أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - أحمد جميل حمودي - موت المخترع: من بيداغوجيا التعليم الى ايكولوجيا التعلم















المزيد.....

موت المخترع: من بيداغوجيا التعليم الى ايكولوجيا التعلم


أحمد جميل حمودي

الحوار المتمدن-العدد: 2409 - 2008 / 9 / 19 - 03:14
المحور: التربية والتعليم والبحث العلمي
    


قبل تحديد مدى مسؤولية النظام التعليمي العربي عن موت الاختراعات ومبدعيها لا بد من عرض سريع لبعض المؤشرات(عدد الاختراعات المسجلة لكل دولة على حدة)و التي تعكس حالة الهزال العلمي في عالمنا العربي مقارنة لها بالدول المتقدمة وبعض الدول النامية التي باتت تسير على خطى الدول المتقدمة, ومن ثم تحليل هذه المؤشرات وتفسيرها في ضوء واقع المؤسسة التعليمية العربية.

- عدد براءات الاختراع المسجّلة للمقيمين وغير المقيمين عن عام 1997 هي كالتالي:

اليابان 417974,أمريكا 236692,كوريا129982,اسرائيل30344!, شيلي 1960, كولومبيا1259 ,مصر1201,الجزائر240.

(World Development Report, 2000-2001:المصدر )

- عدد براءات الاختراع المسجّلة في الولايات المتحدة الأمريكية في الفترة 1980- 2000على مستوى الدول العربية كلّ على حدة:

الاردن15,سورية10,البحرين6,سلطنة عمان 5,اليمن2,السعودية 171,مصر77,الكويت,52,الإمارات 32 . بينما إسرائيل الدولة المجاورة والتي بلا موارد طبيعية فعدد براءات الاختراع المسجلة 7652!

(Arab Human Development Report, 2003 :المصدر)

