أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - يوسف هريمة - التثاقف اليهودي المسيحي: نسب المسيح نموذجا















المزيد.....


التثاقف اليهودي المسيحي: نسب المسيح نموذجا


يوسف هريمة

الحوار المتمدن-العدد: 2133 - 2007 / 12 / 18 - 04:46
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


يعتبر الدين بشكل عام أحد أطراف الوعي الجمعي لمختلف الثقافات والتيارات الفكرية. فهو من جهة أحد المحركات الأساسية في الحضارة الإنسانية، ومن جهة أخرى قد يكون معولا لكل قيم التواصل الإيجابي والانفتاح على الآخر بكل تجلياته. عرفت هذه المسيرة الطويلة من التاريخ الديني مؤشرات مختلفة، تارة يكون محورها صعودا نحو كل ما هو إيجابي، وتارة أخرى هبوطا وانحدارا حضاريا وثقافيا بمختلف مستوياته. كان لزاما أن تكون هذه الحركة الدينية في مختلف مراحلها، تحوي بين طياتها امتدادات على مختلف المستويات، وحركات تأثر وتأثير بين مختلف العناصر الدينية وهو ما يمكن أن يصطلح عليه بالتثاقف الديني.
من هذه المنطلق كانت كل الأديان تعرف هذه الامتدادات الثقافية في كل بنياتها الأساسية، وكانت حركة التأثير والتأثر تلعب دورها الإيجابي والسلبي على حد سواء في رسم هذا الخط التثاقفي بمختلف أشكاله، ولعل أهم جانب من جوانب التثاقف الديني ذلك الجانب المتعلق بالتصورات والعقائد والمرتكزات الفكرية، وقد عرف الكثير من أشكال هذه الصورة الثقافية بغض النظر عن إيجابياتها أو سلبياتها.
اخترت لمعالجة جانب من جوانب هذه الصورة الثقافية، البعد الفكري اليهودي وعلاقته بالبعد المسيحي من خلال فكرة النسب اليسوعي، أو سلسلة نسب المسيح كما أوردتها بعض الأناجيل. إذ أن عمق هذه الفكرة التي نحن بصدد مقاربتها الآن تنبع من أهمية الكتب المقدسة نفسها، بصفتها أحد المؤطرات الأساسية للعقل الإنساني. فلقد شكلت هذه الكتب والوثائق التاريخية على مر العصور إحدى المحددات الأساسية والموجهات المركزية للعقل المتدين بشكل عام في كل زمان أو مكان. فلا بد وأن العقائد والأفكار والتصورات التي تحتويها هذه الكتب تتجاوز في امتداداتها صفحاتها. فالأفكار لا يمكن حصرها في دلالات الألفاظ، أو مشاهد وفصول كل أحداث التاريخ المروي داخل الكتب المقدسة. وإنما تتجاوز كل هذا في اتجاه التأثير والتأثر بشكل أو بآخر بالواقع الاجتماعي أو الفكري أو الثقافي.
وستكون مقاربتنا للموضوع من خلال التصور التالي:
1- الفكر اليهودي ومركزية النسب:
يعد النسب أحد الأمور الخطيرة في قصة ولادة المسيح، تنبني عليه إشكاليات وقضايا يمكن أن يكون لها التأثير البالغ في مسار الفكر المسيحي اليهودي المؤمن بالأساس بفكرة النسب المطروح ليسوع. هذه القضية التي أخذت أبعادا ومسارات متباينة، واختلفت حولها آراء النقاد تأثيرا وتأثرا نطرحها للنقاش من جديد، عبر المصادر المعتمدة لدى الفكر المسيحي، وهدفنا أن نخرج من خلال هذه الدراسة بخلاصات حول ما تختزنه هذه القضية من تجاذبات وتقاطعات تلقي بظلالها على كل الأنساق الدينية التي تطرقت لولادة المسيح. لكن قبل أن نخوض غمار هذا الجدل العميق في سلسلة النسب، لا بد لنا مما يمكن أن نسميه:" بالمقدمات التمهيدية " لفهم أعمق لمرامي هذه السلسلة من الأنساب، والخروج بخلاصات حول سؤال النسب داخل هذه النصوص القانونية.
