أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - سعد محمد رحيم - تجّار الأزمات














المزيد.....

تجّار الأزمات


سعد محمد رحيم

الحوار المتمدن-العدد: 2333 - 2008 / 7 / 5 - 10:29
المحور: المجتمع المدني
    


تاريخنا الحديث، في وجه من وجوهها، هو تاريخ تكالب الأزمات علينا، وانتقال حالنا من أزمة إلى أزمة. وقد تعمل الأزمة الواحدة مولِّدة لأزمة مضافة، فتتراكم الأزمات ويعاضد بعضها بعضاً، وبالتالي نجد أنفسنا في حلقة مفرغة لا نكاد نقع على حل شامل ونهائي لها. فأزمة المياه، في سبيل المثال، تفضي إلى شحة في الإنتاج الزراعي، وإلى تدهور في صحة المواطنين ويؤثر ذلك على مداخيلهم فتنخفض مستويات المعيشة والتعليم وهلم جرا. وفي مثال آخر نرى كيف أن ارتفاع أسعار البنزين ومصادر الطاقة المختلفة يرفع كلفة النقل لينعكس هذا على أسعار المواد الغذائية والسلع ألأساسية الأخرى فتنخفض القوة الشرائية للعملة ويحصل ما يُعرف بالتضخم الذي يؤثر سلباً على المستوى المعيشي للسكان، وذلك بدوره يؤدي إلى انخفاض في قدرة العائلات على تلقي العلاج فتنتشر الأمراض التي تكلف المجتمع أموالاً تقتطع من دخلها الذي هو ضئيل في الغالب، ويحصل إذ ذاك أيضاً إهدار في قوة العمل والكفاءة. ويمكن أن نمضي بهذه السلسلة إلى ما لا نهاية ولاسيما إذا جعلنا أزمة الطاقة مرافقة لأزمة الكهرباء وشبكنا معهما أزمة الأمن.. إنها دوامة مدوخة من أزمات مترابطة لا تنتهي. لكن مشكلة المشكلات بهذا الصدد هي في صنّاع أو تجّار الأزمات، هذه الطبقة التي باتت تتسع بحكم انتشار البطالة أولاً، ووجود الفساد الإداري ثانياً، وبسبب الأرباح الخيالية التي تحصل عليها من عملية الاتجار تلك ثالثاً. وهي تعمل، متبعة الوسائل كلها، حتى وإنْ لم تكن مشروعة بالمرة، لإدامة زخم الأزمات التي تعتاش عليها. فهناك محتكرو بيع الغاز والنفط والمواد الإنشائية، في مناطق عديدة، وبعض أصحاب المولِّدات الكهربائية الذين لا يسرّهم أي تحسين يطرأ على الطاقة الكهربائية، ( ماذا نقول عن مجموعة من هؤلاء يذهبون إلى مسؤول في الكهرباء في محافظة ما، ليعرضوا عليه رشوة ـ وللأمانة نقول أنه رفضها ـ ليزيد من ساعات قطع التيار عن منطقة إمدادات الكهرباء فيها جيدة نسبياً؟!!! ). وهذا مثال واحد من مئات الأمثلة التي يمكن إدراجها في هذا السياق.
طبقة تجار الأزمات طبقة طفيلية، تعيش، ومن غير أن تبذل أية جهود إنتاجية، على الاصطياد في المياه العكرة، وهي كالعليق تتغذى على شريان الدخل القومي وتضعف الجسم الاقتصادي والاجتماعي باللجوء إلى أكثر الوسائل لا أخلاقية ولا شرعية، لتبقى الأزمات على حالها، وأن تجعلها تستفحل أكثر.
ولا مناص من التذكير بحقيقة أن الأزمات تعزز الفساد وتثري شريحة المفسدين في البلاد. والفساد يشجع على الإرهاب والعنف، وتلك هي الحلقة المفرغة الأتعس التي لابد من كسرها. وكسرها لا يتأتى عبر سياسات الترقيع والحلول المؤقتة حيث تنتعش الأزمات بعد حين، وبعد زوال أثر الحلول. وإنما بمعالجات جذرية تقوم بها الحكومة بالتعاون مع مؤسسات المجتمع المدني والأهلي وتمتد بتأثيرها إلى نواحي حياتنا كافة. وهذه هي المقدمة للخروج من الخانق الذي يهدد حاضرنا ومستقبلنا.
إن جودة أداء أية حكومة تقاس، قبل كل شيء، كما هو معلوم، بقدرتها على حل المشكلات والأزمات.








#سعد_محمد_رحيم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بغداد جنة أشواقنا
- ( تحت العجلة )..رواية هرمان هسه: تعرية لبؤس التقاليد
- الرضّة الحزيرانية ونكوص الإنسان المقهور
- سلّة الأخطاء
- ثلاثة أشباح.. ثلاثة نصوص: شكسبير، ماركس، ديريدا
- ما بعد حزيران؛ نقد الذات المهزومة
- المعاهدة والمعارضة
- هزيمة حزيران؛ فشل الدولة ( العربية ) الحديثة
- المستقبل للنساء
- أستورياس في ( الريح القوية )
- أسعار النفط !!
- ثقافة الصورة.. ثقافة المشاهدة
- المثقفون وفوبيا الحرية
- صورة المثقف مخذولاً وضحية
- إذا ما غابت الثقة
- ماركس الحالم.. ماركس العالم
- فتاة في المطر
- حواف الإيدز، أو؛ خالد في الصحراء
- ماريو بارغاس يوسا في؛ ( رسائل إلى روائي شاب )
- شبح ماركس


المزيد.....




- کنعاني: لا يتمتع المسؤولون الأميركان بكفاءة أخلاقية للتعليق ...
- المندوب الروسي لدى الأمم المتحدة: روسيا في طليعة الدول الساع ...
- مقر حقوق الإنسان في ايران يدين سلوك أمريكا المنافق
- -غير قابلة للحياة-.. الأمم المتحدة: إزالة الركام من غزة قد ت ...
- الأمم المتحدة تحذر من عواقب وخيمة على المدنيين في الفاشر الس ...
- مكتب المفوض الأممي لحقوق الإنسان: مقتل ما لا يقل عن 43 في ال ...
- مسئول بالأمم المتحدة: إزالة الركام من غزة قد تستغرق 14 عاما ...
- فيديو.. طفلة غزّية تعيل أسرتها بغسل ملابس النازحين
- لوموند: العداء يتفاقم ضد اللاجئين السوريين في لبنان
- اعتقال نازيين مرتبطين بكييف خططا لأعمال إرهابية غربي روسيا


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - سعد محمد رحيم - تجّار الأزمات