|
المستقبل للنساء
سعد محمد رحيم
الحوار المتمدن-العدد: 2303 - 2008 / 6 / 5 - 10:22
المحور:
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
لابد أولاً من تأكيد القول بأن الذين يقمعون المرأة ويضطهدونها وينظرون إليها نظرة دونية إنما هم في حقيقة الأمر يخافونها، وإنْ بشكل لا واعٍ، ويشعرون بالنقص إزاءها، ويخشون فقدان سلطتهم الزائفة التي يمارسونها ضدها. والمرأة في الأحوال كلها، والظروف كلها، حتى غير المؤاتية منها، تملك من الطاقات والسبل والذكاء القدر الكافي الذي يعينها على خلق توازن ما، أو ممارسة سلطتها الخاصة خفية، أو بوضوح، في محيطها. وعلى الرغم من تعرضها إلى اضطهاد مركّب فإنها كانت قادرة في معظم الأحوال، على حفظ كيان المجتمع عبر حفظ كيان أسرتها في المحن والشدائد، والأمثلة التي يمكن أن نسوقها لا تعد ولا تحصى في عراقنا المكلوم، سواء في ظل الحروب وسياسات الحصار أو مع فقدان الأمن وانتشار الفقر وأشكال الحرمان. وهذا لا يعني قطعاً إنكار حقيقة أنه كان لمعظم الرجال دورهم أيضاً في هذا، ولكن ليس من غير مشاركة النساء. من يرجع إلى نتائج الامتحانات العامة( البكالوريا ) للسنوات العشر الماضية، في سبيل المثال، يجد نسبة تفوق محسوسة للبنات على البنين. وينطبق الأمر كذلك على امتحانات الصفوف غير المنتهية. واليوم يشكو لك كثر من الآباء من أن أولادهم الذكور غير ميالين للجد والاجتهاد في الدراسة والتحصيل العلمي على عكس الإناث اللواتي يذاكرن بإفراط أحياناً، ويحزن أعلى الدرجات.. ويخبرك مدرسون عديدون من الذين يدرِّسون في مدارس بنين وبنات أو في مدارس مختلطة الكلام نفسه، فجدّية البنات تتجاوز جدّية الأولاد في أحايين كثيرة. وإذا ما استمر الأمر هكذا فإن أعداد الفتيات الحاصلات على الشهادات الجامعية الأولية وشهادات الدراسات العليا ستفوق أعداد الذكور في السنوات والعقود اللاحقة. وستكون نسبة النساء أعلى من نسبة الرجال في مجتمع المعرفة والمعلوماتية والتكنوقراط. وهو ما نحن مقبلون عليه حتماً بحكم مسارات التطور حتى تكون لنا مكانة مميزة بين الشعوب المتمدنة. وإذا ما عرفنا أن مجتمعات الحاضر ( وخصوصاً المستقبل ) هي مجتمعات التقانة والمعلومات والحكومات الإلكترونية يكون من المنطقي أن نفترض أن النساء سرعان ما يمسكن بإدارة وتسيير تلك المجتمعات وتلك الحكومات طالما كنَّ الأحرص في الدراسة، والأفضل في التحصيل. بالمقابل لا يمكن نسيان حقيقة أن نسبة عالية من البنات ولاسيما في الريف والبلدات الصغيرة يُجبرن على ترك الدراسة مبكراً بعد إنهاء المرحلة الابتدائية. أو لا يحظين بدخولها أبداً. وثمة نسبة أخرى منهن يُحرمن من الدراسة الجامعية على الرغم من حصولهن على مقاعد فيها بسبب محدودية دخول عائلاتهن وخاصة إذا كان هناك أكثر من طالب جامعي فيها ( هنا تجري التضحية بمستقبل البنت ) أو بسبب الظرف الأمني في مناطق بعينها. وثمة ظاهرة أخرى آخذة بالتوسع الآن وخلاصتها ترك الطالبات الدراسة فور زواجهن لأن أزواجهن لا يرغبون في أن تكون شهادة زوجاتهم أعلى مما عندهم، أو لا يرون جدوى من الدراسة إذا ما كانوا من ميسوري الحال. وفي هذا نزف للطاقات لا يعوّض. صحيح أن النساء أقل ميلاً من الرجال نحو السياسة وتحمّل