*- مقدمات تمهيدية:
- كان اليهود مولعين بسلسلة أنسابهم ولعاً كبيراً، ليثبتوا أنهم شعب الله المختار، اصطفاهم ليكونوا أهلا لميراث الأرض المباركة. كما كان النسب مدعاة للكاهن أن يمارس عمله الديني باعتباره من سبط لاوي. هذا الولع وذاك التدقيق جعلهم يحتفظون بسلسلة كاملة مكتوبة لأنسابهم، ورذلوا كل من لم يجدوا اسمه مكتوباً فيها، ففي سفر عزرا 2/ 62:" هؤلاء فتشوا على كتابة أنسابهم فلم توجد فرذلوا من الكهنوت " . ومن هنا يتضح أهمية معطى النسب داخل الفكر اليهودي بشكل خاص، والمسيحي بشكل تبعي كان فيه التأثير اليهودي حاضرا بشكل قوي. وسلسلة النسب عند كل من متى ولوقا كما سنلاحظه في مكانه، سلكت نفس النهج اليهودي المهتم بمسألة الأنساب، فكانت بذلك موضعا مقدسا، وأمرا بالغ الأهمية في البنية الذهنية لكتبة الأناجيل.
- كانت مصلحة اليهود تستلزم الحفاظ على سجلات الأنساب، وهو أمر شائع ومتعارف عليه. وكانت هذه السجلات محفوظة في أورشليم. وكان الكهنة بعد كل حرب يجدّدون جداول أنسابهم ليحققوا مَن مِن نساء الكهنة سُبيت ومن منهن لا تليق أن تكون زوجة للكاهن. هذا الحرص الكبير مرجعه التباهي بالأصل، وضمان الحق في تقسيم الأرض، والمحافظة على الوظائف. وسلسلة النسب جاءت لتتماهى مع الواقع اليهودي المقدس لفكرة العرق والأصل. ومن هنا كانت السلسلة مليئة بالملوك والأنبياء، في محاولة للانسجام مع سجلات اليهود.
- كانت فكرة المسيح المنتظر، تشكل هاجسا قويا يؤرق الشعب اليهودي والمسيحي على حد سواء، وفكرة الأنساب جزء من هذه المنظومة المتطلعة إلى مسيحها ومخلصها. وقد عرفت فكرة المسيح المخلص أوجَهَا مع الفكر اليهودي الذي احتضنها، وسلمها لتمد أواصر التأثير والتأثر بالفكر المسيحي فيما بعد، ولعل القديسين متى ولوقا كانا محاصرين بهذا الفكر في مختلف فترات كتابتهم.
- وجود سلسلة النسب عند كل من متى ولوقا دون من سواهما، يجعلنا نرصد أهم ما يمكنه أن يضيئ لنا الطريق في إنجيليهما.
