أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - في نقد الشيوعية واليسار واحزابها - جورج حداد - ستراتيجية المقاومة وتحديد الاعداء، الاصدقاء والحلفاء















المزيد.....



ستراتيجية المقاومة وتحديد الاعداء، الاصدقاء والحلفاء


جورج حداد

الحوار المتمدن-العدد: 2265 - 2008 / 4 / 28 - 10:58
المحور: في نقد الشيوعية واليسار واحزابها
    


في الظروف المصيرية الصعبة التي تمر بها المنطقة العربية، ولا سيما في فلسطين والعراق ولبنان، وخصوصا بعد حرب تموز ـ اب 2006، التي شنتها اسرائيل على لبنان، و"الانقسام" الفلسطيني، وتصاعد المقاومة العراقية جنبا الى جنب الخطة الاميركية لتفتيت العراق؛ تطرح للمناقشة العديد من القضايا وبالاخص مسألة المقاومة وما يسمى "الحل السلمي" مع العدو الاسرائيلي، و"الدمقراطية" الاميركية، والموقف من ايران، والموقف من روسيا (الاتحاد السوفياتي سابقا)، وتقييم "وطنية" الانظمة العربية الدكتاتورية كالنظام السوري ونظام صدام حسين الذي اعتبره البعض ـ بعد محاكمته الصورية واعدامه ـ بأنه "شهيد". وفي خضم هذه المناقشة توجد ـ برأيي ـ ثابتتان رئيسيتان هما:
الاولى ـ ان المحور الاساسي للتوجه الوطني والدمقراطي الحقيقي ينبغي ان يكون: ستراتيجية المقاومة الشعبية ضد الاحتلال وجميع اشكال الهيمنة الامبريالية ـ الصهيونية.
والثانية ـ انه ينبغي تحديد معسكر الاعداء، ومعسكر الاصدقاء والحلفاء، استنادا الى هذه الستراتيجية.
بناء عليه انتقل الى مناقشة عدد من القضايا المطروحة:
1 ـ يتناول البعض العلاقة مع روسيا (والاتحاد السوفياتي قبلا) ومع ايران انطلاقا من موقف سلبي مسبق؛ وهو يناقش العلاقة الخارجية للعرب بشكل عام، تجريدي، اي انه يضع اميركا وروسيا واوربا والغرب عموما وايران على قدم المساواة، كدول خارجية، ويبني احكامه عليها بناء على مواقف او افكار مسبقة، بعضها من اجتهاده او تفسيره لاحداث سابقة، وبعضها تحت تأثير افكار مأخوذة من كتب غربية مثل كتاب "لعبة الامم" لـ"مايلز كوبلاند"، او اطروحة "صراع الحضارات" لهنتنغتون الخ. ويستند هذا البعض في طرحه على اخفاقات العلاقة العربية ـ السوفياتية السابقة، وعلى "المذهبية" الشيعية لايران او نزعتها "الفارسية".
ولا يسعنا الا ان نلفت نظر هذا البعض الى بعض الحقائق التي ينبغي ان ننطلق منها:
2 ـ ان تاريخنا القديم والمتوسط والحديث والمعاصر هو مليء بالاحداث الجسام، وبالمصادمات الكبرى، وبالمآسي، وهو مخضب بالدماء. وكل منا مجروح، بهذا الشكل او ذاك. وفي مطلع القرن العشرين، عشية وغداة انهيار السلطنة العثمانية الغاشمة، كان لسان حال أمتنا يقول: اما آن لهذا الليل ان ينجلي؟! ـ ولكن ما جرى هو كما قال العظيم امين الريحاني، بوجه المفوض السامي الفرنسي في لبنان: "خلصنا من استعمار البشلك، فوقعنا في استعمار الفرنك، خلصنا من استعمار السوط، فوقعنا في استعمار المدفع، خلصنا من استبداد عبدالحميد، فوقعنا في استبداد دي مارتيل". وهذا الواقع المرير والاليم يجعلنا عاطفيين وانفعاليين فوق المعتاد، واحيانا كما يقال "ننفخ على اللبن، لانه كوانا الحليب" ونخاف من جرة الحبل لما لسعتنا الحيات. ولكن ضراوة المعركة، وجسامة التضحيات، ومسؤولياتنا تجاه الاجيال الصاعدة والقادمة، تقتضي منا ان نفكر بعقل بارد وقلب حام، وليس العكس. انطلاقا من ذلك، لنضع الايديولوجيا الفكرية والدينية والنزعات الشوفينية والافكار المسبقة جانبا، في علاقاتنا الخارجية، ولنفكر بطريقة براغماتية، بحثا عن الحلفاء الثابتين، اذا وجدوا، وحلفاء المصالح الموقتين الذين يجب ان نوجدهم اذا لم يكونوا موجودين. بناء على هذا المبدأ، انا اقول ما يلي:
اولا ـ ان اليهودية العالمية (ونعني بها: اليهودية المنظمة كيهودية، أي كعصابة مالية ـ اجرامية ـ اتنية [مثل المافيا الايطالية "الصقلية"، او المافيا "الالبانية"، او المافيا "الشيشانية"] تتستر بـ"دين" مزيف، وليس اي مخلوق يهودي كان)؛ـ "هذه" اليهودية هي عدو ثابت للعرب وللروس معا، منذ الوف السنين. فاليهود القدماء، بقيادة طغمتهم المالية، هم الذين احتالوا على سكان مصر الاحرار وحولوهم الى عبيد لفرعون، وقد هربوا من مصر ليس من فرعون بل من "المصريين" (راجع التوراة)، هذا ناهيك عما يسمى "وعد الرب" و"ارض الميعاد" والدعوة الى قتل وابادة العرب عن بكرة ابيهم (راجع التوراة)؛ واليهود العرب (العبرانيون) الذين كانوا ايام الدولة العربية ـ الاسلامية، يمسكون التجارة من الاندلس حتى حدود الصين، هم الذين كانوا وراء صنع "مملكة الخزر اليهودية" التي كانت تخدمهم "تجاريا" (في إتل عاصمة مملكة الخزر كان يوجد حي "اسلامي!" بقيادة شخص تركي(طبعا قاطع طريق، والا لما كان في هذا المركز)، وكان التجار "المسلمون!" (او: اليهود الآتون من ديار الاسلام ـ ج.ح.) يأتون الى هذا الحي بدون ان يراجعوا احدا من مسؤولي المملكة الخزرية، ودون ان يحق لاحد التدخل في شؤونهم ـ (راجع "رسالة (رحلة) ابن فضلان")، وكانت مملكة الخزر اليهودية تغزو بلاد البلغار والروس (قبل ان تنشأ لهم دولة) وتسبي نساءهم وتحتفظ ببعضهن لمتعة ملك وامراء وقواد الخزر ويبيعون "بقية الغلة" لليهود العرب (العبرانيين) الذين يبيعونهن جواري الى الامراء والحكام العرب "المسلمين!"؛ وأول شيء فعلته الدولة الروسية حينما تأسست هو القضاء التام على دولة الخزر اليهودية ومنع الخزر من السكنى في محيط بحر قزوين؛ واليهود الخزر (الذين نسميهم اليوم "اليهود الغربيين"، والذين يقودون اسرائيل حاليا) لا ينسون ذلك ابدا، ولا ينسون ان مرحلة الدولة العربية الاسلامية كانت تمثل "العصر الذهبي لليهود" (راجع كتاب "اليهود، الله، التاريخ" ل ماكس دايمونت، صادر باللغة البلغارية عن دار النشر اليهودية "شالوم") وهم ـ اي اليهود ـ يحقدون على الروس (الذين حرموهم من "عصرهم الذهبي") حقدا دفينا اعمى، اكثر من حقدهم على الالمان، وحقدا "تاريخيا" يوازي او يفوق حقدهم "التاريخي" على العرب.
ثانيا ـ ان اميركا، كدولة، نشأت من اساسها كدولة معادية للعرب. ونكتشف ذلك في قصة "اكتشاف" اميركا، وتطورها "التاريخي" كدولة قامت واستمرت على الاستعمار والغزو الاستعماري: فبعد فشل الحروب الصليبية، كانت اوروبا الاستعمارية تعد العدة مجددا لمعاودة غزواتها الاستعمارية على الشرق العربي ـ الاسلامي؛ وبعد سقوط القسطنطينية في ايدي العثمانيين الذين كان يديرهم ويمولهم "ابناء عمومتهم" اليهود الخزر الفارين من وجه الروس، وبعد سقوط الاندلس وهو ما يسميه الاسبان والغربيون "الاسترجاع" (ريكونكيستا) من يد العرب، قررت اوروبا الاستعمارية غزو الشرق العربي ـ الاسلامي من جديد، ولكن "ذكرياتهم السلبية" من ايام الحروب الصليبية جعلتهم يترددون في القيام بهجوم مواجهة مباشرة. وبالرغم من ان الكنيسة كانت حينذاك تنفي بشكل قاطع كروية الارض، تحت طائلة "التكفير" و"الحرم الكنسي"، الا ان هذا لم يمنع طرح موضوع تجربة هذا الاحتمال، مع اغماض عين الكنيسة عن ذلك. فكانت الرحلات الاستعمارية لماجلان وكريستوفر كولومبوس وغيرهما، لمحاولة الوصول الى الهند، باتجاه عكسي للطريق الذي سلكه الاسكندر المقدوني، بهدف اساسي هو: مهاجمة الشرق العربي ـ الاسلامي من الخلف. اي ان رحلة كولومبوس التي "اكتشفت" اميركا "بالصدفة" لم تكن هي ذاتها "بالصدفة"، بل كان القصد منها التحضير لمهاجمة الشرق العربي ـ الاسلامي من جديد. وقد اعتقد غزاة القارة المجهولة، لأول وهلة، انهم وصلوا الى الهند، ومن هنا جاءت تسمية سكانها "الهنود الحمر". وقد التهى الغزاة بالقارة الجديدة وغناها. ولكن هدف السيطرة على الشرق العربي ـ الاسلامي، كهدف بحد ذاته، وكشرط للسيطرة على العالم بأسره، ظل هو الاساس في تكوين الدولة الاميركية. وتاريخيا تحولت اميركا الى اكبر قاعدة خلفية للاستعمار واكبر تجمع لأسوأ القوى الاستعمارية الغربية وللعصابة اليهودية في العالم.
وحينما بدأت تلوح لاميركا هذه الفرصة، اي فرصة الانقضاض على الشرق العربي، بعد حرب السويس في 1956، وانهيار النفوذ الانكليزي والفرنسي، طرح ايزنهاور نظرية "ملء الفراغ" للحلول محل الاستعمار القديم في الشرق؛ ومثلما تم استبدال الامبراطورية العثمانية بسايكس ـ بيكو والاستعمار الاوروبي الغربي (اكثر تحديدا: الانكليزي ـ الفرنسي)؛ بدأت ـ بعد حرب السويس 1956 ـ عملية استبدال الاستعمار الاوروي الغربي الشائخ بالاستعمار الاميركي المتوثب، وتحولت اسرائيل الى الذراع الطويلة لاميركا. وقد افتعلت احداث 11 ايلول2001 كذريعة "لاستكمال رحلة كولومبوس" اي مهاجمة الشرق العربي ـ الاسلامي "من الخلف": افغانستان، من ثم العراق... بهدف وضع اليد على كل المنطقة العربية، ومن ثم الالتفات لضرب روسيا اذا استطاعوا، بالتعاون مع تركيا واسرائيل خصوصا ومع الحلف الاطلسي عموما.
