أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - محيي هادي - اسطورة المهدي (2)















المزيد.....


اسطورة المهدي (2)


محيي هادي

الحوار المتمدن-العدد: 2339 - 2008 / 7 / 11 - 11:05
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


الاشخاص الذي وصفوا أو تلقبوا بـ (المهدي).

في كلِّ جيل أباطيل يدان بها ..........فهل تفرد يوماً بالهدى جيلُ؟
.............................................................أبو العلاء المعري.

ليس هناك مهدي واحد، بل هناك العديد، في المجتمعات الاسلامية المتنوعة أو المجتمعات غير الاسلامية. و في هذا الوقت أتناول فقط أولئك "المهادي" الذين ينتمون إلى مذهب اسلامي ما. و يمكن القول أن هناك أنواع ثلاثة من "المهادي":
الأول: المهدي الذي لم يظهر بعد، و في هذا تتفق الكثير من المذاهب الاسلامية التي تطلق على نفسها: أهل السنة و الجماعة.
الثاني: الذي ظهر و عاش ثم مات. و في هذا اتفقت بعض المذاهب السنية و الشيعية كالاسماعيلية.
الثالث: الذي ظهر و عاش ثم غاب عن الأنظار. و الذين يؤمنون به كالقرامطة سابقا و الشيعة الإمامية حاليا و هم الآن ينتظرون ظهوره الجديد، أو بالأحرى رجوعه.

إنه جدير بالذكر أنه عندما مات النبي محمد كان يظن البعض، و من بينهم الذي أصبح الخليفة الثاني عمر بن الخطاب، أن النبي لم يمت، و لهذا اضطر أبو بكر، الذي أصبح فيما بعد الخليفة الأول، إلى قول ما معناه:
"من كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات، و من كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت".
كلمات تنسب إلى أبي بكر، قد يكون قد قالها هو أو اخترعوها له و وضعوها على لسانه.

لقد كتب ابن خلدون في (المقدمة): "وقد ينتسب بعضهم إلى الفاطمي المنتظر إما بأنه هو أو بأنه داع له وليس مع ذلك على علم من أمر الفاطمي ولا ما هو وأكثر المنتحلين لمثل هذا تجدهم موسوسين أو مجانين أو ملبسين يطلبون بمثل هذه الدعوة رئاسة امتلأت بها جوانحهم وعجزوا عن التوصل إليها بشيء من أسبابها العادية فيحسبون أن هذا من الأسباب البالغة بهم إلى ما يؤملونه من ذلك".

وفي العراق ظهرت في الأيام القليلة الماضية فئة ادعى رأسها أن له صلة نسابة مع المهدي الإمامي الذي تزوج أخته، و أنه يتناول معه الشاي و يدردش.
و ظهر مقتدى الصدر ليكوّن عصابة من المجرمين و قطاع الطرق من بعثيين و غيرهم من حثالة المجتمع العراقي، ليطلق عليها اسم جيش المهدي. و قام هذا الجيش باختطاف و تعذيب العراقيين و سرقة أموالهم و السطو على بيوتهم، شأنه شأن عصابات القاعدة السلفية الوهابية. و لو كان له القدرة على الاستمرار فلربما كنا نرى مهديا آخرا. و المتدينون الشيعة يقدمون لمقتدى هذا احتراما كبيرا، فهم يدعونه بـ "السيد" إذ يعتبرونه من سلالة النبي و أنه ابن لزعيم شيعي معتبر قتله المجرم الآخر: جرذ العوجة. و لكنهم نسوا "أن الله يخرج من الطيب الميت"، و مقتدى و عصابته هم من أنذال العراق و أمواته. و في أحيان أخرى يعترفون باجراميته إلا انهم يقولون :أن جده النبي سيشفع له.

سأشير هنا إلى بعض من تلقب بالمهدي، أو جعل نفسه المهدي المنتظر، و لدي قناعة كبيرة بأنه يوجد آخرون ذكرتهم مصادر أخرى لا توجد لدي الآن، أو لم أستطع العثور عليها.