2- الأناجيل وسلسلة النسب:
يقول متى:" كتاب ميلاد يسوع المسيح ابن داود ابن إبراهيم إبراهيم ولد إسحاق وإسحاق ولد يعقوب ويعقوب ولد يهوذا وإخوته ويهوذا ولد فارص وزارح من ثامار وفارص ولد حصرون وحصرون ولد أرام وأرام ولد عميناداب وعميناداب ولد نحشون ونحشون ولد سلمون وسلمون ولد بوعزمن راحاب وبوعز ولد عوبيد من راعوث وعوبيد ولد يسى ويسى ولد داود الملك وداود الملك ولد سليمان من التي لأوريا وسليمان ولد رحبعام ورحبعام ولد أبيا وأبيا ولد آسا وآسا ولد يهوشفاط ويهوشفاط ولد يورام ويورام ولد عزيا وعزيا ولد يوثام ويوثام ولد آحاز وآحاز ولد حزقيا وحزقيا ولد منسى ومنسى ولد آمون وآمون ولد يوشيا ويوشيا ولد يكنيا وإخوته عند سبي بابل . وبعد سبي بابل يكنيا ولد شألتئيل وشألتئيل ولد زرلبابل وزربابل ولد أبيهود وأبيهود ولد إلياقيم وإلياقيم ولد عازور وعازور ولد صادوق وصادوق ولد أخيم و أخيم ولد أليود وأليود ولد اليعازار وأليعازار ولد متان ومتان ولد يعقوب ويعقوب ولد يوسف رجل مريم التي ولد منها يسوع الذي يدعى المسيح. فجميع الأجيال من إبراهيم إلى داود أربعة عشر جيلا .ومن داود إلى سبي بابل أربعة عشر جيلا . ومن سبي بابل إلى المسيح أربعة عشر جيلا".
أما لوقا فقد ذكر سلسلة أخرى يقول فيها:" ولما ابتدأ يسوع كان له نحو ثلاثين سنة وهو على ماكان يظن ابن يوسف بن هالي بن متثات بن لاوي بن ملكي بن ينا بن يوسف بن متاثيا بن عاموص بن ناحوم بن حسلي بن نجاب بن مآث بن متاثيا بن شمعي بن يوسف بن يهوذا بن يوحنا بن ريسا بن زربابل بن شألتئيل بن بن نيري بن ملكي بن أدي بن قصم بن ألمودام بن عير بن يوسي بن أليعازار بن يوريم بن متثات بن لاوي بن شمعون بن يهوذا بن يوسف بن يونان بن إلياقيم بن مليا بن مينان بن متاثا بن ناثان بن داود بن يسى بن عوبيد بن بوعز بن سلمون بن نحشون بن عميناداب بن آرام بن حصرون بن فارص بن يهوذا بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم بن تارح بن ناحور بن سروج بن رعو بن فالج بن عابر بن شالح بن قينان بن أرفكشاد بن سام بن نوح بن مالك بن متوشالح بن أخنوخ بن يارد بن مهلئيل بن قينان بن أنوش بن شيت بن آدم ابن الله".
لا بد لقارئ سلسلتي النسب عند كل من لوقا ومتى، أن يكوِّن نظرة وخلاصات حول مكوِّنات هاتين السلسلتين. وهاهي أهم الملاحظات المستخلصة من القراءة الأولية لهاتين السلسلتين:
*- علاقة يوسف النجار بالمسيح:
عند التأمل في سلسلة نسب المسيح نجدها تجعل نسب يوسف النجار نسباً للمسيح، الذي تصر الأناجيل القانونية بمختلف مكوِّناتها على أن ولادته ولادة معجزة، تمت خارج قوانين الطبيعة. كما أكدت الأناجيل المنحولة أو الأبوكريفية على المعطى نفسه الثابت في غيرها من الكتب المعتمدة. وهذا الأمر سيكون مستساغا لو انتهى النسب بنسبة يسوع إلى أمه وأسرتها القريبة والبعيدة، ولكن حدث ما لا يمكن قبوله حتى بالمنطق الإنجيلي نفسه، وهو نسبة يسوع إلى أب لا يمت له بصلة من قريب أو من بعيد حسب النصوص الإنجيلية نفسها كما أكدنا سابقا. فمن هو هذا الأب المزعوم داخل قصة الولادة؟.
