ثائر الناشف
كاتب وروائي
(Thaer Alsalmou Alnashef)
الحوار المتمدن-العدد: 2349 - 2008 / 7 / 21 - 10:35
المحور:
السياسة والعلاقات الدولية
متى تخرج سورية ولبنان من حلقة فراغهما الأزلية وتتوقفان عن الدوران فيها ؟ هناك جواب ناجز وجاهز لا يحتاج إلى تفكير طويل ، يقضي بوقف الدوران أولاً سبيلاً للخروج من حلقة الفراغ الأزلي وإفراغها أبدياً .
فإذا ما خرجت سورية ولبنان عن حلقة فراغهما فعلاً من خلال العلاقات الديبلوماسية التي أثلجت صدورنا ، ولم يتوقف دوران الزجل السياسي ، ودوران الاغتيال السياسي ، ودوران الحياة المسمومة سياسياً واجتماعياً ، فإن سورية التي تريد أن تكون شقيقة للبنان – بحسب الرئيس الاسد – سترى لبنان أكثر شقاءاً لها ، ولبنان الذي يريد أن يكون شقيقاً ونداً لسورية – بحسب الاكثرية النيابية – سيرى في سورية أكثر عداءاً له .
هذا المشهد يذهب بنا إلى طرح ما يجول في الذهن من تصورات أولية عن طبيعة ما ستؤول إليه العلاقة بين جارين أكثر قرباً في التاريخ والجغرافية ، وأشد بعداً في السياسة من أي بلدين جارين في العالم .
التباعد في سياسة البلدين يطغى على التاريخ ، ويزيد من الشحن والتباعد الاجتماعي ، بدل أن يفرغه في لقاءات أخوية وخطاب ودي تصالحي ، لا يخون ولا يسخف من قدر جاره ولا يستقوي عليه بالآخر .
لم تكن سياسة البلدين في تاريخ العلاقة الثنائية أكثر قرباً ووداً ، بل كانت دوماً مصدر قلق وتهديد يبعث على الخوف من الآخر ، فحروب لبنان الاهلية ، ما سبقها وما تلاها من إحساس سوري مفرط بالخطر ، استدعى تدخلاً مباشراً ، لا نبرره ، إذا أردنا أن نكون موضوعيين في تحكيم العلاقة ، فهل انتهى هذا الإحساس الزائد ، أم أن الترياق الفرنسي استشفاه مؤقتاً ، دون علاجه دائماً ؟.
إذن ، نحن بانتظار جولة جديدة من الدوران ، لا يعرف متى تبدأ ، وأيا كان خطرها ، يظل لبنان هو الحلقة الأضعف في حلقات الدوران مع سورية ، وما فترات التوقف عن الدوران هذه ، إلا استكشافاً سريعاً للأجواء الخارجية ، واستنشاقاً للأوكسجين قبل الولوج إلى الدوران مجدداً .
الزعم بأن لبنان وسورية بلدان شقيقان ، أبعد ما يكون عن الحقيقة منها إلى الخيال ، فهذا الزعم قد يكون مفيداً في إيهام السائل الملهوف عن طبيعة العلاقة ، بأنها في خير وعلى ما يرام ، كما يخادع الطبيب مريضه حينما يلح الأخير على معرفة ما به من علل وأسقام .
مرض العلاقة السورية – اللبنانية ، قد يحتاج إلى حشد غفير من الأطباء المهرة ، وربما هذا لا يكفي ، فما يحتاجانه ، كما ذكرنا سالفاً ، هو وقف الدوران وتعطيله ، كأقصر طريق لتنقية العلاقة من الشوائب المرتكسة في قاعها ، تمهيداً لاستعادة الثقة المفقودة بين شعبين ولدا من رحم الشقاء وعاشا في بؤر الصراع والقمع .
#ثائر_الناشف (هاشتاغ)
Thaer_Alsalmou_Alnashef#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