أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أشرف بيدس - في الغابة أطفال الشوارع : «سبوبة» سينمائية أم شجن إنساني















المزيد.....

في الغابة أطفال الشوارع : «سبوبة» سينمائية أم شجن إنساني


أشرف بيدس

الحوار المتمدن-العدد: 2372 - 2008 / 8 / 13 - 04:32
المحور: الادب والفن
    


الإفراط في الواقعية قد يصيب الجماهير بالخوف وليس التعاطف
النوايات الطيبة لا تكفي لصناعة فن جيد
«لم يعد اطفال الشوارع هو وحدهم الذين يقتاتوا من صناديق الزبالة فتات الطعام، فالدائرة اتسعت لتشمل الكثيرون ممن لا يجدون ما يسدوا به جوعهم.. ولم تعد "الخرابات " ملجأ خاص بهم، فالدائرة أيضا تتسع للآخرين، إنه الفقر الذي يوزع عطاياه علي البائسين كل يوم ويدفعهم للاحتماء بجدران الصفيح، ليمارسوا أفعالهم الماجنة بعيدا عن تلك العيون المتلصصة، فمن هو المسئول؟ الحكومة ، الأباء والامهات، مؤسسات المجتمع المدني، أم دمهم تفرق بين القبائل؟».
>>>
في أوائل الخمسينيات انتبهت السينما لمشكلة أطفال الشوارع، وقدم أنور وجدي فيلم «ياسمين»، أعقبه يوسف وهبي بفيلم «أولاد الشوارع» 1951، ثم فيلم «دهب» 1953، ليأتي عام 1954 ويقدم فريد شوقي فيلمه الشهير «جعلوني مجرما» ويناقش من خلاله المشكلة بشكل متوسع، وتتوالي بعد ذلك مشاهد شحيحة في ذاكرة السينما، وفي عام 199. تقدم مديحة كامل وعمرو ديات فيلم «العفاريت»، وتظل مشكلة أطفال الشوارع ظاهرة تطفو علي السطح ثم سرعان ما تخمد، وفي عام 2..4 يقدم أحمد السقا فيلم «تيتو» ومن بعده محمد هنيدي في فيلم «بلية ودماغه العالية»، ثم تهاني راشد في فيلمها التسجيلي «البنات دول» وخلال العامين الأخيرين طفحت من جديد مشكلة أطفال الشوارع، فقدم خالد يوسف «حين ميسرة» ، وأخيرا أحمد عاطف فيلم «الغابة» موضوعنا مقالنا.
الإفراط في الواقعية
يعيش أطفال الشوارع في الخرابات وتحت الكباري وفي مواقف السيارات يمارسون حياتهم بطرقهم الخاصة وقوانينهم الجارة، ويمارسون علي انفسهم أشد أنواع الظلم والقسوة، وكأنه يثأرون من المجتمع بتشويه من تبقي لديهم من آدمية، يتعاطون المخدرات ويمارسون الجنس والاغتصاب والشذوذ. أنها «غابة» أحمد عاطف وناصر عبد الرحمن اللذان حاولا أن يدقا ناقوس الخطر باقتحام هذا العالم الخفي، وإن كان الإفراط في الواقعية قد تكون له نتائج وخيمة فبدلا من تعاطف الناس مع أطفال الشوارع، يعزفون عنهم ويخافون الاقتراب منهم، ويضرب بذلك هدف الفيلم في مقتل، ناهيك عن الاضرار التي قد يسببها من تجاهل المجتمع لهؤلاء البؤساء.
صراع من أجل الحياة
«الخرابة» هي المكان الذي تدور فيه الأحداث، فنجد «حموسة» - أحمد عزمي- زعيم الخرابة الذي يقوم بتوزيع المخدرات علي الأطفال لتصريفها، يقيم علاقة مع «جميلة» - ريهام عبد الغفور، تحمل علي أثرها، بينما «التوربيني» - باسم السمرة- الزعيم السابق للخرابة يقضي بالسجن فترة عقوبة ويحاول إيقاع «حموسة» عن طريق عشيقته «برشامة» - حنان مطاوع - لمعرفة المكان الذي يخبئ فيه المخدرات، وتنجح في إقامة علاقة