تصمت الأناجيل القانونية كعادتها على الكثير من جوانب حياته، وتعتمد على عنصر الإبهام في التعامل مع هذه الشخصية. وسنرى الآن تعريفا له من خلال الموسوعة البريطانية يقول:" يوسف النجار، الأب الدنيوي ليسوع، وخطيب العذراء مريم في العهد الجديد، وزعيم الكنيسة الكونية عند الروم الكاثوليك. دونت سيرته في الأناجيل وبالخصوص في متى ولوقا. كان يوسف ينحدر من سلالة بيت الملك داود. وبعدما تزوج مريم وجدها حبلى، وكان" رجلا صالحا فلما أراد أن يكشف سرها فعزم أن يتركها سرا" (متى1: 19) فقرر أن يطلقها بهدوء؛ لكن ملاكا أخبره أن الطفل ابن الله حملت به أمه من الروح القدس. أطاع يوسف الملاك وأخذ مريم زوجة له، وبعد ولادة يسوع في بيت لحم (بيت لحم الحديثة، الأردن) في اليهودية، ستستقبل العائلة المقدسة هناك المجوس، وحذرالملاك يوسف ومريم من مذبحة وشيكة The impending violence ضد الأطفال سيقوم بها الملك هيرودس كبير اليهودية، و لذالك هربوا إلى مصر، وسيظهر الملاك ثانيا ليوسف ليخبره بوفاة هيرودس ويأمره بالعودة إلى الأرض المقدسة. لكن يوسف ومريم سيتجنب العودة إلى بيت لحم خوفا من خلف هيرودس، وسيستقر بالناصرة (متى2: 22 ـ 23) بالجليل، حيث سيلقن حرفة النجارة ليسوع. وسيكون آخر ظهور ليوسف في الإنجيل عندما ذهب رفقة مريم للبحث عن يسوع بعدما فقداه في أورشليم، حيث سيجدونه في المعبد (لوقا2: 41 ـ 48)[...] ظروف وفاة يوسف ظلت غامضة، وربما كانت وفاته قبل بداية محاكمة يسوع، وبالتأكيد أنها كانت قبل صلبه (يوحنا19: 26 ـ27)" .
*- زناة في نسب المسيح:
إن المتتبع لإنجيل متى يجده يذكر في نسب المسيح أربع جدات للمسيح هن ثامار، وزوجة داود التي كانت لأوريا الحثي ، وراحاب ، وراعوث. إن لكل واحدة من هؤلاء النسوة سوءة تذكرها التوراة . فثامار هي التي ولدت فارص زنا من والد أزواجها الذين تعاقبوا عليها واحداً بعد واحد تنفيذاً لما جاء في الناموس عن زواج الرجل من أرملة أخيه ، وهكذا ولدت ثامار فارص من والد أزواجها يهوذا (التكوين 38/2 - 30 ) .
وأما زوجة أوريا الحثي فهي التي تتهم التوراة داود بأنه فجر بها، وهي زوجة لأحد قادته فحملت، ثم دفع داود بزوجها إلى الموت ، وتزوجها بعد وفاته ، وكان حملها بالنبي سليمان أحد أجداد المسيح. (صموئيل (2) 11/1 - 4 ) .
وأما راحاب زوجة سلمون ، وأم بوعز ، هي التي قال عنها يشوع: "امرأة زانية اسمها راحاب " ( يشوع 2/1 )، وذكر قصة زناها في سفره .
وأما راعوث فهي راعوث المؤابية زوجة بوعز وأم عوبيد ، والتوراة تقول: " لايدخل عموي ولا مؤابي في جماعة الرب، حتى الجيل العاشر " ( التثنية 23 / 3 ) .
والأمر نفسه ينسحب على أجداد المسيح الذكور، الذين ذكر متى منهم اثنان وثلاثون أباً ( إلى دواد ) وذكر لوقا اثنان وأربعون أباً ، فهؤلاء أيضاً قد تلطخت أيديهم بالفاحشة بأبشع صورها وهي زنا المحارم كما ورد في نصوص العهد القديم ، وهؤلاء هم: يهوذا ، وداود ، وسليمان ، ورحبعام .
