أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - تاج السر عثمان - نشأة الدولة في السودان الوسيط(550- 1821)(1)















المزيد.....

نشأة الدولة في السودان الوسيط(550- 1821)(1)


تاج السر عثمان

الحوار المتمدن-العدد: 2378 - 2008 / 8 / 19 - 07:38
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


الدولة في حضارة النوبة المسيحية
(550م - 1500م)
كانت حضارة النوبة المسيحية التي نشأت علي ضفاف النيل الخالد راقية ومتطورة : اقتصادياً وثقافياً ، وهي من الحضارات التي شهدت لحظات الاذهار والاضمحلال والزوال ، ولكنها تبقي في مجري التاريخ السوداني العام مكوناً من مكونات الحضارة والثقافة السودانية.
1/ وفي كنف دويلات النوبة المسيحية ، كان النشاط الاقتصادي يتكون من الزراعة حيث كانوا يزرعون القمح والشعير والحبوب والنخل والقطن والبصل والموز والبقول ....الخ .كما استخدموا تقنية الساقية ، كما عرفوا السماد بروث البهائم ، وعرفوا ثلاث دورات للزراعة بعد استخدام السماد .
- كما كانت القبائل البعيدة من النيل تمارس حرفة الرعي ، فقد كانت ثروتهم تتكون من الماشية والأغنام والإبل . كما مارسوا حرفة الصيد حيث كانوا يصطادون السمك ، والحيوانات المتوحشة مثل : السلاحف والزراف والقرود والفهود التي كانوا يصدرونها للبلاد المجاورة .
هذا إضافة للعمل في الخارج ، حيث اعتاد أهل النوبة آن يذهبوا إلى مصر للعمل ويعودوا إلى بلادهم بعد أن جمعوا الأموال التي كانوا يحتاجونها - كما عرف النوبة التجارة مع مصر وغيرها ، حيث كانوا
19
يصدرون إلى مصر كميات من ريش النعام،وسن الفيل والآبنوس والصندل والرقيق ، وغيرها من الأخشاب والتبر الذي يستخرج منه الذهب من رمال الأنهار، أو من جبال كردفان أو البحر الأحمر وبعض المعادن في صحراء العتمور . وكانوا يقايضون المصريين بالأنسجة والأقوات، وكان للنوبة تجارة مع القبائل الاستوائية تسمي (التجارة الصامتة) حيث كانوا يحملون إليهم الملح وقطعاً من المنسوجات والحديد ،وكانوا يجلبون منهم الذهب والبخور ، أما الشعوب الأفريقية الأخرى فكان النوبة يستوردون منهم : سن الفيل والأسود والزرافات والطيور النادرة والسموم القوية . إضافة للتبادل والمقايضة ، فقد عرف النوبة النقد واستخدموا الدينار والدرهم في تعاملهم مع التجار المسلمين في بلاد مريس (النوبة السفلي).
- كما عرف النوبة صناعة الحديد الذي كانوا يستخرجونه ويصنعونه في مروي الواقعة بالقرب من كبوشية ، والتي كانت من اكبر مراكز صناعة الحديد ، تصدره إلى كل الجهات في القارة شرقاً وغرباً وجنوباً ،كما عرفوا صناعة النسيج من القطن ، وصناعة الخمور من الذرة والبلح،وعرفوا صناعة السواقي والمراكب ،وصناعة الفخار التي كانوا بارعين فيها ، كما توضح الآثار من الفخار الموجودة في متحف السودان . إضافة إلى الحديد،عرفوا استخراج الذهب والفضه هذا إضافة لصناعه أدوات الإنتاج الزراعي من الخشب والحديد وصناعة السلال والأطباق من سعف النخيل والدوم ،وصناعه أدوات القتال
20
(درق ، الأقواس ، نشاب ) ، وكانوا بارعين في استخدام النشاب والأقواس حتى أطلق عليهم المؤرخون العرب (رماه الحدق ) أبان قتالهم لجيش عبد الله بن آبى السرح .
- كما عرف النوبة المدن الصناعية والتجارية والثقافية مثل : فرس ، دنقلا ، سوبا ، ابريم ، وادي العلاقي ..الخ ، وكنتاج طبيعي لتطور النشاط الاقتصادي من زراعة ورعي ، وتجارة وصناعة حرفية .
2/وبعد حروب النوبة والمسلمين دخلت دوله النوبة في معاهدة مع الدولة الإسلامية ، التي كان يمتلكها والي مصر، أطلق عليها اتفاقية البقط ، والتي كانت نتيجة الهدنه والمصلحة التي تمت بين الدولتين ، وهي عبارة عن اتفاق تجاري - سياسي .
