|
الاتحاد من أجل المتوسط وقضايانا العربية
عزيز العرباوي
الحوار المتمدن-العدد: 2343 - 2008 / 7 / 15 - 09:55
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
نجح الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي في جمع أزيد من 40 زعيما ورئيسا لدول حوض البحر الأبيض المتوسط في باريس من أجل تأسيس اتحاد جديد بديل لمسار برشلونة الذي استوفى أهدافه ولم يحقق ما تصبو إليه الدول التي شاركت فيه حينها . ونجح ساركوزي أيضا في جمع ولأول مرة بين الرئيس السوري ورئيس حكومة إسرائيل هدفا منه في لعب دور بارز في عملية السلام بالشرق الأوسط وخلق جو جديد من الحركية من أجل فتح باب المفاوضات الذي أغلق بعد انحياز الإدارة الأمريكية لإسرائيل على حساب العرب والفلسطينيين . واستطاع ساركوزي الذي إلى وقت قريب كان محط أنظار الصحافة الفرنسية والعالمية التي كانت تعتبره رئيسا فاشلا لا يبحث إلا عن تحقيق ملذاته الشخصية دون الاهتمام بالقضايا الوطنية لفرنسا العظمى ، أن يعمل على جعل فرنسا في الواجهة في بعض القضايا العالمية والتي تعرف الكثير من المشاكل وتستعصي على الحل بل لا يستطيع الأطراف المتصارعة فيها الاتفاق على الجلوس على طاولة المفاوضات والحوار .
نجاح ساركوزي هذا والذي جعل العديد من الأوساط تنظر إليه بعين التفاؤل في المستقبل بدور فرنسا في العديد من القضايا الدولية والتي كانت قد استقالت من هذا الدور في عهد شيراك الذي لم يستطع أن يقدم أو يؤخر في كل قضية كان يقترح تدخل بلاده فيها للمساهمة في إيجاد صيغة للتوافق . إضافة إلى سيطرة الإدراة الأمريكية بقيادة جورج بوش الذي لم يترك أي فرصة لأي قوة دولية عظمى للتدخل في قضايا الشرق الأوسط بالذات . هنا يمكننا أن نرى إلى ساركوزي رؤية جديدة قد تكون منصفة في حقه تجاه بلده ووطنه فرنسا على الخصوص ، وبالتالي فإنه يستطيع أن يفخر اليوم بأنه قد فعل شيئا لفرنسا بإعادتها إلى المنتظم الدولي والتأثير فيه بدل شيراك الذي قتل تفاعلها وتأثيرها .
قد نخالف ساركوزي الرؤية فيما يخص قضايانا العربية والقومية ، وقد نرى غير ما يرى هو والسياسيون الغربيون كلهم تجاهنا وتجاه قضايانا ، ولكن كلمة الحق في هذا الرجل يجب أن تقال بحيث نجد فيه ذلك الوطني الغيور على بلده ووطنه خلافا لحكامنا الذين يتهافتون على كل ما يعود إليهم بالخير دون أوطانهم وشعوبهم . ولذلك فكل سياسات ساركوزي لحد الآن تظهر أن الرجل يبحث لفرنسا عن موطيء قدم لها في العالم وهذا من حقه .
إن الاتحاد من أجل المتوسط الذي استطاع ساركوزي أن يضع له لبنة التأسيس بدعم من 43 دولة تنتشر على حوض البحر الأبيض المتوسط الجنوبي والشمالي معا ، لهو رؤية يجب النظر إليها بعين الشك خاصة وأنها جاءت في وقت تمر فيه القضية العربية الأولى من مشاكل داخلية بين الفرقاء الفلسطينيين وخارجية تجاه الصهاينة ودول الجوار ذاتها ، إضافة إلى بروز نية صريحة للمفاوضات بين سوريا وإسرائيل وكذلك فتح باب الحوار مع إيران واحتواء بعض أقطاب الممانعة في المنطقة لعزل المقاومة في فلسطين ولبنان وسوريا عن الدعم الرسمي سواء من طرف سوريا أو إيران أو غيرهما من الدول في العالم ... وهذه الرؤية هي التي يمكنها أن تكون صائبة مادامت العديد من السياسات الغربية تنحو نحو أخذ زمام المبادرة للتفاوض مع هذه الدول من يد أمريكا لتفادي الحزازات معها . الغريب في الأمر هو أن هذا الاتحاد لم يجب عن الكثير من الأسئلة ولم يبادر إلى مناقشة العديد من القضايا التي تعرفها منطقة جنوب البحر الأبيض المتوسط كقضية الصحراء المغربية أو اتحاد المغرب العربي ومآله في المستقبل وقضايا الهجرة والإرهاب ، بل اقتصر النقاش فيه على القضية العربية الإسرائيلية وكأني بهم يريدون جمع الدول العربية التي تتحفظ على التطبيع لإقناعها به والمشاركة في حل المشكلة وتقبل الأمر الواقع ألا وهو إسرائيل كدولة يهودية والضغط على الفلسطينيين بقبول الشروط الصهيونية من أجل إقامة دولة فلسطينية حسب المعايير الغربية والصهيونية .