* اطلق لقب المهدي لاول مرة على الابن الثالث للامام علي بن أبي طالب المعروف بمحمد بن الحنفية، نسبة إلى أمه الحنفية، و قد لقبته بذلك الطائفة الكسيانية التي تزعمها المختار بن عبيد الثقفي. و كان محمد بن الحنفية حيا حينئذ، لكن الطائفة استمرت بعد وفاته و زوال سلطتها في تسميته بهذا الاسم مقترنا بالقول أنه لم يمت و أنه اختفى و سيظهر في موعده.

* و أطلق اسم المهدي على محمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب، المعروف بالنفس الزكية، و هو من أحفاد الإمام السبط الحسن بن علي، الذي ثار على الخليفة العباسي المنصور في المدينة و قتل فيها. و كان محمد من زعماء الطائفة الزيدية (نسبة إلى زيد بن علي بن الحسين). لكن لقب المهدي لم يستمر بعد وفاته.
لقد خرج محمد النفس الزكية في الحجاز و تلقب بالمهدي، و جاءته عساكر المنصور، فقتل و عهد إلى أخيه إبراهيم، فقام بالبصرة و معه عيسى بن زيد بن علي، فهزما وقتلا. و كان الإمام جعفر بن محمد الصادق، حسبما كتب ابن خلدون في المقدمة، قد أخبرهم بذلك كله و "هي معدودة في كراماته".

* و مدح شاعرٌ الخليفةَ الاموي سليمان بن عبد الملك فقال:
على طاعة المهدي لم يبق غيرها........ فأبنا و أمر المسلمين جميع
و في نفس الخليفة قال الفرزدق:
و ألقيت من كفيك حبل جماعة....... وطاعة مهدي شديد النقائم
و الشاعر الفرزدق محسوب على الشعراء الذين نعتهم البعض بـ "شعراء أهل البيت". إلا أنه في هذا البيت يمدح خليفة من أعداء "أهل البيت"، آملا منه عطاء معينا. و من يقرأ كتب التاريخ الاسلامية يجد الكثير من قادة الشيعة، بما فيهم الأئمة، قد و قفوا إلى جانب الخلفاء الأمويين أو الخلفاء العباسيين الذين اعتبروهم من أعداء أهل البيت. و لكن السياسة و الحكم و "التقية" و المال لها بريق حاد يعمي الأبصار.
و مدحه جرير أيضا فقال:
سليمان المبارك قد علمتمُ..........هو المهدي قد وضح السبيل.

* ومدح الشاعر جرير أيضا هشام بن عبد الملك، أخا سليمان فوصفه كذلك بالمهدي فقال:
فقلت لها الخليفة غير شك........هو المهدي و الحكم الرشيد.

* و منح المنصور، الخليفة العباسي، لقب المهدي لابنه الأكبر محمد، الذي صار خليفة من بعده. و أوعز للشاعر مطيع بن إياس بوضع حديث نبوي ينص على مهدوية هذا المهدي العباسي. و أنشد شعراء آخرون بمهدوية هذا الخليفة.