واليوم، فإن احتمال إسقاط الوطن العربي في براثن الوحش الاميركي ـ الصهيوني يعني اوتوماتيكيا اسقاط العالم الاسلامي؛ واحتمال اسقاط روسيا يعني اسقاط العالم السلافي والاوروبي الشرقي والمسيحي الشرقي. واذا لم تكن روسيا موجودة الى جانب الصين، فإن الصين يمكن ان تسقط في براثن الاميركيين بدون قتال، تسقط بالتجويع، اذ خلال 3 ـ 4 سنوات من الحصار الاقتصادي التجويعي يبدأ عشرات ملايين الصينيين يموتون من الجوع في الشوراع وتضطر القيادة الانتهازية الصينية (السائرة منذ الان في الاتجاه الراسمالي المتستر بـ"الاشتراكية") لتقبيل اقدام الوحش الاميركي كي يرسل لها قليلا من فوائض القمح الكندي او الاوسترالي او الاوكراني، كي تطعم شعبها الجائع حتى لا ينقض عليها ويمزقها اربا. ونحن نعلم تماما، كما والعالم اجمع، انه حينما طرح الجنرال ايزنهاور نظرية "ملء الفراغ" في 1957 لم يكن يوجد لا الشيخ اسامة بن لادن ولا الدكتور ايمن الظواهري ولا الملا عمر ولا "القاعدة" والا "الارهاب الاسلامي!" ولا احداث 11 ايلول 2001، ولم يكن احد من العرب قد "داس على طرف اميركا" كما يقال؛ فلماذا جاءت الاساطيل الاميركية لتحل محل الاستعمار الاوروبي الغربي؟ ـ الجواب واضح: ان الاستعمار، وخصوصا استعمار الشرق العربي ـ الاسلامي كشرط لاستعمار العالم، هو "الجينة الاساسية" لتكوين الدولة الاميركية. واميركا اليوم، بيهودها، هي "روما الجديدة"، بيهودها، اي هي قاعدة "الصليبية" الجديدة في العالم (وحتى لا يخطئ البعض الفهم، فإن "الصليبية" لا تعني ابدا "المسيح المصلوب" بل تعني "صلب المسيح"، اي هي النقيض تماما والعدو الاكبر للمسيح والمسيحية الحقيقية. فالصليبيون القدماء والجدد هم "مسيحيون!"، بمقدار ما ان العثمانيين (القدماء والجدد) هم "مسلمون!").
ثالثا ـ انه لمن الخطر الاكبر على وعينا الفردي والجمعي ان نصدق بنوايا حسنة كل ما يرمى لنا من مطابخ الديماغوجيا والبروباغندا الامبريالية والصهيونية، مثل اطروحة "صراع الحضارات" لهنتنغتون واطروحة "لعبة الامم" لكوبلاند. فأطروحة "صراع الحضارات" كان يراد منها امرين، متناقضين في المظهر، منسجمين في الجوهر، وهما: اما ان نصدق ـ ونوافق على ـ ان الصراع مع الامبريالية والصهيونية هو فعلا "صراع حضارات" اي بين الحضارة اليهودية ـ المسيحية من جهة، والحضارة العربية ـ الاسلامية من جهة ثانية؛ واما ان نقع في "الفخ" المقابل، وهو ان نعارض فكرة "صراع الحضارات" بفكرة "حوار الحضارات"، ونذهب الى "السلام العادل والشامل مع اسرائيل" (باعتبار ان الصراع معها هو صراع "ديني ـ حضاري" من كلا الطرفين) والى القبول بـ"الدمقراطية الاميركية" (باعتبارها شكلا من اشكال "الحضارة الغربية" مقابل "حضارتنا الشرقية: العربية ـ الاسلامية" التي تقول بالشورى والمبايعة وما اشبه)؛ والواقع ان الصراع بيننا وبينهم ليس ابدا "صراع حضاري" متبادل، بل هو صراع حضاري من جانبنا، لانه صراع من اجل الحرية والعدالة الانسانية، ولكنه صراع همجي من جانبهم، لانه صراع لصوصي استعماري امبريالي رأسمالي؛ ومن ثم فنحن لا ينبغي لنا بأي شكل ان نكون مع "الحوار" و"التطبيع" مع الامبريالية والصهيونية واسرائيل (باسم "الدين" او "الثقافة" او "الحضارة")، وكل من يذهب الى الحوار والتطبيع ينبغي ان يعامل كخائن بكل ما تقتضيه معاملة الخائن، لان خيانة الارض والعرض والشعب والكرامة والوجدان الانساني ليست ـ اي الخيانة ـ وجهة نظر ورأي ورأي آخر، بل هي جريمة كبرى بحق الانسان ووجوده الكريم على وجه الارض. اما كتاب "لعبة الامم" فقد اريد منه: اولا ـ ان نضيع البوصلة ونساوي بين العدو والصديق (الامبريالية الاميركية والاتحاد السوفياتي السابق الخ)؛ وثانيا ـ ان نزدري ونحتقر انفسنا كعرب، او كأمة عربية اعطت الحضارة (منذ ايام الفينيقيين والاشوريين والاقباط القدماء والكنعانيين الخ): الابجدية والارقام وابجديات العلوم الوضعية والحقوقية والجمالية والدينين السماويين الحقيقيين المسيحية والاسلام اللذين نقلا البشرية الى آفاق انسانية حقيقية؛ ـ ان نحتقر انفسنا بما نحن، لان عصابة اجرامية لصوصية مثل العثمانيين استطاعت ان تزيحنا من مسرح التاريخ (و"لعبة الامم" حسب تعبير كوبلاند)، وان نبقى نحن الى اليوم "خارج" هذه "اللعبة" بينما تركيا (العثمانية، فالاتاتوركية، فالاردوغانية) لا تزال "داخل اللعبة"، وهي عضو في حلف الاطلسي ويحضّرونها الان كي تصبح عضوا في "الاتحاد الاوروبي". فهل اذا دخلنا في "الحلف الاطلسي" تحت القيادة الاميركية، نكون دخلنا في "لعبة الامم". بئس اللعبة! وبئس اللاعبين!
3 ـ في معركتنا الكبرى للتحرر والوحدة القومية والعدالة الانسانية، لنا ولكل شعوب العالم، نحن ملزمون بتحديد معسكر الاعداء؛ وبتحديد الاصدقاء والحلفاء؛ لان المعركة ـ شئنا ام ابينا ـ هي معركة عالمية بامتياز، تماما مثلما كانت معركتنا ضد الصليبيين قديما معركة عالمية بامتياز. وهذا ما يتجاهله عمدا، او تعشى عيونهم عن رؤياه، بعض مؤرخينا الشوفينيين و"الاسلاميين!" المغرضين او ضيقي الافق، الذين يقولون ان الحملات "الصليبية" كان حربا بين "المسيحية" ككل، و"الاسلام" ككل. فلو ان المسيحيين الشرقيين (الاغريق والارمن والسلافيين والروس) لم يقفوا في حينه ضد الصليبيين بل وقفوا معهم، واجتاحوا اراضينا من وراء ايران ومن وراء تركيا ومن الشواطئ المصرية، كيف كان سيكون مصير الامة العربية؟؛ واليوم، لو ان روسيا تسعى فعلا لصداقة اميركا، وتدعم اسرائيل على حساب العرب، فمن الصعب التفكير ماذا كان سيكون عليه مصير الامة العربية!
4 ـ بناء على ذلك نقول:
أ ـ ان العصابة اليهودية العالمية (بما فيها "الصهيونية" التي هي وجه سياسي للعصابة اليهودية العالمية، و"الماسونية" التي هي اداة وامتداد مافياوي غير يهودي للعصابة اليهودية العالمية) هي، والى قيام الساعة، عدو تاريخي ثابت للامة العربية، منذ ان جوّع يوسف المصريين وحولهم (بحجة انقاذهم من الجوع) الى عبيد لفرعون.
ب ـ ان اميركا، منذ رحلة "اكتشافها" ومقدمات ولادتها كدولة، هي عدو تاريخي ثابت للامة العربية اولا، وللانسانية جمعاء ثانيا. فقد كان "اكتشاف" واستعمار اميركا وابادة عشرات ملايين "الاميركيين الاصليين" ومثلهم من الزنوج، "بسببنا!" نحن العرب، لاننا كنا نحن المقصودين اولا واخيرا. واذا كانت اميركا اليوم تطلب دم 3000 اميركي بريء او غير بريء (سقطوا في 11 ايلول 2001) في دم 300 مليون عربي ودم مليار ونصف المليار مسلم، فإنه يتوجب علينا نحن ان نطلب دم كل ضحايا اميركا، من اول هندي مقتول، واول زنجي تم اصطياده في افريقيا لاستعباده في اميركا واول زنجي علق على شجرة لرفضه شروط العبودية، الى اخر فيتنامي واخر افغاني واخر عراقي واخر طفل ذبيح في قانا ـ لبنان او غزة ـ فلسطين، ونطلب هذا الدم ليس من الاميركيين العاديين المساكين المصابين بالسمنة وبالامراض العصبية، الذين يتم تبليدهم وتبليههم بواسطة الاطعمة والمشروبات المغشوشة، بل نطلبه من العصابة الامبريالية ـ الصهيونية التي تحكم اميركا (ولا تزر وازرة وزر اخرى).
5 ـ ان اوروبا التي ترتعد فرائصها من الدب الروسي، الذي سبق له وان حطم الوحش الهتلري في عقر داره ورفع العلم الاحمر بالمنجل والمطرقة (بصرف النظر عما اذا كان هذا يعجب او لا يعجب ايا كان من زاوية نظر حزبية وايديولوجية) فوق الوكر الهتلري؛ والتي ـ اي اوروبا ـ اصبحت تحسب الف حساب للوعي المتزايد والروح القتالية المتزايدة لدى الشعوب العربية والاسلامية (مستعمراتها السابقة)؛ ـ اوروبا هذه اصبحت تنشد السلامة وتريد تأمين مصالحها "بالتي هي احسن" وبطريقة براغماتية، وهي تساير سياسة اميركا مسايرة عن اضطرار وليس عن قناعة او مصلحة اساسية؛ ولو كان لدينا دول عربية تحترم نفسها حقا، ولا تودع مساء غونزاليزا رايس، لتستقبل صباحا تسيبي ليفني؛ لكان بالامكان ان نعقد تحالفات مصلحية كبيرة مع الدول الاوروبية، تنعكس على سياستها الخارجية ايجابيا لصالحنا.
