أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - أوراق كتبت في وعن السجن - باسم الخندقجي - نحو ابتكار المثقف مرة اخرى















المزيد.....

نحو ابتكار المثقف مرة اخرى


باسم الخندقجي

الحوار المتمدن-العدد: 2387 - 2008 / 8 / 28 - 00:46
المحور: أوراق كتبت في وعن السجن
    


عزيزي الأسير سابقا وليد حباس .. تحية تعبق إعجاباً بك وبعد..
عندما قرأت ردك على مقالتي المعنونة بعنوان "نحنو ابتكار المثقف" في جريدة القدس الحلقة الأولى شعرت للوهلة الأولى أن هذا ردا على مقالة بعيدة كل البعد عن منطقي في التعبير عن أفكاري ومن هنا إليك ما أهدف إليه مع خالص احترامي يا رفيقي :
عندما يكون المثقف ممثلا للمعاناة الجماعية،ومعبر قوي عن تطلعات الجماهير المسحوقة والمستضعفة،فإن ذلك لا يعد على الإطلاق إنحيازا لها بقدر ما هو إندماج طبيعي ما بين المثقف التقدمي والفئات والجماهير المغلوبة على أمرها.فالتعبير عن المظلومين ليس انحيازا لهم،لإن الانحياز هو عملية مؤقتة تنتهي بإنتهاء مهمة المنحاز إلى فئة معينة،وأما الإندماج فهو استمرارية متكاملة ومتجددة.
وفي "المسألة الفلسطينية" دعني أبدأ من كلماتك التي تقول فيها :"إن القوى الإجتماعية وأثناء تعبيرها عن مصالحها المادية في البناء الفوقي فإنها تفرز ميثاقها"
ومن هنا أسألك ما هي تلك القوى الإجتماعية داخل المسألة هل هي أحزاب؟!
ومهما كانت تلك القوى،فإنها مأزومة ذات ترهل مقيت أفرز بالطبع و للأسف ما يسمى بالمثقفين الذي هم بدورهم يصدرون التخبط إلى الجماهير،مما يؤدي بطبيعة الحال إلى فشل المؤسسة أو القوى الإجتماعية في تلبية تطلعات الجماهير. إن ما أركز عليه وما أسعى إلى إبرازه في حالة المثقف الفلسطيني هي ليبرالية ادوارد سعيد،ذلك المثقف والمفكر الفلسطيني الأوحد الذي لا كرامة له في وطنه،ليبرالية نقدية تلتقي حتما مع اليسار الذي لا هدف له سوى التغيير في أسرع وقت ممكن،وهذا الذي يعني بالضرورة عدم تقبل المثقف التقدمي للوصفات الجاهزة والبرامج الإجتماعية والسياسية والاقتصادية التقليدية،إن الإنجاز الممل و الارتباط الميكانيكي للمثقف في المسألة الفلسطينية هو تعزيز للترهل و الواقع المأزوم،ومن هنا فعلى المثقف الحق أن يقطع صلاته الدائمة مع الأنماط الثابتة والمتحولة،وعليه أن يسعى أيضا إلى النقد بكل ما يمتلك من فكر وكلمات،كما عليه أن يبتعد عن الصيغ الثلاث وهي والاستنكاف والتواطؤ والانعزالية.والسعي إلى ابتكار المثقف هو تعبير عن محاولة جديدة تهدف إلى معالجة المفهوم الخاطئ حول إفراز القوى الاجتماعية أو التاريخية لمثقفيها وهذا يقود إلى إنتقاد دور وإنتاج المثقف العضوي.
وإذا كنا متفقين على أن الماركسية اليسارية بمعناها الأصيل هي تلبية تاريخية لتطلعات الجماهير المغلوبة والمظلومة،وأنها القاعدة الأصيلة والطبيعية للوجود الإنساني التقدمي،فإن هذا يعني أنها ليست منحازة بل هي الأصل و القاعدة التي ينطلق منها المثقف الواعي لدوره البعيد عن الأطر التي خنقت الماركسية،وحولتها إلى نظرية مغلقة،أفرزت مثقف عضوي له حضور جماهيري فقط في المسارح والأفلام والمسلسلات التي تعرضه بشكل هزلي أليم ففي حالة الإنحياز اللامجدي الذي يسهم في تأكيد الأنماط الثابتة،التي بدورها تعزز الرجعية دون وعي مقصود،يصبح الحياد الذي يعتمده المثقف هو التعبير الحقيقي عن اندماجه مع التقدم و التغيير و تمثيل الجماهير ذات الوعي المسلوب ، فالحياد هنا هو الانتماء للنظرية النقية في زمن التلوث . إن ذر الأفكار في عيون الكلمات يسئ لهذه الفكرة ومن هنا فإن إطلاق التعميمات وأحيانا العبارات الاختزالية التي تقول أن هناك ثمة (مجتمع طبقي ) و ( صراع طبقي ) و (بناء فوقي) و ( القوى الرجعية و التقدمية ) كل هذا إنما هو تأكد و تكرار مقيت لتحبط الأحزاب في إبراز و إيجاد التفاهم ما بين النظرية والواقع . ففي مجتمع غالبيته من الريف الذي يعتمد بدرجة أساسية على الزراعة ماذا تعني البروليتاريا ؟ و ماذا يعني أيضا الصراع الطبقي و البناء القومي داخل أحزاب تعبير أن التناقض الرئيس هو مع الاحتلال في مرحلة لا يوجد بها على الإطلاق أية ملامح تشي بمجتمع طبقي إذ أن التطلعات الشعبية الديمقراطية التحررية اللاطبقية هي ما يصلب على تركيبه المجتمع الفلسطيني الغير واضح طبقيا . وهذا ما يجعلني بقوة أطرح ضرورة ابتكار المثقف الذي لا يكون حياديا بقدر ما يكون مندمجا مع التغيير ، و المقصود بالحياد هنا هو ابتعاده عن الأنماط السائدة التي في حال ارتباطه بها تقوده إلى التواطؤ و شرعنه الخطأ المغلف بضرورة التقدم والتغيير ، على أن يعزز علاقته الجدلية مع النظرية المفتوحة التي تكفل عندما تفهم تحقيق التقدم و أن ابتكار المثقف يعتمد بالدرجة الأساسية على المرجعيات النظرية ، عبر إيجاد اللغة التقدمية التي من خلالها يتم اختراق الجوهر النظري ، ونفض الغبار عنه و إعادة إحيائه عبر نفي و معالجة الأخطاء و الإساءات التي ارتكبت ومورست بلاوعي بحقه ، وحتى المثقف العضوي بصيغته الحالية لا يعبر أبدا عن الدور الطبيعي للمثقف بمعناه الذي حدده لينين و غرامشي و غيرهما من كوكبة الماركسيين الأعزاء ، من جهة أخرى لا يمكن اعتبار الحزب فقط على أنه الإطار أو الحاضنة التي تحتوي كل من ينتهج و يسترشد و يتبنى الفكر الماركسي و المنهج المادي الجدلي ، حيث تقول انت في هذا الاطار بمقالتك : ( لا يمكن أن يوجد ثمة ماركسي تميلك الوعي التقدمي الثوري القديم و يتسلح بالمنهج المادي الجدلي و التاريخي إلأ وجد داخل حزب ثوري يناضل من خلاله ، و إذا وجد شخص يدعي الماركسية دون أن يتحزب فهو ليس ماركسيا بالضرورة )
إن هذا القول هو تعبير عن مفهوم الحزب الذي يهدف إلى إضفاء شمولية وصهر كل الآراء و الجهود في برنامجه هو ، ومن هنا علينا أن نخرج من هذا المفهوم الضيق و أن نعتمد بدرجة أساسية على أن الحزب مجرد أداة لها فائق الاحترام و التقدير ، و لكنها حتما لن تكون هدف أو نافية لجهود أخرى تتمثل في المثقف صاحب الموقف النقدي و النضالي ، وهنالك عدد من المثقفين الماركسيين الذين انطلقوا في نقدهم ورفضهم للممارسات الخاطئة و ألأنماط الجاهزة من ثقافة ثورية أصلية و متجددة ، وفي أهم هؤلاء هو تشي جيفارا الذي عندما شعر أنه سيتواطئ مع النمط السائد و الجاهز المغلف بالحراك الثوري خلع عنه حلة حاكم البنك المركزي الكوبي ، و ارتدى بزته العسكرية من جديد ، ثم توجه إلى أحراش بوليفيا لكي يعبر عن موقفه الماركسي الثوري ، فهل كان جيفارا منتمي إلى حزب ماركسي بالضرورة أم إلى نظرية ماركسية ثورية ؟
و أما غرامشي ذلك الماركسي الفذ الذي تمت مهاجمته من بعض الذين يعتقدون أنهم ألأجدر بالفكر الماركسي ، _ غرامشي هو الوحيد الذي إذا فهمناه جيدا فإننا حتما سنتمكن من النهوض و تحقيق التقدم _ قام بانتقاد الأنماط السلطوية السائدة على الصعيدين الفاشي و السوفيتي ، و خاصة عندما انتقد بشدة الممارسات التعسفية الخاطئة في العهد الستاليتي التي أدت إلى تشويه الفكر الماركسي ، وبسبب تواجده ألقسري في السجن قام غرامشي بكتابة أعظم عمل ماركسي ما بعد ماركس وهو ما سمي فيما بعد وفاته ( دفاتر السجن ) الذي لم يعجب البعض في قيادة الحزب الشيوعي الإيطالي خاصة ( تولياتي ) الذي حجب رسالة نقدية كان قد وجهها غرامشي للقيادة السوفيتية في مؤتمر الأممية الشيوعية المنعقد في موسكو في ذالك الوقت ، أليس موقف تولياتي كحزبي أو مثقف عنصري هو تواطؤ مرير مع ألأنماط التعسفية السائدة ؟

