أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - يوسف هريمة - حي على الصلاة... !!!














المزيد.....

حي على الصلاة... !!!


يوسف هريمة

الحوار المتمدن-العدد: 2341 - 2008 / 7 / 13 - 05:18
المحور: الادب والفن
    


كان غارقا في غيابات جُبٍّ قد أرخى سدوله على حياته، فحوَّلها إلى ليل من الطلاسم المميتة. يضرب ذات اليمين بحثا عن روحه فلا يكاد يراها، ويتقلب ذات الشمال بحثا عن ذاته فيجد الحقيقة عندها لتوفيه حسابه. كتب بمداد جرح عميق أسئلة الفراغ الروحي، حين تسقط الأقنعة عن وجوه الاستبداد والظلم. ولم يشأ أن يركن إلى ظلام دامس، قد تستهويه فيه أغنية طالما رددها بصدى ذلك الجب وهو يقول:" يا وِيلْ مَنْ طَاحْ في بير وصْعَاْب عَنُّو طْلُوعُو رَفْرَفْ ما صَابْ جَنْحِين وبْكَى ونَشْفُو دْمُوعُو ".
هاجر الجب بعد جهاد مع سيوف الظلام وأقنعة البؤس، وانتصر في ساحة وغى لا زال ينتظر نحبه بين أحضانها، وهو موقن بأن النصر آت آت إن شاء الله. لم يعد يطيق الصراع مع الوهم، فولَّى وجهه شطر المسجد الحرام، مسجدٌ على أرض مقدسة بسياج من الرهبة. لفت انتباهه لوحة ذهبية قد قسمت على شطرين، وإذا بالمنادي ينادي:" حي على الصلاة حي على الصلاة...". خلع نعل كبريائه ودخل المسجد، ظنا منه أنها صلاة ذات ركوع وسجود وإمام ومأموم. فإذا به وسط ركام من الساحات. هذه لنهضة مفقودة والأخرى تصالح بين إنسان ودين. وتلك تعلو سمو أدب وفن. والباقيات الصالحات لعلوم قدَّمَت غربا وأخرَّت شرقا.
ظل ينتظر صلاة ترسخت بفعل الزمن، لعل الإمام يخرج من بين تلك الساحات. ثم أذن مؤذن " أشهد أن لا صوت إلا صوت الحق ". صلاة لا تنتهي بالتفاتة على اليمين ولا على الشمال، صلاة إلى الأمام في حركة دؤوبة نحو المطلق. صلاة لا انحناء فيها يستعين بها الناس في بناء حاضرهم ومستقبلهم.
وبينا هو في مشهد الذهول من ذلك المسجد الفريد. إذا بمصلين يخرجون عن النسق الصلاتي. فليس ثمة صفوف كما التصق بذهنية النسك. لغطٌ كثير وضجيجٌ لا يسمح له حتى بالتقاط أنفاسه أو سماع صدى ذلك الأزيز. فواحد قد استهوته نيران غرب أشعلت شموعا على جنبات الطرق، وأظلمت دموعها خواءً لا يكاد يبين. والثاني حمل سيف الرهبة والرقابة وأعلن الويل لمن خالف أو من حام حول الشبهات. والآخر قد استلقى على أريكته وأدار ظهره لحروف " د ي ن "، ظنا أن الشعلة لن تنطفئ باسم حرية تدوس على أقدام الناس ووجوههم.
أمام هذا الكم الجماهيري، والناس تدخل في المسجد أفواجا لحج ساحاته، نقض الوضوء وأخذ يبحث عن مراحيض ربما قد سترتها الجموع، ليملأ فراغا بين الأسطر تركته ثقافة الاستنجاء والاستجمار. فإذا بميثاق كبير كُتِب على بابه ماء السلام. الوضوء من نبعه يزيل قذارة الكبرياء. والغسل من طهره يخلع قناع كل متسلط قد تسلل بين المصلين وبين قلاع تلك الساحات.
ما الذي حوَّل القبلة إلى قبلة حقيقة الإنسان؟
ما الذي طمس الحركات وجعلها في خبر كان؟
ما الذي غَيَّر النداء من صلاة إلى صلاة الرمز والعرفان؟
ترك الجب الأول وانغمس في آخر كالذي استهوته الشياطين وهو حيران. رحلة في خصوصيات المساجد. ومغامرة بألوان النداء تهفو وترنو إليها نفس، قد أثقلها ظلام الجب الأول، وحيَّرَتها أصوات العاشقين لمسجد حرام. وسفرٌ بقطار المدامع إلى أرض ربما تجيبه صلاتها ذات يوم عن سؤال الهوية والخصوصية، بالرغم من تشرذم أصوات المصلين على حين غفلة منهم. وما دام النداء فيهم قائما: " حي على الصلاة حي على الصلاة... ".



#يوسف_هريمة (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يا قارئة الكفِّ والفنجان!!!
- عبد الرحمن المجذوب وعقدة الأنثى المغربية!!!
- وتستمر الممانعة...
- قناة العربية والأزمة اللبنانية
- لعنة السياسة وسيف المذهبية
- الدراسات المقارنة بين المعرفة والتحيز
- أين الحقيقة...؟؟؟
- عيدُ الأُمِّ شعلةٌ لا تنطفئ...
- القرآنيون والتوظيف الإيديولوجي
- مدخل إلى الكتاب المقدس؟؟؟
- حتى الأقلام تبكي...
- أكادير: تنمية بشرية أم جنسية
- الثقافة العربية وسؤال النخبة؟؟؟
- نظرية مالتوس وأزمة الزواج العربي
- رمتني بنضالها وانسلت؟؟؟
- الفن الملتزم وثقافة العولمة
- وتكسًّرَ غُصن الزَّيتون...
- سامر إسلامبولي وأزمة القرآنيين !!!
- الفتوى وإشكالية الفقه الإسلامي
- حيرةُ الحبِّ...؟؟؟


المزيد.....




- البروفيسور عبد الغفور الهدوي: الاستشراق ينساب في صمت عبر الخ ...
- الموت يغيب الفنان المصري عماد محرم
- -محاذاة الغريم-... كتاب جديد في أدب الرحلات لعبد الرحمن الما ...
- -أصيلة 46- في دورة صيفية مخصصة للجداريات والورشات التكوينية ...
- -نَفَسُ الله-.. هشاشة الذات بين غواية النسيان واحتراق الذاكر ...
- جبل كورك في كردستان العراق.. من خطر الألغام إلى رفاهية المنت ...
- لماذا يفضل صناع السينما بناء مدن بدلا من التصوير في الشارع؟ ...
- الذكاء الاصطناعي يختار أفضل 10 نجوم في تاريخ الفنون القتالية ...
- شباب سوق الشيوخ يناقشون الكتب في حديقة اتحاد الأدباء
- الجزيرة 360 تشارك في مهرجان شفيلد للفيلم الوثائقي بـ-غزة.. ص ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - يوسف هريمة - حي على الصلاة... !!!