6 ـ اما روسيا فهي حليف تاريخي موضوعي للامة العربية؛ ليس اكراما لسواد عيون العرب بحد ذاتهم، بل حبا بنفسها وحفاظا على مصالحها وتعلقا بارضها وبمصيرها. فتاريخ الروسيا هو شبيه جدا بالتاريخ العربي، من حيث انها كانت دائما مطمعا للغزاة: كانت هدفا لغزو اليهود الخزر، فسحقتهم وشتتهم؛ وهدفا لغزو التتار فسحقتهم واخضعتهم، وهدفا لغزو العثمانيين فحطمتهم وحولت الامبراطورية العثمانية الى "رجل اوروبا المريض" قبل ان يموت غير مأسوف عليه؛ وكانت هدفا للاستعمار الاوروبي الغربي (من نابوليون الى هتلر)تماما كالبلدان العربية والاسلامية؛ وفي 1918 (بعد ثورة اكتوبر الاشتراكية سنة 1917) هاجمت روسيا 14 دولة استعمارية مجتمعة بقيادة ونستون تشرشل، ولكن الغزو الغربي فشل ايضا الا انه تسبب في موت عشرات ملايين الروس من الجوع، لان الروس اهملوا اراضيهم الزراعية وهبوا لحمل السلاح والقتال ضد الغزاة؛ وحتى بعد سقوط النظام السابق (الذي كان يسمى "اشتراكيا" او "شيوعيا" وهو ما يجب التوقف عنده ومناقشته على حدة) وازالة "الستار الحديدي" وفتح ابواب العلاقة مع الغرب، فإن الرساميل والعصابات الاميركية والغربية واليهودية اتجهت نحو تفكيك الدولة الروسية وتجويع الشعب الروسي وتسميمه بالمخدرات (خصوصا بواسطة المافيا الشيشانية؛ حيث كان الحي الشيشاني في موسكو ذاتها "دولة داخل الدولة"؛ وبعد ان ذر قرن النزاع العنيف بين الفاتيكان والمافيا الايطالية "الصقلية" التي كانت تعتمد عليها اميركا في توزيع المخدرات في اوروبا، اتجه الاميركان للاعتماد على المافيا الالبانية ـ التي شنوا لاجلها الحرب على صربيا ـ والمافيا الشيشانية؛ وكانت المافيا الشيشانية ولا زالت على علاقة تمويلية وثيقة مع المليارديرية اليهود الروس: بيريزوفسكي، خودوركوفسكي، مايكل تشورني وغيرهم)، وكان الهدف: السيطرة على الاراضي الروسية الشاسعة بخيراتها غير المحدودة، وتحويل روسيا الى مستعمرة عالمثالثية. ولكن الدب الروسي سرعان ما استيقظ من غفوته الموقتة، وبدأ "رقصته" من جديد. ويقول لنا التاريخ ان الدب الروسي حينما يرقص لا يهز وسطه كالغانية لامتاع هذا الامير الحقير او ذاك الملياردير الاحقر، بل يزلزل الارض ويشق عنان الفضاء. وروسيا اليوم هي بحاجة الى التحالف والصداقة مع الشعوب العربية والاسلامية، بمقدار حاجتنا نحن اليها واكثر، في المعركة المشتركة ضد الاعداء المشتركين: الامبريالية الاميركية والصهيونية العالمية، وهذا بصرف النظر عن المعتقدات الدينية والمذهبية والايديولوجيا الفكرية والتيارات السياسية وطبيعة نظام الحكم في هذا البلد او ذاك. واذا كنا لا نستطيع ان نكتشف حاجة روسيا الينا مثل حاجتنا اليها واكثر، فتلك طامة كبرى على طريقة: ان كنت تدري فتلك مصيبة، وان كنت لا تدري فالمصيبة اعظم!. الخلاصة، انه يتوجب علينا ان نجد الاشكال الملائمة، لمصلحتنا اولا واخيرا، في العلاقات المصلحية والصداقية مع روسيا. ونحن اليوم بحاجة ماسة لهذه الصداقة، لان الاحتلال الاميركي والاسرائيلي هو في اراضينا، ولان اطفالنا ونساءنا ورجالنا هم الذين يقتلون كل يوم او يموتون بالامراض والعاهات التي تسببت بها الاسلحة الاميركية الملوثة في العراق، وشبابنا هم الذين يجري تسميمهم بالمخدرات التي تنقلها الطائرات العسكرية الاميركية من افغانستان المحتلة.
7ـ وفي هذا السياق، من الضروري تدقيق بعض المعلومات التي يذكرها البعض حول هزيمتنا المخجلة في حرب 1967: اذ يتهم البعض الروس (السوفيات حينذاك) بأنهم ساعدوا في افتعال حرب 1967، لتجريب السلاح الروسي ضد السلاح الاميركي؛ وفي الوقت نفسه يتهمونهم بأنهم هم الذين تسببوا بالهزيمة لانهم لم يعطوا الدول العربية المقدار الكافي من الاسلحة، ولانهم ـ اي الروس ـ كانوا يقدمون لاسرائيل المعلومات الكاملة عن الاستعدادات المصرية والعربية الخ. طبعا يوجد في هذين القولين تناقض واضح حتى بالمنطق الشكلي البسيط، لان الشيء لا يكون الشيء وضده في الوقت نفسه. فكيف يريد الروس تجريب اسلحتهم ضد السلاح الاميركي بيد اسرائيل، وكيف توصل الاستخبارات الروسية المعلومات الى الاسرائيليين، لهزيمة السلاح الروسي بيد المصريين والعرب؟؟!! انه منطق يصح فيه قول "عكرت علي المياه" او قول "الغرض مرض". ومع ذلك ينبغي الاعتراف ان موضوع السلاح الروسي، ونوعيته ومقداره، كان من المواضيع الكبرى التي جرى النقاش حولها بعد هزيمة 1967؛ وليس بدون فائدة التوقف عند هذا الموضوع: انا شخصيا كنت في ذلك الحين احد الذين شاركوا في هذا النقاش على صفحات بعض الصحف والمجلات اللبنانية، وخاصة "الكفاح العربي" التي كان يصدرها المرحوم رياض طه و"دراسات عربية" التي كان يصدرها المرحوم د. بشير الداعوق؛ ولم اكن اؤيد هذا التسليح الكمي الكبير (والمكلف جدا) للجيوش العربية المترهلة والعاجزة بما في ذلك ارسال عشرات الوف الخبراء العسكريين الروس، وكنت ادعو الى تسليح دفاعي نوعي فعال (اقل كلفة)، للدفاع عن الاراضي العربية، وان تكون الجيوش العربية جيوشا دفاعية فقط في ارضها، وتسليح خفيف للمقاومة الشعبية العربية (كقوات هجومية)؛ ولكن بمعزل عن الاراء والاراء المضادة، فالواقع ان الروس قدموا كميات هائلة من الاسلحة للدول العربية حينذاك، مما لا يبرر ابدا الهزائم التي وقعت وكما وقعت (واذا قام اليوم اي خبير عسكري مطلع باجراء مقارنة بين كمية الاسلحة لدى الجيوش العربية حينذاك، ولدى حزب الله في حرب تموز ـ اب 2006، لخرجنا باستنتاجين: الاول ـ انه ربما كان السلاح الروسي بيد العرب في 1967 "اقل نسبيا"، بالكم او النوع، من السلاح الاميركي بيد اسرائيل؛ والثاني ـ ان السلاح الروسي (والايراني) بيد حزب الله في حرب 2006 كان بالتأكيد "اقل" بكثير، وكثير جدا جدا، من السلاح الاميركي (والاسرائيلي) بيد اسرائيل. والسؤال التاريخي والراهن الذي يتوجب على كل منا الاجابة عليه هو: اين هو دورنا نحن كعرب؟ اين الدور العربي، في كل ما جرى سابقا ويجري حاليا؟ انه لمن الواضح تماما انه حينما وجد من يستعمل السلاح جيدا، ولو كان قليلا جدا نسبيا، واقل من سلاح العدو، اعطى السلاح النتائج المرجوة منه واكثر. ولكن حينما كان الروس يغدقون على الانظمة العربية الدكتاتورية والفاسدة الاسلحة وغيرها من المساعدات الاقتصادية، فإن هذه المساعدات خسرها الروس ولم يربحها العرب. وبعد هذه الاطالة لا بأس من ان اخفف عن القارئ برواية هاتين الطرفتين اللتين سبق وسمعتهما من بعض العسكريين البلغار المتقاعدين الذين يقولون ان العسكريين الروس كانوا مستائين جدا من الهزيمة العربية (اي هزيمة سلاحهم وخبرائهم وحلفائهم) في حرب حزيران 1967. تقول الطرفة الاولى: ان القيادة العسكرية الروسية تلقت يوما احتجاجا عربيا على الدبابات الروسية، لانه ليس فيها ـ اي الدبابات ـ قبضة "الارجاع الى الوراء"؛ وتريد الطرفة ان تقول ان الجندي العربي كان يذهب الى المعركة وهو يفكر مسبقا بالهرب. والطرفة الثانية: ان طائرة خاصة اضطرت مرة للهبوط الاضطراري بسبب الطقس في احد المطارات العسكرية الروسية النائية؛ ونزل من الطائرة عسكري كبير اجنبي، وقدم نفسه بأنه قائد القوات المسلحة المصرية عبدالحكيم عامر وبأنه قادم لزيارة عمل في موسكو. فاتصل الضابط مسؤول المطار بقيادته ليستفسر عن الامر؛ فقالوا له: اسأله بضعة اسئلة عسكرية لتعرف اذا كان قائدا عسكريا ام لا؟ فذهب الضابط الروسي الى المشير عامر واخذ يسأله عسكريا، وسرعان ما اسرع نحو الهاتف ليتصل بالقيادة صارخا: انه جاسوس انه جاسوس! فسألوه: لماذا؟ فقال: انه لا يفهم شيئا في العسكرية! فقالوا له: انه لا يفهم شيئا! اذن هذا هو ضيفنا نفسه، اننا نفتش عنه؛ اذهب وقدم له التحية وابعث معه سرب مرافقة وتشريف حتى يصل الى موسكو.
8ـ تبقى "المسألة الايرانية"، وهو ما يجب التوقف عنده بدقة وحذر، حتى لا يتهمني احد بأنني فارسي مجوسي متشيع، وانا المسيحي الشرقي الغساني العربي منذ الوف السنين. وسأكتفي الان بقول ما يلي:
اولا ـ ان المقياس الاساسي الذي ينبغي ان ننطلق منه للتعامل مع ايران هو مقياس المعركة مع الاميريالية الاميركية والصهيونية العالمية.
ثانيا ـ حينما احتل الاميركيون العراق المظلوم، جاء ما يسمى "لواء بدر" المدعوم من ايران، الى العراق، وجاء عبدالعزيز الحكيم الى السلطة الجديدة، في ظل الدبابات الاميركية. وهذا امر مدان كل الادانة، برأيي الشخصي المتواضع.
ثالثا ـ حينما احتلت اسرائيل (والقوات الاميركية ومتعددة الجنسية) لبنان محاولة تحويله الى محمية اسرائيلية وقاعدة عسكرية اميركية كما هي دول الخليج، فإن ايران دعمت المقاومة الاسلامية بقيادة حزب الله. وحتى لا نكون جاحدين (كما جحد بعضنا سابقا بالروس وشتموهم بعد كل ما اعطونا اياه من اسلحة وشتى انواع المساعدات واحداها السد العالي)، وحتى نعطي كل صاحب حق حقه، يتوجب علينا الاعتراف ان هذا الدعم الايراني كان له دوره في الصمود البطولي للشعب اللبناني وفي تحقيق انتصار المقاومة على الجيش الاسرائيلي في حرب تموز ـ اب 2006.
رابعا ـ اذا كان "لواء بدر" وعبدالعزيز الحكيم "يرتعان" في حضن الاحتلال الاميركي، واذا كان حزب الله يقدم خيرة الشباب، والسيد حسن نصرالله يقدم ابنه البكر، شهداء ابرار في القتال ضد اسرائيل؛ فمن علينا ان نلوم؟
قديما قيل "اهل مكة ادرى بشعابها". ان عبدالعزيز الحكيم، "الاسلامي"، وفخري كريم "الشيوعي"، والطالباني "الكردي"، وكل من يسير في ركاب الاحتلال الاميركي في العراق، وكل من يسير في ركاب اميركا واسرائيل في لبنان وفي اي زاوية من زوايا الارض العربية، يتحمل المسؤولية كاملة عن نفسه؛ وحتى لو كانت (جدلا) ايران تطلب من البعض خيانة الارض والعرض فهل هذا يخفف جريمة الخيانة. كلا!
وبالنسبة لي شخصيا، فأنا لا اعول كثيرا على النظام الايراني، بل اعول كثيرا جدا على استمرار المقاومة، ولقد استطاع حزب الله (وهذا من انجازاته الكبرى) ان "يورط" ايران و"يجرها" الى موقعه المقاوم؛ و"يعطينا الله" ان نستطيع "توريط" جميع الشعوب والدول العربية والاسلامية وروسيا و"جرها" الى موقع المقاومة المشتركة ضد الامبريالية الاميركية والصهيونية العالمية واسرائيل.
9ـ يحاول البعض ان يتهم المقاومة بقيادة حزب الله، بأنها هي التي تسببت بحرب تموز ـ اب 2006، والدمار الذي حل بلبنان، بدليل تصريح السيد حسن نصرالله بأنه لو كان حزب الله يعلم بطبيعة ردة الفعل الاسرائيلية، لما قام بعملية "الوعد الصادق" التي تم فيها اسر الجنديين الاسرائيليين. وجوابا على ذلك اقول: ان السبب الحقيقي للحرب يبقى خارج الذريعة، ايا كانت، لاشعال الحرب. وايا كان الرأي في تصريح السيد حسن نصرالله، فإن هذا التصريح لا يعني ان حزب الله "يعترف" بأن اسر الجنديين كان السبب في اشعال الحرب، او ان حزب الله لم يكن سيقوم بعملية اسر اخرى في ظروف اخرى، او ان الحرب لم تكن ستندلع لهذه الذريعة او تلك. بل ان "اعتراف" السيد حسن نصرالله يعني ان الحزب ينبغي عليه في المستقبل ان يأخذ بعين الاعتبار اكثر فأكثر "الحرب البسيكولوجية" (لنتذكر "الدموع" العزيزة لدولة الرئيس فؤاد السنيورة) حتى في موضوع الذرائع التي يمكن ان تتذرع بها اسرائيل الان وفي المستقبل. فيما مضى، حينما اراد هتلر القضاء نهائيا على بقايا الدمقراطية في المانيا، قامت النازية بمسرحية احراق الرايخستاغ (البرلمان) الالماني واتهام الشيوعيين واعتقال ومحاكمة غيورغي ديميتروف ورفاقه في محاكمة لايبزغ الشهيرة. طبعا على حزب الله ليس فقط ان يستعد استعدادا كافيا للحرب، بل وان يستعد ايضا لتحضير "المسرح الحربي" المناسب، اخذا بالاعتبار "الحرب البسيكولوجية" خصوصا بوجود "طابور خامس" اسرائيلي طويل، لبناني وعربي.