* و تلقب بالمهدي عبيد الله، مؤسس الدولة الفاطمية في شمال أفريقيا، و رابع الأئمة المستورين للطائفة الاسماعيلية، وكانوا أيضا يدعونه بالإمام، و كان دعاته في المغرب يعلنون قبل وصوله من –سلمية- عن قرب ظهوره. إن اسم هذا المهدي هو عبد الله إلا أن أعداءه العباسيين كانوا يدعونه بـ "عبيد الله" تصغيرا لشأنه و لشأن دولته الفاطمية التي أطلق عليها أيضا اسم "الدولة العبيدية".
و كتب سهير زكار في (أخبار القرامطة) أنه "رأى في القيروان دينارين ذهبيين من دنانير المهدي ضرب الأول عام 302 هـ (914 م)، و الثاني سنة 304هـ (916 م). و نقشهما: (الإمام عبد الله. لا إله إلا الله محمد رسول الله. وحده لا شريك له. و المهدي بالله أمير المؤمنين). "كما يوجد في متحف دمشق دينار ذهبي و ربع دينار يؤكدان ذلك".
و لم يقم العباسيون في تصغير اسم عبد الله الفاطمي بل أنهم أيضا طعنوا في نسبه العلوي. و لم يقف العباسيون وحدهم في طعن نسب الفاطمي بل و شاركهم في هذا الطعن أيضا قادة الشيعة الإمامية.
و ذكر زكار إلى أن المصادر الإمامية تذهب إلى أن موسى الكاظم قد مات مقتولا من قبل الخليفة العباسي هارون الرشيد و أن محمد بن اسماعيل بن جعفر الصادق (جد أعلى للفاطميين الاسماعيليين) هو الذي وشى بعمه إلى الرشيد حين دخل عليه في بغداد "فسلم عليه بالخلافة، و قال: ما ظننت أن في الأرض خليفتين حتى رأيت عمي موسى بن جعفر يسلم عليه بالخلافة".
كما و كتب: "إن مسألة الطعن في نسب المهدي –الفاطمي- و الفاطميين مسألة مرفوضة ذلك أن الكتاب السنة أخذوا بها مسايرة للدولة العباسية، التي عجزت عن التصدي للفاطميين بقوة السلاح، فلجات إلى وسيلة الطعن بالنسب عن طريق البيانات، و استغلت الثغرة التي قامت بسبب لجوء أبناء اسماعيل بن جعفر الصادق إلى التكتم و التحفز الشديد، نتيجة للملاحقة العباسية، و من المدهش أن السلطات العباسية لاحقت تحركات المهدي في طريقه من الشام إلى مصر، ثم في مصر، و منها إلى الشمال الأفريقي و كانت أثناء الملاحقة هذه ترى بداهة صحة نسبه العلوي، لذلك لم تطعنه بأصله العلوي، إنما بعدما انتصر نفت عنه هذا النسب"

و تعتبر مهدوية عبيد الله، أو عبد الله، منعطفا كبيرا جدا في تاريخ المسلمين الشيعة، حيث تأسست دولتهم التي طالما كانوا ينتظرونها. و لدى وفاة المهدي الفاطمي الاسماعيلي آلت الإمامة إلى ابنه القائم.

* المهدي القرمطي أبو سعيد الجنّابي
إن هذا المهدي قد أخبر أتباعه، قبل وفاته، بأنه سيغيب ثم يعود ثانية. و أنه ربما يأتي آخرا ينتحل شخصيته بعدئذ، فأمرهم، لكي لا يختلط عليهم الأمر، أن يقطعوا راس الذي يزعم أنه المهدي. فإذا رجع الرأس إلى مكانه فوق الجسد فإنه هو مهدييهم المنتظر و إلا فإنه من الدجالين الذين سينتحلون شخصيته.
كما و تذكر مصادر تاريخية أن القرامطة كانوا يربطون فرسا عند قبر مهدييهم كي يمكن أن يستعمله عند رجوعه و انقطاع غيبته.

و "فيما حكي عن القرامطة" كما يقول سهير زكار في كتابه (أخبار القرامطة) "انهم جاءوا بكتاب فيه: "بسم الله الرحمن الرحيم. يقول الفرج بن عثمان -وهو من قرية يقال لها نظرانة- داعية المسيح، و هو عيسى، و هو الكلمة، و هو المهدي، و هو أحمد بن الحنفية، و هوجبريل".

و نقل زكارعن كتاب (تثبيت دلائل النبوة) للقاضي عبد الجبار الهمذاني أنه بينما كان المغاربة من أصحاب أبي عبد الله الشيعي –داعية المهدي الفاطمي- يحملون أمتعة المهدي "وجدوا ملابس الحرير و الديباج، و أواني الذهب و الفضة، و خصيان رومة، و آثار الأنبذة، فأنكروا ذلك في أنفسهم، مع بلادة البربر، و سألوا أبا عبد الله الداعية عن ذلك. و إنما أنكروا ذلك لأن أبا عبد الله هذا كان مقيما سنينا كثيرة في كتامة يدعوهم إلى المهدي، الذي هو حجة الله، و يزعم أنه صاحبه، و كان أبو عبد الله يتقشف و يلبس الخش، و يأكل العشب، و يوعدهم عن المهدي بمثل ذلك، فلهذا أنكروا و سألوا".