وأما "روزا لوكسمبورغ" تلك التي قال عنها لينين"النسر المحلق في سماء الماركسية" إنتقدت بشدة النظام وأليات تطبيق الماركسية في المجتمع السوفيتي إبان إدارة لينين،وقالت أن الماركسية ليست مجرد وصفات جاهزة تنتظر التطبيق،و طالبت بتطبيق الديمقراطية وحرية الصحافة النقد حيث قالت "الحرية هي دائماً وتحديداً حرية من يفكر بشكل مختلف" فهل تعبر لوكسمبورغ عن المثقف العضوي المتحزب أم عن جوهر الماركسية؟
إن المثقف الذي يبتكر دوره وبرامجه،هو الذي يؤكد على إعداد علاقة جدلية ما بينه وبين الثقافة على قاعدة الثابت والمتحول،و أما الثابت فهو الماركسية الحقة.بمعناها الإنساني والتحرري،و أما المتحول فهو ينتج عندما يشعر المثقف سيتواطئ وسيتماهى مع السطوة و القوى السلطوية والمترهلة .
إن الأحزاب و "القوى الإجتماعية" بممارستها وتطبيقاتها العملية الخاطئة ساهمت في إغلاق النظرية الماركسية،وفي هذا الإطار أرجو أن تكون قد إطلعت أيضاً ما قاله مهدي عامل " ماركس العرب" عن الممارسة الثورية حيث قال
"يتجدد الحزب في تجديد النظرية،أو تتجدد النظرية في تجديد الحزب،أي تكون الممارسة هي المرجع الموضوعي الذي يعيد صياغة الحزب والنظرية في مدتهما الداخلية."
فإذا كانت هذه المعادلة متوفرة وموجودة في أي حزب يساري فلسطيني فإنها تستحق بالتأكيد "الإبتكار" للمثقف ومن ثم فرزه لكي يقوم بمهامه و تمثيلاته.

