أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جورج حداد - ازمة الكتاب العربي















المزيد.....

ازمة الكتاب العربي


جورج حداد

الحوار المتمدن-العدد: 2266 - 2008 / 4 / 29 - 09:39
المحور: الادب والفن
    


في جواب على سؤال حول الازمة الراهنة للكتاب العربي، اجاب جورج حداد بما يلي:
ازمة الكتاب (المطبوع) لها وجهان:
الاول: اجتماعي ـ فكري ـ سياسي.
والثاني ـ تكنولوجي ـ اقتصادي.
حول الوجه الاول يمكن القول بإيجاز: ان ازمة الكتاب العربي كانت ولا زالت جزءا من ازمة المجتمع العربي المقموع. فعشية انهيار الامبراطورية العثمانية، ومع كل جعجعتهم حول "التحديث" و"التطوير" و"الأوربة" و"التغريب"، فإن وحوش جماعة "تركيا الفتاة" التي تمخضت الامس عن ولادة "الاتاتوركية"، وتتمخض اليوم عن ولادة "الاتاتوركية الاسلامية" الحديثة، ادركوا ان عدوهم الاول والاساسي، والعدو الاول والاساسي لاوروبا الاستعمارية التي كانوا يلحسون اقدامها، هو وعي ونهضة شعوب الشرق، وبالاخص المسيحيين والعرب ذوي الافق العالمي ـ التاريخي؛ فاتجهوا ـ اي جماعة "تركيا الفتاة" ـ نحو ابادة المسيحيين (الارمن واليونان والاشوريين والسريان واللبنانيين ـ بدءا بالمثقفين) والمثقفين العرب ايا كانوا. وحاولوا حتى تتريك الاسلام والقرآن الكريم، واخذوا يؤذنون "الله بيوك" بدلا من "الله اكبر". وحينما حل محل الطاعون التركي، الطاعون الاستعماري الغربي اتجه هو ايضا نحو تشويه الثقافة العربية، وخصي الذاكرة الحضارية العربية، وفرض اللغات الاجنبية على الاجيال الجديدة. وبمساعدة الخيانة التاريخية للطبقات العربية المتسلطة، التي انتقلت من خدمة "البك التركي" الى خدمة "الخواجا الغربي"، استطاع الغرب الاستعماري ان يزرع فينا انفصاما رهيبا في الشخصية الاجتماعية ـ التاريخية يقوم على المعادلة المزيفة التالية:
() غربي = مسيحي = علمي = تطوري
() عربي = مسلم = خرافي = تخلفي.
وقامت هذه المعادلة على اغتصاب "المسيحية" واعتبارها "ظاهرة غربية"؛
علما ان المسيحية هي اول واعظم حركة تحرر فكري وديني وسياسي لشعوب الشرق (التي تشكلت منها الامة العربية) ضد الامبراطورية "الغربية" الرومانية وحلفائها اليهود ـ الخونة التاريخيين للشرق.
وقد تركت هذه المعادلة للطبقات الحاكمة العربية، العميلة والموالية للغرب، هامشا كبيرا للاستمرار في التسلط على الجماهير الشعبية العربية باسم "الاسلام!"، وهو ما كانت تفعله سابقا بالمشاركة مع الاتراك. ولذلك اقتصرت الفعالية الاساسية في الحركة التثقيفية والتعليمية ايام الاستعمار المباشر على "التغريب". وبعد التحرر من الاستعمار الغربي التقليدي، اتجهت السلطات العربية الى "اسلمة" الثقافة ضمن اطار "الاسلام السلطوي" الذي يحافظ على اشكال السلطة الموروثة منذ مئات السنين، بصرف النظر عن القوى الاجنبية التي تستخدم هذه الاداة، وسواء كانت قوى "مسلمة" كالاتراك، او قوى "كافرة" كالانكليز والفرنسيين واخيرا الاميركان.
وفي نصف القرن الماضي كنا شهودا لظاهرتين متناقضتين:
1 ـ الانتشار الكبير للكتاب الاسلامي (ضمن اطار الاسلام السلطوي) الذي كان يحظى بجميع اشكال الدعم والتشجيع؛
و 2 ـ الضمور الكبير للكتاب بصورة عامة الذي كان يعاني من كل اشكال القمع والمراقبة والتضييق والمحاربة بلقمة العيش للكتاب والمترجمين والمثقفين، والسجون والمحاكمات و"التكفير" و"التحريم" وحتى الطعن بالسكاكين.
وكان ولا يزال المطلوب من جميع الكتاب والمفكرين والمثقفين الانضواء تحت لواء السلطة القائمة، حتى لو كانت سلطة الاحتلال الاسرائيلي لفلسطين والاحتلال الاميركي للعراق. وللاسف ان بعض "المثقفين" تحولوا الى "سياط" في يد السلطات القائمة. ومؤخرا كان لنا "الحظ" في ان نشهد "مجانا" مسرحية سوريالية تلخص كل ازمة الكتاب العربي، وازمة الثقافة العربية. فقد دعا "المثقف" و"الكاتب" العراقي فخري كريم، مستشار رئيس الجمهورية العراقية الحرة جدا سيادة الرئيس الافخم مام جلال طالباني، دعا الى "مهرجان ثقافي" في مدينة اربيل العراقية حضره المئات من المدعويين "المثقفين" العراقيين والعرب. وطبعا ان الفكرة الاساسية من المهرجان اعطاء "صورة حية" عن "دمقراطية" الاحتلال الاميركي للعراق، واختبار "الجهاز الهضمي" للمدعويين ومدى استعداد كل منهم لهضم هذه الفكرة.