و عبّر (زكار) عن دهشته بـ "أن جميع التنظيمات التي بشرت بالمهدي المنتظر جمعَ دعاتها، ممن اتبعهم، خمس مداخيلهم بغية إرسالها إلى بيت الامامة، لا للتخفيف عن المظلومين بل لرفاه و نفقات الامام. إلا انه استثنى قسم من القرامطة من ذلك فكتب: "إن حركة واحدة تمردت بعض أطرافها على هذه القاعدة و قاعدة الزعامة الارستقراطية هي حركة القرامطة و ذلك مع أبي سعيد الجنّابي".

إن التخميس و عمليات أخرى مشابهة يعاني منها الفرد المسلم –في هذه الحالة الشيعي- فهي ضريبة تعطى لمحترف الدين باسم سهم الامام و هي خُضمة يقوم بها محترف الدين، ممن يدعون أنهم من سلالة النبي، ليخضم جزء كبيرا من أرباح شخص عانى في الحصول عليها. و الخمس لا يذهب فقط لمحترف الدين "المسؤول"، بل و أيضا يستطيع الانقضاض عليه و خضمه شخص إعتيادي يعتبر نفسه من سلالة النبي و يسمي نفسه بـ "السيد"، إذ أنه يعتبرها حصة "جده" النبي، و لكنه ينزلها في جيبه وحده و ينسى أن للنبي "أحفادا" آخرين غيره، و لكن الوضع أصبح لمثل هذا "السيد" "كلمن و إله" و "الشاطر ينزل الخمس بجيبه"، و "الشاطر يخلي العنب بسلته". و بهذا فإنه لا يشارك أقرانه "السادة" الآخرين في الخمس.
و هنا يحضرني سؤال وجهه لي أحد الأصدقاء: "هل على ما يسمى بـ "السيد" تقديم الخمس؟ أم هو ضريبة يقوم بها فقط "العبيد"، عبيد الله، من غير "السادة"؟

وتحضرني طريفة عن محترف دين يجمع الصدقات من أنصار دينه، و بعد جمعها يرميها إلى الأعلى و هو جالس تحتها و يقول: "يا إلهي! ما يبقى في السماء فهو لك أيها الساكن في السماء و ما يسقط على الأرض فهو لي، أنا الذي أعيش على الأرض" . و في هذه الحالة لا يبقى لله أي شيء. و لا هواء السماء و لا هم يحزنون، و الذي ينزل إلى الأرض يصبح في جعب محترف الدين.

و لا يمكنني هنا إلا أن أذكر ايضا أن هناك أشخاصا يوزعون "خمسهم" مباشرة، و بـ "شفقة" على الفقراء الذين يعرفونهم، دون أن يعطوا شيئا إلى محترف الدين أو إلى "السيد"، و إذ أنا أحيي مثل هؤلاء الأشخاص إلا أنني أؤكد أنه يجب على الدولة، بحكومتها المنتخبة ديمقراطيا، القيام بأعمال الخير و المساعدات الانسانية و الاجتماعية و غيرها، فهو من واجباتها. و يجب أن تكون هذه المساعدات قانونية و واضحة و شفافة، شفافية الماء الزلال. و على الناس دفع ما هو عليهم من ضرائب، كل حسب دخله، لا فرق في ذلك بين "السادة" و "باقي الناس". و بهذا فإن الشخص المحتاج سوف لن يعرض نفسه إلى "فضل و شفقة و مِنِّية" هذا أو ذاك، و إلى أن يجعل نفسه عرضة لذل هذا أو ذلك، بما في ذلك تعريض نساءه إلى المتاجرة.

* في الوقت الذي أعلن فيه الاسماعليون مهديهم فإن الشيعة الإثنى عشرية قد اعلنوا مهديهم في شخص الامام الثاني عشر، المهدي بن الحسن. فالمهديان، الاسماعيلي و الاثنى عشري متزامنان. و قد تمسك الشيعة الاثنى عشرية و لا يزالون بمهديهم.
و في الوقت الذي اعتمدت الاسماعيلية الرقم (7)، و أعجبت به، و قالت، كما ذكر سهير زكار: "إن السماوات سبع، و الكواكب السيارة سبع، و الأرضين سبع، و أعضاء الإنسان سبعة، و النقب في الرأس سبعة، و الأنبياء ذوي العزم أيضا سبعة"، فإن الشيعة الإثنى عشرية أعجبت بالرقم (12).

