أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعد محمد رحيم - التاريخ والسرد العراقي














المزيد.....

التاريخ والسرد العراقي


سعد محمد رحيم

الحوار المتمدن-العدد: 2337 - 2008 / 7 / 9 - 06:20
المحور: الادب والفن
    


ينطلق السرد من نقطة الوعي بالتاريخ.. السرد حتى وهو يتمادى في الولوغ داخل مسارب الخيال لا يتنصل تماماً من مقتضيات التاريخ، ولا ينجو من حمل بعض غباره.. ليس ثمة خيال محض ينهض بالسرد من غير أن يأبه بالتاريخ. ومن المجتمعات ما تراه مأخوذاً وغارقاً في خضم ماضيه، أي في تاريخه، وأحياناً حد الشطط.. هنا، يتحول التاريخ إلى عبء ضروري في الوعي، وإلى مكوِّن أساسي له، وإلى موجِّه كذلك. وعند هذا المفصل تتشكل السرديات الكبرى والصغرى؛ الأساطير والحكايات والقصص الشعبي والخرافات والأخبار ويتراكم منها تراث ضخم، تُعين السارد ( أي سارد جديد )، وقد تُحدده أيضاً، وربما تُعيقه نوعاً ما، في أثناء بناء نصه السردي. لنأخذ مثلاً مجتمعنا العراقي وتاريخه حضوراً في تجربة مبدع السرد عبر التأمل في أبرز نماذج الرواية العراقية سنجد آثار التاريخ محفورة بعمق على سطحها وفي تجاويفها، حتى وإن لم تكن الموضوعة المعالجة لها كبير علاقة بالواقع التاريخي. لكننا نعرف أن تلكم النماذج تتصل بقوة بتاريخنا الحديث منذ ( جلال خالد ) لمحمود أحمد السيد ومروراً بروايات ( النخلة والجيران ) لغائب طعمة فرمان، و ( الوشم ) لعبد الرحمن مجيد الربيعي، و ( الرجع البعيد ) لفؤاد التكرلي، و ( الشاهدة والزنجي ) لمهدي عيسى الصقر، وليس انتهاء بروايات سلام عبود وعلي بدر وأحمد السعداوي وسعد هادي ونزار عبد الستار، وهذا ،كما يُقال، غيض من فيض.
والآن، هل بإمكاننا تصور أن يلج روائي عراقي جديد عالم الكتابة الروائية من غير أن يكون قارئاً جيداً للتاريخ العراقي القديم والحديث، ولاسيما الحديث ( الثلاثة قرون الأخيرة ) وما جرى خلالها من وقائع وأحداث وتحولات.. الأوبئة والفيضانات والغزوات والحروب والهجرات والصراعات، وتكوّن الطبقات الاجتماعية وحراكها، وازدهار المهن وانتكاسها، وقيام وتراجع الصناعة والزراعة والتجارة، والعلاقة بين الريف والمدينة، وصراعات البداوة والريف والحضارة، وأثر وجود الأجنبي وربط الاقتصاد العراقي بالمنظومة الرأسمالية منذ نهايات القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين، وتأسيس الدولة العراقية الحديثة بمؤسساتها المختلفة، وتطور أنظمة التربية والتعليم ونشوء الأحزاب والنقابات، واكتشاف النفط واستثماره، وسقوط الملكية وانبثاق الجمهورية، والانقلابات العسكرية المتتالية، وحتى اندلاع الحرب العراقية الإيرانية وغزو الكويت والحصار الاقتصادي وسقوط نظام صدام حسين، ومن ثم الاحتلال الأميركي للبلاد.. ناهيك عن تاريخ الفقر والعنف والقمع والاستبداد الذي هو الوجه الآخر لتاريخ العراق السياسي والاجتماعي في القرون الأخيرة.
لم يُكتب تاريخنا العراقي الحديث كما يجب، على الرغم من آلاف التقارير والوثائق والمذكرات والمقالات والكتب التي يمكن للباحث أن يجده في متناوله. إلاّ أن هذا المتاح، في حقيقة الأمر، يعد ثروة طائلة لا غنى عنه ليس للمؤرخ فحسب وإنما للمثقف الاعتيادي الذي يهمّه أن يُطلق عليه صفة ( المثقف ). وبطبيعة الحال لا نقصد أن ينغمس المثقفون على تباين انشغالاتهم واختصاصاتهم في قراءة كل شيء يتعلق بالتاريخ، فهذا مستحيل، لكن لا غنى عن القراءة التاريخية لأي مختص بالحدود الدنيا التي ستكون ذات سقف عال لكاتب السرد الروائي. وشخصياً لا أعتقد أن يقدر أي روائي عراقي على إنتاج رواية جيدة من غير أن يكون مطّلعاً بعمق على تاريخ بلده ومستوعباً روح هذا التاريخ.. وثمة مصادر عديدة، في غاية الأهمية، لابد من قراءتها بعمق، وتحضرني عنوانات ( تاريخ الوزارات العراقية ) بأجزائه العشرة لعبد الرزاق الحسني، و ( لمحات اجتماعية من تاريخ العراق الحديث ) بأجزائه الستة وملاحقه لعلي الوردي، و ( العراق ) بأجزائه الثلاثة لحنا بطاطو، فضلاً عن مئات المصادر الأخرى التي كتبت كمذكرات أو دراسات وأبحاث بأقلام سياسيين ومؤرخين ومفكرين عراقيين، لا يتسع هذا المقال لذكرها.
لا يجوز للروائي، ولاسيما العراقي، أن يقول؛ اكتفيت من القراءة، ودعوني أكتب. فإبداع رواية عراقية مميزة لا يتأتى من وجود الموهبة والمعرفة بالطرق الفنية للكتابة السردية فحسب، وإنما يتطلب وعياً عميقاً بالمجتمع وتاريخه ينبع من معايشة هذا المجتمع والتعرف على همومه وواقعه وإمكاناته وطموحاته بالتجربة المباشرة بعدّ الروائي جزءاً منه من جهة، وبقراءة تاريخه القديم والحديث بعمق، وعلى الدوام، من جهة أخرى.