جنسية مع «حموسة»، تكتشف «جميل» هذه العلاقة بتقوم بتشويه وجه «برشامة» مما يدفعها للانتحار بعد أن فقدت جمالها التي كانت تتباهي به، يخرج «التوربيني» من السجن ويتوجه إلي «جميلة» ويقوم بشق بطنها بساطور بغرض معرفة مكان المخدرات، تتوالي الأحداث وتكشف عن حالات أخري أشد إيلاما وقسوة ممن يقطنون «الخرابة» حيث يتنازعون علي العيش، أو أن شئنا خارج اطارها الآدمي، تكشف لنا الأحداث عن الأب الذي يعتدي علي ابنته الكبرى «مكنة» - منة بدر- ويفقدها عذريتها، ولم يكتفي بذلك بل يحاول تكرار الفعلة مع ابنته الصغري التي لم يتجاوز عمرها الثماني سنوات، ولم تجد الابنة الكبري سبيل من الانتقام سوي دعوة أطفال «الخرابة» لممارسة الجنس معها انتقاما من والدها، حتي يكتشف أخوها الأصغر ما فعله الأب، فيقرر قتله بمساعدة الأم والابنتين، ويقوموا جميعا بتقطيع جثته وتعبئتها في شوال، ويهربون من المنطقة لتتلقفهم أيادي تجار الأعضاء الذين يقومون بسرقة اعضائهم.
مشاهد صادمة
هذا هو ملخص وجيز لأحداث الفيلم دون الدخول في تفصيلات كثيرة، لكن ربما هذا السرد يعطي فكرة كيف كانت تجري الأحداث من مشاهد لا نستطيع أن ننكر أنها فجة ومقززة في كثير منها (بقر بطون، واراقة دماء، وألفاظ خادشة)، ولا ندعي أن صناع الفيلم تحاملوا علي هؤلاء البؤساء في تصوير حياتهم التي احتوت بين طياتها قتل وادمان وزنا محارم واغتصاب وشذوذ وحفلات جنس جماعي وتشويه، وتسول، واقامة علاقات غير شرعية، وحمل سفاح، وسرقة اعضاء. قائمة من الجرائم كفيلة باصابة المتفرج بالصدمة، كما أن تكثيفها في عمل واحد أمر في غاية الصعوبة ولا يستطيع احتماله، دون تضفير إنساني لعلاقات اجتماعية تبرز أي طفيف من الأمل في هذا الجو الصادم القاتم، وإلا ما الغرض من العمل إذا كان لا يخدم القضية التي يناقشها. فالنوايا الطيبة لا تكفي وحدها لصناعة فيلم جيد، كما أن الفن عندما يتحول لناسخ يفقد كثيرا من جمالياته، فالخيال في النهاية هو من يصنع فن جيد.
لاشك أن صناع الفيلم استخدموا أطفال الشوارع بطريقة غير آدمية وحتي يبرأوا ذمتهم قاموا باطعامهم وكسوتهم، والتبرع بمبلغ مالي للدار التي يقيمون بها، أما عملهم بالفيلم فكان دون مقابل!! وهو استغلال يدلل علي أن صناع الفيلم مارسوا القمع مع هؤلاء الفتية وتعاملوا مع الأمر وكأنه «سبوبة» وليست قضية يؤمنون بها.
جنح الفيلم للطابع التسجيلي، ليس لأنه اعتمد علي اطفال شوارع حقيقيون يؤدون دورهم في الحياة، ولكن لأنه رصد الحالة كما هي دون تغيير أو اضافات أو حتي خيال يحرك الدرما واعتمد المؤلف والمخرج علي أن واقعهم ملئ الصراعات والتناقضات وليس في حاجة إلي اضافة المزيد، وهو ما جعل العمل إلي أقرب إلي الشهادات الحية للواقع ينقصها الخيال والحبكة الدرامية، ولو كان تم التركيز علي حالات قليلة لكان النتيجة أفضل. وجاءت الموسيقي التصويرية صاخبة أكثر من اللازم وساعدت علي توتر المتفرج، وكان عليها أن تلتقط أنفاسها في بعض المشاهد.
