أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - سهيل أحمد بهجت - ثقافة رهن الارتزاق!!














المزيد.....

ثقافة رهن الارتزاق!!


سهيل أحمد بهجت
باحث مختص بتاريخ الأديان و خصوصا المسيحية الأولى و الإسلام إلى جانب اختصاصات أخر

(Sohel Bahjat)


الحوار المتمدن-العدد: 2380 - 2008 / 8 / 21 - 09:41
المحور: المجتمع المدني
    


ليس في الإمكان بناء مجتمع حر بدون تثقيف أبناء و بنات هذا المجتمع، و الثقافة هنا ليست كم المعلومات كما يتبادر إلى الذهن من أن المثقف هو ذلك الذي "يحفظ" الكثير من الكتب و المعلومات، و إنما نقصد بالثقافة نوعية الوعي و المنطق الفكري الذي يجب تنشئة الفرد عليه حتى يكون جاهزا ـ بنوع ثقافته قبل الكم و الحجم ـ لمواجهة تحديات الطبيعة الاجتماعية و شؤون السياسة بعيدا عن الخوف و الجبن الفكري و النفسي، فالإنسان الشرقي ـ و العراقي منتمي إلى هذه الثقافة ـ يخاف من التفكير و طرح الأسئلة و نتيجة لهذه العقلية التي ترى التفكير جزءا من (الحلال و الحرام) فإن هذا العقل يكاد يكون عاجزا عن الابداع لأن كل شيء بات جزءا من المحرمات، فالرسم و المسرح و الموسيقى و الرقص و الفنون بأنواعها و الفلسفات و النظريات أصبحت كلها ضمن قالب الحرام الذي طغى على أي فرصة للإصلاح.

و نحن هنا لا يمكن لنا أن نلقي باللوم في تخلفنا و معاناتنا على المواطن البسيط ـ رغم أهمية هذا المواطن في التغيير ـ بقدر ما نضع اللوم على الطبقة المثقفة التي تريد الارتزاق عبر الثقافة و المعلومة، رغم أن الاستفادة المادية من الثقافة هو أساس كل مجتمع متطور، لكن الارتزاق على طريقة العبيد و تحصيل ما يراه هؤلاء "لقمة عيش"!! عبر استخدام الاطلاع و كسب المعلومة لصالح تجار السياسة و مروجي بضاعتهم الكاسدة، هذا الأمر يبدو لي أنه أحد أهم أسباب فقدان أي دور للمثقفين أو لنقل ندرته في التغيير المفترض، فالثقافة هنا ليست لها هوية بقدر ما هي "كفاءة" تمكن صاحبها من جني المال و توفير دخل للمثقف و عائلته، و هذا ما يمكنني من أن أُشكك في كونه ثقافة.

في الدول الغربية نجح المثقفون ـ بعد سقوط القومية مع هتلر ـ في خلق عقل يستخدم الثقافة كغاية و وسيلة في آن واحد، و قد يستغرب البعض كيف يمكن للثقافة أن تكون غاية و وسيلة في الوقت نفسه، لكن الموضوع ليس بهذا التعقيد المنطقي بقدر ما هو شبكة علاقات نستطيع عبرها أن نفهم هذه الإشكالية، فالمثقف الغربي يضع أمامه قبل كل شيء كلمة هي من أقدس مقدساته ألا و هي "الحرية" كشرط أساس لتعريف ماهيته كـ"مثقف" و ثانيا كي يستطيع أداء واجباته الثقافية التي تتطلب كمّا هائلا من المال و الحياة المريحة التي تتيح له أسباب التفكير و أدوات البحث التي تكلف أموالا طائلة، فالمثقف هناك في الغرب ممنوع عليه "عبر العقل الاجتماعي و ليس المنع البوليسي" أن يكون تابعا لحزب كونه سيفقد صفة المثقف = الباحث الحيادي أوتوماتيكيا بمجرد أنه تبنى وجهة نظر محددة تناقض كونه كائنا مفكرا حرا.

