أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جوزيف بشارة - تحول نجل قيادي حمساوي إلى المسيحية بين الدين والسياسة















المزيد.....

تحول نجل قيادي حمساوي إلى المسيحية بين الدين والسياسة


جوزيف بشارة

الحوار المتمدن-العدد: 2376 - 2008 / 8 / 17 - 03:14
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لم يكن خبر اعتناق الشاب الفلسطيني مصعب المسيحية ليثير اهتمام العالم لو لم يكن الشاب نجلاً لحسن يوسف القيادي الشهير بحركة حماس المتطرفة التي يدينها العالم الغربي بالإرهاب. كان الخبر بمثابة المفاجأة العملاقة للمتابعين للأحداث على الساحة الفلسطينية، وبخاصة بين المعارضين والرافضين للمواقف المتشددة لحركة حماس. وقد أبرزت وكالات الأنباء نبأ تحول مصعب عن الإسلام، دين والده، واعتبرته حدثاً مهماً يستحق مكاناً بين الأخبار الدولية المهمة الأخرى التي تشمل الحرب بين روسيا وجورجيا، والوضع الأمني المتدهور في أفغانستان، الإنفجار المروع في مدينة طرابلس اللبنانية، وأوليمبياد بكين، وغيرها من الأنباء المهمة. التناول الإعلامي لمسألة تحول مصعب يوسف عن الإسلام واعتناقه المسيحية له ارتباط وثيق بالمواقف السياسية لحركة حماس، وبالأوضاع الراهنة على الساحة الفلسطينية وبالانهيار الذي تشهده عملية السلام في الشرق الإوسط. فالعالم لم يكن ليهتم بخبر يتعلق بمسألة شخصية لفرد لو لم يكن الخبر يحمل دلالات خاصة.

الدلالات التي يحملها تحول مصعب يوسف إلى المسيحية كثيرة وترتبط كلها بمحاولات العالم الغربي فهم الأيديولوجيا المتطرفة التي تتبناها حركة حماس والتي تقود إلى حالة عدم الإستقرار الراهنة في منطقة الشرق الأوسط. ولذا فقد كانت الأسئلة التي وجهتها شبكة "فوكس نيوز" الإخبارية لمصعب يوسف في حوارها معه تتعلق بنشأته وطريقة تربيته، وعلاقته بأبيه وأسرته، وكيفية تحوله عن الإسلام، والصعوبات الشخصية التي واجهته قبل إعلانه اعتناق المسيحية، والأسباب التي دفعته للبحث في أمور دينية لا يجرؤ الكثيرون من المسلمين على الخوض بها، وأسباب اعتناقه المسيحية بدلاً من تبني تيار إسلامي معتدل، وعلاقته بحركة حماس، والميكانيزم الذي تعمل به الحركة، ومدى إيمانها بالسلام وبالوجود المشترك بين الفلسطينيين والإسرائيليين، ومدى مسؤولية الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي عن انهيار عملية السلام.

ولقد حملت إجابات مصعب حسن يوسف على أسئلة شبكة "فوكس نيوز" إتهامات وإدانات واضحة لحركة حماس وقيادييها باستثناء والده الذي أكال له المديح وعبارات الثناء. وقال مصعب يوسف أن نقطة التحول الكبرى في حياته جاءت حين رأى بعينيه عمليات القتل والتعذيب التي يمارسها بعض قادة حركة حماس الذين أكد اننا نراهم بصفة مستمرة على شاشات التلفاز ضد المئات من الفلسطينيين بمن فيهم أعضاء بحركة حماس بتهمة التعاون مع قوات الاحتلال الإسرائيلي. وقال أن وحشية الحمساويين دفعته للتفكير في الكثير من الأشياء التي يعتبرها كل فلسطيني ومسلم مقدسة أو أموراً مسلماً بها. ورغم تأكيد مصعب يوسف على مسئولية جميع قادة الحركة عن أيديولوجيا العنف التي تتبناها الحركة، إلا أنه رفض توجيه اللوم لجميع الحمساويين مشيراً إلى وجود أناس جيدين لم تتلطخ أياديهم بدماء الأبرياء في داخل الحركة. وشدد يوسف على أن الكثيرين من الفلسطينيين قليلي المعرفة يؤيدون حماس لمجرد الاعتقاد بأن حماس تمثل الله والإسلام.

ولم يكتف مصعب حسن يوسف بانتقاد قادة حماس، وإنما مضى ينتقد بشدة الدول الإسلامية لمواقفها من الجهل الذي ينتشر بسدة بين شعوبها. وأرجع يوسف الكثير من المشاكل التي تعاني منها الدول الإسلامية ومنها التطرف والإرهاب إلى غياب الوعي بين الشعوب، وهو الأمر الذي تعمل الحكومات بمساعدة رجال الدين على توسيع قاعدته لضمان السيطرة على الشعوب. وانتقد مصعب يوسف سياسة الانغلاق التي تتبعها الحكومات العربية والإسلامية والتي تقوم من خلالها ببناء الأسوار بحجة حماية شعوبها من الحضارات الأخرى بدلاً من الاهتمام بتعليم وتقيف الشعوب. وأوضح أنه في عصر المعلومات لم تعد تجدي الأسوار مشيراً إلى أن السنوات الخمس والعشرين القادمة ستشهد تغيراً كبيراً في العالمين العربي والإسلامي.

بعيداً عن تصريحات مصعب حسن يوسف التي تحمل قدراً كبيراً من الصحة، فمن المؤكد أن تحول مصعب إلى المسيحية هو قرار شخصي ينبغي على الجميع احترامه. ورغم أنه يصعب على المرء الحكم على مدى صدق إيمان الشاب الفلسطيني بالمسيحية لأن الإيمان في المسيحية عمل شخصي ينشأ في قلب الفرد، فإنه من المهم الابتعاد عن المهاترات التي تحاول الربط بين تحول مصعب إلى المسيحية ومحاولات إسرائيل اختراق حركة حماس. ولقد كانت محاولات حركة حماس الزعم بأن تحول نجل أحد أبرز قادتها كان مؤامرة صهيونية لزعزعة استقرار الحركة والحط من عزيمة المقاومة عملاً بعيداً عن الموضوعية. ولا شك في أن استخدام حركة حماس هنا لنظرية المؤامرة يهدف إلى إبعاد الأنظار عن الأخطاء الحمساوية الكبيرة التي ذكر مصعب حسن يوسف أنها قادته لإعادة التفكير في أمور كثيرة منها عقيدته التي ترعرع عليها. وقد أكد مصعب الذي يبلغ من العمر الثلاثين على أن قرار تحوله إلى المسيحية جاء بعد سنوات أمضاها في الدراسة والقراءة والتفكير قبل أن يتخذ قراره المصيري.

من المؤكد إن تحول نجل القيادي الحمساوي إلى المسيحية سيضع المزيد من علامات الاستفهام حول مستقبل المسيحيين في فلسطين وبخاصة في قطاع غزة الذي تسيطر عليه حركة حماس. وقد كان ارتفاع معدل الاعتداءات على المسيحيين ومقدساتهم في غزة في الشهور الأخيرة التي شهدت تداول أخبار غير مؤكدة عن تحول مصعب إلى المسيحية دليلاً على مدى المصاعب التي يعاني منها المسيحيون هناك. وكان من أهم معالم المصاعب التي يعني منها المسيحيون في غزة في الشهور الماضية اغتيال رامي عياد صاحب إحدى المكتبات المسيحية، والاعتداء على جمعية الشبان المسيحيين، والاعتداء على بعض الأديرة والكنائس والمدارس والممتلكات المسيحية، ومحاولة اختطاف عدد من المسيحيين. ومن المؤكد أن إعلان مصعب نجل القيادي الحمساوي حسن يوسف بنفسه عن تركه الإسلام وتحوله إلى المسيحية سيزيد من مصاعب المسيحيين في غزة.