وأما يهوياقيم أحد أجداد المسيح كما في سفر الأيام الأول " بنو يوشيا: البكر يوحانان، الثاني يهوياقيم، الثالث صدقيا، الرابع شلّوم. وابنا يهوياقيم: يكنيا ابنه، وصدقيا ابنه" (الأيام (1) 3/14-15)، فيهوياقيم اسم أسقطه متى من نسبه للمسيح،بين يوشيا وحفيده يكنيا، ولا يخفى سبب إسقاطه لاسمه ، فحسب سفر الأيام فقد ملك يهوذا، فأفسد فقال الله فيه: " لا كون له جالس على كرسي داود ، وتكون جثته مطروحة للحر نهاراً وللبرد ليلاً ، وأعاقبه ونسله وعبيده على إثمهم " ( إرميا 36/30 - 31 )
فقد تختلف التأويلات وتتباين وجهات النظر في مثل هذا الإقحام الوارد في إنجيل متى. غير أنه لا بد وأن هناك خلفية من إيراد العنصر النسوي داخل سلسلة النسب، تكشف عنه نوعية النسوة، ونوعية الجريمة الملتصقة بهن في العهد القديم. والذي يؤكد أن هناك خلفية معينة وراء هذا الجانب الذي يبدو أن له تبعات خطيرة داخل هذا السياق، هو سكوت سلسلة النسب عند لوقا عن ذكر أي متعلق بهن.
فما هي يا ترى خلفية متَّى في ذكره لهذا الجانب؟. وما هي الأسس التي حركت هذه اللعبة؟. هل كان المقصود هو إثبات الطعن المباشر في سلسلة نسب المسيح؟. هل إيرادهن كان يرسل رسائل مشفرة إلى اليهود الموجه لهم كتاب متى بعدم طهارة مريم المنتسبة إلى هذا النسب الملوث بجريمة الزنا؟.
كل هذه التساؤلات تضعنا أمام إشكالية حقيقية في التعرف على المرامي الخفية للبشير متى من خلال هذه السلسلة. ولكن نود أن نقول اعتمادا على ما قررناه سابقا من خلال المقدمات التمهيدية، ومن خلال ما مر معنا من مقالات في هذا الصدد أن متى كان يمهد لقضية خطيرة ومحورية في الفكر اليهودي وهي التعريض بالزنا لسيدة الكنيسة مريم العذراء، وإن لم يكشف عن ذلك بطريقة مباشرة. وقد كانت مقالات سابقة كنت قد كتبتها تنحو هذا المنحى خاصة المتعلقة بالاتهام.
3- تـناقضات النسـب
*- النسب عند متى:
وهذه مختلف المؤاخذات على سلسلة النسب
- رجع البشير متى بتسلسل المسيح إلى يوسف بن يعقوب، وقسم سلسلة النسب إلى ثلاثة أقسام، كل قسم منها يحتوي على 14 اسماً والأقسام الثلاثة هي للآباء، ثم الملوك، ثم نسل الملوك. واعتبر البشير متى أن داود واحد من الآباء، كما اعتبره واحداً من الملوك. ونسب متى المسيح إلى إبراهيم، لأنه كتب إنجيله لليهود.
أما البشير لوقا فقد رجع بتسلسل المسيح إلى العذراء مريم، وقال إن يوسف هو ابن هالي (والد مريم) (لوقا 3/ 23). فأطلق على يوسف اسم والد زوجته. ونسب لوقا المسيح إلى آدم، فالله. وقال لوقا إن المسيح على ما كان يُظنّ كان ابن يوسف خطيب مريم العذراء.
- ورد في متى )1/ 11( ويوشيا ولد يكنيا وإخوته عند سبي بابل: في هذا الكلام ثلاثة اعتراضات:
*- إن يوشيا لم يكن أبا ليكنيا، بل كان جدّا لهذا الأمير (كما في 1أخبار 3: 15 و) وأولاد يوشيا هم يوحنان ويهوياقيم وصدقيا وشلوم، وابنا يهوياقيم يكنيا وصدقيا.
*- لم يكن ليكنيا إخوة، أو بالحري لم تُذكر له إخوة.
*- مات يوشيا قبل سبي بابل بعشرين سنة، فلا يصح أن يكون يكنيا وإخوته وُلدوا عند سبي بابل .