10ـ ان عملية اسر الجنديين كانت فعلا وواقعا ذريعة (وليست سببا) للحرب، وها ان اسرائيل قد "نسيتهما" الان تماما؛ والتقارير الغربية والاسرائيلية هي التي كشفت ان اسرائيل كانت تستعد للحرب قبل اسر الجنديين. وقد اكد تقرير فينوغراد هذه الحقيقة، ولام المستويات السياسية والعسكرية الاسرائيلية على فشلها في الحرب التي كانت تستعد لها على قدم وساق. و"الطابور الخامس" الاسرائيلي في لبنان كان على علم تام بالاستعداد الاسرائيلي لاجتياح لبنان وضرب حزب الله. وليس من الصدفة ابدا ان الاشهر والاسابيع والايام التي سبقت الحرب شهدت حملة "لبنانية" غير مسبوقة تطالب بنزع سلاح حزب الله وتصفية المقاومة باعتبارها "ميليشيا".
11ـ تشن اطراف عديدة حملة غير مسبوقة ضد التحالف الستراتيجي بين المقاومة الاسلامية بقيادة حزب الله والنظام الاسلامي الايراني، من جهة، وبين ايران الاسلامية وروسيا البوتينية، من جهة اخرى. وفي تقديري ان بواكير هذا التحالف بدأت تظهر في لبنان في مطلع الثمانينات، بعد الاجتياح الاسرائيلي للبنان واحتلال بيروت واخراج منظمة التحرير الفلسطينية وارتكاب مجزرة صبرا وشاتيلا. ففي تلك السنوات الصعبة كانت تدور ـ ايضا ـ رحى الحرب ضد السوفيات في افغانستان، التي كانت تشارك فيها التيارات الاسلامية، السنية، المرتبطة بالسعودية وغيرها، والشيعية، المرتبطة بايران. وكان يساهم في هذه الحرب اسلاميون سنة فلسطينيون، مثل الدكتور عبدالله عزام، واسلاميون شيعة منهم لبنانيون. وبطبيعة الحال كانت الامور بالنسبة للاسلاميين الفلسطينيين واللبنانيين تختلف عما بالنسبة لغيرهم، لان فلسطين تقع تحت الاحتلال الاسرائيلي، ولبنان كان يواجه الاحتلال الاسرائيلي والهيمنة الاميركية ـ الاطلسية (قوات المارينز والقوات متعددة الجنسية التي نزلت في لبنان بعد الاجتياح الاسرائيلي)، وقد وجد ذلك انعكاسه في قيام المخابرات الاميركية والاسرائيلية والباكستانية باغتيال الدكتور عبدالله عزام في 1989 في باكستان. وطبعا ان اغتيال شخصية اسلامية بارزة كالدكتور عبدالله عزام في ذلك الوقت "المبكر"، يدل على وجود شرخ عميق في التيار الاسلامي، وعلى وجود جناح اسلامي لا ترضى عنه اميركا ومخابراتها وحلفاؤها. ومن المرجح، والمنطقي جدا، انه حينذاك ايضا، وبالرغم من النزاعات الاسلامية ـ السوفياتية والشيوعية، فإن الاسلاميين الشيعة في لبنان بدأوا "يلتقون" مع السوفيات على قاعدة "عدو عدوك صديقك". وهناك شائعات (ولا دخان بلا نار) بأن عمليات نسف مقر المارينز ومقر القيادة الفرنسية ومقر السفارة الاميركية في بيروت وخطف عدد من الاجانب على اساس كونهم عملاء للمخابرات الاميركية او غيرها، في الثمانينات، انما كانت تتم بالتنسيق مع المخابرات السوفياتية (من هذه "الاشاعات" انه في اللحظة التي تم فيها تفجير مقر السفارة الاميركية في نيسان 1983 كان يعقد فيها اجتماع اقليمي لمسؤولي المخابرات الاميركية في الشرق الاوسط ـ فهل ان تزامن التفجير مع الاجتماع هو صدفة؟ وهل معرفة موعد الاجتماع كانت ضمن قدرات "حزب الله" في تلك المرحلة المبكرة؟).
12ـ اما لجهة دور النظام السوري في هذا التحالف الستراتيجي "اللبناني (حزب الله) ـ الايراني ـ الروسي"، فلا اعتقد بأي شكل انه كان او يمكن ان يكون رئيسيا، ولهذا فالتحالف هو ـ برأيي المتواضع ـ "تحالف ثلاثي" وليس "رباعيا"، ودور النظام السوري هو دور ملتبس واشكالي و"ملغوم"، لان هذا النظام كل همه هو المحافظة على نفسه حتى ولو على جثة سوريا كلها والشعب السوري كله، وهو طبعا ـ اذا صرفنا النظر عن الجعجعة الاعلامية ـ غير حريص عمليا لا على تحرير لبنان ولا على تحرير فلسطين؛ ولو كان حريصاعلى التحرير، فلماذا لا يبدأ بالجولان، بل يمنع اي عمل مقاومة في الجولان تحت طائلة الموت تحت التعذيب في اقبية المخابرات. ولكن النظام السوري هو مضطر لمسايرة التوجهات الوطنية والقومية الصادقة في الجيش العربي السوري وفي سوريا عامة، واللعب عليها وتضليلها وتخديرها وقيادتها نحو اليأس والاستسلام والهزيمة، ولهذا فهو ـ اي النظام السوري ـ يلعب على جميع الحبال في وقت واحد (مثله في ذلك مثل القيادة البرجوازية لمنظمة التحرير الفلسطينية، التي تقود الشعب الفلسطيني المظلوم بطرق ملتوية وألعبانية ليس الى "تحرير" فلسطين، بل الى تفتيت الشعب الفلسطيني وتسليم فلسطين تدريجيا الى اسرائيل). وان دعم النظام السوري للمقاومة في لبنان، ولبعض فصائل المقاومة الفلسطينية لا يخرج عن تاكتيك "الاحتواء" واستخدام هذا الدعم كورقة ضغط في المساومة مع اسرائيل للحصول على شروط افضل للنظام السوري في سعيه الى "السلام العادل والشامل" مع اسرائيل، من جهة، وفي الوقت نفسه كورقة تأثير وضغط على اطراف المقاومة في خدمة عملية "السلام العادل والشامل"، من جهة ثانية، ولتسهيل عمليات ضرب المقاومة عند اللزوم (اغتيال القائد الفلسطيني جهاد جبريل، والقائد اللبناني عماد مغنية، وغيرهما؛... في احضان المخابرات السورية)؛ ولو كان النظام السوري ـ كنظام ـ مخلصا في انتهاج سياسة المقاومة لكان شرع منذ اربعين سنة، او ثلاثين، او عشرين، او منذ عشر سنوات؛ او لشرع اليوم، في اطلاق القوى الوطنية والقومية الكامنة في سوريا لاجل الشروع في المقاومة الشعبية لتحرير الجولان المحتل؛ ان تمسك النظام السوري بحماية الاحتلال الاسرائيلي للجولان، هو رسالة واضحة جدا للعدو، بأن كل دعم النظام السوري، الكلامي او اللوجستي الجزئي، للمقاومة "غير السورية" و"خارج الارض السورية" لا يخرج عن البازار السياسي مع اميركا واسرائيل. والروس لم يعودوا يثقوا بالنظام السوري، الذي كلفهم كثيرا وكثيرا جدا في الماضي؛ حيث كانوا يقدمون له، وبشكل شبه مجاني او حتى مجاني، افضل الاسلحة الحديثة وما لا يحصى من المساعدات، وكل ذلك ذهب ادراج الرياح. واذا كان الروس سيقدمون شيئا الان الى سوريا، فبسبب دخول "العامل الايراني"، وبسبب وجود التحالف الستراتيجي الثلاثي "اللبناني (حزب الله) ـ الايراني ـ الروسي". ومن المنطقي جدا ان يفكر المرء الان بأن الايرانيين، مثلما اصبح لديهم "ميزانية لدعم المقاومة في لبنان" (وهذا امر طبيعي جدا من دولة اسلامية شقيقة، وكان يتوجب على الانظمة العربية الغنية القيام بذلك، وليس فقط دفع عشرات المليارات للانظمة "المسالمة" و"التسووية" في مصر والاردن وسوريا)، فإنه قد يكون اصبح ايضا لدى ايران "ميزانية للتحضير للمقاومة في سوريا" بالتنسيق مع بعض الاوساط الوطنية في الجيش العربي السوري، بموافقة او بعدم موافقة قيادة النظام السوري. وفي هذه الحالة فإن الدعم التكنولوجي العسكري الروسي المتطور سيأخذ ابعادا جديدة، ستفاجئ كثيرا، وكثيرا جدا، جهابذة الستراتيجية الاميركية ـ الصهيونية، التي ستجد نفسها على عتبة الانهيار التام لكل ما بنته خلال اكثر من مائة سنة على ارض فلسطين المظلومة والمغتصبة.
13ـ ان لبنان هو بلد صغير وضعيف بالمقاييس الجغرافية والديموغرافية والاقتصادية الخ. وكل من روسيا وايران ليست في وارد ان تبني ستراتيجيتها الدولية فقط بناء للتحالف مع "حزب الله" حتى لو كان "حزب الله" كل لبنان، وهو ليس كذلك، للاسف. ولكن من جهة اخرى فإن لبنان يقع في خط المواجهة الاهم مع اسرائيل (حيث ان التجمع السكاني الاسرائيلي الاساسي هو في شمال فلسطين المحتلة)، مما يجعل "الخطر اللبناني" على اسرائيل، في حال توفر المقاتلين الصادقين والاسلحة المناسبة، يوازي "الخطر الاسرائيلي" على لبنان. وبهذا الصدد لا بد ان نذكر ان الجولان (قبل الاحتلال) كان يشكل اكبر خطر على اسرائيل، مقابل حد ادنى من الخطر الاسرائيلي على سوريا، ولكن النظام السوري سلم الجولان بدون قتال في حزيران 1967 وقدم الاسلحة الروسية "هدية كرم عربي" للاسرائيليين، ولكنه "كرم عربي" على حساب الروس!. وبكلمات اخرى، فإذا توفرت شروط سياسية وستراتيجية معينة، فإن لبنان ـ حتى لبنان الصغير الضعيف ـ يمكن ان يشكل نقطة ارتكاز لتهديد وجود اسرائيل، ولتهديد كل الوجود الاميركي في المنطقة. قديما قال عالم الفيزياء الشهير نيوتن، في شرح آلية عمل العتلة (او ما نسميه بالعامية: المخل) انه اذا كان لديه "نقطة ارتكاز" خارج الكرة الارضية، فإنه بامكانه ان يزيحها من مكانها. وأبسط انسان يعرف الكلمة المأثورة عن "بيضة القبان" التي "توازن" القناطير المقنطرة وهي لا تتجاوز قبضة اليد.
14ـ وطبعا ان روسيا لا تضع مصالحها التجارية والاقتصادية الخ مع لبنان في كفة، ومع اوروبا واميركا والصين واليابان الخ في كفة. ولكن اذا استطاعت روسيا، بالتحالف مع ايران و"حزب الله" (جزء من لبنان "المشاكس") ان تجبر اسرائيل واميركا وحلف الاطلسي على الركوع عند اقدام المقاتلين اللبنانيين الابطال وطلب المغفرة والامان لليهود "المساكين!!!" الذين بدأت ترتعد فرائصهم منذ الان، واذا ارتفع سعر برميل النفط كي يصبح 500 او الف يورو، واذا اصبح سعر صرف اليورو يساوي 50 او 100 دولار، اين ستصبح اميركا والطغمة المالية اليهودية العالمية التي حاولت، بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، اذلال وتجويع روسيا وتحويلها الى دولة عالمثالثية؟ ان روسيا تمتلك من الطاقات الطبيعية والبشرية و"الروح الهجومية" ما يجعلها قادرة على ان تصبح مركز تقاطع خطوط الطول وخطوط العرض للكرة الارضية. ولحسن حظ البشرية عامة، وبالرغم من انهيار النظام الاشتراكي على يد الستالينيين والنيوستالينيين الخونة، فإن الشعب الروسي العظيم تجري في دمائه مبادئ "الثورة الاشتراكية"، كما تجري في دماء الفرنسيين مبادئ "الثورة الفرنسية". ولهذا فإن روسيا، وهي تنهض باقتصادها الوطني وبدولتها العظمى من جديد، فإنها لن تستطيع ان تتحول الى استعمار وامبريالية، بل ستكون عامل تقويض للامبريالية والصهيونية في العالم. ولحسن حظ الشعوب العربية والاسلامية خاصة ان الشعب الروسي كان عبر التاريخ الصديق الوفي لهذه الشعوب، في النضال المشترك ضد اليهود (الروس هم الذين قضوا على اول دولة يهودية في التاريخ ما بعد الميلادي، وهي مملكة الخزر في القرن العاشر) وضد التتار، وضد الصليبيين، وضد نابوليون، وضد العثمانيين، وضد كل اطياف الاستعمار الاوربي الغربي والاميركي والصهونية العالمية واسرائيل.
15ـ ويطرح البعض ان روسيا لن تهتم كثيرا لمصير لبنان، لانه لا يمثل بالنسبة لها اي عمق ستراتيجي، او نقطة ضعف او ما يمكن تسميته "خاصرة رخوة" تحرص روسيا على تدعيمها وتعزيزها. من هذه الزاوية نظر يمكن القول: طبعا ليس لبنان هو الخاصرة الرخوة لروسيا، بل الشيشان. وفي الشيشان تضرب اميركا وتركيا والصهيونية، طبعا بمشاركة بعض "الاسلاميين!!!" المزيفين الاغبياء او العملاء. اما لبنان، في مواجهته المصيرية مع اسرائيل، فهو يشكل ـ وهذا من المفارقات الكبرى على المسرح السياسي الدولي ـ "نقطة ضعف" و"خسارة" لا لروسيا، بل لاميركا على وجه الخصوص، اذا ما قدر، لا سمح الله، ان تنتصر عليه اسرائيل. لانه (باستثناء معسكر "المقاومة" في لبنان) فإن القوى السياسية ـ الطائفية جميعا في لبنان، من البطريركية المارونية الى المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى، ومن سمير جعجع وبطرس حرب ووليد جنبلاط الى ميشال عون وميشال المر ونبيه بري، هم اصدقاء حقيقيون لاميركا. وفي المواجهة بين لبنان واسرائيل، فإن اميركا هي خاسرة على الحالتين، كيفما كانت نتائج المعارك القادمة. اي انه اذا خسرت اسرائيل، فتلك خسارة كبرى للسياسة الاميركية ذاتها، على النطاق العربي والاقليمي والدولي برمته. واذا ـ لا سمح الله ـ خسر لبنان المقاوم، فإن انعكاسات الخسارة ستكون سلبية جدا بل ووبيلة على الجناح الموالي لاميركا في لبنان. ومن جهة اخرى، ونظرا لان لبنان الدولة هو تاريخيا "الابن المدلل" لفرنسا والفاتيكان وايطاليا واوروبا الغربية، فإن احتمال خسارته على يد اسرائيل، الحليف الستراتيجي لاميركا، سيزرع شرخا كبيرا جدا بين اميركا واوروبا الغربية. وما اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الاسبق الشيخ رفيق الحريري الا مظهرا ونتيجة للصراع الاميركي ـ الاوروبي الغربي على لبنان، البوابة المالية التقليدية للعرب على الغرب، وللغرب على العرب.
16ـ اما بالنسبة لاسرائيل فهي فعلا الخاصرة الرخوة لاميركا والصهيونية العالمية، بل هي مصيدة حقيقية لهما في الحسابات الستراتيجية الدولية. فالدولة الاسرائيلية، بالرغم من انها وقعت "معاهدة سلام" مع كل من الجمهورية العربية المصرية والمملكة الاردنية الهاشمية، وبالرغم من اتفاق فصل القوات بينها وبين الجمهورية العربية السورية، الا ان هذه الاتفاقات هي ذات مفعول سلبي: اي انها تقضي بعدم مهاجمة اسرائيل لاي من هذه الدول، وبالعكس. ولكن مصر والاردن وسوريا ليست، مجتمعة او منفردة، مدى حيويا ستراتيجيا لاسرائيل، اي ان الجيش الاسرائيلي لا يستطيع، او الادق لا يحق له "الانسحاب" الى اي من هذه الدول او اقامة قواعد دفاعية او هجومية فيها، والا انقلبت اللعبة كلها رأسا على عقب. اي ان اسرائيل لا تزال واقعيا محاصرة من كل الجهات باستثناء البحر (المفتوح للاساطيل الاميركية والغربية والمفتوح ايضا للدبب الروسية التي يمكن ان تتحول بقدرة قادر الى حيتان واسماك قرش "ايرانية" و"شيعية" و"فلسطينية" وغيرها). اما لبنان (لبنان المقاومة ولبنان الدولة) فإن لديه المدى الستراتيجي العربي والاسلامي كله، بالرغم من المواقف الحالية لمختلف الانظمة، بدءا من النظام السوري الذي لن يستطيع ان يقف حجر عثرة في وجه التلاحم بين الجماهير الشعبية اللبنانية العربية والجماهير الشعبية السورية العربية. واذا ما ترافقت المعركة، وهو الارجح، مع انتفاضة الجماهير الشعبية الفلسطينية في الضفة والقطاع وفي "داخل اسرائيل"، فأين سيكون المفر بالنسبة للعصابات الصهيونية، وبالنسبة لكل عملاء اسرائيل على الارض العربية؟ فيما مضى حينما كانت قوات القائد القرطاجني العظيم هنيبعل تحوم حول روما، قام قائد روماني شاب هو "سيبيون الافريقي" بالانتقال بجيشه الى الشاطئ الافريقي مستدرجا هنيبعل الى معركة زاما التي هزم فيها هنيبعل على يد الرومان وحلفائهم من بعض الامازيغ الذين طعنوا هنيبعل في ظهره بعشرة آلاف فارس مما لم يكن يخطر في بال هنيبعل. والان حينما يحوم الحلف الاطلسي حول حدود روسيا، فإن بوتين يستدرج الاميركان والاطلسي والصهيونية العالمية الى معركة في اسرائيل، معتمدا على "الحلف الثلاثي" مع ايران وحزب الله، وكذلك على "امازيغه" داخل اسرائيل بالذات (يقول الكثير من المعلومات ان اكثر من 30% من المليون يهودي روسي الذين هاجروا الى اسرائيل بعد التسعينات، بفضل "البريسترويكا"، ليسوا يهودا بل هم روس مسيحيون ارثوذكس، حصلوا على افادات بأنهم يهود كي يهاجروا، وهؤلاء يشكلون "طابورا خامسا" حقيقيا للكا جي بي والمخابرات العسكرية الروسية داخل اسرائيل، واسرائيل لم تعد تستطيع ان "تتخلص" منهم). ولا يحتاج المرء لكثير ذكاء كي يستنتج ان روسيا بوتين كان لها دور في حرب تموز ـ اب 2006 على مستويين: اولا ـ نوعية بعض الاسلحة التي استخدمتها المقاومة و"المخصصة تحديدا ضد الاسلحة الاسرائيلية". وثانيا ـ على المستوى "المخابراتي"، حيث فوجئت اسرائيل بتدني مستوى معلوماتها عن حزب الله، وبالعكس: بالارتفاع الكبير لمنسوب معلومات حزب الله عن اسرائيل، بحيث انه، ولاول مرة ايضا في تاريخ الحروب العربية ـ الاسرائيلية، تخسر اسرائيل لا المعركة القتالية فقط (باستثناء القوة التدميرية المكثفة التي استخدمتها اسرائيل، وفتحت الباب على مصراعيه لمعاملتها بالمثل في اي معركة قادمة)، بل وخسرت ايضا "المعركة المخابراتية" وحُشر رأس "الموساد" في المواخير وشبكات الدعارة والمخدرات واشباهها التي اصبحت تديرها "المافيا الروسية" ـ واجهة واداة المخابرات الروسية في اسرائيل واميركا. وهذا ما دفع ايهود اولمرت كي تكون اول زيارة خارجية له بعد حرب تموز ـ اب 2006 لا لاميركا كما هو "منطقي"، بل لروسيا بالتحديد. حيث ان القيادة الاسرائيلية كانت "كمن تلقى ضربة غير متوقعة على يافوخه" تريد "ان تعرف ماذا جرى؟!". وكان اول شيء قاله بوتين لاولمرت حين وصوله لموسكو هو تهنئته بفحولة وزيرية الرئيس الاسرائيلي السابق كساب او كتساف، الذي اضطر لتقديم استقالته بسبب تحرشاته الجنسية. وفي اي معركة قادمة سيكون للطابور الخامس "المخابراتي" الروسي في اسرائيل دور كبير، حيث ان اسرائيل التي كانت اشبه بصندوق مقفل بالنسبة للمخابرات العربية، اصبحت اليوم مكشوفة تماما للمخابرات الروسية (وحلفائها؟!)، ولم يعد فيها "ستر مغطى" اذا صح التعبير.