إن تحول مصعب نجل الزعيم الحمساوي حسن يوسف عن الإسلام وقبوله بالمسيحية يجب أن ينظر إليه على أنه قرار شخصي يتعلق فقط بحياة الشاب الفلسطيني. ورغم تشابك الدين والسياسة في مسألة تحول مصعب حسن يوسف عن الإسلام، إلا أن قراره اعتناق المسيحية، كما أكد الفلسطيني الشاب، كان نابعاً عن قناعة شخصية ولم تكن هناك مؤثرات أو ضغوط مورست عليه. فالشواهد تقول أن الحمساوي الذي ينشأ على مبدأي الجهاد والشهادة في سبيل الله لا يمكن أن يتخلى عن عقيدته تحت أية ضغوط أو مؤثرات. ولذا فإنه يجب على حماس التوقف عن استخدام المسألة في صراعها مع إسرائيل والغرب عبر
اتهامهما بإجراء عملية غسيل مخ لمصعب. وإذا كان من المنطقي مطالبة الحمساويين بالتوقف عن الربط بين اعتناق مصعب حسن يوسف المسيحية والصراع مع إسرائيل والغرب، فإنه من المنطقي أيضاً مطالبة جميع الأطراف المعارضة لحماس داخلياً وخارجياً بالتوقف عن استخدام تحول مصعب حسن يوسف عن الإسلام لتحقيق مكاسب سياسية. وأخيراً فإنه من الضروري مطالبة قادة حماس بالتوقف عن اضطهاد الأقلية المسيحية في غزة والتوقف عن استخدام مسألة تحول نجل أحد قادتها إلى المسيحية للانتقام من المسيحيين الغزاويين.



#جوزيف_بشارة (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إسرائيل ملجأ المضطهدين الفلسطينيين!
- العدالة الدولية: ضروراتها وتحدياتها
- مزحة عربية سودانية
- 46664
- انتصار حزب الله وهزيمة لبنان وإسرائيل والثمن الباهظ لصفقة ال ...
- حول المؤتمر السعودي للحوار بين الأديان والحضارات والثقافات
- نحو معيار دولي واحد للتعامل مع الأنظمة الدكتاتورية
- عندما يفسد التطرف الديني المنافسات الرياضية
- حول المطالبة بمقاطعة المسلمين لعادل إمام
- هل يقود أوباما الولايات المتحدة إلى المجهول؟
- مسيحيو بلاد المسلمين بين خيارين أحلاهما بطعم العلقم
- عبد المعطي حجازي ومقارنة أنصاف المواهب بين فيروز وأم كلثوم
- رغم سلبياته: إتفاق الدوحة خير من دولة حزب الله
- بعد ستين سنة من الرفض والعنف: هلموا نمنح السلام فرصة
- مرارة الهزيمة السياسية لحكومة السنيورة أمام سلاح حزب الله
- هل ينقذ المجتمع الدولي لبنان من براثن حزب الله؟
- الإضراب وكعكة عيد ميلاد الرئيس مبارك
- قبو الرعب يسلط الضوء على جريمة كل العصور
- احتكار الله في بلاد المسلمين
- مساعي كارتر الحميدة تصطدم بمواقف حماس المتطرفة


المزيد.....




- كيف رد ترامب على سؤال حول ما إذا كان سيتدخل في نزاع إسرائيل ...
- وزراء خارجية الخليج يبحثون الهجمات الإسرائيلية على إيران
- الصحة الإيرانية تعلن ارتفاع عدد القتلى جراء الهجمات الإسرائي ...
- ترامب يتوجه إلى قمة مجموعة السبع في كندا مع توقعاته بتوقيع ا ...
- -القناة 14- العبرية: انتشال جثمانين آخرين من تحت الأنقاض في ...
- السودان.. مقتل وإصابة 35 نازحا في قصف شنته -الدعم السريع- عل ...
- معهد -سيبري-: عصر انخفاض عدد الأسلحة النووية في العالم يقترب ...
- ماكرون يدعو ترامب لاستخدام نفوذه لوقف التصعيد بين إسرائيل و ...
- عراقجي: النار التي أشعلتها إسرائيل قد تخرج عن السيطرة
- ما المنشآت الإيرانية الحيوية التي استهدفتها إسرائيل؟ وما أهم ...


المزيد.....

- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جوزيف بشارة - تحول نجل قيادي حمساوي إلى المسيحية بين الدين والسياسة