* و ذكر ابن خلدون في (المقدمة) أنه "ظهر في غمارة في آخر المائة السابعة و عشر التسعين منها – في محل آخر من المقدمة في أوائل المائة الثامنة- رجل يُعرف بالعباس، و ادعى أنه الفاطمي، و اتبعه الدهماء من غمارة، و دخل مدينة بادس عَنوة و حرق أسواقها و ارتحل إلى بلد المزمة، فقتل بها غِيلة و لم يتم أمره".
" واتبع نعيقه الأرذلون من سفهاء تلك القبائل وأغمارهم وزحف إلى بادس من أمصارهم ودخلها عنوة ثم قتل لأربعين يوما من ظهور دعوته ومضى في الهالكين الأولين". و كثير من هذا النمط".

* و ذكر ابن خلدون أيضا "وقد كان لأول هذه المائة (الثامنة الهجرية و عصر السلطان يوسف بن يعقوب) خرج بالسوس رجل من المتصوفة يدعى التوبذري عمد إلى مسجد ماسة بساحل البحر هناك وزعم أنه الفاطمي المنتظر تلبيسا على العامة هنالك بما ملأ قلوبهم من الحدثان بانتظاره هنالك وأن من ذلك المسجد يكون أصل دعوته فتهافتت عليه طوائف من عامة البربر تهافت الفراش ثم خشي رؤساؤهم اتساع نطاق الفتنة فدس إليه كبير المصامدة يومئذ عمر السكسيوي من قتله في فراشه".

* وذكر ابن خلدون في (المقدمة) أنه اخبره الشيخ محمد بن إبراهيم الأبلي "أنه صحب في حجه في رباط العباد، وهو مدفن الشيخ أبي مدين في جبل تلمسان المطل عليها، رجلا من أهل البيت من سكان كربلاء كان متبوعا معظما كثير التلميذ والخادم قال وكان الرجال من موطنه يتلقونه بالنفقات في أكثر البلدان قال وتاكدت الصحبة بيننا في ذلك الطريق فانكشف لي أمرهم وأنهم إنما جاءوا من موطنهم بكربلاء لطلب هذا الأمر وانتحال دعوة الفاطمي بالمغرب فلما عاين دولة بني مرين ويوسف بن يعقوب يومئذ منازل تلمسان قال لأصحابه ارجعوا فقد أزرى بنا الغلط وليس هذا الوقت وقتنا".

* المهدي الموحدي صاحب الدرهم الذي، كما ذكر ابن خلدون، جاء على أثر المرابطين "داعيا إلى الحق آخذا بمذاهب الأشعرية ناعيا على أهل المغرب عدولهم عنها إلى تقليد السلف في ترك التأويل لظواهر الشريعة وما يؤول إليه ذلك من التجسيم كما هو معروف في مذهب الأشعرية وسمى أتباعه الموحدين تعريضا بذلك النكير وكان يرى رأي أهل البيت في الإمام المعصوم وأنه لا بد منه في كل زمان يحفظ بوجوده نظام هذا العالم".
"ولقد كان المهدي فيما ينقل ينعت قبل ظهوره بصاحب الدرهم المربع نعته بذلك المتكلمون بالحدثان من قبله المخبرون في ملاحمهم عن دولته". "ولما جاءت دولة الموحدين كان مما سن لهم المهدي اتخاذ سكة الدرهم مربع الشكل وأن يرسم في دائرة الدينار شكل مربع في وسطه ويملأ من أحد الجانبين تهليلا وتحميدا ومن الجانب الآخر كتبا في السطور باسمه واسم الخلفاء من بعده"

* و كتب المقري في (نفح الطيب) بيت شعرٍ للنحوي أثير الدين، أبي حيان الغرناطي، ينعت فيه ابن تيمية بالإمام المنتظر:
كنا نحدث عن حبر يجيء فها..... أنت الإمام الذي قد كان ينتظر
و كان ابن حيان من أتباع ابن تيمية إلا أنه انحرف عنه لأسباب منها: أنه قال له يوما: كذا قال سيبويه، فقال ابن تيمية: يكذب سيبويه. فانحرف ابن حيان عنه.