و النظام السياسي الغربي هو الذي يتيح للمثقف "و المثقف هو أيضا من منتجي هذا النظام" أن يفكر بحرية لأن المطلوب منه أن يعرف الكون و العالم كما هو بأدق موضوعية ممكنة، بينما نحن العراقيون "و نحن جزء من الشرق" نريد من مثقفنا أن يصور لنا الكون و العالم كما نريد و بما يتناسب و نرجسيتنا المتقيحة كأحزاب أيديولوجية تريد من المثقف أن يكون أداة من ضمن أدوات للهيمنة على السلطة، و هذا بالتأكيد يظهر بمظهر المثقف و هو في الوقت ذاته نقيض الثقافة، فالثقافة إبداع و خلق لجديد، بينما ثقافتنا اجترار و تكرار للبالي و القديم و تضخيم صورنا البلاغية و جمالية الخطاب دون معالجة الواقع القبيح و المؤلم، و منذ أمد طويل كنت أحتقر "المثقف الحزبي" و الذي لا أراه إلا نقيضا للمثقف و أنه من جملة الأشياء التي نطلق عليها اسم الضد كأن نسمي القبيح "جميلا" أو المنافق "صريحا"، فلا وجود للمثقف الحزبي إلا بمقدار ما يكون هذا الحزبي ناقدا لحزبه إلى درجة أن يكون مستعدا لفضح أي انحراف في حزبه و ذلك لمصلحة عامة الشعب و المواطنين.

لا زال مجتمعنا ينظر و يترقب بحذر تطبيق المفاهيم من حرية و حريات فردية و طبعا لرجال الدين و متنفذين مستفيدين من العقل القومجي المتحجر دور في الإبقاء على هذه المواقف مثيرين موجة من الرعب تجاه الحرية و أنها تعني إنهيار المنظومة الخلقية و الدينية، و الحقيقة هي أن هذه المخاوف هي التي تبقي الأزمة الدينية و الفكرية و سائر الأزمات مستمرة لأن الحرية هي وحدها الكفيلة بمعالجة كل هذه الأزمات و خلق مثقف حقيقي يخدم المجتمع.
Website: http://www.sohel-writer.i8.com

Email: [email protected]



#سهيل_أحمد_بهجت (هاشتاغ)       Sohel_Bahjat#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مبادئ لتنمية الديمقراطية العراقية
- الدعوة.. على مفترق الطريق
- الانتخاب و الديمقراطية كونها -تجربة-!!
- فجأة.. العراقيون كلّهم بعثيون ..!!
- من حكم المركز.. إلى المركزيات.. نظرة إلى الفدرالية في العراق ...
- رحلتي مع الفيحاء
- -القومي-.. حاكما و معارضا!!
- أحزاب -وراثية- حتى العظم
- الديمقراطية التوافقية التآمرية و أزماتها
- هل تتخلى إيران عن نهج -الوهابية-؟
- المسلمون يهتفون: عاش هبل.. يسقط محمد..!!
- مؤتمر مدريد لحوار الأديان.. حكماء و دهماء
- الحوزة العلمية و الديمقراطية
- أزمة الفهم الديني في مجتمعاتنا
- الإرهاب ..بين الدين و القومية
- من صدام حسين إلى البشير..
- السفينة العراقية و حضرة -المفتي التمساح-!!
- إشكاليات تناقض الدولة الدينية و الدولة المدنية
- خرافة -الوحدة الإسلامية-!!
- العراق... الديمقراطية و المستبدون الأقزام


المزيد.....




- الرئيسان التركي والألماني يبحثان بأنقرة وقف الحرب على غزة وت ...
- الأمم المتحدة تطالب بتحقيق مستقل حول المقابر الجماعية في مس ...
- مخيمات واحتجاجات واعتقالات.. ماذا يحدث بالجامعات الأميركية؟ ...
- ألمانيا تعتزم استئناف التعاون مع الأونروا
- -طيور الخير- الإماراتية تُنفذ الإسقاط الـ36 لإغاثة سكان غزة ...
- إيران.. حكم بإعدام مغن أيد احتاجات -مهسا أميني-
- نداء من -الأونروا- لجمع 1.2 مليار دولار لغزة والضفة الغربية ...
- متوسط 200 شاحنة يوميا.. الأونروا: تحسن في إيصال المساعدات لغ ...
- -القسام- تنشر فيديو لأسير إسرائيلي يندد بفشل نتنياهو بإستعاد ...
- إيطاليا.. الكشف عن تعرض قاصرين عرب للتعذيب في أحد السجون بمي ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - سهيل أحمد بهجت - ثقافة رهن الارتزاق!!