جنحت كثير من الأراء حول أن الفيلم يسئ لسمعة مصر ويبرز مساوئها، وهي مقولة شابتها المبالغة، فليس هناك عمل يستطيع أن يشوه مصر، وأن طرح المشاكل دون تذويق شيء يستحق التقدير، ولكن في إطار فني ودرامي وبعيد عن المبالغة، فالفيلم ليس كالمقال، كما أن السينما تتميز بالمتعة البصرية التي فقدها الفيلم في كثير من المشاهد، ومع ذلك فإن كثير من الجماهير التي شاهدت الفيلم لم ترضي عما جاء فيه وفقدت التعاطف والتناغم معه.
من الغريب والملفت للنظر إنه فيلم «الغابة» تصدرته لافتة تقول «للكبار فقط» مع إنه شأن طفولي ويهم الصغار قبل الكبار، لأنه يبرز مخاطر اللجوء إلي الشارع وما يحدث بها. وكأن الفيلم صنع للكبار كي يمصصوا شفاهم ويطلقون عبارات التعاطف هنا وهناك حتي ينتهي العرض، ويذهب كل واحد منهم إلي مقصده، وتظل المشكلة معلقة، فمنذ إنتاج أول فيلم عام 195. وحتي 2..8 قاربنا من ستون عاما، والمشكلة لم تحل، ولن تحل، فلا السينما تملك عصا سحرية تستطيع بها تغيير الواقع، ولا أصحاب القرار معنيين بالأمر، ولا تستطيع أيضا مؤسسات المجتمع المدني القضاء علي هذه الظاهرة، فهي تحتاج لتكاتف مجتمعي علي كافة الأصعدة، وتحتاج أيضا دعم مادي كبير جدا، وقبل كل ذلك الاهتمام بالاباء والأمهات الذين يفرغون هذه الأطفال البائسة إلي الشارع نتيجة الشح والحاجة وضيق ذات اليد.
أدوار ونجوم
يتمتع باسم السمرة بتركيز عال في الأدوار التي تسند إليه، ويتعايش معها بكل حواسه، ويحاول الاجتهاد فيها لإخراج كل ما لديه من موهبة للتوحد مع الشخصية، وقد نجح إلي حد كبير في شخصية «التوربيني» ولم يفقد خيوطها، وهي ليست المرة الأولي التي يقوم فيها ببطولة عمل، فقد سبق له العمل مع يسري نصر الله في أكثر من عمل وكذلك أحمد عزمي الذي كان أداؤه متأرجح، تارة مقنع وأخري نري المشاهد تتساقط منه، لكنه يملك الكثير الذي لم يأتي الوقت لكي يظهره ، أما ريهام عبد الغفور فأدوارها النمطية تشكل عائق في إقناع الجماهير بأي جديد، لكنها أجادت في حدود الدور ، ووقفت ملامحها البريئة الهادئة في تمرير الشخصية بصورة كاملة، وتأتي منة بدر وهو خامة تمثيلية واعدة، أما حنان مطاوع فاستطاعت أن تقدم شخصية فتاة الليل بشكل متميز، ساعدها علي ذلك تعابير وجهها المقنعة وفهمها لابعاد الشخصية قبل وبعد التشويه.



#أشرف_بيدس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أحمد آدم : يمسك العصا من منتصفها فلا يطول بلح الجماهير .. ول ...
- حتي لا ننسي أطوار بهجت
- البطاطا طريق للحرام
- الأسطي حسن أشهر عامل في السينما السينما المصرية
- أحمد السقا..فارس جيله
- الأمهات ستر الدنيا
- الناس اللي فوق والناس اللي تحت
- الانتظار المميت
- السقوط
- الفارس المهزوم
- الاعتداء الاخير
- الوهم
- الوشاح البنفسجي
- عيد ميلاد
- ترحال
- زهوة الالوان
- المسافة الوهمية
- طفولة
- القناع المزيف
- عبودية


المزيد.....




- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...
- -جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أشرف بيدس - في الغابة أطفال الشوارع : «سبوبة» سينمائية أم شجن إنساني