17ـ بعد انتصار الثورة الاسلامية في ايران على نظام الشاه القديم، واغلاقها السفارة الاسرائيلية وتحويلها الى سفارة فلسطينية، ادركت اميركا والصهيونية العالمية الخطر الداهم، فدفع النظام الدكتاتوري العراقي السابق لشن الحرب على ايران، وتكاتفت دول الخليج النفطية ـ الاسلامية (وعلى رأسها السعودية) لمساعدة صدام بعشرات مليارات الدولارات لمتابعة تلك الحرب بهدف القضاء على الثورة الاسلامية كهدف اعلى، او استنزاف العراق وايران معا، كهدف ادنى. وقد استغل النزاع الايراني ـ العراقي لاستمالة بعض قوى المعارضة العراقية، الشيعية وغير الشيعية، المتعاونة مع ايران، الى جانب اميركا، ولو بشكل نسبي ومشروط، مما ساعد في شن الحرب الاميركية ـ الاطلسية على العراق واسقاط النظام الدكتاتوري الفاشستي لصدام حسين. ولكن (ومن ضمن خطة "الاحتواء المزدوج" الاميركية للبلدين)، فبعد سقوط النظام الدكتاتوري الغبي والغاشم لصدام حسين، اصبح من الواضح ان "دور ايران" اصبح قريبا جدا. ولهذا فإن الثورة الاسلامية في ايران لن تستطيع ـ لو ارادت ـ ان تتوقف في منتصف الطريق. فلو ارادت ايران الاسلامية "مهادنة" اميركا واسرائيل، فإن اميركا واسرائيل والانظمة "العربية" الحليفة لاميركا لن تستطيع ان "تتعايش" مع "الثورة الاسلامية" مهما بدت "مهادنة" و"خامدة"، لان القيادة الاميركية ـ الصهيونية ليست من الغباء ان ترضى بأن تجلس على فوهة بركان خامد لا يعرف في اي ساعة ينفجر من جديد. ولا يستطيع احد، مهما كان معاديا لـ"الفرس" و"المجوس" و"الشيعة" ان يتهم القيادة الايرانية خاصة، و"القيادة الشيعية" عامة، بالغباء، وبأنها لا ترى ما يدور حولها، وما يدبر لايران ولـ"الحالة الشيعية" و"الحالة الاسلامية" بأسرها. وعلى الاقل من باب "الدفاع عن النفس"، تحركت القيادة الايرانية على مستويين: الاول ـ باتجاه التقارب مع الدول الخليجية، لتطمينها على امنها الداخلي، وبأن ايران لن تشكل او تدعم اي تهديد لامن اي من الدول المجاورة. وقد توج هذا التوجه بحضور الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد (الذي يعتبر "حسب القاموس الاميركي": من معسكر "الصقور" في ايران) لمؤتمر دول مجلس التعاون الخليجي، الذي انعقد في الدوحة في اواخر السنة الماضية. والثاني ـ انه كان من الطبيعي والمنطقي جدا ان تمسك قيادة الثورة الاسلامية الايرانية بالحلقة الستراتيجية الاقليمية الرئيسية، ونعني بها حلقة الصراع العربي ـ الاسرائيلي، نقطة الضعف الرئيسية في الستراتيجية الاميركية في المنطقة. واذا كانت علاقة ايران مع حزب الله او المقاومة الفلسطينية تجد غطاءها في البعد الايديولوجي المذهبي الشيعي او الديني الاسلامي، فإن العلاقة التحالفية مع روسيا تجد تفسيرها في التقاء المصالح الستراتيجية العليا للعرب والايرانيين والروس في مواجهة مخطط الهيمنة الامبريالية الاميركية ـ الصهيونية على العالم. بعض السخفاء او البلهاء، وطبعا جميع العملاء، يسمون هذه السياسة الايرانية "تصديرا للثورة"! ـ اي تصدير للثورة هو هذا اذا دعمت ايران او روسيا او فينزويلا او كوبا او اي بلد اخر القضية العربية؟؟!. ان وعد بلفور قد صدر قبل اكثر من ستين سنة من الثورة الاسلامية في ايران. وان احد عناصر اشعال الثورة الاسلامية في ايران كان على وجه التحديد القضية الفلسطينية ومنها قضية القدس، والصراع العربي ـ الاسرائيلي. وبهذا الصدد يمكن القول انه، مثلما ان العرب هم الذين "صدروا الاسلام" قديما الى ايران، فإن العرب ايضا هم الذين ـ من خلال القضية الفلسطينية، وخصوصا قضية القدس ـ "صدروا الثورة الاسلامية" حديثا الى ايران. وليس العكس. ومثلما "صدر" الفرنسيون فيما مضى مبادئ ثورتهم، ومثلما "صدر" الشيوعيون الروس مبادئ ثورتهم، ومثلما "يصدر" الاميركيون "دمقراطيتهم"، فإنه ليس "من العار" بل من دواعي الافتخار ان يعمل الفلسطينيون واللبنانيون والعراقيون والعرب الاحرار جميعا على تصدير مبادئ ثورتهم ضد الاحتلال والاستعمار، ضد الامبريالية الاميركية والصهيونية العالمية. واذا كانت ايران، كدولة وكشعب وكمجتمع، تجد مصلحتها في تبني القضية العربية، فهل يمكن ان يكون ذلك مصدر خوف وغيظ لغير الجهلة، من جهة، وعملاء الامبريالية والصهيونية، من جهة اخرى؟؟!. ان التحالف الثلاثي (حزب الله ـ ايران ـ روسيا) هو فرصة تاريخية لجميع الدول العربية، مجتمعة ومنفردة، كي تخرج من دائرة "الصفر المكعب" في الستراتيجية الكونية، وكي تتحول الى الرقم الاصعب في جميع معادلات الستراتيجية الاقتصادية والسياسية والعسكرية الدولية.
18ـ ان نشوء اسرائيل في 1948 قذف الى قلب لبنان اكثر من ربع مليون مهجر ممن يسمون "لاجئين فلسطينيين". وبسبب قطع دورة الحياة الطبيعية في العلاقات التاريخية بين جنوب لبنان وشمال فلسطين وفلسطين عامة، فإن نشوء اسرائيل كدولة استعمارية مغتصبة ومعادية قذف في قلب العاصمة بيروت اكثر من مليون مواطن شيعي جنوبي، مهجرين في "بلدهم"، هم الذين شكلوا، الى جانب اللاجئين الفلسطينيين والارمن والاكراد والسريان، ما كان يسمى "حزام البؤس" في بيروت ـ عاصمة بلد "الاشعاع والنور". وقد "احتكر" الشيعة في بيروت، لعشرات السنين، ما يسمى "العمل الاسود": بيع الصحف والعلكة واوراق اليانصيب في الطرقات، العتالة، تنظيف الشوارع، "شغل الفاعل" في اعمال البناء الشاقة... ولكن هؤلاء الناس الشرفاء والشجعان الذين كانوا يشقون في "العمل الاسود" لاعالة عائلاتهم التي تتضور جوعا، كانوا يحرمون انفسهم وعائلاتهم اشد الحرمان كي يستطيعوا ارسال بعض اولادهم كي يتعلموا في الثانويات وفي الجامعة اللبنانية (جامعة الفقراء) التي اضطرت الدولة اللبنانية لاقرارها وانشائها بعد مظاهرات طلابية وطنية عارمة سنة 1952. وبعد جيل او جيلين، فإن "ابو علي" و"ابو حسن" و"ابو حسين" الذين كانوا ينظفون زبالة الموسرين في بيروت، ولا احد يهتم بهم او يسمع لشكواهم، تخرج ابناؤهم وبناتهم من الثانويات والجامعة؛ وهذا الجيل الجديد، المتعلم، الصاعد والواعد لم يكن ليرضى بأن يعيش "مواطنا درجة عاشرة" في ارضه وبلده. وبعلمه وتجربته، وبالتفاعل مع قضية المقاومة الفلسطينية في الستينات والسبعينات، ادرك الجيل الجديد طبيعة المأساة وارتباطاتها القومية والعالمية، فرفع هامته ورفع الصوت عاليا ورفع البندقية، ضد الظلم والاستبداد الداخلي والخارجي، ضد الامبريالية والرجعية العربية والاقطاع والرأسمال الاحتكاري الاجنبي وبالدرجة الاولى ضد اسرائيل. لقد ادركت غالبية الاجيال الجديدة في لبنان، بعد نكبة فلسطين، ان "المصيبة الوطنية" والشعبية في لبنان لا تنفصل عن "المصيبة الفلسطينية" و"المصيبة الوطنية" والشعبية في كل بلد عربي مصطنع من تقسيمات سايكس ـ بيكو، التي ما وجدت الا لتمزيق الصف الشعبي العربي وتمريغ تاريخ الامة العربية في رغام الطائفية والمذهبية والرجعية والصهيونية والاستعمار. ومن الوهم ان يعتقد احد انه عاد في الامكان، او انه في الاصل كان في الامكان الفصل بين "الازمة اللبنانية" و"القضية الفلسطينية" و"الازمة العربية العامة".
اما الازمة "الدستورية" و"الرئاسية" و"الوزارية" و"البرلمانية" في لبنان، التي نشهد الان "مسرحياتها" المخجلة والمضحكة ـ المبكية، فما هي الا الطفح، والشكل الخارجي للازمة الوجودية الاساسية "للكيان اللبناني" المصطنع، كأي "كيان عربي!!" آخر. ويمكن تلخيص هذه الازمة الوجودية بما يلي:
ـ ان لبنان، اي جماهير الشعب اللبناني العربي، لم يعد من الممكن ان يُحكم كما كان يحكم في السابق من قبل "اصدقاء اسرائيل" وعملاء الرأسمال الاحتكاري والاقطاع السياسي والرجعية العربية والاستعمار والامبريالية.
ـ وان المقاومة الوطنية الاسلامية وغير الاسلامية، والقوى الوطنية الدمقراطية الحقيقية، في لبنان، هي غير قادرة ـ بقواها الخاصة، ولوحدها ـ ان تقضي على اسرائيل وعلى الدكتاتوريات العربية التقليدية والمودرن.
وفيما بين هاتين الاستحالتين، فإن "الازمة اللبنانية" بكل اشكالها، بما في ذلك المصادمات الكبرى مع اسرائيل، ستستمر الى ان يخلق الله امرا كان مفعولا.
اما اي حل سطحي "دستوري" و"طائفي" و"عشائري"، على غرار "اتفاق الطائف"، فلن يكون اكثر من جرعة مخدر يضر ولا ينفع، لأنه لم يعد "يأخذ مفعوله" في جسم "الكيان اللبناني" الذي هو في حالة اشبه ما تكون بما يسمى "حالة الموت الكلينيكي".