3/ كانت التشكيلة الاقتصادية - الاجتماعية تتميز بنظام إقطاعي بخصائص معينه تختلف عن نظام الإقطاع الأوربي أو الشرقي حيث كان المالك الفعلي للأرض هو الملك أو من ينوب عنه والعاملين عبارة عن اقنان وفقاً لعلاقات الإنتاج العبودية أما عن سمات نظام الرق . فقد كان الرقيق يصدر للخارج إضافة إنه كان عنصراً هاماً وأساسيا في اتفاقية البقط وكان وسيلة تبادل (عملة) كما كان يستخدم في استخراج الذهب والزمرد في وادي العلاقي.
كانت التشكيلة الاقتصادية الاجتماعية للنوبة تتكون من أنماط إنتاج متداخلة ومترابطة في شمولها وعمقها ويمكن تلخيصها في الأتي :ـ
أ/ نمط إنتاج إقطاعي كانت الأراضي فيه ملكاً للحكام النوبة ، وكان
21
الفلاحون بمثابة عبيد لأولئك الحكام.
ب/ نمط الإنتاج العبودي ، وبالوظائف التي حددناها سابقاً للرقيق في بلاد النوبة .
ج) نمط الإنتاج السلعي حيث عرف النوبة اقتصاد السلعة ـ النقد، في بلاد مريس التي كانوا يستخدمون فيها الدينار والدرهم ، إضافة إلى المقايضة جنوب بلاد مريس ، كما كان للنوبة تجارة مع بلاد مصر والحجاز وغيرهما ، وقامت مدن تجارية وثقافية ودينيه ، كما ازدهرت الصناعة الحرفيه . وهكذا نري الخصوصيات والمميزات التي كانت تتم بها تشكيلة النوبة ، ونلاحظ تميزها عن النماذج ألا وربيه والشرقية ، وقد تحمل تشكيلة النوبة بعض السمات من هذه أو تلك ، ولكنها تتميز عن كل منها بخصوصياتها ومميزاتها المتفردة .
4/ ورثت الدولة النوبية عن المملكة المروية تقاليد نظام الحكم الإقطاعي المركزي مع اختلاف الظروف والشروط التاريخية ، كما ورثوا تقاليد الملكة آلام في تسيير شئون الدولة، والواقع أن حدود ممالك النوبة المسيحي هي نفسها حدود المملكة المروية القديمة التي بلغ نفوذها ساحل الجبال الأثيوبية شرقاً ، وسهل دارفورغرباً ، والجزيرة بين النيلين جنوباً. وكان لملوك النوبة سلطه مطلقه علي رعاياهم ،وكان الملك هو صاحب الأمر والشعب كله عبيده، لا يخالفون له أمراً ولا يعصونه ، كما كان ملوك النوبة يتمتعون بسلطة سياسية ودينيه في الوقت نفسه . وهذا هو الاختلاف عن مملكتي نبته
22
ومروي حيث كان فيها الكهنة ينتخبون الملوك ويعزلونهم إذا شاءوا، أي آن السلطة الفعلية كانت في يد الكهنة . أما في ممالك النوبة فقد جمع الملك بين السلطة الدينية والدنيوية ، وهذا في حد ذاته تطور ملحوظ، في هذا الجانب ،أي الانتقال من حكم الكهنة المطلق الذي يؤله الملك إلى نظام يجمع فيه الملك بين السلطة الدينية والدنيوية . وبعد اتفاقية البقط تأثر النظام السياسي والاجتماعي في دوله المقرة بعوامل داخليه وخارجية جعلته في حاله عدم استقرار ، ونتيجة لذلك استمر في تدهور واضمحلال حتى سقوط دوله المقرة نهائياً. ، والحال نفسه ينطبق علي دولة علوة.
5/ تفاعلت المسيحية مع الأعراف المحلية ،وادي ذلك إلى تشكيل المسيحية السودانية. بخصوصياتها التي كانت تتميز بالتسامح ، فكلا الطائفتين اليعقوبية والرومية كانتا موجودتين في بلاد النوبة، كما واجهت المسيحية صعوبات في انتشارها مثل حاجز اللغة وعدم انتشار التعليم الشعبي الواسع لها.
6/ من ظواهر ازدهار الثقافة النوبية التوصل إلى تأليف أبجدية من الحروف القبطية واليونانية ، تم استخدامها في كتابة اللغة النوبية وتطورت هذه اللغة لتكون لغة القراءة والكتابة ولغة الأدب والتجارة والعبادة كما ازدهرت الثقافة النوبية والفن النوبي كما يظهر في التحف الأثرية القيمة من التصوير وتصميم الكنائس وصناعه الأواني الفخارية.
23