- الزمان من يهوذا إلى سلمون قريب من 300 سنة، ومن سلمون إلى داود 400 سنة. وكتب متى في زمان الأول سبعة أجيال، وفي الزمان الثاني خمسة أجيال. وهذا غلط لأن أعمار الذين كانوا في الزمان الأول كانت أطول من أعمار الذين كانوا في الزمان الثاني .
- الأجيال في القسم الثاني من الأقسام الثلاثة التي ذكرها متى هي 18 وليس 14، كما يظهر من )أخبار الأيام الأول الإصحاح3 (. وورد في متى )1/ 8( أن يورام ولد عزيا، وفي هذا خطأين:
*- الأول: أنه يُعلم منه أن عزيا ابن يورام، وهو ليس كذلك لأنه ابن أخزيا بن يوآش بن أمصيا، والثاني: أن الثلاثة كانوا من الملوك المشهورين وأحوالهم مذكورة في ملوك2 )8 و12 و14 (،أخبار2) 22 و24 و25 (، ولا سبب لإسقاط هذه الأجيال سوى الغلط .
- ورد في متى: ) 1/ 12( أن زربابل ابن شألتئيل وهذا خطأ لأنه ابن فدايا، وابن الأخ لشألتئيل كما في 1أخبار )3/ 17 و19 (.
- ورد في متى 1/ 13: أن أبيهود ابن زربابل وهذا خطأ، لأن زربابل كان له خمسة بنين كما في 1أخبار 3: 19 ، وليس فيهم أحد يحمل هذا الاسم .
- ورد في متى 1: 17: أن جميع الأجيال من إبرهيم إلى داود 14 جيلاً. ومن سبي بابل إلى المسيح 14 جيلاً . ويُعلم منها أن بيان نسب المسيح يشتمل على ثلاثة أقسام، كل قسم منها يشتمل على أربعة عشر جيلاً. وهذا خطأ ظاهر، لأن القسم الأول ينتهي بداود. وإذا كان داود داخلاً في هذا القسم يكون خارجاً من القسم الثاني. ويبتدىء القسم الثاني لا محالة من سليمان، وينتهي بيكنيا. وإذا دخل يكنيا في القسم الثاني كان خارجاً من القسم الثالث. ويبتدىء القسم الثالث من شألتئيل وينتهي بالمسيح، وفي هذا القسم لا يوجد إلا 13 جيلاً.
2- النسب عند لوقا:
- لم يكتب لوقا بإلهام من الروح القدس لأنه يقول في فاتحة إنجيله (لوقا 1:1-4):" إذ كان كثيرون قد أخذوا بتأليف قصة في الأمور المتيقَّنة عندنا، كما سلَّمها إلينا الذين كانوا منذ البدء معاينين وخداماً للكلمة، رأيت أنا أيضاً إذ قد تتبَّعتُ كل شيء من الأول بتدقيق، أن أكتب على التوالي إليك أيها العزيز ثاوفيلس.". وهذا يطرح إشكالية تعدد المصادر التي تحدثنا عنها آنفا.
- يتبين أن أليصابات من سبط لاوي كما جاء في لوقا 1/5، ومريم نسيبتها فلا داعي إلى تحويل هذا النسب إلى داود، فهي من سبط لاوي.
- بمقارنة نسب المسيح الذي في إنجيل متى بالبيان الذي في إنجيل لوقا، نجد مجموعة من الاختلافات لعل أهمها:
*- يقول متى إن يوسف ابن يعقوب، ويقول لوقا إنّه ابن هالي.
*- يقول متى إنّ المسيح من ذرية سليمان بن داود، ويقول لوقا إنه من أولاد ناثان بن داود.
*- يقول متى إن آباء المسيح من داود إلى جلاء بابل ملوك ومشهورون، ويقول لوقا إنهم ليسوا ملوكاً ولا مشهورين ما عدا داود وناثان.
