|
ثنائيات عربية متضادة
محمد سيد رصاص
الحوار المتمدن-العدد: 2331 - 2008 / 7 / 3 - 10:44
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
نصَب الإنكليز الشريف فيصل بن الحسين ملكاً على العراق في شهر آب من عام1921بعد ثلاثة عشر شهراً من إخراج الفرنسيين له من حكم سوريا إثر معركة ميسلون ،وقد ظلَ الهاشميون في بغداد،ابتداءً من ذلك التاريخ ولسبعة وثلاثين عاماً،يسعون إلى استعادة حكم دمشق. أنشأ هذا ثنائية متضادة،ومتجابهة،بين الشام والعراق،شبيهة بالوضع الذي كان في زمن الدولة الأموية،ماقاد إلى انهيار الأخيرة في عام750ميلادية بعد سبعة عقود من الإضطرابات التي تركزت في العراق ضد الحكم المركزي بدمشق بدءاً من حكم عبد الملك بن مروان:منذ عام1921رُسِمت السياسة العراقية باتجاه بوصلة الشام،وبعد عام1946ارتسمت استقطابات ومحاور السياسة العربية،عند القاهرة والرياض،باتجاه هدف منع الهاشميين في العراق من العودة إلى حكم دمشق،فيما دارت- وانقسمت- مدارات الحياة السياسية السورية بين مشروع(وحدة الهلال الخصيب)وضده،إلى أن كانت وحدة1958انتصاراً للقاهرة- ولمواليها السوريين- على بغداد،التي انهار فيها حكم الهاشميين بعد خمسة أشهر من تحقيق تلك الوحدة السورية - المصرية. لم ينته ذلك التضاد بين دمشق وبغداد في يوم 14تموز1958،بل أخذ شكلاً جديداً من الصراع بين عبد الكريم قاسم(ومعه الشيوعيين)وبين عبد الناصر وحلفائه العراقيين،في حزب البعث وحركة القوميين العرب،الراغبون بانضمام العراق إلى دولة الوحدة،فيماكانت مخاوف عبدالناصر من"هلال خصيب بعثي"،إثروصول البعثيين إلى حكم بغداد ودمشق بين يومي8شباط و8آذار1963،بدون أساس،حيث انهار حكم البعث في العراق مع انقلاب عبد السلام عارف يوم18تشرين الثاني1963،لتدخل بغداد في مدار القاهرة ضد دمشق،وهو مااستمر حتى استيلاء حزب البعث مجدداً على حكم بغداد بين يومي17- 30تموز1968. ظنَ الكثيرون أن عودة البعث لحكم العراق ستؤدي إلى تلاقي بغداد ودمشق،التي كان يحكمها البعث لخمس سنوات مضت قبل ذلك،وعندما خاب هذا الظن انتعشت الآمال من جديد بعد سقوط حكم اللواء صلاح جديد في دمشق يوم16تشرين الثاني 1970،انطلاقاً من الإعتقاد بأن انشقاق حزب البعث بين جناحي القيادتين القومية والقطرية في عام1966كان سبباً في ابتعاد دمشق وبغداد مع عودة البعثيين العراقيين الموالين للقيادة القومية للحكم في عام1968،الشيء الذي لم يتحقق حتى مع اشتراك الجيش العراقي في حرب1973ضد اسرائيل في الجبهة السورية،ليتصاعد التوتر الذي وصل منتصف السبعينيات إلى حدود حشد القوات والنزاع على مياه الفرات. أيضاً،لم يتحقق ذلك حتى عبر التقاطع الذي حصل بين العاصمتين إثر توقيع اتفاقيات كامب دافيد(17أيلول1978)وخروج مصر من ساحة الصراع العربي الإسرائيلي لمادخلتا في تقارب كاد يتحول إلى خطوات وحدوية،حيث انهار كل ذلك مع انفراد صدام حسين بالسلطة في بغداد إثر ابعاد الرئيس البكر يوم16تموز1979،ليعود التنافر والصدام ويصلا إلى حدود قصوى مع دعم العراق لتنظيمات المعارضة السورية المسلحة في عامي1979و1980 ثم مع تحالف دمشق وطهران في فترة الحرب العراقية الإيرانية،وصولاً إلى محطة غزو الكويت في 2آب1990لماوقفت دمشق في صف التحالف الدولي ضد صدام حسين. لاتشكل الثنائية المتضادة بين دمشق وبغداد حالة منفردة في