لقد آلت رئاسة الاتحاد إلى مصر وهذا الأمر فيه الكثير من الارتياب بحيث أن المجتمعين في باريس اقتنعوا بأن مصر هي الوحيدة القادرة على التدخل في القضية وتقريب وجهات النظر بين الإسرائيليين والفلسطينيين المعتدلين المتمثلين في السلطة الرئاسية في رام الله ، وبأنها دولة الاعتدال في المنطقة وأنها تربطها معاهدة سلام مع إسرائيل منذ عشرات السنين لم تخرق منذ توقيعها من الطرفين ، ولذلك فرئاستها للاتحاد سيعطي له قدرة على خلق مبادرات جديدة لجمع الأطراف . خلافا للمغرب الذي أبان عن إرادته في رئاسة الاتحاد حيث كان له السبق في إبداع الفكرة ودفع ساركوزي لاقتراحه والذهاب فيه ، لأن المغرب لا يمكنه أن يفرض رؤيته على بعض الأطراف في الاتحاد لخلق تأثير في المنطقة وحل قضاياها بل سيدفع بكل ما أوتي من قوة لو آل إليه ترؤس الاتحاد إلى تبني قضية الصحراء وبعض الأطراف فيه لا تحب ذلك كالجزائر مثلا ....
عزيز العرباوي كاتب وشاعر [email protected] http://www.elaphblog.com/page.aspx?U=548 http://arbawi.maktoobblog.com
#عزيز_العرباوي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المجلس الاستشاري لحقوق الانسان والصحافة المستقلة :
-
الاتحاد الاشتراكي من النضال إلى المداهنة
-
الزواج الالكتروني عند المغاربة وغيرهم :
-
جديد إعلامنا - أفلام . تي . في . متقدرش تفتح عينيك - :
-
التطور الثقافي ووسائله :
-
الدغرني واحترام العمل السياسي :
-
االشعر و - الشعرية - والشعير :
-
- سامي الحاج - وأكاذيب أمريكا : عزيز العرباوي :
-
الدولة والمجتمع وثقافة العنف :
-
المنع يطال الجزيرة في الرباط :
-
لماذا هذا الصمت تجاه العراق ؟
-
نائب برلماني من حزب العدالة والتنمية يصف موقف وزير الاتصال ب
...
-
المحرقة مسؤولية من ؟ :
-
التعليم والديمقراطية المغربية :
-
أنا الحرف التائه في الظمات
-
- المساء - تسجل هدفا في مرمى الدولة المغربي :
-
حوار مع الشاعر والكاتب المغربي عزيز العرباوي : أجراه حيدر عب
...
-
من يكون ؟ :
-
سلطان الشعر العربي
-
وليد جنبلاط يرقص على ايقاع الحرب الأهلية :
المزيد.....
-
لبنان.. تأجيل حفل جوائز الـ -الموريكس دور- إلى موعد لاحق يحد
...
-
-تلقت تهديدات-.. المخابرات المجرية تحمي صاحبة الشركة المرتبط
...
-
قديروف يتهم إيلون ماسك بتعطيل سيارته الكهربائية عن بعد
-
تفاصيل جديدة حول أجهزة الاتصال اللاسلكية- بيجر- التي انفجرت
...
-
لافروف يعلق على تفجيرات أجهزة -بيجر-حزب الله ويكشف ما تدبره
...
-
إعلام إسرائيلي ينشر تفاصيل جديدة عن عملية اغتيال قائد وحدة ا
...
-
تقرير أمريكي عن مقتل كامل قيادة نخبة حزب الله -الرضوان- بالغ
...
-
الصومال تدين نقل إثيوبيا شحنات أسلحة إلى أرض البنط
-
هكذا يكافح التجار البسطاء تداعيات زلزال المغرب
-
الدويري: إسرائيل تضرب في بيروت وعينها على طهران
المزيد.....
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
-
الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ
/ ليندة زهير
-
لا تُعارضْ
/ ياسر يونس
-
التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري
/ عبد السلام أديب
-
فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا
...
/ نجم الدين فارس
-
The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun
/ سامي القسيمي
المزيد.....
|