أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - جوزيف بشارة - الإضراب وكعكة عيد ميلاد الرئيس مبارك















المزيد.....

الإضراب وكعكة عيد ميلاد الرئيس مبارك


جوزيف بشارة

الحوار المتمدن-العدد: 2273 - 2008 / 5 / 6 - 10:54
المحور: المجتمع المدني
    


حدث ومناسبة شغلا بال المصريين يوم الرابع من مايو الجاري. الحدث هو الإضراب العام الذي دعت إليه مجموعة من الشباب المتحمس وأيدته قوى بحجم حماعة الإخوان المسلمين وحركة كفاية. أما المناسبة فهي عيد ميلاد الرئيس حسني مبارك الثمانين. تزامن الحدث مع المناسبة لم يكن اعتباطاً، ولكنه كان مرتباً، حيث رأت المجموعة المنظمة للإضراب أن الرابع من مايو أو يوم ميلاد الرئيس هو الأنسب لإبلاغه باعتراض المضربين على حكمه الممتد منذ عام 1981. وفي الوقت الذي سعت فيه حركة كفاية للترويج للإضراب، فقد رأى بعض المصريين أن الإضراب ما هو إلا "كرسي في الكلوب" لإفساد الاحتفالات الإعلامية الرسمية بعيد ميلاد الرئيس مبارك. المثير أن أعمار الشباب من منظمي الإضراب ربما لا تزيد عن عمر نظام الرئيس مبارك الذي يتحداه المضربون.

ولقد كان في اختيار موعد الإضراب العام بالتزامن مع يوم ميلاد الرئيس مبارك رسالة تحدي واضحة أزعم أن احداً لم يجرؤ من قبل على الإقدام عليها. وقد ثار تساؤل مهم حول قدرة منظمي الإضراب على حشد الشعب المصري خلفهم لإبلاغ الرئيس مبارك برسالتهم شديدة اللهجة؟ كان تأييد المصريين للإضراب المحك الذي يظهر مدى قوة المنظمين في مواجهة نظام لا يزال يمسك بقوة على زمام الأمور في مصر رغم علامات الشيخوخة الواضحة التي تبدو على رموزه. لعدة أسباب أرى أن مهمة منظمي الإضراب لم تكن يسيرة. يأتي على رأس الأسباب أن القائمين على الدعوة للإضراب هم فقط مجموعة صغيرة من الشباب الغير مدعومين من القوى السياسية والتنظيمية المؤثرة على الساحة المصرية. فباستثناء حركة كفاية المشوشة لم تكن هناك قوى أخرى مستعدة للاشتراك بجدية في تحدي النظام في يوم ميلاد رئيسه. ولقد كان رفض الأحزاب السياسية وبعض القوى الوطنية الأخرى كالأزهر والكنيسة القبطية المشاركة في الإضراب ضربة قوية له ولمنظميه.

أما عن موقف جماعة الإخوان المسلمين من الإضراب فقد ترددت أنباء عن قبول الجماعة الاشتراك في الإضراب العام، وولكن حتى اليوم المحدد للإضراب لم يكن من غير المعروف إن كانت الجماعة جادة في الالتزام به أم لا. فقد اكتفت الجماعة بالإعلان على لسان مرشدها العام محمد مهدي عاكف بأنها ستتجاوب مع الدعوة إلى التزام المواطنين بيوتهم يوم 4 مايو. غير أن عاكف استبعد من المضربين من أسماهم بالفئات التي تتوقف عليها صحة المواطنين والامتحانات ومرافق الدولة الحيوية، وهو الأمر الذي أثار المزيد من الشكوك حول التزام الجماعة بالإضراب. رغم تصريح مهدي عاكف، إلا أنني لم أتوقع مشاركة الجماعة الفعلية في الإضراب لثلاثة أسباب مهمة. السبب الأول هو أن الجماعة غير مستعدة لقبول لعب دور ثانوي في إضراب لم تدعو هي له. والثاني هو أن الجماعة لا تبدو مستعدة في الوقت الراهن للدخول في مواجهة علنية صعبة كهذه مع النظام، فالجماعة تفضل العمل في الخفاء وتحت جنح الظلام طالما لم تتوافر لديها مقومات النجاح النهائي. والثالث هو حاجة الجماعة لأن تلملم ما تبقى من أشلائها المتبعثرة من جراء الحملات الامنية التي تشنها السلطات المصرية ضد رموزها.

رغم أن حق الإضراب يعد من الحقوق المكفولة دولياً بغرض حث رفع مطالب الطبقات العاملة والشعوب، إلا أن للإضرابات المؤثرة عوامل نجاح تتمثل في قوة الهدف، وحشد الطاقات وتوحيد الصفوف. لم تتوافر لمنظمي إضراب الرابع من مايو عوامل النجاح هذه، فلم تتمكن المجموعة المنظمة من حشد قوى الشعب المصري وتوحيدها خلفها، فبدا المنظمون وحيدون معزولون في مجتمع منقسمة قواه الإجتماعية. يضاف إلى ذلك أن منظمي الإضراب لم يقدموا أسباباً للإضراب تحفز القوى الشعبية للانضمام إليه، كان السبب الوحيد الذي قدومه هو الاعتراض على حكم الرئيس مبارك، فبدا الإضراب كما لو كان مسعى فعلي لإفساد حفل إطفاء شموع عيد ميلاد الرئيس. وفي هذا الصدد فقد حددت حركة كفاية على موقعها الإلكتروني الغاية من إضراب الرابع من مايو بالقول بأنه جزء من "حملة عصيان مدني سلمي متصاعدة بهدف الإنهاء الشعبي لحكم الديكتاتور و عائلته."

لم تحمل دعوة منظمي الإضراب قوة الدفع اللازمة لتحريك المصريين من حالة السكون التي تنتابهم. فهدف الإضراب الرئيسي المتمثل في إزاحة نظام الرئيس مبارك لا يبدو أنه أحد القضايا الملحة في أجندة المصريين. برأيي أن المشكلة الكبيرة الذي تواجه القوى المصرية هي عجزها عن تقدم البديل الموثوق به لقيادة مصر، وهو البديل الذي يمكن أن يجنب مصر فراغاً شبيهاً للذي يشهده لبنان أو اقتتالاً داخلياً مثل الذي يشهده العراق. فبعد انفراط عقد المعارضة الحزبية التقليدية المتمثلة في حزبي الوفد والتجمع، لم تقدم الساحة السياسية المصرية من هو قادر على تحمل مسئولية قيادة البلاد بصورة جدية. ولم يبرز على السطح سوى البديل الإسلامي الذي يسعى الكثيرون يسعون بطريق مباشر أو غير مباشر لفرضه على مصر. لا أحد ينكر تمتع تيار الإسلام السياسي الذي تمثله جماعة الإخوان المسلمين بشعبية كبيرة بين المتدينين والفقراء، لكن هذا البديل الإسلامي يبدو الأسوأ بين جميع الانظمة السياسية بالنسبة للمثقفين واليساريين والليبراليين. ولا يبدو تولي الإسلام السياسي زمام الأمور في مصر سيئاً لمصر فحسب، لكن لمنطقتي الشرق الشرق الأوسط وحوض البحر الأبيض المتوسط وربما للعالم كله، إذ أن ظهور نظام حكم إسلامي رجعي تقدوه جماعة الإخوان المسلمين في مصر سيعود بكل تأكيد ببلاد النيل قروناً إلى الوراء، وسيشعل من دون شك المنطقة بالمزيد من الحروب والصراعات.

لا ينبغي فهم هذه السطور على أنها تأييد لنظام الحكم المصري، ولكن ينبغي أن تفهم على أنها دعوة لتفعيل العقل في أمر مصيري يرتبط بمستقبل بلد مهم كمصر. والأمر هنا لا يتعلق فقط بنظام الرئيس مبارك، ولكنه ينطبق على معظم البلدان العربية وبالبدائل الموجودة للنظم الحاكمة فيها. فبرأيي أنه لا بأس من وجود مبارك في مصر والأسد في سوريا وعبدالله في الأردن وبوتفليقة في الجزائر طالما كانت البدائل الوحيدة لكل هذه الأنظمة هي أنظمة الحكم الدينية الرجعية التي تشبه نظام الملالي البغيض في إيران. إذ أنه ليس من المقبول استبدال الأنظمة الحالية لأي من هذه الدول بنظم حكم تقودها دوافع دينية وعنصرية لا ودوافع وطنية. الأمر يمكن تلخيصه في أنه إن لم تقد الأنظمة البديلة الدول والشعوب إلى الأمام فخير لهذه الدول أن تبقي أنظمتها الحالية، حتى وإن كانت الشعوب تئن بعض الشيء من قبضة الأنظمة الحالية. فما لم تكن هناك ضمانات قوية بديمقراطية حقيقية تحضرها النظم البديلة لمجتمعات هذه الدول، فليس هناك داع للمغامرة بمستقبل الأوطان.

ولا زلت أعتقد بأنه من الأفضل للقوى الديمقراطية والوطنية المعارضة في الدول الراغبة في إحلال أنظمتها الحاكمة الحالية بأنظمة ديمقراطية أن تقوم بدورها في التمهيد للتغيير عبر توعية شعوبها سياسياً واجتماعياً وثقافياً. فهذا برأيي خير من قيامها بتركيز جل طاقاتها على محاولة إسقاط الأنظمة الحاكمة وتمهيد الطريق لأنظمة أكثر فساداً وسوءاً

لم تكن فرص نجاح إضراب الرابع من مايو أفضل من فرص نجاح إضراب السادس من أبريل الماضي، وقد كان الفشل في النهاية من نصيب الاثنين. لا ينبغي أنكار الأثر السلبي لضعف الحراك السياسي في مصر الذي لم يتمخض بعد عن قوى قادرة على التأثير في حاصر ومستقبل البلاد. أيضاً لا ينبغي إغفال مدى صعوبة المواجهة مع النظام المصري الذي يملك من الوسائل السياسية والإقتصادية والإعلامية والأمنية ما يمكنه من توجيه المصريين وتحفيزهم وتخديرهم وربما أيضاً ردعهم. ولقد كان إعلان الحكومة المصرية، في مناسبة الأول من مايو، زيادة أجور العمال بنسبة ثلاثين بالمائة بمثابة كعكة عيد ميلاد الرئيس التي قدمتها الحكومة المصرية كطعم لاكتساب ود المصريين، وهي خطوة محنكة هدفت بالمقام الاول لقطع طريق النجاح أمام منظمي إضراب الرابع من مايو. وقد حقق الطعم الحكومي نجاحاً كبيراً، فمر يوم الرابع من مايو هادئاً في كافة انحاء مصر، واستمتع الرئيس مبارك بحفل إطفاء شموعه الثمانين، وطرب لسماع عبارات الثناء والتهنئة الكثيرة التي رددها مريدوه على شاشات التلفاز وصفحات الجرائد.



#جوزيف_بشارة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قبو الرعب يسلط الضوء على جريمة كل العصور
- احتكار الله في بلاد المسلمين
- مساعي كارتر الحميدة تصطدم بمواقف حماس المتطرفة
- بين كراهية اليهود والعداء لإسرائيل
- الدكتاتورية أمامنا والفوضى خلفنا
- مناهضة تشويه الأديان بين العالمين الغربي والإسلامي
- في أوغندا: درس مسيحي في التسامح الديني
- موطيء قدم للمسيحي في وطنه
- كيف تحولت حرية العقيدة إلى حرية كفر في بلادنا؟
- حتى لا يتحول الاستحقاق الرئاسي إلى معركة تكسير عظام جديدة
- حين تكون الهمجية باسم الله
- ليت المسلمين يعاملون الأخرين كما يودون أن يعاملهم الأخرون
- انقلاب حماس في غزة وخزة موجعة في قلب فلسطين!
- متى يتوارى خلفاء قتلة السيد المسيح؟
- في الإنتقام الإلهي من برزان التكريتي!
- الغاء عقوبة الإعدام يحفظ للإنسانية كرامتها المهدرة!
- محاكمة جلادي صدام ربما تعيد الثقة في حكومة المالكي
- بعد إعدام صدام... هل يتعظ المتبقون من الطغاة؟
- المسيخ الدجال يظهر في العراق!
- في عيد الميلاد: من يُخَلِّصُ شعوبنا من أتراحها؟


المزيد.....




- لبنان: موجة عنف ضد اللاجئين السوريين بعد اغتيال مسؤول حزبي م ...
- الأمم المتحدة: -لم يطرأ تغيير ملموس- على حجم المساعدات لغزة ...
- مع مرور عام على الصراع في السودان.. الأمم المتحدة?في مصر تدع ...
- مؤسسات فلسطينية: عدد الأسرى في سجون الاحتلال يصل لـ9500
- أخيرا.. قضية تعذيب في أبو غريب أمام القضاء بالولايات المتحدة ...
- الأمم المتحدة تطالب الاحتلال بالتوقف عن المشاركة في عنف المس ...
- المجاعة تحكم قبضتها على الرضّع والأطفال في غزة
- ولايات أميركية تتحرك لحماية الأطفال على الإنترنت
- حماس: الانتهاكات بحق الأسرى الفلسطينيين ستبقى وصمة عار تطارد ...
- هيئة الأسرى: 78 معتقلة يواجهن الموت يوميا في سجن الدامون


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - جوزيف بشارة - الإضراب وكعكة عيد ميلاد الرئيس مبارك