وفي البداية لا يمكن الحديث عن موت الاختراعات إلا كنتاج لموت المخترع نفسه في ظل بيئة تصيب المبدع في مقتله فتجعله نبتة مترهلة على ذاتها. فالزرعة لا تنبت إلا بوجود تربة مناسبة خصبة ملائمة لنوع البذرة وهي تحتاج لضوء الشمس وللهواء. فكيف بالإنسان الكائن الرقيق نطلب منه الإبداع(متمثلا بالمخترعات) وهو في بيئة تقيّد بل تقتل هذا الإبداع.
ولذلك يؤكد تورانس على الدور الكبير والرئيسي لتعلم التربية الإبداعية من خلال دراساته الرائدة في هذا الصدد,حيث وجد أن قدرات الإبداع تنمو بالتدريج حتى الصف الرابع - أي حتى سن العاشرة- ثم تتناقص بعد ذلك. وقد علل تورانس ذلك بعدم الاهتمام بهذه القدرات وبعدم ملائمة أساليب التعليم في المدارس لتنمية التفكير الإبداعي, لأنها تركز على تعليم القراءة والحساب وحفظ المعلومات بدون تمحيص, ولا تشجع المتعلم على التعبير عن أفكاره الأصيلة أو الغريبة (غير المألوفة),فيتخلى عنها في سن العاشرة مسايرا لأصحابه ومدرّسيه ولا يظهر تفوقه في القدرات الإبداعية, وخير دليل على ذلك المناهج الدراسية الجافة التقليدية فلا نرى طالبا مميزا قد أنتجته هذه المناهج وحدها إن لم يكن هناك عوامل وظروف أخرى مساعدة وملائمة. ورغم أني لا اقلل من قيمة الإصلاح التقني والبناء التحتي للمؤسسات التعليمية العربية إلا أن إصلاح القوى والعوامل الثقافية وتحليلها هي أولوية في السير في عملية الإصلاح.وعليه يمكن القول بان هناك ثلاثة مشاهد للحالة التعليمية الراهنة تعكس مظاهر نمطية المتعلم وتدني إنتاجيته.
مشهد يخص "ماهية التعليم" لدى الخطاب الرسمي والخطاب التربوي الأكاديمي المحمّل بطروحات التكنوقراطيين لقضاياه ومشكلاته بين اغلب المتخصصين والتنفيذيين, ماهية تعليم يتصور عند هؤلاء على انه أداة يمكن استيرادها في تجاهل لحقيقة كون التعليم كائنا ثقافيا حيا يولد من أحشاء واقع مجتمعه.
ومشهد آخر يتصل بكيفية صياغة غايات وأهداف التربية والتي تتسم بالغموض والبعد عن الإجرائية, فكان احد نواتجه غياب الربط داخل الهدف المصاغ بين الفرع العلمي والمعرفي وضرورة تنمية منهجيات التفكير الملائمة له.
ومشهد ثالث يتعلق بطريقة تصميم مناهجه ومقرراته التي تتسم بنصوص مغلقة غاب فيها شكل التناول الجدلي الذي يسمح بعرض النصوص المتضادة أو المتناقضة بما يسهم في تكوين ذهنية تقبل مبدأ التحول والصيرورة, بل غالبا ما تطرح المعارف والمعلومات والنظريات كحقائق مطلقة لا تقبل النقاش. وكان قد ترتب على الاحتفاء بالموضوعات دون احتفاء مواز بمنهجيات تناولها داخل المحتوى التعليمي أن أصبحت التلقينية هي آلية التدريس الشائعة تجاوبا مع التلقين السياسي والديني السائد داخل المجتمعات العربية.
ويحدد المربي البرازيلي باولو فريري فحوى التعليم التلقيني بان أهم ما يميزه لهجته المتعالية وعدم قدرته على إحداث التغيير4 ب4=16, أما الطلاب فينحصر دورهم في الحفظ والتذكر وإعادة الجمل التي سمعوها دون أن يتعمقوا مضمونها. وليس من هدف لهذا التعليم التلقيني سوى تعويد الطلاب أسلوب التكرار الميكانيكي لمحتوى الدرس وتحويلهم إلى آنية فارغة يصبّ فيها المعلم كلماته الجوفاء, وكلما كان المعلم قادرا على القيام بهذه المهمة كان ذلك دليلا على كفاءته, وما ظلت الأواني قادرة على الامتلاء كان ذلك دليلا على امتياز الطلاب. وهكذا أصبح التعليم ضربا من الإيداع تحوّل فيه الطلاب إلى بنوك يقوم الأساتذة فيها بدور المودعين. ويطرح فريري منهجا بديلا عن التعليم البنكي ألا وهو التعليم الحواري الذي يعترف بإحساس الإنسان تجاه العالم الذي يعيش فيه, والتعليم الذي يستهدف الحرية مركزّا على الإدراك أكثر مما يركز على نقل المعلومات. فمادة التعليم في هذه الحال تقف وسطي المعلم والمتعلم, وبذلك تحل مشكلة التناقض بين التلميذ والمعلم, فالعلاقة الحوارية التي تنشا بينهما تساعدهما على الوعي بمادة التعليم وبذلك يصبح التعليم ممكنا.

البديل: من بيداغوجيا التعليم إلى ايكولوجيا التعلم:
في عصر الصناعة كان الاقتصاد هو محور منظومة المجتمع, وكان التعليم مجرد منظومة فرعية تكاد منقطعة الصلة بالمنظومات الاجتماعية الأخرى لا تتفاعل معها إلا في أضيق الحدود وكان من نتائجه ترسخ الأسلوب البيداغوجي المنشغل بانتقاء المادة التعليمية وطرق تقديمها ووسائلها. وفشل التعليم الذي ورثناه عن عصر الصناعة ليس المسئول عنه فرد أو مجموعة من الأفراد بل يرجع – حسب رأي الكثيرين- إلى اتساع الهوّة بين احتياجات اجتماعية متغيرة وبيروقراطية تربوية مترسخة فقدت صلتها بواقعها الاجتماعي. أما في مجتمع اقتصاد المعرفة يحتل التعليم والتعلم موضع القلب في المنظومة المجتمعية ويفترض فيه ضرورة التفاعل مع جميع منظومات المجتمع الأخرى من دون استثناء حتى يكتسب الفرد والمجتمع القدرة على التكيف التلقائي والتصويب الذاتي مع هادر المتغيرات الاجتماعية الشديدة الديناميكية. وبارتقاء مجتمع اقتصاد المعرفة إلى مستوى مجتمع التعلم لا التعليم والذي يتعلم فيه الجميع: البشر والنظم والآلات, يصبح التعليم بمثابة ايكولوجيا عامة تتسامى فيه المعرفة هواء منعشا يتنفسه الجميع ويتشاركون في إنتاجها واستهلاكها. والسؤال الذي يطرح نفسه هل يمكن بلوغ هذا الحال في ظل الظروف الحالية التي يعاني منها المجتمع العربي؟ إن نمط المجتمع- كما قيل- هو من نمط تعليمه والعكس صحيح. ومرحبا بالايدولوجيا في رحاب الخطاب التعليمي وهل انفصلت عنه يوما!!