7/ بعد انتشار الإسلام في بلاد النوبة حدثت تحولات في البنية الثقافية يمكن تلخيـــصها في الأتي :-
أ) حل الدين الإسلامي محل الديانة المسيحية .
ب) حدث تغيير في علاقة الحكام بالمحكومين ،وزال النظام السياسي الذي يعتبر المواطنين رعايا أو عبيداً لملك النوبة .
ج) تغير نظام العائلة من نظام الأمومة إلى نظام الابوه كما حدث تنظيم الزواج والطلاق بشكل جديد حسب الشريعة الإسلامية والأعراف المحلية.
د) فيما يختص بعلاقة الدين بالدولة زال الوضع الذي كان يجمع فيه ملك النوبة بين السلطتين الدينية والدنيوية وتم شبه انفصال بين الدين والدولة أو بين الدولة ورجال الدين فمثلاً كان شيوخ الصوفية بعيدين عن الدولة الإسلامية في سنار رغم تأثيرهم الروحي علي الناس والحكام ورغم أن الدولة كانت تقوم علي الشريعة والأعراف المحلية .
هـ) حلت اللغة العربية محل اللغة النوبية كلغة تجارة وعباده ودولة وادب ولغة دواوين الدولة ورغم زوال الدولة النوبية ألا أن الثقافة النوبية ظلت من المكونات العضوية الهامة للثقافة السودانية.




24
أهم المصادر:ـ
1/ الشاطر بصيلي عبد الجليل : معالم تاريخ سودان وادي النيل (القاهرة 1955م)
2/ تاج السر عثمان الحاج : تاريخ النوبة الاقتصادي - الاجتماعي (دارعزة 2003م)
3/ د . الأب .ج . فانتيني : تاريخ المسيحية في ممالك النوبة القديمة والسودان الحديث (الخرطوم 1978م)
4/ د. مصطفي محمد مسعد : المكتبة السودانية العربية ( القاهرة 1972م)
5/ د. مصطفي محمد مسعد : الإسلام والنوبة في العصور الوسطي (القاهرة1960م)
6/ د. محمد إبراهيم أبو سليم : الساقية ( معهد الدراسات الافرواسيوية 1980م).
7/ د. يوسف فضل : دراسات في تاريخ السودان ( دار جامعة الخرطوم 1972م )



#تاج_السر_عثمان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تعقيب علي الاستاذ كمال الجزولي
- الذكري ال 190 لميلاد كارل ماركس 1818- 1883م
- نشأة وتطور الرأسمالية السودانية( الحلقة الأخيرة)
- نشأة وتطور الرأسمالية السودانية(9)
- ملاحظات نقدية علي مشروع التقرير السياسي
- نشأة وتطور الرأسمالية السودانية(8)
- اتفاقية نيفاشا والصراع السياسي في السودان
- نشأة وتطور الرأسمالية السودانية(4)
- نشأة وتطور الرأسمالية السودانية(5)
- نشأة وتطور الرأسمالية السودانية(6)
- نشأة وتطور الرأسمالية السودانية(7)
- نشأة وتطور الرأسمالية السودانية(3)
- تعقيب علي رسالة بروفيسور ساندرا هيل
- نشأة وتطور الرأسمالية السودانية(2)
- نشأة وتطور الرأسمالية السودانية(1)
- خصوصية نشأة وتطور الطبقة العاملة السودانية: 1900- 1956م( الح ...
- خصوصية نشأة وتطور الطبقة العاملة السودانية: 1900- 1956(3)
- الماركسية وطبيعة الحزب في تصريحات الشفيع خضر
- خصوصية نشأة وتطور الطبقة العاملة السودانية: 1900- 1956م (2)
- حول ظاهرة الاسلام السياسي: اشارة للتجربة السودانية


المزيد.....




- لوحة كانت مفقودة للرسام غوستاف كليمت تُباع بـ32 مليون دولار ...
- حب بين الغيوم.. طيار يتقدم للزواج من مضيفة طيران أمام الركاب ...
- جهاز كشف الكذب وإجابة -ولي عهد السعودية-.. رد أحد أشهر لاعبي ...
- السعودية.. فيديو ادعاء فتاة تعرضها لتهديد وضرب في الرياض يثي ...
- قيادي في حماس يوضح لـCNN موقف الحركة بشأن -نزع السلاح مقابل ...
- -يسرقون بيوت الله-.. غضب في السعودية بعد اكتشاف اختلاسات في ...
- -تايمز أوف إسرائيل-: تل أبيب مستعدة لتغيير مطلبها للإفراج عن ...
- الحرب الإسرائيلية على غزة في يومها الـ203.. تحذيرات عربية ود ...
- -بلومبيرغ-: السعودية تستعد لاستضافة اجتماع لمناقشة مستقبل غز ...
- هل تشيخ المجتمعات وتصبح عرضة للانهيار بمرور الوقت؟


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - تاج السر عثمان - نشأة الدولة في السودان الوسيط(550- 1821)(1)