وكان من سوء حظ الدكتور سماح سهيل ادريس، سكرتير تحرير مجلة "الآداب" اللبنانية، التي تصدر عن دار "الآداب" للطباعة والنشر، واللتان تعتبران احد اهم صروح "الثقافة" و"الدمقراطية" في الشرق العربي والعالم؛ كان من سوء ـ او ربما: حسن ـ حظه ان كتب مقالا افتتاحيا في مجلة "الآداب" فيه تحليل ونقد موضوعي للمهرجان. اي انه عمل بالمثل اللبناني القائل: "أكل الطعم، و"عملها" على الصنارة". وكانت النتيجة ان كشر "المثقف" فخري كريم عن انيابه المخابراتية ورفع، باسم رئيس الجمهورية العراقية ـ الاميركية سيادة مام جلال الطالباني دام عزه، دعوى قضائية يتهم فيها د. سماح ادريس و"الآداب" بالقدح والذم ضد السلطان الاعظم. والمعلوم ان القضاء اللبناني يمنع المس بالرؤساء والملوك العرب. وبصرف النظر عن المسار القضائي لهذه القضية، فإن "نتيجتها" العملية المباشرة هي ان عددا من المراقبات العربية، ومن مؤسسات توزيع الكتاب وحتى بعض المكتبات، ستأخذ "العبرة" اللازمة من الدعوى، في التعامل اللاحق مع "الآداب".
هذا غيض من فيض من حالة "الاغراق" بالكتاب و"الثقافة" السلطويين، من جهة، والقمع والتحريم والمطاردة للفكر الحر، من جهة ثانية.
وعود على بدء: ان ازمة الكتاب العربي هي جزء من ازمة المجتمع العربي، فالنضال لاجل حل ازمة الكتاب العربي، يرتبط بالنضال لاجل حقوق المرأة العربية وحقوق الطفل العربي وحقوق الانسان العربي، وهي كلها ترتبط بالنضال لاجل تحرير المجتمع العربي من الاحتلال والاستعمار والدكتاتورية والرجعية والرأسمالية.
الوجه الثاني، التكنولوجي ـ الاقتصادي: ان المسار الطبيعي للتطور التكنولوجي يقتضي ظهور اشكال جديدة باستمرار لوسائل الاتصال والاعلام والتثقيف (الراديو، التلفزيون، الانترنت، التلفون المحمول الخ)؛ وهذه الاشكال بدورها ترتبط بتراكم الرأسمال. وفي ظل وجود مجتمع حر، فإن هذه الاشكال لا تتناقض مع بعضها ولا تتناقض مع الكتاب، بل كلها تكمل بعضها بعضا لتثقيف وتنوير الانسان من المهد الى اللحد. ولكن الرأسمالية المتوحشة، وكل رأسمالية هي متوحشة، وخاصة بأبشع اشكالها الاستعمار والامبريالية واذنابها من الانظمة الدكتاتورية والرجعية العربية، تعمل المستحيل، وتنفق المليارات، لاستخدام اشكال التطور التكنولوجي في وسائل الاعلام من اجل "خنق" الكتاب الثقافي الحقيقي، ومن اجل "خنق" كل ثقافة حقيقية في الموسيقى والغناء والرقص الخ الخ. ومن هنا اننا نجد انفسنا امام ظاهرة غريبة وهي: انه بمقدار ما يزداد تكديس الاموال في وسائل الاعلام العصرية (الفضائيات وغيرها) بمقدار ما تزداد نسبة "التهبيط" في الثقافة، وهو ما درجنا على سماعه: الفن الهابط، السينما الهابطة، المسرح الهابط، الغناء الهابط الخ الخ. فالذي يفتح على "الستالايت" لا يستطيع ان يعد الفضائيات العربية، ويمكن ان يظن ان "الثقافة العربية" بألف خير؛ ولكن كل هذا الورم ليس سوى ورم سرطاني.
ولكن الامة التي اعطت العالم الابجدية والكتاب لن تهزم في المعركة الثقافية، كما لن تهزم في معركة التحرير. لقد صلبت روما السيد المسيح؛ فذهبت روما، وبقيت المسيحية... وصلبت الهمجية التتارية والصليبية والتركية والاستعمارية الاوروبية الغربية الامة العربية الحضارية؛ وذهبت كل اشكال الهمجية القديمة، وبقيت الامة العربية؛ واليوم يريد الاميركيون وبني صهيون وعربانهم المنفطون ان يخنقوا الثقافة العربية بالبترودولار ويقتلوا الانسان العربي بالنابالم واليورانيوم والدبابة والطائرة والصاروخ "الذكي"؛ ولكنه طالما يوجد فينا طفل يرمي الدبابة بحجر، فإن شمس "هذه" الثقافة العربية ستسطع من جديد، وستبدد كل هذه الظلمات.
ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ
*كاتب لبناني مستقل