19ـ انني اعلم تماما مدى قدسية الشهادة في ثقافتنا العربية ـ الاسلامية؛ وأعلم ان بعض مواطنينا العرب ولا سيما من العراقيين يعتبرون صدام حسين شهيدا؛ وآسف اذا كنت اجرح مشاعر ايا منهم، ولكنني آسف اكثر اذا كان لا يزال يوجد، بعد كل ما جرى، من يعتبر الخائن (نعم: الخائن اولا، ثم الدكتاتور) صدام حسين شهيدا؛ اذا اطلقت القوات الاسرائيلية النار وقتلت مجاهدا، فهو طبعا شهيد بار، واذا اصابت نيرانها مواطنا عاديا مسالما وسقط قتيلا، فهو ايضا ـ كانسان عربي مظلوم ـ شهيد بار؛ ولكن اذا اختصم افراد عصابة او اذا اختصمت عصابتان، وسقط بينهما قتلى، فهل نعتبرهم "شهداء"؟ ـ كلا! ولنلق نظرة على التاريخ الاسود للبعث الفاشي وعلى رأسه صدام: بعد ثورة تموز 1958 في العراق، في احد اهم مصادر النفط للغرب الاستعماري، جن جنون الامبريالية الاميركية التي كانت تهيئ نفسها للحلول محل الاستعمار الانكليزي والفرنسي شرقي قناة السويس؛ وجن جنونها اكثر حينما (بتكتيك خاطئ ام مصيب) هدد المرحوم عبدالكريم قاسم الكويت؛ وحينذاك كان "القومي العربي العظيم جدا: جمال عبدالناصر حسين" (وعملا بنصيحة "مستشاره اللوذعي" محمد حسنين هيكل: انتهت المعركة مع الاستعمار، وبدأت المعركة مع الشيوعية!) مشغولا بسحق الحركة الشيوعية والقوى الوطنية الدمقراطية في سوريا، وهو ما وجد انعكاسه السلبي جدا على العراق بشق صفوف الجبهة الوطنية السابقة، التي ـ الى جانب القوى الوطنية في الجيش ـ سبق واطاحت بالنظام الملكي العميل؛ وبدأت النزاعات المؤسفة بين ما كان يسمى "الدمقراطيين"، وعلى رأسهم الشيوعيين، وما كان يسمى "القوميين"، وعلى رأسهم البعثيين، في العراق؛ وتحولت سوريا (ايام "الوحدة" ومخابرات عبدالناصر ـ السراج)، من جهة، والكويت، من جهة ثانية، الى مركزي تآمر ضد القوى الوطنية الدمقراطية وضد النظام الوطني الدمقراطي لعبدالكريم قاسم، في العراق. انا طبعا لا ابرئ من الاخطاء لا الشيوعيين وعبدالكريم قاسم وغيرهم من القوى الوطنية الدمقراطية العراقية، ولا كذلك البعثيين الشرفاء وغيرهم من القوى "القومية" العراقية الشريفة. فهذه القوى الشريفة لم تستطع، بكل اسف، ان تجد لغة مشتركة فيما بينها، وان تضع حدا، في الوقت المناسب، لتدهور الاوضاع فيما بين "الدمقراطيين" و"القوميين"، الذي آل في الاخير الى خط السير التدهوري المشؤوم الذي سار فيه العراق العظيم ـ المظلوم. ولكن الوقائع التاريخية تقول لنا بوضوح انه حينذاك نشأ، موضوعيا، نوع من حلف سري بين النظام الناصري و"القوميين"، من جهة، وبين النظام الكويتي والقوى الامبريالية، من جهة ثانية، للاطاحة بنظام عبدالكريم قاسم ولتصفية عبدالكريم قاسم شخصيا، ولسحق القوى الوطنية الدمقراطية العراقية، وعلى رأسها الشيوعيين العراقيين. وهنا يجب ايضا التوقف عند نقطة جوهرية وهي: انه كان من الصعب جدا، بل المستحيل، ان تسقط القوى الوطنية الدمقراطية والشيوعيون في العراق حينذاك، فيما لو اتخذوا موقعا هجوميا حقيقيا، وفيما لو قام الشيوعيون بفرض "المشاركة في السلطة" على عبدالكريم قاسم، وتسليح الجماهير الشعبية العراقية للدفاع عن منجزات ثورة تموز 1958 وتطويرها. ولكن القيادة السوفياتية النيوستالينية العميلة والخائنة ضغطت على الشيوعيين العراقيين وعلى عبدالكريم قاسم لاتخاذ مواقف ومواقع دفاعية سلبية "مسالمة"؛ تماما كما فعلوا بحزب تودة ومحمد مصدق قبل ذلك في ايران، وكما فعلوا بالحزب الشيوعي الاندونيسي ومحمد سوكارنو بعد ذلك في اندونيسيا. فالقيادة السوفياتية كانت، منذ ايام الخائن الاكبر للشيوعية ستالين، تلتزم باتفاقات "يالطا" التي تقتضي ان يقوم "السوفيات" باستخدام نفوذهم لتفشيل اي ثورة "دمقراطية شعبية" في "مناطق النفوذ الغربية"، التي تدخل ضمنها ايران والعراق واندونيسيا. وكانت النتيجة (حرفيا كما جرى في ايران واندونيسيا قبل وبعد العراق) ذبح الشيوعيين العراقيين وعبدالكريم قاسم، واستيلاء البعثيين و"القوميين" الفاشيين، المتواطئين مع المخابرات الاميركية ـ الانكليزية ـ الاسرائيلية، على السلطة في العراق، في شباط الاسود 1963. وحسبما يعترف الشامان محمد حسنين هيكل في بعض اسهالاته الكتابية، فخلال انقلاب شباط 1963، كانت توجد اذاعة مقرها في الكويت توجه القطعان الفاشية "البعثية" و"القومية" الى مقرات وبيوت الشيوعيين لتصفيتهم الجسدية. لقد ملأ المحتلون الاميركيون اليوم، ومعهم جميع كلابهم من كل الاجناس القومية والالوان السياسية، ـ ملأوا الدنيا نباحا حول "الدمقراطية"، فلماذا لا يفضحون دور "اعدائهم البعثيين!" في انقلاب شباط 1963 وسحق القوى الدمقراطية حينذاك؟؟!. واذا كنا نختلف مع بعض بقايا البعثيين الشرفاء والمغفلين حول: هل ان صدام كان عميلا ام لا، وهل يمكن اعتباره شهيدا ام لا؟؛ فلن نختلف ابدا مع اي كان ان شخصيات "شيوعية" مرموقة (في الحزب الشيوعي حاليا او خارج صفوفه) مثل فخري كريم وحميد مجيد موسى، هم اعوان للاحتلال ويسيرون في ركابه تحت شتى الاعذار والبراقع التي لا تستر لا اقفيتهم القذرة ولا وجوههم البشعة. ولفرط "لهفة" فخري كريم على "دمقراطيته الاميركية" قام، باسم سيادة الرئيس مام جلال الطالباني، برفع دعوى قضائية ضد مجلة "الاداب" اللبنانية، احد اكبر صروح الثقافة الوطنية الدمقراطية في الشرق والعالم، والتي تتلمذ عليها اجيال واجيال، الوف والوف، من الدمقراطيين الحقيقيين العرب والاكراد والايرانيين وغيرهم. وقبل ذلك حصل فخري كريم، من "اصدقائه الجدد" على "كوبونات النفط" الخاصة بصدام حسين، ونشرها في مشارق الارض ومغاربها، بهدف واحد وحيد هو تلطيخ سمعة الكنيسة الارثوذكسية الروسية العظيمة والحزب الشيوعي الروسي ورئيس الجمهورية البلغارية وفيديل كاسترو وكل من يشكك، مجرد تشكيك، بـ"الدمقرطية الاميركية". وانا، كعضو سابق في الحزب الشيوعي اللبناني وشاركت في وقتها في تنظيم مظاهرة تضامنية مع الشيوعيين والدمقراطيين العراقيين ضد انقلاب شباط 1963 الفاشستي في العراق، اتحدى امثال فخري كريم وحميد مجيد موسى واقول لهم: طالما انكم ـ ولا فخر يا فخري ـ اصبحتم اصدقاء اميركا والنظام الكويتي، واصبحت يدكم طايلة اسرار صدام حسين والنظام البعثي الفاشستي، تفضلوا... تفضلوا... وافقأوا عين الشمس بـ"الدمقراطية" وافضحوا اسرار انقلاب شباط 1963؛ وقولوا للعالم: كيف تم التآمر على النظام الوطني الدمقراطي لعبدالكريم قاسم؟ كيف تم التآمر على الحزب الشيوعي العراقي؟ كيف تمت تصفية المناضلين الوطنيين والدمقراطيين الابطال امثال سلام عادل وجمال حيدري وغيرهما كثير؟ ـ لقد فضل صدام حسين ان يذهب الى القبر، آخذا معه اسرار علاقاته مع الاميركيين، حتى لا ينكشف على حقيقته كـ"عميل سري اميركي"، امام الشعب العراقي المظلوم، الذي حكمه صدام حسين بالحديد والنار وسحقه لمصلحة الامبريالية الاميركية واسرائيل، ولكن باسم "القومية" و"العروبة"، تماما كما فعل ستالين سابقا بالشعوب السوفياتية، التي سحقها لمصلحة الامبريالية والصهيونية، ولكن باسم "الاشتراكية" و"الشيوعية".
20 ـ بالرغم من موقفي "التاريخي" اذا صح التعبير، المعادي للنظم الدكتاتورية (خصوصا: الثورية المزيفة) العربية، من مصر ـ عبدالناصر، الى سوريا ـ الاسد، الى العراق ـ صدام، فحينما تعرض العراق للحصار الغاشم والظالم، ومن ثم للعدوان، بحجة اسقاط نظام صدام، كنت احد المعارضين للعدوان على العراق وكان رأيي ان صدام لم يعد صالحا وقادرا على تمشية مصالح الامبريالية في العراق، ولهذا تريد الامبريالية استبداله بمن هو "افضل" بالنسبة لها، اي اقل "انكشافا"؛ وحينما تعذر عليها ذلك اقدمت على مهاجمة العراق بحجة "الدمقراطية" الزائفة، وتحت هذه الخرقة البالية يجري الان تمزيق العراق العظيم شر تمزيق لكي يسهل السيطرة عليه وفرض اي حكم عميل، بأي واجهة كانت، التي يمكن لاحقا تغييرها، مرة وثانية وثالثة ورابعة الخ.
21 ـ طبعا انني لا أؤيد الايديولوجية الدينية المذهبية وحيدة الجانب للسلطة الايرانية الحالية، الا في حالة واحدة فقط هو دعم ـ والمشاركة في ـ المقاومة ضد اسرائيل والامبريالية الاميركية. فاولا : ان الايديولوجية الدينية في السلطة هي بحد ذاتها، وبصرف النظر عن صدق او لاصدق نوايا اصحابها، تشكل خطرا على الوحدة الوطنية للشعب، حتى لو لم تؤد الى مصادمات بين المقومات الدينية لاي بلد، العراق او لبنان، او ايران، او اي بلد آخر. فبلداننا هي بلدان متعددة الاديان والمذاهب والتيارات الفكرية، واحتكار السلطة السياسية من قبل اي مذهب او دين معين يمثل تمزيقا مسبقا لوحدة الشعب والبلاد، ويفسح المجال لشتى اشكال المؤامرات الخارجية والداخلية المشبوهة. ولكن في الوقت نفسه، وحتى لو كان النظام الايراني (جدلا) نظاما دكتاتوريا دمويا فاسدا حتى النخاع الشوكي، كما كان نظام صدام حسين في العراق، فإننا لا نستطيع الا ان نرى بأم العين ان ايران هي الان مستهدفة من قبل الامبريالية الاميركية والصهيونية العالمية. وحجة "اسلامية" نظام الحكم في ايران، كما كانت حجة دكتاتورية صدام حسين في العراق، ليست اكثر من حجة شكلية تستخدم لمحاولة احتلال ايران والاستيلاء على ثرواتها الطبيعية الخ الخ. فلماذا لم تطرح حجة دكتاتورية البعثيين، ومن ثم صدام، في الستينات والسبعينات والثمانينات؟ ولماذا لم تطرح اسلامية ايران حينما تم تزويدها بالسلاح الاسرائيلي في فضيحة "ايران ـ كونترا" او "ايران غيت"؟؟! ان كل من يدخل في دائرة تأييد، او حتى الصمت عن، العدوان المحتمل على ايران (تماما مثلما كان الامر بالنسبة للعراق)، تحت اية حجة كانت، انما يدخل في دائرة الخيانة الموضوعية او المباشرة. فالمناقشة السياسية والفكرية والدينية حول النظام الايراني، مع تأييد ايران ضد الامبريالية والصهيونية، هو شيء؛ وتأييد العدوان الامبريالي ـ الصهيوني على العراق او ايران او اي بلد آخر، وبأية حجة كانت، هو شيء آخر تماما ومختلف تماما.
22ـ ان كل حرب الخليج الاولى (بين العراق وايران) قد جرت تحت الشعار الاميركي المعروف "الاحتواء المزدوج"، اي "احتواء ايران والعراق" معا، بضربهما بعضهما ببعض، وانهاكهما معا، تمهيدا للسيطرة عليهما معا او احتلالهما واحدة بعد الاخرى لاحقا. وهذا ما تم بالنسبة للعراق وتحاول اميركا ان تستكمله بالنسبة لايران. وهنا تدخل "تفاصيل"، مثل الدعم المالي والتسليحي والمخابراتي العسكري للعراق، من قبل الدول الخليجية والدول الاوروبية والاواكس والاقمار الاصطناعية الاميركية وحتى الاسلحة الكيماوية الاميركية التي تزود بها العراق بعد زيارة رامسفيلد لصدام في 1983 الخ، وهو ما يريد البعض نفيه، وكذلك صفقة "ايران ـ كونترا" التي خططت لها السي اي ايه والموساد وتم بموجبها تسليم اسلحة اسرائيلية لايران، وباثمانها تم تقديم اموال واسلحة اميركية لقوات الكونترا العميلة لاميركا في نيكاراغوا. لقد دفع "الحقد الدمقراطي!" لبعض الاشاوس امثال فخري كريم وحميد مجيد موسى، و"الحقد الكردي!" لاشاوس آخرين امثال البارزاني والطالباني، و"الحقد الشيعي!" لاشاوس امثال عبدالعزيز الحكيم ومحمد جلبي ونوري المالكي، لان يؤيدوا الاحتلال الاميركي للعراق ويصبحوا ادوات في يد الاحتلال. يا للوطنية الدمقراطية!!! فهل يسمح بعض العروبيين، الذين شاء لهم سوء حظهم ان يقعوا في المدرسة "الشوفينية البعثية" العروبية المزيفة، ان يقودهم "الحقد الشوفيني العربي" على ايران الى تأييد الامبريالية الاميركية والصهيونية العالمية ضد الشعب الايراني العظيم، الذي كان ثاني اثنين في تاريخ الحضارة العربية ـ الاسلامية، والذي يقف الان في خط المواجهة الاول مع الامبريالية الاميركية والصهيونية العالمية؟! طبعا ان الدبلوماسية الاميركية الخبيثة تحاول القيام بشتى العلاقات والاتصالات لاستمالة اي طرف واي فئة، كي يقف الى جانبها، او حتى كي يقف على الحياد؛ على قاعدة "لا عدو دائما، ولا صديق دائما، بل مصالح دائمة". وقد نجحت الدبلوماسية والمخابرات الاميركية بشق الصفوف الفلسطينية وتحقيق اتفاق اوسلو، على حساب المقاومة والثورة الفلسطينيين. كما نجحت في فصل الزعيم الوطني اللبناني وليد جنبلاط (ابن الشهيد الكبير كمال جنبلاط) عن جسم الحركة الوطنية والمقاومة في لبنان. فهل يعني ذلك اننا يجب ان نقف مع جورج بوش وايهود اولمرت، ضد الشعب الفلسطيني المظلوم؛ وان نقف مع غونداليزا رايس وفؤاد السنيورة ضد جماهير المقاومة والحركة الوطنية في لبنان؟ اننا طبعا يجب ان نضع الف علامة استفهام، وان ننبه بشدة الى اخطار اي اتصالات اميركية ـ ايرانية، ولكن المنطلق يجب ان يكون ليس "الشماتة بالايرانيين" ومساعدة الاميركيين على تطويع ايران، بل التصدي للاميركيين وفضحهم ومساعدة الشعب الايراني على مواجهة المخاطر الامبريالية الاميركية والصهيونية العالمية.