#أحمد_جميل_حمودي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التربية المقارنة: تطبيقات المنهج المقارن (6)
- التربية المقارنة: منهج البحث المقارن في التربية(5)
- التربية المقارنة: مجالات البحث المقارن في التربية (4)
- التربية المقارنة: تاريخانية المجال ومراحله المتطورة(3)
- التربية المقارنة: الابعاد المتعددة في طور الالفية الجديدة (2 ...
- التربية المقارنة: محدّدات المفهوم (1)
- الاتجاه النقدي( الراديكالي) اليساري: التطبيقات التربوية المم ...
- وظائف الإدارة وتطبيقاتها المدرسية
- العوامل الاجتماعية/ غير المدرسية المرتبطة بالتحصيل الدراسي: ...
- الطفل والأسرة العربية: التفاعلات, بناء الأدوار, القيم..
- القراءة للجميع أم الخبز للجميع؟: واقع القرائية في العالم الع ...
- رفاهية اليأس!
- وداعا ايها المسيري مفكرا ومناضلا
- الأمّية الجديدة:تدني مستوى اللغة العربية عند غير المتخصصين ف ...
- الأسرة العربية والتنشئة الاجتماعية
- هل التعليم عامل ترابط أم استبعاد اجتماعي?
- الاتجاه الراديكالي اليساري: رؤية نقدية للتربية


المزيد.....




- إماراتي يرصد أحد أشهر المعالم السياحية بدبي من زاوية ساحرة
- قيمتها 95 مليار دولار.. كم بلغت حزمة المساعدات لإسرائيل وأوك ...
- سريلانكا تخطط للانضمام إلى مجموعة -بريكس+-
- الولايات المتحدة توقف الهجوم الإسرائيلي على إيران لتبدأ تصعي ...
- الاتحاد الأوروبي يقرر منح مواطني دول الخليج تأشيرة شينغن متع ...
- شاهد: كاميرات المراقبة ترصد لحظة إنهيار المباني جراء زلازل ه ...
- بعد تأخير لشهور -الشيوخ الأمريكي- يقر المساعدة العسكرية لإسر ...
- -حريت-: أنقرة لم تتلق معلومات حول إلغاء محادثات أردوغان مع ب ...
- زاخاروفا تتهم اليونسكو بالتقاعس المتعمد بعد مقتل المراسل الع ...
- مجلس الاتحاد الروسي يتوجه للجنة التحقيق بشأن الأطفال الأوكرا ...


المزيد.....

- اللغة والطبقة والانتماء الاجتماعي: رؤية نقديَّة في طروحات با ... / علي أسعد وطفة
- خطوات البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- إصلاح وتطوير وزارة التربية خطوة للارتقاء بمستوى التعليم في ا ... / سوسن شاكر مجيد
- بصدد مسألة مراحل النمو الذهني للطفل / مالك ابوعليا
- التوثيق فى البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- الصعوبات النمطية التعليمية في استيعاب المواد التاريخية والمو ... / مالك ابوعليا
- وسائل دراسة وتشكيل العلاقات الشخصية بين الطلاب / مالك ابوعليا
- مفهوم النشاط التعليمي لأطفال المدارس / مالك ابوعليا
- خصائص المنهجية التقليدية في تشكيل مفهوم الطفل حول العدد / مالك ابوعليا
- مدخل إلى الديدكتيك / محمد الفهري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - أحمد جميل حمودي - موت المخترع: من بيداغوجيا التعليم الى ايكولوجيا التعلم