أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلاقات الجنسية والاسرية - يوسف هريمة - أكادير: تنمية بشرية أم جنسية














المزيد.....

أكادير: تنمية بشرية أم جنسية


يوسف هريمة

الحوار المتمدن-العدد: 2189 - 2008 / 2 / 12 - 03:31
المحور: العلاقات الجنسية والاسرية
    


يبدو أن سؤال التنمية عاد سؤالا مركزيا في الأوساط العربية، التي تحاول أن تستجلب حسب نظرتها لهذا المفهوم ما يحقق لشعوب المنطقة ما تسميه تنمية بدرجة من الدرجات، إذ تعتبر أن التنمية شعار واسع ومفهوم ضبابي تمرر من خلاله مشاريعها وصفقاتها ولو على حساب المواطن البسيط، أو المعدوم الحيلة في بلدان تحيط بها دائرة العولمة الثقافية والاقتصادية لتنهك وتعمق الجراح من جديد، لإنسان يحتاج أن يكون هو قاطرة هذا النمو المنشود وهو منتهاه في كل المشاريع ومستوياتها المختلفة. والمغرب لا ينفصل بحال عن هذه المسيرة الثقافية العربية التي تسعى إلى إيجاد سبل معينة، لتحقيق تنمية بشرية يكون أساسها المواطن بشتى طبقاته الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، لكن سرعان ما تبوء كل هذه المساعي بالفشل الذريع لغياب العنصر الإنساني أولا باعتباره العنصر الأساسي في كل تنمية بشرية.
غاب الإنسان المغربي على وجه الخصوص والأمية تنخر أكثر من %60، ناهيك عن أمية علمية تتجلى في برامج تعليمية غير مؤهلة للسير قدما نحو تحقيق التنمية الاقتصادية المرغوبة، عبر فجوة خطيرة بين متطلبات سوق الشغل وأفواج خريجي الجامعات وحاملي الشهادات الذين يقابلون بالتنمية القمعية، بدل إيجاد فرصة عمل تحقق إنسانية ضائعة. غاب الإنسان بين طبقية ومحسوبية وزبونية وفقر وانعدام المسؤولية وانتهازية ووصولية وموت الضمير المهني والأنانية، التي تنخر جسم المجتمع بشكل لا يمكن أن تجد معه ذات قابلة للتغيير إلا في حدود مصالح الأنا، ومتطلبات الوسط الذي يكرس الغنى لطبقات معينة على حساب أخرى. هكذا نعرف التنمية داخل بلداننا فهي تنمية حسابات الغير في بنوك سويسرا و أمريكا، وتنمية عقول الطبقات الميسورة في مقابل قمع ممنهج لكل الطبقات المسحوقة، بدء من التعليم انتهاء بالتشغيل وارتفاع نسبة البطالة بشكل مخيف، ينبئ بالفعل بوجود أزمة حقيقية في معالجة هذا الملف التنموي الوطني البالغ الأهمية والتعقيد.
ربما يتساءل البعض عن سبب إدراج التنمية بين عنصري البشري والجنسي، وعندها أستحضر مدينة أكادير عروس الجنوب المغربي، وهدوئها المستجلب للعملة الصعبة والسياحة بمختلف أنواعها، أستحضرها داخل هذا المقام باعتبارها نموذجا للتنمية داخل الوسط المغربي المليء بالأسئلة والاستفسارات، حينما تتحول التنمية من بشرية ينعم فيها الإنسان والمواطن العادي بالحلم بعيش شبه كريم، إلى تنمية جنسية يصبح فيها المواطن المسحوق هدفا أساسيا لتوجيه الضربات، عبر موجة من الصدمات الاجتماعية التي تتخلل هذه الرقعة الجغرافية من المغرب وما خفي هو أعظم. قلت هذا وبعد القرص وفضيحة ما أطلق عليهم " بنات CD "، أي الفتيات والنساء الذين كانوا ضحايا صحفي بلجيكي اسمه Philipe Servaty عمل في الخفاء وفي العلن على تصوير قرص لمشاهد جنسية بورنوغرافية كان له انعكاس خطير على الطبقات الاجتماعية المختلفة في مدينة أكادير، يأتي القرص الثاني هذه الأيام ليشعل النار من جديد والخوف في ساكنة مدينة لا ينقصها شيء إلا الأقراص الجنسية لبناتها ونسائها.
يأتي القرص الجديد الذي ارتفعت أسهمه في بورصة الكبت الجنسي لتصل إلى 50 درهم وأكثر، ليكرس وضعية خطيرة خلَّفها القرص الأول للبلجيكي المهووس بسعار الجنس، المتهكم على كل القيم الإنسانية بالتغرير من جهة بسبب فقر اجتماعي لفتيات ونساء ترى في الممارسة الجنسية مدخلا للربح السريع، أو إشباعا لشهوة مفقودة وراء ضغط أسري واجتماعي خطير يهدد كل البنى الاستقرارية داخل المجتمع، ومن جهة أخرى استعمل عنصر الإخفاء والنصب على نساء لم يعلمن أن مصيرهن سينتهي بهن في أقراص، أول من سيتفرج عليها هم الأهل والأحباب والشامتين والمقربين والأعداء، ليتكرس الواقع البغيض في ظل غياب حماية ورقابة للفتاة الباحثة عن عمل، أو شاب معطل يرتمي في أحضان الشذوذ، أو مكابيت تبحث عن اللذة المفقودة داخل الوسط الأسري، لتجدها في أقراص ومن ثمة إلى السجون حيث التنمية الحقيقية.
جاء القرص الثاني لكن الوجهة مغايرة، إذ يبدو أن الخليج العرباني لا يستثمر أمواله في ما ينفع الناس، وإنما في الاستمتاع بما لذَّ وطاب من الجسد المنهوك والمجروح بجراح الواقع، ولا يمكن أن تقرأ جريدة مغربية دون أن تطلعك على أخبار العديد منهم حطوا الرحال داخل هذا البلد، والأصفار فوق رؤوسهم مؤشرة على قيمتهم الحقيقية، ينتهكون الأعراض وفق شروط الجسد الرشيق والصدر الجذاب والوجه الجميل، مقابل حفنة دولارات لم تنتج إلا دمارا لمجموعة من العائلات والأسر. سمي هذا القرص " جنون الحب الخليجي بأكادير "، وهو لخليجي في أوضاع جنسية مثيرة تعكس التحول الحقيقي لمدينة تفتقر إلى العديد من البنيات التجهيزية والموارد الاقتصادية، وترزح فيها العديد من الأحياء كطراست والجرف وإنزكان وبن سركاو والدشيرة والعين وتِكِوين وغيرها من المناطق إلى الكثير من المقومات الإنسانية، سوى أن ترى العقل العرباني الخليجي ينفق كل ما لديه لتلويث العلاقات الأسرية، وخلق جو من الاضطراب والأزمات النفسية لأسر عديدة كل همها أن ترى نور تنمية تقلع بها من الفقر، والهيمنة الرأسمالية لأصحاب الشركات والفيرمات fermes، والاستغلال البشع للأوضاع الاجتماعية في قضاء الوتر.
إن سؤال التنمية سؤال صعب داخل مجتمعاتنا، إذ عاد مجرد شعار يحمله كل واحد في يده من أجل الإقلاع بمصلحته الخاصة وتصوره لهذه التنمية، وفي كل لحظة من اللحظات التاريخية نخطئ الطريق بدل أن نمسك بالخيط المركزي فيها نحو الإقلاع، فالتنمية تحتاج إنسانا أعدمته السياسات المتتالية بقصد وغير قصد، وتحتاج إرادات ومسؤوليات من مختلف الطبقات المكونة للمجتمع ساسة وحكاما وشعوبا، ولا تحتاج أقراصا يذهب ضحيتها بنات ونساء، وتضيع الأسر وتتشتت بالضغط المستحكم في بنية المجتمع، كما تضيع سمعة مدينة وساكنتها بلوثة الجشع الخليجي والعقل العرباني الذي قرأ التنمية بالمقلوب فقال: نعم للتنمية الجنسية ولا للتنمية الاجتماعية، إذ التنمية في هذه البنية الجزيرية تبتدئ من الفرج وتنتهي إليه، بدل أن تقصد الإنسان في شموليته كأحد روافد التنمية البشرية المنشودة.