23ـ في دفاع البعض عن "عروبة" صدام حسين واخلاصه للقضية الفلسطينية، يقولون انه سبق له ـ اي صدام حسين ـ واقترح او صرح انه يقبل بمرور الجيش الايراني عبر العراق لقتال اسرائيل وتحرير فلسطين. وطبعا هذه ديماغوجية رخيصة وكاذبة. ويمكن الرد عليها، على الاقل، كما يلي:
أ ـ ان النظام العراقي، كنظام سايكس ـ بيكوي، كان ولا يزال المطلوب منه دوليا ليس تحرير فلسطين، بل دعم وجود اسرائيل وتيئيس الفلسطينيين والقضاء على ثورتهم وابادتهم وتشريدهم من فلسطين. وهذا ما فعله النظام "العروبي" البعثي العراقي على ارض الواقع. يكفي ان نذكر هنا تجربة مجزرة ايلول الاسود 1970. في تلك الفترة الحرجة كانت قوات للجيش العراقي موجودة في الاردن، بموجب الحجة الشكلية وهي اتفاق الدفاع المشترك العربي. اما السبب الفعلي والحقيقي، فهو حماية العرش الاردني بعد هزيمة حزيران 1967 وظهور المقاومة الفلسطينية واشتداد ساعدها. وبصرف النظر عن موضوع اخطاء وانحرافات قيادة منظمة التحرير الفلسطينية، فحينما اندلعت احداث ايلول الاسود 1970، دخلت ايضا قوات سورية الى الاردن لدعم المقاومة، بدون موافقة وزير الدفاع السوري آنذاك الرئيس (لاحقا) حافظ الاسد، ونشأت فرصة تاريخية لايجاد شكل من اللقاء على الارض والتفاهم بين القوات العراقية والقوات السورية وقوات المقاومة الفلسطينية والقوى الوطنية في الجيش الاردني، و"الطلب" من الملك الاردني الراحل حسين الموافقة على قيام "حلف عسكري رباعي": فلسطيني ـ اردني ـ سوري ـ عراقي، بمواجهة اسرائيل. ولكن الذي حدث هو عكس ذلك تماما: تركت القوات المدرعة السورية التي دخلت الاردن، بدون حماية جوية (بفضل "العروبة البعثية" لصدام حسين والقائد البعثي الاخر حافظ الاسد)، ووقفت القوات العراقية شكليا "على الحياد"، وعمليا "بالمرصاد" لاي "خطر فلسطيني" يتهدد العرش الاردني، وتركت المقاومة والجماهير الشعبية الفلسطينية المظلومة تذبح كالنعاج، واخيرا تراكض الملوك والشيوخ والرؤساء العرب وعلى رأسهم الزعيم "العروبي الاكبر!": جمال عبدالناصر حسين لعقد اجتماع مستعجل لـ"جامعة الدول العربية" الانكليزية في عمان، واتخاذ القرارات اللازمة لاجلاء قوات المقاومة من الاردن. وكان من "عروبة" النظامين البعثيين السوري والعراقي ان ايا منهما لم يرض باستقبال قوات المقاومة في بلده. وتم شحن المقاومين الفلسطينيين كماشية موبوءة ورميهم على الحدود السورية ـ اللبنانية. ونحن نذكر انه حينذاك قامت بعض عناصر المقاومة الفلسطينية، وتحت ضغط ضراوة المعارك والمجازر، بالانسحاب عبر النهر نحو الارض المحتلة مفضلين الموت او الاسر على ايدي الاسرائيليين، على الموت او الاسر على ايدي "الاشقاء العرب". وعلينا ان نتصور مشاعر أولئك الشباب الفلسطينيين المقاومين الذين حملوهم كالماشية في الكميونات العسكرية "الشقيقة" وعبروا بهم اراضي سوريا ـ قلب العروبة النابض! ـ والقي بهم على الارض اللبنانية! ان هذا "الفيلم الكابوسي" وحده يفسر لنا، وان كان لا يبرر ابدا، الحقد القطري الفلسطيني الذي اخذ يتعاطى به بعض عناصر المقاومة الفلسطينية مع اللبنانيين، باعتبار انهم ـ اي اللبنانيين ـ هم ايضا "عرب!". فإذا كانت هذه هي "عروبة!" صدام حسين (وصنوه البعثي: حافظ الاسد)، فهل ان "اسلامه!" في العلاقة مع ايران الاسلامية، كان من الممكن ان يكون افضل؟!
ب ـ ان احدى "الصفات الجوهرية" لصدام حسين كانت: الخسة والغدر. فهو كان يعتقل القائد البعثي المعروف عبدالخالق السامرائي. واتهمه ـ وهو في الاسر ـ بالتآمر عليه، وقام باعدامه. ومن "الاشاعات" التي سمعتها شخصيا عن طريقة اعدام عبدالخالق السامرائي، ان فرقة الاعدام تشكلت من "مندوب حزبي ـ بعثي" من كل من ألوية العراق الـ14 حينذاك، وتم اعدام المرحوم عبدالخالق، الذي كان يحظى باحترام حزبي ووطني كبير، ليس باطلاق النار، بل طعنا بالسكاكين. وكان هدف صدام من هذه التشكيلة الحزبية لفرقة الاعدام وهذه الطريقة للاعدام، ان يقول للبعثيين ان الحزب كله يتحمل مسؤولية اعدام عبدالخالق السامرائي وليس هو وحده. ثم قام ـ صدام ـ باعدام واغتيال العشرات من كوادر حزب البعث ذاته، ناهيك عن الشيوعيين والاكراد والشيعة، وطرد الاكراد الفيليين بمئات الالوف ثم استخدام الاسلحة الكيماوية الاميركية ضد المدنيين الاكراد. اي انه بدلا من العمل لاستمالة الاخوة الاكراد، بمختلف فئاتهم، الى الجانب العربي، في المواجهة القومية الكبرى ضد الامبريالية والصهيونية، كان يجري ـ بالضد تماما ـ فعل كل شيء لدفع الاخوة الاكراد دفعا لاحضان اميركا واسرائيل. وهذا يفسر، ولكنه لا يبرر ابدا، الموجة "الكردية!" المزيفة المعادية للعرب والموالية لاميركا واسرائيل، على طريقة حزب "الكتائب اللبنانية"، الذي يريد اخذ المسيحيين الى مواقع العمالة لاميركا واسرائيل، بحجة الدفاع عن "المسيحية"(!!!). وحينما اختلف افراد العائلة، وفر صهرا صدام الى الاردن، ثم عادا الى العراق "بكفالة" الملك حسين، ووعد الامان من صدام، نكث صدام بوعده وقام بتصفيتهما بشكل غادر، ليس فقط حبا بالانتقام العشائري، بل كي يدفن معهما ما يعرفانه من اسرار عن مخازيه ومخازي الفاشستيين البعثيين امثاله ولا سيما عمالتهم القديمة لاميركا. فهل كان صدام حسين يعتقد ان القيادة الايرانية هي من الهبل الى درجة ان ترسل قواتها لتجتاز الاراضي العراقية، وتقع من ثم في كمين غادر بين مطرقة صدام وسندان اسرائيل؟!
ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ
*كاتب لبناني مستقل



#جورج_حداد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الكيانية اللبنانية ...الى أين؟!
- هل يكون لبنان الضحية الثانية بعد فلسطين؟!!
- جورج حبش: مأساة الامة العربية والعالم المعاصر في مأساة رجل
- بين زيارتين رئاسيتين: بوتين يحقق نقلة نوعية كبرى في الجيوبول ...
- من كاتون الكبير الى بوش الصغير: -قرطاجة يجب ان تدمر!-
- -3 الاعلام الامبريالي الاميركي الصهيوني وامكانيات الرد الث ...
- 2 الاعلام الامبريالي الاميركي الصهيوني وامكانيات الرد الثو ...
- 1 الاعلام الامبريالي الاميركي الصهيوني وامكانيات الرد الثور ...
- عقدة كيانية سايكس بيكوية، حلها في الميدان لا في البرلمان
- حوار الطرشان ... حقا طرشان!!!؛
- العداء الاستعماري الغربي للشرق العربي، و-الوعد الشيطاني-؛
- الشهيد ياسر عرفات... ضحية وهم -السلام- مع اسرائيل
- وأي رئيس جمهورية يريد حزب الله؟!
- وثيقة شيوعية بلغارية تفضح التواطؤ الستاليني الصهيوني
- العرب والبلغار على المسرح الحضاري العالمي
- حرب تموز 2006، والخطة -السلمية- الاميركية لاحتواء حزب الله
- الفتنة ليست طريق الخلاص لسوريا
- اغتيال الشيخ رفيق الحريري وصراع الكتل المالية الدولية للسيطر ...
- نحو جبهة أممية موحدة
- نحو بناء التنظيم الشيوعي الثوري العربي الموحد


المزيد.....




- هارفارد تنضم للجامعات الأميركية وطلابها ينصبون مخيما احتجاجي ...
- خليل الحية: بحر غزة وبرها فلسطيني خالص ونتنياهو سيلاقي في رف ...
- خبراء: سوريا قد تصبح ساحة مواجهة مباشرة بين إسرائيل وإيران
- الحرب في قطاع غزة عبأت الجهاديين في الغرب
- قصة انكسار -مخلب النسر- الأمريكي في إيران!
- بلينكن يخوض سباق حواجز في الصين
- خبيرة تغذية تحدد الطعام المثالي لإنقاص الوزن
- أكثر هروب منحوس على الإطلاق.. مفاجأة بانتظار سجناء فروا عبر ...
- وسائل إعلام: تركيا ستستخدم الذكاء الاصطناعي في مكافحة التجسس ...
- قتلى وجرحى بقصف إسرائيلي على مناطق متفرقة في غزة (فيديو)


المزيد.....

- عندما تنقلب السلحفاة على ظهرها / عبدالرزاق دحنون
- إعادة بناء المادية التاريخية - جورج لارين ( الكتاب كاملا ) / ترجمة سعيد العليمى
- معركة من أجل الدولة ومحاولة الانقلاب على جورج حاوي / محمد علي مقلد
- الحزب الشيوعي العراقي... وأزمة الهوية الايديولوجية..! مقاربة ... / فارس كمال نظمي
- التوتاليتاريا مرض الأحزاب العربية / محمد علي مقلد
- الطريق الروسى الى الاشتراكية / يوجين فارغا
- الشيوعيون في مصر المعاصرة / طارق المهدوي
- الطبقة الجديدة – ميلوفان ديلاس , مهداة إلى -روح- -الرفيق- في ... / مازن كم الماز
- نحو أساس فلسفي للنظام الاقتصادي الإسلامي / د.عمار مجيد كاظم
- في نقد الحاجة الى ماركس / دكتور سالم حميش


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - في نقد الشيوعية واليسار واحزابها - جورج حداد - ستراتيجية المقاومة وتحديد الاعداء، الاصدقاء والحلفاء