أعبائها وولوج دروبها الملتوية. ولكن من قال أن قواعد وتقاليد السياسة بشكلها الحالي ستبقى هي السائدة.. إن تطور أساليب الإدارة وتقنياتها تجعل منها علماً محضاً ربما لا تكون، مستقبلاً، بحاجة لطرق السياسيين مثلما نعرفها، اليوم، في نطاق إدارة موارد المجتمعات وتنميتها لتحقيق الصالح العام الذي لا يتحقق دوماً، أو في الغالب، في المجتمعات البطريركية ( الأبوية ) المستبدة. أي أن تركيبة السلطة ومحتواها وآلياتها ستتغير مع تغير الحقائق على الأرض. أيتها البنات، أيتها النساء الشابات؛ المستقبل أمامكن، واحتمال أن تكون سلطة مجتمع الغد لكنَّ كبير جداً فلا مكان في إدارة مجتمع الغد إلا للكفاءات العلمية والمعرفية والإبداعية وأنتن تثبتن من خلال التحصيل والتفوق العلمي بأنكن جديرات بشغل المراكز الرئيسة في تلك الإدارة.
#سعد_محمد_رحيم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أستورياس في ( الريح القوية )
-
أسعار النفط !!
-
ثقافة الصورة.. ثقافة المشاهدة
-
المثقفون وفوبيا الحرية
-
صورة المثقف مخذولاً وضحية
-
إذا ما غابت الثقة
-
ماركس الحالم.. ماركس العالم
-
فتاة في المطر
-
حواف الإيدز، أو؛ خالد في الصحراء
-
ماريو بارغاس يوسا في؛ ( رسائل إلى روائي شاب )
-
شبح ماركس
-
أخلاقيات الحوار
-
حواف الإيدز؛ أو خالد في الصحراء
-
الإعلام القاتل
-
ضد ماركس
-
كلام في الحب
-
هنتنغتون وفوكوياما ومسار التاريخ
-
المثقف ومعادلة السلطة المعرفة
-
فقدان حس الحاضر
-
موضوعة -السأم- في الأدب الروائي
المزيد.....
-
شاهد.. أرجنتينية بالغة من العمر 60 عاما تتوج ملكة جمال بوينس
...
-
إلغاء حكم يدين هارفي واينستين في قضايا اغتصاب
-
تشييع جنازة امرأة وطفلة عمرها 10 سنوات في جنوب لبنان بعد مقت
...
-
محكمة في نيويورك تسقط حكما يدين المنتج السينمائي هارفي واينس
...
-
محكمة أميركية تلغي حكما يدين -المنتج المتحرش- في قضايا اغتصا
...
-
بي بي سي عربي تزور عائلة الطفلة السودانية التي اغتصبت في مصر
...
-
هذه الدول العربية تتصدر نسبة تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوي
...
-
“لولو العيوطة” تردد قناة وناسة نايل سات الجديد 2024 للاستماع
...
-
شرطة الكويت تضبط امرأة هندية بعد سنوات من التخفي
-
“800 دينار جزائري فورية في محفظتك“ كيفية التسجيل في منحة الم
...
المزيد.....
-
بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية
/ حنان سالم
-
قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق
/ بلسم مصطفى
-
مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية
/ رابطة المرأة العراقية
-
اضطهاد النساء مقاربة نقدية
/ رضا الظاهر
-
تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل
...
/ رابطة المرأة العراقية
-
وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن
...
/ أنس رحيمي
-
الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم
...
/ سلمى وجيران
-
المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست
...
/ ألينا ساجد
-
اوضاع النساء والحراك النسوي العراقي من 2003-2019
/ طيبة علي
-
الانتفاضات العربية من رؤية جندرية[1]
/ إلهام مانع
المزيد.....
|