" مطهرة وسموحة، ليتفضل كل من يشاء وينشر لنا على الملأ المقاطع والفصول من التوراة، التي تدعو الى ابادة العرب (الكنعانيين، واليبوسيين، والعموريين الخ) من اساسهم، والى عدم ابقاء نسمة منهم، والى الاستيلاء على ارضهم ومدنهم وبيوتهم وكرومهم. وليتفضل من يشاء وليطلب من ارباب اليهودية ان يعتذروا، مجرد ان يعتذروا، عن التواطؤ لقتل يوحنا المعمدان، والالحاح على صلب السيد المسيح. لماذا علينا نحن ان "نصفح" عن القاتل، المستمر بالقتل باوامر "الهه التوراتي" واسياده الامبرياليين الاميركان، في حين انه هو ـ اي هذا القاتل ـ غير مستعد للاعتراف حتى بأنه ارتكب جريمة القتل عن طريق "الخطأ"؟. لماذا... والى متى... يرضى القتيل وليس يرضى القاتل؟!
2 ـ ان الطغمة المالية اليهودية العليا هي جزء لا يتجزأ من النظام الامبرياليي العالمي. ومن ثم فإن اسرائيل هي قاعدة صهيونية ـ امبريالية، كانت بريطانية (حينما كانت بريطانيا زعيمة العالم الامبريالي) فاصبحت اميركية (حينما اصبحت اميركا زعيمة هذا العالم الشيطاني). فلا اسرائيل تخدع اميركا، ولا اميركا تخدع اسرائيل؛ بل الاثنتان "تخدعان" المتساقطين والجبناء والعملاء من الفلسطينيين والعراقيين واللبنانيين والعرب والاكراد والامازيغ. وستأتي ساعة، كما دائما، يندم فيها من يندم، ولات ساعة مندم.
3 ـ ان اميركا، بوصفها زعيمة العالم الامبريالي، هي وريثة التقاليد الامبريالية في التعامل مع الشرق العربي ـ الاسلامي. ومن ثم فإن "تعاملها" مع الشرق العربي ـ الاسلامي، له بعد واحد هو: التدمير والاستعمار. ولا شيء سوى ذلك. وحينما اطلق جورج بوش الابن حملته، بعد 11 ايلول 2001، سماها " الحملة الصليبية الجديدة". وعند مهاجمة العراق، نادى بعض الكتاب الاميركيين بـ"اعادة العراق الى العصر الحجري". وقد القى "المحررون" الاميركيون على العراق ملايين اطنان ما يسمى اليورانيوم المنضب، لتسميم التربة والمياه والهواء، لجعل الارض العراقية غير صالحة فعليا وانسانيا للسكن لمئات السنين الى الامام.
وهذا ما يذكر تماما بقرطاجة، التي لم يكتف الرومان بأن قضوا على سكانها عن بكرة ابيهم، حيث قتل عشرات الالوف منهم وسلم الباقون للنخاسين اليهود لبيعهم عبيدا، ثم اضرموا النار فيها لمدة 17 يوما، بل عمدوا الى رش اراضيها بالملح حتى لا تعود صالحة للزراعة والعيش لا للانسان ولا للحيوان.
ويومها، لم يكن قد ظهر السيد المسيح؛ ولم تكن روما قد صلبته و"حصلت" على رمز "الصليب"؛ ولم تكن بالتالي قد اغتصبت الكنيسة المسيحية ونقلت مركزها اليها بدلا من فلسطين، ثم استخدمت رمز "الصليب" الذي هي نفسها صلبت السيد المسيح عليه، لتشن "حملاتها الصليبية" وآخرها حملة "بوش الصغير" ضد الشرق العربي.
يومها، طرحت "روما" شعارا اكثر بساطة، واكثر "صدقا" وتعبيرا عن الواقع، وان لم يكن اقل همجية ووحشية، وهو شعار: "قرطاجة يجب ان تدمر!"؛ الذي اطلقه سيناتور (عضو مجلس الشيوخ) روماني، يدعى: كاتون(Caton) الكبير!
وحينما تم تدمير قرطاجة بالطريقة الوحشية التي دمرت بها، "فرح" بعض منافسيها من الامازيغ في شمال افريقيا، ومن العرب والاغريق في مصر وغيرها. ولكن بعد قرطاجة، سقط كل شمال افريقيا، وسقطت مصر، وسقطت فلسطين، وسقطت البتراء، وسقطت تدمر، تحت القدم الوحشية الرومانية.
واليوم تعمل اميركا المستحيل لتحويل فلسطين الى مقبرة للفلسطينيين، ولبنان الى مقبرة للبنانيين، والعراق الى مقبرة للعراقيين، ومصر الى مقبرة للمصريين، والسودان الى مقبرة للسودانيين. اما العربان ـ ولا سيما عربان النفط ـ المخدوعون بالسلام مع اسرائيل والصداقة مع اميركا، والمنشغلون ببناء الفنادق الخيالية والقصور والابراج التي لا تخطر على بال، فلن تترك لهم اميركا واسرائيل (اللتان تقاتلان الان عنهم على مضض) سوى الاطلال التي تنعب فيها الغربان.



#جورج_حداد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -3 الاعلام الامبريالي الاميركي الصهيوني وامكانيات الرد الث ...
- 2 الاعلام الامبريالي الاميركي الصهيوني وامكانيات الرد الثو ...
- 1 الاعلام الامبريالي الاميركي الصهيوني وامكانيات الرد الثور ...
- عقدة كيانية سايكس بيكوية، حلها في الميدان لا في البرلمان
- حوار الطرشان ... حقا طرشان!!!؛
- العداء الاستعماري الغربي للشرق العربي، و-الوعد الشيطاني-؛
- الشهيد ياسر عرفات... ضحية وهم -السلام- مع اسرائيل
- وأي رئيس جمهورية يريد حزب الله؟!
- وثيقة شيوعية بلغارية تفضح التواطؤ الستاليني الصهيوني
- العرب والبلغار على المسرح الحضاري العالمي
- حرب تموز 2006، والخطة -السلمية- الاميركية لاحتواء حزب الله
- الفتنة ليست طريق الخلاص لسوريا
- اغتيال الشيخ رفيق الحريري وصراع الكتل المالية الدولية للسيطر ...
- نحو جبهة أممية موحدة
- نحو بناء التنظيم الشيوعي الثوري العربي الموحد
- احمدي نجاد ليس معتوها، بل -العرب- متخاذلون!
- 1 العلاقة التناحرية الروسية الصهيونية،والمصير الملتبس لاسر ...
- اذا خضعت حماس، هل سيخضع حزب الله؟!
- الخطر الاعظم: هل يستطيع الشيطان الاكبر إخضاع لبنان الصغير ال ...
- حزب الله في الكماشة


المزيد.....




- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - جورج حداد - من كاتون الكبير الى بوش الصغير: -قرطاجة يجب ان تدمر!-