#سعد_محمد_رحيم (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تجّار الأزمات
- بغداد جنة أشواقنا
- ( تحت العجلة )..رواية هرمان هسه: تعرية لبؤس التقاليد
- الرضّة الحزيرانية ونكوص الإنسان المقهور
- سلّة الأخطاء
- ثلاثة أشباح.. ثلاثة نصوص: شكسبير، ماركس، ديريدا
- ما بعد حزيران؛ نقد الذات المهزومة
- المعاهدة والمعارضة
- هزيمة حزيران؛ فشل الدولة ( العربية ) الحديثة
- المستقبل للنساء
- أستورياس في ( الريح القوية )
- أسعار النفط !!
- ثقافة الصورة.. ثقافة المشاهدة
- المثقفون وفوبيا الحرية
- صورة المثقف مخذولاً وضحية
- إذا ما غابت الثقة
- ماركس الحالم.. ماركس العالم
- فتاة في المطر
- حواف الإيدز، أو؛ خالد في الصحراء
- ماريو بارغاس يوسا في؛ ( رسائل إلى روائي شاب )


المزيد.....




- فلسطين تتصدر ترشيحات جوائز النقاد للأفلام العربية في دورتها ...
- عُمان تعيد رسم المشهد الثقافي والإعلامي للأطفال
- محمد نبيل بنعبد الله الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية يع ...
- -الحب والخبز- لآسيا عبد الهادي.. مرآة لحياة الفلسطينيين بعد ...
- بريطانيا تحقق في تصريحات فرقة -راب- ايرلندية حيّت حماس وحزب ...
- كيف مات هتلر فعلاً؟ روسيا تنشر وثائق -اللحظات الأخيرة-: ما ا ...
- إرث لا يقدر بثمن.. نهب المتحف الجيولوجي السوداني
- سمر دويدار: أرشفة يوميات غزة فعل مقاومة يحميها من محاولات ال ...
- الفن والقضية الفلسطينية مع الفنانة ميس أبو صاع (2)
- من -الست- إلى -روكي الغلابة-.. هيمنة نسائية على بطولات أفلام ...


المزيد.....

- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعد محمد رحيم - التاريخ والسرد العراقي