إنهيار التحالفات السياسية أدى إلى انهيار مفاوضات قانون الانتخابات!

سامان كريم

الحوار المتمدن-العدد: 2367 - 2008 / 8 / 8 - 11:04
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    

على رغم الجولات المكوكية والمفاوضات الماراثونية حول الأتفاق على قانون الانتخابات لمجالس المحافظات، بين كافة الكتل السياسية، انهارت اليوم المفاوضات التي تمحورت حول انتخابات كركوك. إن ظاهر القضية هو الاختلافات حول القوانين وماشابه ذلك، ولكن تلك الادعائات التي تروج لها كافة التيارات السياسية المعارضة و الحاكمة في العراق، هي إدعائات فارغة لا اساس لها. أن جوهر القضية وعدم التوافق علي قانون الانتخابات، هو أساساَ فشل التحالفات والجبهات السياسية السابقة، التي أبرمت أبان ألأحتلال الامريكي للعراق في سنة 2003وحسب توازن القوى الموجودة أنذاك. تلك التحالفات ومن اهمها تحالف ما يسمى بالاستراتيجية بين الحزبين القوميين الكرديين مايسمى "بالتحالف الكردستاني" و الاسلام السياسي الشيعي مايسمى "بالأتلاف العراقي" وصلت الى نهايتها، وإنسدت أفاقها.
أن العملية السياسية الجارية في العراق ولحد الان وصلت الى طريق مسدود على كافة الصعد. لحد الان لم يتم بناء الدولة، ولم تحسم امور الدولة، لحد الان تدير البلاد من قبل الاحزاب الميليشياتية الحاكمة وحسب التوافق السياسي بينهم. أن انهيار المفاوضات حول قانون الانتخابات هو بداية لانهيار العملية السياسية الراهنة بقيادة امريكا، و نتيجة لفشل الاستراتيجية والسياسية الامريكية على الصعيدين العالمي و العراقي. أن فشل أمريكا في تحقيق إستراتيجياتها، اي في تحقيق" النظام العالمي الجديد" لها، وفشلها في تحقيق سياساتها في العراق، أدت الى تراجع الدور السياسي و نفوذ تلك القوى التي ركب في سائرها, و أولوهم الحزبيين الكرديين الحاكميين في كردستان العراق. إن فشل الاستراتيجية الامريكية ادى الى تعاضم دور النظام الاسلامي الايراني وتدخل دول الجوار وبالتحديد تركيا وعدد من البلدان العربية في العراق وخصوصا بعد صدور تقرير بيكر-هاملتون قبل سنتين. أن مستجدات السياسية في المنطقة والعراق، أدت الى تدخل تركي واضح في العراق بحجج الواهية مثل وجود PKK من جانب و تعاضم الدور الايراني من خلال ميلشياته و الاسلام السياسي الشيعي الحاكم في العراق عموماَ. إن التوافقات الاخيرة بين تركيا و النظام الايراني ، حول العراق جاءت كنتيجة للدور التركي النشط في المنطقة بعد الفشل الامريكي سواء على المسار الاسرائيلي-السوري او على المسار الايراني –الامريكي حول مايسمى "بالازمة النووية"، تلك التوافقات المقطعية من جانب ودور القومية العربية سواء كان كحركة اجتماعية على صعيد المنطقة او من خلال حكومات عربية و خصوصا السعودية والأردن ومصر واالأمارات وسوريا، و تعاضم دور هذه الحركة في العراق من خلال حركة "الصحوات" ...الخ ادت الى كسر التحالف مايسمى بالاستراتيجية بين الاسلام السياسي الشيعي" الائتلاف: و التحالف الكردستاني، والتي ادت الى إنهيار المفاوضات حول قانون الانتخابات، و الفقرة 24 من قانون الانتخابات، التي صوت لها عدد غير قليل من اعضاء الائتلاف العراقي، بتوجيه واضح من النظام الايراني.