* و نرى في هذه الأيام أتباعا مجرمين لإبن تيمية، من أمثال الوهابيين و غيرهم، يعتقدون بأن الارهابي ابن لادن هو المهدي أيضا. ففي إحدى جلساتي مع أحد المغاربة السلفيين الذي زارني في محل عملي أثناء دخول القوات الأمريكية و حلفائها في أفغانستان، أخبرني بان بن لادن قد يكون المهدي. فذكرت له أن هناك حديثا للنبي محمد، "وانت تؤمن بهذا الحديث، مثلك مثل السلفيين الآخرين"، مفاده أن المهدي يجب أن يكون اسمه محمد و اسم أبيه عبد الله. فهل بن لادن يحمل ذلك الاسم أيضا؟ أم أن الحديث مختلق؟

* و على أحد المواقع الانترنيتيه الوهابية قرأت أنهم يقولون عن ان الشيعة تقول بمهدية الخميني. و لكنني لحد الآن لم أقرأ أو أسمع عن شيعي يقول ذلك.
لحد الآن!!

* و ذكر المستعرب الروسي فلاديمير بوريسوفيتش لوتسكي في كتابه –(تاريخ الأقطار العربية الحديث)- انه في شهر آب من عام 1881 م، المصادف شهر رمضان، نشبت في السودان ثورة عامة ضد النير الأوروبي. و قاد هذه الثورة الدرويش المتجول (محمد أحمد)، الذي أعلن أنه المهدي المنتظر.
ولد محمد أحمد في عام 1843 بإحدى جزر النيل بالقرب من مدينة دنقلة. و كان والده نجارا. و بعد وفاة والده، التحق بالطريقة الاسلامية الدينية السمانية في مدينة بربر (المخيرق) في شمال السودان. و درس هناك اللاهوت و أصبح بعدما أنهى المدرسة درويشا متجولا. و استوطن في نهاية المطاف في جزيرة آبا الواقعة في جنوب الخرطوم على النيل الأبيض، حيث كان أخوته يمارسون حرفتهم. و أمست هذه الجزيرة بؤرة انتشرت منها إلى جميع أنحاء البلاد تعاليم الدراويش المتجولين. و دعا أتباعها إلى التنسك. و أشاروا إلى أن فساد الأخلاق يحل في البلاد و بأن سببه الأتراك و المصريون و الاوربيون، و بأن الأتراك و المصريين هم مسلمون كاذبون و مرتدون.
كان الفلاحون و البدو الرحل و الرقيق و الحرفيون هم القوة الدافعة لثورة المهدي السوداني. و ذكر لوتسكي عن عبد الله التعايشي، الذي أصبح بعد وفاة المهدي خليفة له، أن زرافات من الشعب البائس قد تدفقت إليهم، و أن الأثرياء و الميسورين ابتعدوا عنهم و لم يكترثوا إلا بثرواتهم، التي نعتها التعايشي بـ "الأوساخ الدنيوية"، و" التي ألهتهم عن معرفة و تذوق الفردوس الحقيقي".
و دعا المهدي أتباعه إلى الجهاد المقدس و سماهم بالأنصار اسوة بالنبي محمد. و وعد كل من يسقط في المعركة بالسعادة الأبدية و من تكتب له الحياة "يبرطله" بأربعة أخماس جميع الغنائم. أما الخمس الباقي فينزل بالجيب لمصروفات و منثورات المهدي السوداني و حاشيته.
و كتب لوتسكي أن السلطات الانكليزية في تلك الحقبة من الزمن قد دبرت المناورة التالية: فنظرا إلى أن الثورة كانت موجهة ضد السيطرة المصرية ، قرر الانكليز إعلان استقلال السودان عن مصر، و مقابل ذلك قرروا تعيين الانكليزي غوردون حاكما عاما على السودان. و بكلمة أخرى، أنهم أرادوا التواطؤ مع المهدي ليجعلوا السودان، بمساعدته، مستعمرة انكليزية. إلا أن المهديين اكتشفوا هذه المناورة، و لم يكن في نيتهم تقديم السودان إلى السلطة الانكليزية فردوا على اقتراح غوردون بضرب الحصار على الخرطوم ابتداء من آذار 1884.
و قد ذكر لوتسكي إلى أن فريدرك أنجلس تكلم في مؤلفه (بصدد تاريخ المسيحية البدائية) عن الحركة المهدية السودانية بالنسبة إلى الحركات الشعبية الدينية الأفريقية في القرون الوسطى. و اعتبر هذه الحركات كنزاعات بين الرحل الفقراء و أبناء البلد الميسورين. و بهذا الصدد كتب أنجلس " أن أبناء البلد يصبحون أثرياء و ينهمكون في الترف و يستخفون بمراعاة الشريعة. و ينظر البدو الذين يعيشون في شظف العيش و يتمسكون، بسبب الفقر، بآداب صارمة، إلى هذه الثروات و المتع بحسد و طمع. و هكذا يتوحدون تحت زعامة نبي ما، المهدي، لعقاب المرتدين عن الدين و لبعث الاحترام إلى الطقوس و الدين الصحيح (!) ، و ينتزعون الثروة من المرتدين كمثوبة لهم. و بعد انصرام 100 عام أو ما يقرب من ذلك يجدون أنفسهم في الوضع ذاته بالضبط، الوضع الذي كان فيه أولئك المرتدون، فيتوجب عندئذ تطهير المعتقدات مجددا، فيظهر مهدي جديد و تبدأ اللعبة ذاتها مرة أخرى. و هكذا كان الوضع عند الحملات التوسعية التي قام بها المرابطون و الموحدون الأفريقيون في أسبانيا"

