|
متى يستقر الفكر التسامحي في عقليتنا
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 2407 - 2008 / 9 / 17 - 04:56
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
ليس بصدفة ما نحس به من ان بعض الشعوب يمتاز بالعقلية التسامحية و السلام في الفكر و العمل ينما نحن اسير تراكمات الماضي الثقيل ، لو نعيد تكوين الشخصية التسامحية الى عواملها الذاتية، اي ما تتصف الشخصية من المميزات الخاصة البحتة، و هي من الواقع الذي تعيش فيه سوىمن خلال الوضع العائلي كان اوفي اطار المجتمع المحيط بها من كافة النواحي، اي خصائص و مميزات و صفات و المستوى الثقافي للعائلة و المجتمع قبل الخصائص البايولوجية و النفسية الذاتية، و من الطبيعي ان تكون اية شخصية وليدة مجتمعها بشكل خاص . هنا لابد ان نذكر اهم المؤثرات على فكر و عقلية اي فرد من حيث مستوى عمق و دقة تفكيره و نوعه و درجة تسامحه في حياته، ان لم نخض في تاثيرات التاريخ و الايديولوجيات و العقائد و الاديان و السياسة حديثا و الاخلاقيات و المميزات العامة للمجتمع الذي يعيش فيه الفرد ، لابد ان ننظر الى جميع هذه العوامل المؤثرة على العقلية البشرية بانها المرشدة لكيفية تفكير اية شخصية عامة كانت او اعتيادية. هذا بشكل عام ، و استنادا على ما سبق نرى الفروقات الشاسعة في كيفية تفكيراية شخصية و نوعية العقليات بين المجتمعات باكملها ، و يمكننا استنتاج درجة تسامح اي مجتمع و تصرفه و عقليته و مميزاته، و بامكاننا ان نفرق صفات اي مجتمع عن المجتمعات الاخرى بالكامل. ان تعمقنا و درسنا مجتمعنا الشرق الاوسطي بشكل خاص و نظرنا الى ما يتصف به بشكل عام و افرزنا الظروف المسببات و العوامل المؤثرة على عقلية المجتمع، و لاحظنا الفروقات الواضحة بين فكر و عقلية فرد شرقي عن الاخر ، نخرج بنتيجة ان المجتمع الشرقي خليط من مجموعة من العقليات و لا يشابه في تركيبته اي مجتمع اخر في تعدديته الفكرية و الاخلاقية و تباين مستوى تفكير الافراد عن بعضها بهذا الشكل الكبير، و عليه يمكن ان ترى العقلية التسامحية المسالمة و في المقابل هناك عقلية متشددة محاربة عدوانية في نفس المجتمع، و لا يمكن تحديد نوعية المجتمع علميا و بشكل دقيق. من المعلوم ان هذه المنطقة هي منبع العقائد و الاديان، و عليه فان نوعية و شكل اي دين و مضامينه و طريقة تبشيره و كيفية انتشاره اثًر بشكل عميق و جلي على عقلية و تفكير الفرد و المجتمع، و من المؤكد ان هناك من الفروقات بين الاديان و معتقدات الشرق التي تترك تاثيرات متباينة بدورها على الشخصية الشرقية ، نلاحظ منها مسالمة و منطقية و منها تعتمد القوة، و منها معتدلة و متوسطة التصرف بين التشدد و التطرف و الاعتدال و منها انسانية و تسامحية بشكل كبير،و استنادا على تاثيرات الاديان و العقائد و العادات و التقاليد التي يتصف بها المجتمعات و فيها الافراد بشكل خاص، اي بالاضافة الى طبيعة المجتمع و ثقافته و تراكمات نشر الاديان و الروحانيات فيه و التي تؤثر على شخصية الفرد مع المؤثرات العائلية و المحيط المعيشي ، فان عقلية الفرد في صراع دائم بين مواصفات الماضي المؤثر و المتراكم و تاثيرات الحاضر المتغير. جل ما نقصده في تشخيصنا للفرد و المجتمع و كيفية تفكيرنا و ماهية عقليتنا هو التوصل الى الطريقة السليمة المؤثرة على افكارنا من اجل اختيار ماهو الصحيح في حياتنا و العمل على ماهو لصالح الانسانية و مستقبلها في عقليتنا و اتباع ما يخدم تقدم المجتمع و تغييره في هذه المنطقة. من اولى الواجبات الواقعة على عاتق الجميع هو كيفية زرع الفكر و العقلية التسامحية و ابعاد الحقد و الكراهية و الثار و الصفات المضرة المتوارثة من الناحية الاجتماعية و الايديولوجية ، و العمل من اجل التعايش السلمي، و هذا ما يحتاج الى اليات و جهود مضنية من جميع الجهات ، و الواجب الاكبر يقع على عاتق الدولة و مؤسساتها و من ثم النخبة المثقفة و المؤسسات المدنية،و