أن قضية كركوك كما قلنا مرات عديدة هي قنبلة موقوتة وخطيرة. أن هذه القضية لا تعالجها اطروحات و سياسات قومية اينما كانت. لا تحلها سياسة القومية الكردية و لا العربية ولا التركمانية، لان حلوهم مبينة على أساس القومية وفضل "قومية" على الاخرى، وحسب توازن القوى الموجودة على الارض. أن حزب البعث القومي الذي فرض حكمه على العراق مايقارب 35 سنة عالج هذه القضية من منظور القومية العربية من خلال سياسة "التطهير القومي" والتعريب" الرجعيين، ومنذ الاحتلال فرضت القوى القومية الكردية سلطانها على المدينة التي لم تؤدي بالنهاية الى حل هذه القضية بل عمقت من مشاكلها، و عمقت من الصراع القومي الدائر بين القوميات الثلاث.
أن حل قضية كركوك تكمن في حل إنساني وإبعاد اطروحات القومية عن اهالي المدينة. أن الحل النهائي و الجذري لقضية كركوك مرهونة ببناء جمهورية الاشتراكية، التي تبنى على أساس المساواة و الحريات الواقعية والملموسة لجميع مواطني العراق وتعرف الانسان على أساس هويته الانسانية فقط، الذي يؤدي بدوره الى كنس الهوية القومية وكافة الهويات الكاذبة الاخرى الى الابد من الدستور و القوانين و كافة المؤسسات الرسمية. ولكن في العراق اليوم، وفي ظل السيناريو الاسود الراهن الذي تسطر فيه الميلشيات الحزبية على زمام الامور والحكم وفرض الفقر والبطالة و انعدام الخدمات العمومية و اللاأمن عن المجتمع، التي أدت الى تراجع دور الطبقة العاملة كطبقة طليعية لبناء هكذا المجتمع، سيكون بناء الحكومة العلمانية وغير القومية هو بديل ثاني لقوى الشيوعية العمالية و التقدمية والتحررية واليسارية في المجتمع. تلك الحكومة التي تبنى على أساس المواطنة المتساوية بين جميع افراد المجتمع بغض النظر عن القومية والدين والطوائف والعشائر والجنس. تلك الحكومة التي تفصل الدين عن الدولة والتربية والتعليم، وسيكون دستور العراق و قوانينه تكتب على اساس المواطنة المتساوية بدون ذكر القومية و الدين والطوائف فيه. حينذاك ستكون قضية كركوك قضية محلولة. اما بخصوص حل فوري لقضية كركوك اقترح الطرح التالي والذي طرح في وقت سابق. حل قوري لأبعاد الحروب القومية من كركوك، ولجعل مدينة كركوك مدينة لكافة ساكينيها، و لقطع دابر مفجري الصراعات القومية فيها، و في سبيل امن وإستقرار أهالي كركوك، هو حل ينفي مادة 140 وفقرة 24 في أنٍ واحد وفي الوقت نفسه هو حل لكافة القوى الموجودة التي بامكانها ان تتفاعل معه بروح إنسانية بعيدة عن التعصب الديني وخصوصا القومي، بعيداً عن تدخلات دول الجوار...ألخ اقترح مايلي:

كركوك مدينة محايدة!
حيادية كركوك من سلطة و إدارة و قرارات الحكومة الميليشاتية في بغداد. حيادية من الفرارات و أدارة و سلطة "حكومة الاقليم". مدينة كركوك هي مدينة"محايدة".أن حيادية مدينة كركوك تعني أعادة الأرادة و القرار الى أهالي المدينة. أن أهالي المدينة ينتخبون ممثليهم بصورة مباشرة من المحلات السكنية. أن لكل محلة لديها ممثلين بنسبة العدد السكاني للمحلة، كمثال لكل 10000عشرة الاف شخص الذي لديهم حق التصويت، لهم ممثلا واحداً. إذا محلة ما لديها 50000 خمسين الف ناخب إذن لديه خمسة ممثلين. هؤلاء الممثلين" مجلس المدينة" يقع على عاتقهم كافة الامور التنفيذية والتشريعية، وينتخبون في مابينهم هيئة او لجنة إدارة المدينة، التي تقع على عاتقها تنفيذ كافة قرارات مجلس المدينة.
نقطة اخرى هي تحديد مدة بين 3-6 اشهر لنشاطات سياسية بحرية لكافة القوى والاحزاب، التي يتعهدون بتطبيق الحريات السياسية و حل المشاكل السياسية بين القوى والاحزاب المختلفة عن طريق الحوار والاجتماعات، و يتعهدوا ايضا بمنع إستخدام السلاح لحل هذه القضايا والمشاكل السياسية.
إدارة مدينة كركوك المحايدة
- أجراء إنتخابات من جديد في كركوك، وذلك في سبيل تغيير مجمل المؤسسات الادراية والحكومية. إنتخاب مجلس المدينة، على أساس الأصوات في المحلات السكنية. تحديد المحافظ و المجلس الجديد للمدينة الذي لديه قوة تشريع القوانين و تنفيذها.
- إلغاء كافة القوى العسكرية والشرطة و القوى الامنية في المدنية، و تشكيل قوة المحافظة لامن أهالي المدينة و مصالحهم ، من أهالي كركوك، و يتم تشكيل هذه القوة على أساس المحلات. منع دخول القوى العسكرية والشرطة والامن لحكومة بغداد و "حكومة أقليم" الى مدينة كركوك.
- أجراء انتخابات في كافة المؤسسات الحكومية وذلك لتحديد مدراء الدوائر.
- تحديد نسبة 10% من مبيعات نفط مدينة كركوك لداخل مدينة كركوك وذلك لاعمار البنية التحتية ولغاية عشرة سنوات مستمرة.. وايضا للاجابة السريعة لمشاكل المهجرين العائدين.
- إنهاء كافة مشاكل المهجرين العائدين وخلال 3 اشهر. تحديد محكمة خاصة لاجل حل المشاكل المتنازعة عليها.و أعطاء التعويض لكافة المهجرين. بناء شقق سكنية مناسبة لكافة العوائل الذين ليس لديهم سكن.
- مدينة كركوك، مدينة لكافة ساكنيها بعربها واكرادها وتركمانها و كلد وأشوريها، يطبق مبدا المواطنة المتساوية في هذه المدينة بغض النظر عن الهويات القومية و الدينية و الطائفية.
- منع الدعاية والتحريض على العنف القومي و الديني و الطائفي.
- منع طرد او اواخراج اي فرد او عائلة من المدينة تحت اية حجة كانت. أهالي مدينة كركوك هم احرار مثل باقي المدن الاخرى في تحديد منطقة سكناهم. كل عائلة في المدينة هي حرة لتغيير مكان اقامتها الى مدينة اخرى، وفي هذه الحالة يجب ان تعوض لتتمكن من تأسيس بيت و معيشة مناسبة.
هذه الوثيقة هي وثيقة إنسانية لإبعاد مدينة كركوك و أهاليها من الحروب القومية، التي سوف تتفجر عاجلا أم آجلا، إذا ستمرت القوى القومية الكردية والعربية والاسلامية على طريقتهم القومية لحد الآن. إذن لا بد من مبادرة جريئة مبنية على هوية إنسانية، مبنية على مصالح أهالي المدينة لا غيرها. أن الاحداث الاخيرة في "برلمان" العراق، و الجدل الدائر بين القوى والتيارت القومية والاسلامية المتمثلة في " البرلمان" وخارجها، حول المادة 140 و"فقرة 24 من قانون انتخاب المحافظات "تنذر بتعكير الاوضاع الأمنية والسياسية في كركوك. لا حل في كركوك ألا بتطبيق مبدأ إنساني يدافع عن الإنسان بغض النظر عن إنتماءات القومية و الدينية والطائفية. إن كافة الاطروحات والحلول القومية التي جربت لحد الان لا تحل مشكلة كركوك، كما شاهدناها. سيطرة قومية البعث على هذه المدينة لاكثر من 30 سنة، وسيطرة قومية الكرد من خلال حزبيها خلال 5 سنوات الماضية قد عمقت المشاكل و رسخت حالة الشقاق في صفوف اهالي كركوك تحت مسميات قومية. إذن أن الوثيقة هذه، هي وثيقة لكل إنسان او تيار او حزب سياسي يدافع عن المبادئ الورادة فيها.

#سامان_كريم (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات