أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عزيز العرباوي - الدولة والمجتمع وثقافة العنف :














المزيد.....

الدولة والمجتمع وثقافة العنف :


عزيز العرباوي

الحوار المتمدن-العدد: 2278 - 2008 / 5 / 11 - 06:34
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


لقد أصبح من الخطر أن يرتاد المواطن المغربي الشارع دون أن يتعرض لاعتداء إجرامي في حقه وفي ممتلكاته الشخصية . ولعل كل الوقائع التي نقرأ عنها على صفحات الجرائد الوطنية توحي بأن المجتمع المغربي يعيش مشكلات اجتماعية خطيرة تؤدي باستقرار الأمن فيه إلى التلاشي ، وبالتالي ظهور خروقات وانفلاتات خطيرة تؤثر على سلامة المواطنين الذين يفتقدون في مغرب اليوم إلى وسائل الحماية التي تقيهم من الاعتداءات في حقهم . ويمكن تفسير هذه الانفلاتات الخطيرة من خلال العديد من العناوين أبرزها تلك اللامبالاة التي تبديها المؤسسات الأمنية بكل تلاوينها أمام كل اعتداء سافر ضد المواطن وعدم الاهتمام بشكاياته ومطالبه بالحماية الأمنية ضد أشخاص يجولون بكل حرية في أحياء تعج بالسكان ويعتدون عليهم ، إضافة إلى وجود بوادر واضحة للإفلات من العقاب تكون كثقافة ومسلمة عند المجرمين ولا ننسى غياب التضامن الشعبي بين المواطنين في حالة تعرض مواطن لاعتداء أمامهم على خلاف ما كان رائجا قبل سنوات وعقود

إن جوهر العنف الذي بدأ يعم المجتمع المغربي بكل فئاته مرجعه تلك الثقافة التي تجذرت لدى بعض أفراد المجتمع المتشبعين بثقافة العنف كسبيل لممارسة الحياة والتفاعل داخل المجتمع ، هاته الثقافة التي ساهمت في خلق مجتمع يسلك طريق التفتت والانحلال والضياع . هاته الثقافة التي أصبحت هي ذات المجتمع التي يمكن أن ينصهر فيها البعض من أفراده ، فما يحدث للفرد من مشاكل يمكن أن ينقاد بسرعة نحو تبني هذه الثقافة والتشبع بها . بمعنى أن ما يحدث للفرد الذي تعود العيش في سلام من مشكلات تدفعه إلى ممارسة العنف من أجل البقاء والحفاظ على حياته ووجوده يصل إلى أن يكون ظاهرة اجتماعية جديدة يؤثر بها داخل مجتمعه ويتأثر بما يفعله ويحمله الآخرون . وهذا يدل على أن المجتمع الذي تنشأ فيه مثل هذه الظواهر إنما يكون مجتمعا ضعيفا وغير متماسك ، وبالتالي تتشكل لديه ثقافة جديدة تمحو ثقافة السلم والتعايش والانصهار التي كانت رائجة فيه من قبل .

إن فكرة العنف بحد ذاتها فكرة قديمة تقادمت مع البشر منذ الأزل ، ولعل أول حادثة وقعت في تاريخ البشرية تعد أكبر دليل على هذا الادعاء . فاقتتال قابيل وهابيل ولدي آدم مثل أول حادثة عنف في التاريخ البشري والتي غرست بذرة لثقافة العنف والحقد بين أفراد المجتمع الواحد لتكبر وتنمو مع تكاثر الناس وتوالدهم وتفاعلهم . وبالتالي فإن أي بوادر لممارسة العنف والعنف المضاد لا يمكن الاستغراب منها ، بل بالعكس يجب البحث في أسباب استفحالها ومحاولة النبش في دوافعها والظروف التي أدت إلى انتشارها بشكل رهيب كما يقع اليوم في المجتمع المغربي . إن العنف عندما ينهش جسد المجتمع يجب القضاء عليه قبل أن يستفحل ويقضي على الجميع . وللأسف الشديد لا نرى أي إرادة واضحة لدى الدولة المغربية تجاه هذا المرض الذي بدأ ينخر جسد المجتمع ، بحيث نراها منشغلة في بعض الأمور الأخرى والتي كانت نتيجة لهذا العنف أصلا ، فبدل القضاء على المرض من جذوره يتم التعامل مع النتائج التي نتجت عنه وتركه حرا يقضي على أعضاء أخرى داخل المجتمع ذاته .

ستكون الآثار التي تتركها ثقافة العنف والتي بدورها صنعت التطرف والتشدد والجريمة المنظمة والانحلال الأخلاقي والديني هي من على الدولة – أي دولة – التفكير في احتوائها وعدم السماح لها بالتفشي ، وذلك بسلك سبل عدة من أهمها القضاء على الفقر والأمية والمخدرات وفرض تطبيق القوانين الزجرية في حق من يخرج عنها . وكل هذا ممكن إذا ما وجدت هناك إرادة قوية لدى الدولة للحفاظ على أمن وسلامة مواطنيها .

بما أن العنف هو من نتاج البشر بكل تلاوينه وأصنافه ، إلا أن هناك الكثير من الدوافع التي تساهم في تفشي هذا العنف . فصعوبة التعاطي مع الحياة اليومية وعدم البحث عن سبل أخرى لإبعاد العنف في التعامل وخلق حوار ونقاش هادئين بشكل مباشر فإنه لا يمكن أن ينتفي هذا الأمر بين هؤلاء البشر . كما أن تغاضي الدولة عن بعض التجاوزات والانفلاتات الأمنية بين الفينة والأخرى وعدم محاربتها بطرق قانونية تؤدي إلى التقليل من وجودها واستفحالها يقود العديد من المواطنين غير المتشبعين بثقافة الحوار وقبول الاختلاف إلى سلوك حياة العنف والحقد والجريمة .

وأظن أنه إذا قدمت الدولة المغربية رؤية مسلحة بثقافة الحوار وقبول النقد والإقناع فإن أي ثقافة للعنف تكون في طريقها إلى الزوال ، بحكم أن البشر بصفة عامة في حاجة إلى من ينورهم ويقنعهم بثقافة ما ليتأثروا بها في حياتهم ومعاملاتهم العامة والخاصة . وهذا لن يحصل إلا إذا أعطت الدولة الدليل على أنها قادرة على الدخول في مضمار الحوار مع باقي أطراف المجتمع المغربي من ساسة ومجتمع مدني ومواطنين عاديين وتكتلات أخرى موازية . فالعلاقة التي يجب أن تكون حاصلة بين كل الأطراف هي ثقافة الحوار والنقاش الهاديء.

إننا هنا نحذر من توسع هذه الهوة بين الدولة وبين المجتمع في المغرب . بل إننا نرى أن هناك تنافر كبير بين الطرفين لأن كل طرف ينظر إلى الآخر على أنه مركز العنف ومبدعه وخالقه . فالدولة ترى المجتمع على أنه مصدر كل الشرور والمشاكل التي تقع علينا من خلال تظاهراته وأفعاله والجرائم التي تحصل بين أفراده .... والمجتمع يرى الدولة على أنها مصدر لتفقيره ومعاناته مع الحياة كلها بكل تلاوينها المختلفة . ولذلك فعلى الطرفين أن يعلما أن هذه الرؤية المتبادلة لا فائدة منها ولن تقدم ولن تؤخر شيئا ، بل تدفع إلى خلق تنافر بين مكونات البلد كله .

نشير هنا إلى أن الدولة كطرف في هذه المعادلة تمثل جميع السلطات الأمنية والسياسية والاقتصادية المتواجدة في بلد ما . ولذلك فلا يمكن الحديث عن سلطة واحدة دون الأخرى داخل بلد ما ، بل الحديث عن كل السلطات التي حددناها هنا يكون نتيجة للحديث عن الدولة كلها والتي عليها أن تبادر إلى البحث عن سلوك درب الحوار والنقاش مع مكونات المجتمع والتفاعل معها وفهم مطالبها . وبالتالي تحقيق هدف الاستقرار والتقدم.



#عزيز_العرباوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المنع يطال الجزيرة في الرباط :
- لماذا هذا الصمت تجاه العراق ؟
- نائب برلماني من حزب العدالة والتنمية يصف موقف وزير الاتصال ب ...
- المحرقة مسؤولية من ؟ :
- التعليم والديمقراطية المغربية :
- أنا الحرف التائه في الظمات
- - المساء - تسجل هدفا في مرمى الدولة المغربي :
- حوار مع الشاعر والكاتب المغربي عزيز العرباوي : أجراه حيدر عب ...
- من يكون ؟ :
- سلطان الشعر العربي
- وليد جنبلاط يرقص على ايقاع الحرب الأهلية :
- تهديدات باراك ومبررات العرب :
- تركيا تكرس الحريات الفردية لمواطنيها :
- الأحلام المستحيلة
- ليس دفاعا عن المعرض الدولي للكتاب بالقاهرة : منع روايات محمد ...
- بسياسة التماطل والعجز : لبنان سيضيع :
- عندما يكتب العرب تاريخهم : شعر :
- التلميذ القروي وعلاقته بالمنظومة التربوية المغربية :
- الحكومة المشؤومة وديمقراطية الهمة :
- أبو تريكة يتفوق على حكامنا العرب :


المزيد.....




- أبو عبيدة وما قاله عن سيناريو -رون آراد- يثير تفاعلا.. من هو ...
- مجلس الشيوخ الأميركي يوافق بأغلبية ساحقة على تقديم مساعدات أ ...
- ما هي أسباب وفاة سجناء فلسطينيين داخل السجون الإسرائيلية؟
- استعدادات عسكرية لاجتياح رفح ومجلس الشيوخ الأميركي يصادق على ...
- يوميات الواقع الفلسطيني الأليم: جنازة في الضفة الغربية وقصف ...
- الخارجية الروسية تعلق على مناورات -الناتو- في فنلندا
- ABC: الخدمة السرية تباشر وضع خطة لحماية ترامب إذا انتهى به ا ...
- باحث في العلاقات الدولية يكشف سر تبدل موقف الحزب الجمهوري ال ...
- الهجوم الكيميائي الأول.. -أطراف متشنجة ووجوه مشوهة بالموت-! ...
- تحذير صارم من واشنطن إلى Tiktok: طلاق مع بكين أو الحظر!


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عزيز العرباوي - الدولة والمجتمع وثقافة العنف :