السياسة العربية،بل نجدها أيضاً بين الرباط والجزائر منذ حربهما القصيرة في عام1963بسبب نزاع حدودي بعد أشهر من استقلال الجزائر،وهو ماتطور إلى التأزم والتجابه مع بداية الأزمة الصحراوية منذ عام1975،هذه الأزمة التي ربط مؤخراً وزير الخارجية الجزائري بين حلها ومسألة فتح الحدود بين البلدين المغلقة منذ عام1994،فيماهناك ملامح على تشكل حالة شبيهة من قبل صنعاء تجاه الرياض إثر وحدة1990اليمنية،بينما تعطي دولة قطر،منذ منتصف التسعينيات،مؤشرات على أخذها لدور وانتهاجها سياسات،بدعم دولي،هي في مدار آخر بالقياس إلى سياسات المملكة العربية السعودية. يعزوا الكثيرون هذه الثنائيات المتضادة،التي يعاني منها العرب،إلى مؤامرات دولية تم رسمها في دوائر تخطيط السياسات بالعواصم الكبرى،من أجل خلق نزاعات عربية بينية دائمة للحفاظ على حالة التفرقة العربية بمايؤمن مصالح الدول الكبرى،فيمايقول آخرون بأن ذلك يعود إلى تصادم الأدوار(والمصالح) وفقاً لعوامل الجغرافية السياسية:كيف يمكن مقاربة هذا الموضوع؟.....
#محمد_سيد_رصاص (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تمظهرات الصراع السياسي
-
تركيا:تناقض العلمانية والديموقراطية
-
قراءة في (اتفاق الدوحة)
-
هل وصل عصر النفط إلى منعطف حاسم؟
-
تنامي الدور التركي
-
اقتراب شيعة العراق من الإنشقاق
-
تحت الخيمة:الإصلاح المحافظ
-
الإستيقاظ الجديد للنزعة الحربجية العربية
-
تطويع السودان
-
مسار انقسامات (الجامعة العربية)
-
هل فشل المشروع الأميركي في العراق ؟
-
حدود القوة الروسية
-
نموذج (الدولة الفاشلة)
-
كوريدور الماركسية- الليبرالية
-
قابلية عربية للإحتلال أم مجرد تناقص في الممانعة؟.........
-
هل من مستقبل للأحزاب غير الإسلامية في العالم العربي؟.....-
-
اتجاه أميركي جديد إلى تعويم الدور الإقليمي التركي
-
جرأة المتعاونين مع الإحتلال -(بمناسبة دعوى الناشر فخري كريم
...
-
انتقال مركز أزمات المنطقة من شرق المتوسط
-
الصراع الأميركي-الإيراني:إلى أين؟.........-
المزيد.....
-
مصر: لماذا زادت أسعار أسطوانات البوتاجاز والبيض؟.. خبراء يجي
...
-
مصر تنجح في تمرير قرار بوكالة الطاقة الذرية.. فما علاقته بإس
...
-
تصعيد حزب الله وإسرائيل.. نحو حرب كبرى
-
لبنان يمنع نقل أجهزة -بيجر- و-توكي ووكي- على متن الطائرات
-
نزوح أكثر من 400 ألف شخص بسبب الفيضانات في شمال شرق نيجيريا
...
-
دراسة: ثلث الشرطة الألمان سمعوا تصريحات عنصرية من زملائهم خل
...
-
محلل إسرائيلي يحدد 3 خيارات يمتلكها حسن نصر الله للرد على تف
...
-
الولايات المتحدة تهدد إيران بدعوى تدخلها في انتخابات الرئاسة
...
-
مراسلة RT في لبنان: وصول رسائل مشبوهة مجهولة المصدر إلى عدد
...
-
محكوم بـ100 سنة سجنا.. وزير جزائري سابق يطالب فرنسا برفض تسل
...
المزيد.....
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
-
الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ
/ ليندة زهير
-
لا تُعارضْ
/ ياسر يونس
-
التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري
/ عبد السلام أديب
-
فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا
...
/ نجم الدين فارس
-
The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun
/ سامي القسيمي
المزيد.....
|