#يوسف_هريمة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الثقافة العربية وسؤال النخبة؟؟؟
- نظرية مالتوس وأزمة الزواج العربي
- رمتني بنضالها وانسلت؟؟؟
- الفن الملتزم وثقافة العولمة
- وتكسًّرَ غُصن الزَّيتون...
- سامر إسلامبولي وأزمة القرآنيين !!!
- الفتوى وإشكالية الفقه الإسلامي
- حيرةُ الحبِّ...؟؟؟
- هدية للحوار المتمدن
- طقس القضيب وتمظهراته الثقافية
- العنصرية والأمثال الشعبية المغربية !!!
- ويجعل الأقلام شيبا...؟؟؟
- باسم آية الكفر والإيمان
- التثاقف اليهودي المسيحي: نسب المسيح نموذجا
- دموع بريئة... !!!
- الشذوذ الجنسي: حرية أم أنحدار؟؟؟
- العطالة وإقالة العقل العربي !!! المغرب نموذجا
- المعراج وأزمة فكر الأنثى!!!
- أنا وقلم التمرد!!!
- أُحِبُّكِ لَكِنْ أَخَاف؟!!!


المزيد.....




- ” قدمي حالًا “.. خطوات التسجيل في منحة المرأة الماكثة في الب ...
- دراسة: الوحدة قد تسبب زيادة الوزن عند النساء!
- تدريب 2 “سياسات الحماية من أجل بيئة عمل آمنة للنساء في المجت ...
- الطفلة جانيت.. اغتصاب وقتل رضيعة سودانية يهز الشارع المصري
- -اغتصاب الرجال والنساء-.. ناشطون يكشفون ما يحدث بسجون إيران ...
- ?حركة طالبان تمنع التعليم للفتيات فوق الصف السادس
- -حرب شاملة- على النساء.. ماذا يحدث في إيران؟
- الشرطة الإيرانية متورطة في تعذيب واغتصاب محتجزات/ين من الأقل ...
- “بدون تشويش أو انقطاع” تردد قنوات الاطفال الجديدة 2024 القمر ...
- ناشطة إيرانية تدعو النساء إلى استخدام -سلاح الإنستغرام-


المزيد.....

- الجندر والجنسانية - جوديث بتلر / حسين القطان
- بول ريكور: الجنس والمقدّس / فتحي المسكيني
- المسألة الجنسية بالوطن العربي: محاولة للفهم / رشيد جرموني
- الحب والزواج.. / ايما جولدمان
- جدلية الجنس - (الفصل الأوّل) / شولاميث فايرستون
- حول الاجهاض / منصور حكمت
- حول المعتقدات والسلوكيات الجنسية / صفاء طميش
- ملوك الدعارة / إدريس ولد القابلة
- الجنس الحضاري / المنصور جعفر


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلاقات الجنسية والاسرية - يوسف هريمة - أكادير: تنمية بشرية أم جنسية