*- يقول متى إنّ شألتئيل ابن يكنيا، ويقول لوقا إنه ابن نيري.
*- يقول متى إنّ ابن زربابل هو أبيهود، ويقول لوقا إنه ريسا.
*- يقول متى إن من داود إلى المسيح 26 جيلاً، ويقول لوقا إنها 41 جيلا.
- كتب متى نسب يوسف، وذكر لوقا نسب مريم. و يوسف من أقارب هالي وهالي ليس له ابن، فنُسبت القرابة إليه. وعلى هذا التقدير فالمسيح يكون من أولاد ناثان لا من أولاد سليمان.
- النسب يتحدث عن المسيح، وبالتأمل نجد أن يهوياقيم بن يوشيا لما أحرق الصحف التي كتبها باروخ من فم إرميا النبي، نزل الوحي إلى إرميا (36/30):" قال الرب عن يهوياقيم ملك يهوذا: »لا يكون له جالس على كرسي داود. « مع أنه ذُكر في إنجيل لوقا 32/1 عن المسيح:" أن الرب الإله سيعطيه كرسيَّ داود أبيه ".
وختاما أقول:
أن مسيرة الثثاقف الديني لن تنتهي عند حد المسيحية أو اليهودية، بقدر ما تتجاوز هذين البعدين إلى كل الحضارات والثقافات، فحركة التأثير والتأثر سارية مسرى التاريخ الإنساني، وفق سننية معينة تحكم التصورات والعقائد والرؤى المختلفة. وعليه لا بد أن نفتح النقاش من جديد على مختلف جوانب التأثير والتأثر من زاوية معرفية علمية ليس هدفها الانتصار إلى وجهة مسبقة، بقدر ما هدفها وضع كل التصورات في إطارها الإبستمولوجي والعلمي البعيد عن كل الحساسيات الدينية والثقافية.



#يوسف_هريمة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دموع بريئة... !!!
- الشذوذ الجنسي: حرية أم أنحدار؟؟؟
- العطالة وإقالة العقل العربي !!! المغرب نموذجا
- المعراج وأزمة فكر الأنثى!!!
- أنا وقلم التمرد!!!
- أُحِبُّكِ لَكِنْ أَخَاف؟!!!
- نحو تأسيس مفهوم الكهنوت
- قلمي ومعركة الاستبداد
- دمعة على أعتاب جسد: الجزء الأول
- دمعة على أعتاب جسد: الجزء الثاني
- محراب الحرية
- في محراب وردة...!!!
- وَهْمُ سُورٍ...؟
- أنا ومستنقع العربان...!!!
- بلاد الوهم...!!!
- القرآن وأزمة التأصيل: حوار صحفي...
- الباحث يوسف هريمة التديّن إذا اصطبغ بالفكر الشمولي انتهى.. آ ...
- عين على منهج إبراهيم ابن نبي في قراءة القرآن*
- القرآن ومنطق الإقصاء
- إبراهيم النبي وأزمة الثقافة الروائية


المزيد.....




- مسجد وكنيسة ومعبد يهودي بمنطقة واحدة..رحلة روحية محملة بعبق ...
- الاحتلال يقتحم المغير شرق رام الله ويعتقل شابا شمال سلفيت
- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- أول رد من سيف الإسلام القذافي على بيان الزنتان حول ترشحه لرئ ...
- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- صالة رياضية -وفق الشريعة- في بريطانيا.. القصة الحقيقية
- تمهيدا لبناء الهيكل المزعوم.. خطة إسرائيلية لتغيير الواقع با ...
- السلطات الفرنسية تتعهد بالتصدي للحروب الدينية في المدارس
- -الإسلام انتشر في روسيا بجهود الصحابة-.. معرض روسي مصري في د ...
- منظمة يهودية تستخدم تصنيف -معاداة السامية- للضغط على الجامعا ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - يوسف هريمة - التثاقف اليهودي المسيحي: نسب المسيح نموذجا