يحتاج قبل اي شيء الى خطة متكاملة ليشارك في تطبيقها الجميع، و اولى الاولويات في العمل هي تشخيص السلبيات و محاولة ازالتها بشكل سلمي و توضيح الطريقة الملائمة لاستقرار الفكر و العقل التسامحي الملائم لحياة الانسان، و هذا ليس بسهل. لعل اقصر الطرق للوصول الى المبتغى في هذا المجال هو تطبيق خطة شاملة متعددة الاوجه و الجوانب بحيث تشمل الجانب التعليمي و التربوي و التثقيفي، بدءا بوضع منهج تعليمي متكامل يضمن نشر الافكار و التعاليم التسامحية الانسانية في كافة المراحل التعليمية و الدخول الى طريف واسع لتنفيذ عملية دعم العائلة في هذا الاتجاه، اما الجانب التثقيفي بشكل خاص هو من العوامل الحاسمة للتاثير على العقلية السائدة و تغييرها للتوجه نحو السلام و التسامح و قبول الاخر، و هذا ما يحتاج الى تعاون الجميع و توفير الوسائل العلمية الملائمة ، وضمان تحقيق الهدف الرئيسي يبدا بخطوة ترسيخ و استقرار الفكر العقلاني التسامحي في عقل و ذهن الفرد و المجتمع.
#عماد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هل استفادت امريكا من افتعال ازمة القوقاز؟
-
هل تسليح الجيش العراقي يعيد السلام و الامان الى الشعب؟
-
دور القادة في مهزلة السياسة العراقية
-
افتعال ازمة خانقين امتداد لازمة كركوك بوسيلة اخرى
-
الاستناد على الاخلاق و المباديء في السياسة و التحزب
-
كفاكم الحكم من طرف واحد و تفهموا الحقيقة
-
كيف يُنظر الى المطلقة في الشرق الاوسط
-
حول ماجرى في القوقاز،اسبابه و نتائجه
-
دور التيارات اليسارية في المجتمع الدولي و مواقفها تجاه المست
...
-
لماذا التمييز بين البشر على اي اساس كان؟
-
طبيعة الانسان و تفكيره و اهتماماته من نتاج الواقع بشكل عام
-
نعم لاجتثاث البعث و لكن كيف؟!
-
استمرارتغيير الاداء السياسي و بقاء نزعة الغاء و تسقيط الاخر
...
-
تاملات سطحية يسارية في الشرق الاوسط
-
هل ستكون الحرب الباردة بين تعدد الاقطاب بعد حرب القوقاز؟
-
الطائفية بين الواقع الاجتماعي و السياسة الحزبية الضيقة
-
محمود درويش شاعر الانسانية انصف الكورد و قضيته ايضا
-
ثقل الكورد في الصراع الدولي و اهميته في قضية كركوك
-
التشاور و التحاور و ليس التحالف المصلحي الضيق
-
الوعي يزيل روح الانتقام من عقلية الشعب بشكل عام
المزيد.....
-
اختيار أعضاء هيئة المحلفين في محاكمة ترامب بنيويورك
-
وزير الدفاع الأميركي يجري مباحثات مع نظيره الإسرائيلي
-
مدير الـ -سي آي إيه-: -داعش- الجهة الوحيدة المسؤولة عن هجوم
...
-
البابا تواضروس الثاني يحذر من مخاطر زواج الأقارب ويتحدث عن إ
...
-
كوليبا: لا توجد لدينا خطة بديلة في حال غياب المساعدات الأمري
...
-
بعد الفيتو الأمريكي.. الجزائر تعلن أنها ستعود بقوة لطرح العض
...
-
السلاح النووي الإيراني.. غموض ومخاوف تعود للواجهة بعد الهجوم
...
-
وزير الدفاع الأميركي يحري مباحثات مع نظيره الإسرائيلي
-
مدير الاستخبارات الأمريكية يحذر: أوكرانيا قد تضطر إلى الاستس
...
-
-حماس-: الولايات المتحدة تؤكد باستخدام -الفيتو- وقوفها ضد شع
...
المزيد.....
-
فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال
...
/ إدريس ولد القابلة
-
المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب
...
/ حسام الدين فياض
-
القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا
...
/ حسام الدين فياض
-
فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
يوميات على هامش الحلم
/ عماد زولي
-
نقض هيجل
/ هيبت بافي حلبجة
-
العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال
...
/ بلال عوض سلامة
-
المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس
...
/ حبطيش وعلي
-
الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل
...
/ سعيد العليمى
-
أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم
...
/ سعيد زيوش
المزيد.....
|