إن فترة الـ (100 عام) التي قال بها أنجلس لا يمكن تطبيقها على "مهدويي" العراق، بكل أنواعهم. إذ أن هؤلاء نسوا شظف العيش و ارتدوا في لمح البصر، و لا فرق بين بعثيي و اسلامويي (جيش المهدي) او غيرهم، عربا أو أكرادا، فالكل في حزام واحد، و هم بعملهم يؤكدون الاغنية العراقية:
"كرد و عرب فد حزام."

– أسبانيا

08/07/2008



#محيي_هادي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اسطورة المهدي (1)
- قال إمامٌ عن إمامٍ عن إمام
- ارقد في سلام أيها المبدع حسني أبو المعالي
- هل القرآن صالح لكل زمان و مكان؟
- إلى المرأة المسلمة 3
- إلى المرأة المسلمة (2)
- إلى المرأةِ المُسلمة
- العلم العراقي و -المودة- الاسلامية
- التطبير و الأيدز
- في انتظار بكائية العام الجديد
- من ثقافة التخلف: المرأة و حساب الأرقام
- بأي لغة يتكلم الله؟
- الرئيس و الوزير والقاضي
- إلى كربلاء
- تثاؤب الأعرابي
- ماذا أستطيع أن أقول للإيزيديين؟
- العقلية العربية- قراءة في كتاب د. جواد علي
- حيرة عراقي
- عليك مني السلام يا أرض أجدادي
- زعران و جرذان؟


المزيد.....




- ما مخاطر قصف أوكرانيا عمق روسيا بأسلحة أمريكية؟ خبير عسكري ي ...
- سامح شكري يوضح موقف مصر من التواجد الإسرائيلي في معبر رفح وم ...
- السيسي يتسلم استقالة الحكومة المصرية.. ويصدر تكليفا جديدا لم ...
- الأمن الروسي يعتقل عضوا سابقا في -عصابة باساييف-
- ليبيا.. تلميذة تعاني من متلازمة أطفال القمر تخطف القلوب في ا ...
- الأمن الروسي يكشف عملاء للأجهزة الأوكرانية كانوا يعدون لهجما ...
- -واينت-: احتراق 10 آلاف دونم بالجولان بعد قصف حزب الله وإعاد ...
- الدفاع الروسية: تدمير قاذفة HIMARS في دونيتسك وتحييد 1.7 ألف ...
- من هاوٍ لألعاب ماريو وبوكيمون إلى قديس... من هو كارلو أكوتيس ...
- فيديو: إعادة افتتاح منتجع -بلو لاغون- بالرغم من استمرار ثورا ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - محيي هادي - اسطورة المهدي (2)