#جورج_حداد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ستراتيجية المقاومة وتحديد الاعداء، الاصدقاء والحلفاء
- الكيانية اللبنانية ...الى أين؟!
- هل يكون لبنان الضحية الثانية بعد فلسطين؟!!
- جورج حبش: مأساة الامة العربية والعالم المعاصر في مأساة رجل
- بين زيارتين رئاسيتين: بوتين يحقق نقلة نوعية كبرى في الجيوبول ...
- من كاتون الكبير الى بوش الصغير: -قرطاجة يجب ان تدمر!-
- -3 الاعلام الامبريالي الاميركي الصهيوني وامكانيات الرد الث ...
- 2 الاعلام الامبريالي الاميركي الصهيوني وامكانيات الرد الثو ...
- 1 الاعلام الامبريالي الاميركي الصهيوني وامكانيات الرد الثور ...
- عقدة كيانية سايكس بيكوية، حلها في الميدان لا في البرلمان
- حوار الطرشان ... حقا طرشان!!!؛
- العداء الاستعماري الغربي للشرق العربي، و-الوعد الشيطاني-؛
- الشهيد ياسر عرفات... ضحية وهم -السلام- مع اسرائيل
- وأي رئيس جمهورية يريد حزب الله؟!
- وثيقة شيوعية بلغارية تفضح التواطؤ الستاليني الصهيوني
- العرب والبلغار على المسرح الحضاري العالمي
- حرب تموز 2006، والخطة -السلمية- الاميركية لاحتواء حزب الله
- الفتنة ليست طريق الخلاص لسوريا
- اغتيال الشيخ رفيق الحريري وصراع الكتل المالية الدولية للسيطر ...
- نحو جبهة أممية موحدة


المزيد.....




- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جورج حداد - ازمة الكتاب العربي