وأما فيما يتعلق باللغة،أقصد لغة المثقف فهي يجب أن تكون ذات طبيعة مزدوجة:نخبوية تارة للذين قال عنهم سقراط "مفترسي الأفكار" وتهدف إلى نقدهم وإيقاظهم و مكافحة تخبطهم،ولغة جماهيرية شعبية تخاطب الجمهور بعفوية وبساطة تارة أخرى،أما بالنسبة للغتي أنا فدعني أقول لك أنه لا يوجد شيء أشد وأكثر تعقيداً من البساطة! بحيث أنني أقرأ "ليلى والذئب" في النهار،على أن أقرأ "الإستشراق" بصحبة "المادية والمذهب النقدي التجريبي" في ساعات الليل.
إن الشعوب هي التي تواكب اللغة ولا يمكن أن تواكب اللغة الشعوب، خاصة في مرحلة التخبط الشعبي التي تشي بمواسم مؤلمة وقاسية .
في الختام ..أنا حتماً لا أسعى إلى شطب دور المثقف و دور المثقف الفلسطيني إذ أنه من الجيد"لحذارك" أن يفرق ما بين النقد والنقي ليس أكثر..والى ان نلتقي لك مني التحية والسلام


الأسير باسم الخندقجي
عضو اللجنة المركزية لحزب الشعب الفلسطيني
سجن جلبوع المركزي
الحكم مدى الحياة



#باسم_الخندقجي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الى روح الشهيد « محمود درويش
- اليسار و لاهوت التحرير
- هكذا تحتضر الإنسانية
- نحو ابتكار المثقف الحلقة الثانية
- نحو ابتكار المثقف العلاقة ما بين الثقافة والمثقف الحلقة ا ...
- أوراق يسارية ... وعي بلا جسد
- ايدلوجية المأساة
- استحداث شيء مبتكر للقضية
- ثمة إنسانية … .؟.
- من الأسرى إلى الأسرى
- من داخل قضبان سجن الظلم جلبوع
- مجلس حكم انتقالي ذات دولة محدودة القدرات
- بحاجةٍ لمحطةٍ وجودية
- الى رفاق حزب الشعب الفلسطيني ... بمناسبة المؤتمر الرابع
- كلمات من وطن
- حين فقد قمري الذاكرة
- فقدان مُعَلْوَم للذاكرة
- من أحلامه ...
- إلى سادة الضياع - جرح الوطن -
- لا صيف و لا شتاء


المزيد.....




- الأمم المتحدة: 360 ألف مبنى في غزة تعرض لأضرار
- منظمة الصحة العالمية تدعو أطراف الصراع في السودان إلى ضمان ت ...
- الأونروا: الاحتلال هجرّ نحو 80 ألف فلسطيني من رفح قسريا في 3 ...
- -الأونروا-: الاحتلال هجرّ قسرياً نحو 80 ألف فلسطيني من رفح ...
- سفير إسرائيل في الأمم المتحدة يرد على بايدن ويسأل عن -تدمير- ...
- -أكسيوس-: الولايات المتحدة ستصدر قريبا تدابير جديدة تخص طالب ...
- رايتس ووتش: إسرائيل تستهزئ بأوامر العدل الدولية بإغلاقها معا ...
- -شهادات مرعبة- ودعوات لوقف الحرب.. عشرات آلاف النازحين يفرون ...
- قوات الاحتلال تشن حملة اعتقالات في الضفة
- ما الذي يعيق عودة اللاجئين السوريين من لبنان لبلدهم؟


المزيد.....

- في الذكرى 103 لاستشهادها روزا لوكسمبورغ حول الثورة الروسية * / رشيد غويلب
- الحياة الثقافية في السجن / ضرغام الدباغ
- سجين الشعبة الخامسة / محمد السعدي
- مذكراتي في السجن - ج 2 / صلاح الدين محسن
- سنابل العمر، بين القرية والمعتقل / محمد علي مقلد
- مصريات في السجون و المعتقلات- المراة المصرية و اليسار / اعداد و تقديم رمسيس لبيب
- الاقدام العارية - الشيوعيون المصريون- 5 سنوات في معسكرات الت ... / طاهر عبدالحكيم
- قراءة في اضراب الطعام بالسجون الاسرائيلية ( 2012) / معركة ال ... / كفاح طافش
- ذكرياتِي في سُجُون العراق السِّياسِيّة / حـسـقـيل قُوجـمَـان
- نقش على جدران الزنازن / إدريس ولد القابلة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - أوراق كتبت في وعن السجن - باسم الخندقجي - نحو ابتكار المثقف مرة اخرى