أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كمال سبتي - هذه القصائد ، من أجلِكَ أيُّها العزيز*..















المزيد.....

هذه القصائد ، من أجلِكَ أيُّها العزيز*..


كمال سبتي

الحوار المتمدن-العدد: 2325 - 2008 / 6 / 27 - 08:40
المحور: الادب والفن
    


في ظهيرة أحد أيام الحربِ مع إيران، كنا أنا وجان دمو جالسيْن في مقهى حسن عجمي ببغداد حين جاء الشاعر نصيف الناصري بدفتر شعر.قال هذه قصائد عن جان،فاقترحتُ عليه قراءتها في المقهى حتى نستمعَ إليها كلنا. بدأ نصيف قراءة شعره عن جان وتجمّعَ الأصدقاءُ من روّاد المقهى ليستمعوا إليه.كنت أمعنُ النظرَ في وجه جان وقد بدأتْ ملامحُه تتغيّر حسب تعاقب حالات الدهشة والفرح والإعجاب بوجود صديقٍ شعريّ ، صديقٍ روحيّ يستطيع أن يقتنصَ حالة من حالات جان الغامضة شعورياً ويكتبَها في قصيدة نثر. تلك اللحظة كانت جلسة شعرية حقاً ، ولا أدري لماذا أحسبُ أنَّ تاريخها أبعد من العام الذي وضعه نصيف أسفلَ قصائده ،ووضعته أنا أسفلَ عنوانه الرئيس ؟
كانت بين القصائد ، قصيدة يقول فيها نصيف : جان دمو لا تذهبْ إلى المغرب/ ستعضّكَ سميرة سعيد ، وجان دمو لا تذهبْ إلى لندن/ ستعضّكَ مارغريت تاتشر. لكنني لم أجد هذه الجمل هنا ، وأحسب أن نصيفاً قد أهملها وهو الذي لا يهمل شيئاً يكتبه في قصيدة. هذه الإشارة تقودني ،أيضاً، إلى أنَّ نصيفاً ربما يكون قد أعاد اشتغاله الشعريّ ببعض قصائد دفتره ذاك لاحقاً.
كتبتُ مرة عن نصيف :
(يستطيع نصيف أن يقول في شعره أيّ شيءٍ ، وتراه موّظَفاً توظيفاً فنياً.
ويكتب نصيف شعره بقلبه - إِيقاع قصيدته هو دقاتُ نبض قلبه - وثمة فكرة في ذهنه : ألاّ يُشبهَ الشعراءَ الذين يسمّيهم الناسُ محافظين .
يسفّه نصيف هؤلاء الناسَ في شعره.
لكنَّ نصيف وهو يكتب بقلبه ، لا يتخلّى عن حساسية شخصية في اِختيار المفردة.. فهو يراقب قاموسه باستمرار.. أو قد يكون قلبه نفسه هو الذي يراقب قاموسه باستمرار.
لقد خلق لنفسه ، بسببٍ من فهمٍ تلقائي للشعر ، وبسببٍ من طبيعة حياته الصعبة على الدوام ، قاموساً شعرياً خاصاً لا يذكّر بالنمط الشائع من قصيدة النثر..ولن يجد القارىء كبيرَ عناءٍ في الإمساك بخصوصيّة نصيف في أية قصيدة كتبها.
مفردات نصيف الناصري ، هي قلبه وهي أمه التي لم يرَها منذ زمانٍ ، وهي المرأة التي أحبها بقوة ، لكنها لا تحبه ، خوفاً من حياته الصعبة.
وهي بضعة أصدقاء يحبهم بقوة أيضاً.
وهي قراءاته.. ونصيف كان قارئاً للسريالية ، وللحداثة ، و للتصوف ، ولمنتخبات أخرى من التراث ، وقد لا يمرّ الآن يومٌ بدون أن يقرأ شيئاً من أبي نؤاس.) **
ونصيف الناصري ..من مواليد إحدى قرى قضاء الرفاعي (مدينة الناصرية) عامَ 1960 ، جاءت أمّه حاملاً به من الأحياء الفقيرة في مدينة الثورة ببغداد إلى تلك القرية في قضاء الرفاعي لتُنجِبَه عند أمها القابلة المأذونة للقرية و لتغادر به مسقطَ رأسِهِ ،بعد شهر من ولادته،إلى بغداد ثانيةً.
دخل مدرسةً لمحو الأمية، في مدينة الثورة ، عندما كان عمره خمسةَ عَشَرَ عاماً ، أنهى كورساً واحداً وأصبحَ شاعراً.
وينتمي نصيف الناصري إلى (خبطة) الجماعات السريالية والمسيحية والتركمانية وشعراء قصيدة النثر الستينية ، في الشعر العراقي ، التي لم تُنجِبْ ،على الرغم من كل صَخَبِها ، أبناءَ بررةً لها ، عديدينَ ، ويُحْسَبونَ في الشعراءِ حقاً . وقد كنا شارفنا على القول بنهاية امتدادها الفني والتاريخي في الأجيال فظهر نصيفُ الناصري،وشاء القدر الشعريّ أن يكونَ خريجُ مدرسةِ محو الأميّةِ هذا أشعرَ من غالبيةِ آبائِهِ أولئكَ وأخلصَهم كلهم لدمهم الأول..
حين مات جان في مايس عام 2003 بإستراليا، انتظَرَ الأصدقاءُ مني أن أقول شيئاً ، ولم أقله.وكنت كلما أقرأ شيئاً لأديب عراقي محبّ لجان العذراء( لم يمارس الجنسَ مع أحدٍ ، قطّ ، في حياته كلها) أتشجّع على كتابة حياتي المشتركة معه، منذ تعرفتُ إليه في مقهى البرلمان عام 1975 ببغداد ، وبعد أن ترك الشقة المحاذية للمقهى ، التي كان يسكنها مع الصديق طالب حسن (المقيم الآن في ألمانيا)، فالتَجَأ بعد سكن هنا وسكن هناك ، إلى قسمي الداخلي شتاءً وإلى غرفة نبيتُ فيها معاً بفندق صيفاً.
لكنّ شجاعتي في الكتابة عنه تُشبِه شِهاباً يخطفُ أمامَ عينيَّ خطفاً.
قال لي نصيف إنَّ جان بكى عندما عرف بأمر هربي من العراق في أواخر الثمانينيات فدمعتْ عيناي، فأقرأ هذه القصائدَ الآن فتدمع عينايَ وأشارك نصيفاً ولاءَه.
* * *
ملوكُ جان دمّو



لأنَّ عهودَهم انقضَتْ
وسطواتِهم لم تعدْ تخيف
لأنَّ أمجادَهم أصبحتْ شواهدَ قبورٍ وعروشَهم تحطَّمتْ
لأن صولجاناتِهم أصبحتْ فزاعات
اشترى جان دمو ثلاثةَ ملوكٍ من سوقِ الخردة
صاحبُ الجلالةِ الأولُ من العهودِ السومريةِ ، شبهُ إله
وصاحبُ الجلالة الثاني ، رومانيّ ، دكتاتورٌ متسلط
والثالث ، جلالتُه هنديٌّ أحمرُ من الأزتيك ، يضعُ فوق رأسِهِ
ريشَ نسور ،
والآن _ جان دمو مبتهجٌ بملوكِهِ الثلاثةِ ، يربطُهم فيتشقلبون
يضربُ بالطبلِ فيرقصون
يحاولُ سرقةَ جارِهِ متنكراً فيعوون
وحين يطلبُ منهم النزولَ إلى النهرِ لاصطيادِ السمكِ يهرولونَ عراة
لكنهم يخفقونَ فيصطادونَ إطاراتٍ معطوبة ،
ملوكُ جان عهودُهم انقضتْ
وآلهتُهم اندثرتْ
وشعوبُهم أبيدتْ
وأمجادُهم انتهت
وسطواتُهم لم تعدْ تخيف .
"نصيف الناصري" من قصائد( ولاء إلى جان دمو)



* تقديم كتبته خصيصاً لقصائد نصيف الناصري (ولاء إلى جان دمو 1987)..
** من تقديم كتبته ذات مرة عنه في زاوية مرة كل أربعاء في موقع كمال سبتي :


*نصيف الناصري ..من مواليد 1960..
*دخل مدرسة لمحو الأمية، في مدينة الثورة ، عندما كان عمره خمسةَ عَشَرَ عاما ، أنهى كورساً واحداً وأصبح شاعراً..
*بدأ كتابة الشعر سوريالياً وفكاهياً ، لكنه تحوّلَ في ما بعد إلى الجادة العظمى : التراجيديا..
*يذكّرُني شعرُهُ أحياناً بالحوارفي المسرح الإغريقيّ..
*يستطيع نصيف أن يقول في شعرِهِ أيّ شيء ، وتراه موَّظَفاً توظيفاً فنيّاً..
وهو يكتب شعره بقلبه - إِيقاع قصيدته هو دقات نبض قلبه - وثمة فكرة في ذهنه : ألاّ يُشبهَ الشعراءَ الذين يسمّيهم الناسُ محافظين ..
يسفّهُ نصيف هؤلاء الناس في شعره…
لكنَّ نصيف وهو يكتب بقلبه ، لا يتخلّى عن حساسية شخصية في اختيار المفردة.. فهو يراقب قاموسه باستمرار.. أو قد يكون قلبه نفسه هو الذي يراقب قاموسه باستمرار..
لقد خلق لنفسه ، بسببٍ من فهم تلقائيّ للشعر ، وبسببٍ من طبيعة حياته الصعبة على الدوام ، قاموساً شعريّاً خاصاً لا يذكّر بالنمط الشائع من قصيدة النثر..ولن يجد القارىء كبيرَ عناء في الإمساك بخصوصيّة نصيف في أية قصيدة كتبها..
مفردات نصيف الناصريّ ، هي قلبُهُ وهي أمُّهُ التي لم يرَها منذ زمانٍ ، وهي المرأة التي يحبّها بقوّة ، لكنّها لا تحبّه ، خوفاً من حياته الصعبة..
وهي بضعة أصدقاء يحبّهم بقوة أيضاً..
وهي قراءاته.. ونصيف كان قارئاً للسريالية ، وللحداثة ، و للتصوف ، ولمنتخبات أخرى من التراث.. إلخ
وقد لا يمرّ الآن يومٌ بدون أن يقرأ شيئاً من أبي نؤاس..
*زرته قبل عامين ، في مدينة مالمو السويدية..
وردّ الزيارة ، فجاءني إِلى هولندا مع هدية : كلّ أغاني أمّ كلثوم.. لأنه يعرف أنني أحبّ أن أسمعَها في الغناء أكثرَ من غيرها..
*قضى نصيف وقتاً من خدمته الإلزاميّة ، منذ ما قبل الحرب مع إيران ، غسّالَ سيّاراتٍ في المكتب العسكريّ ببغداد.. قبل أن ينقلوه إِلى الجبهة..
أمّا كيف وصلَ إِلى هذا المكان المخيف ..؟
فقد صفوهم في الجيش ذات مرة ، وسألوهم عن الأمّيّ فيهم فخرج نصيف مع غيره من الأميّين، فنقلوهم الى المكتب العسكريّ .!

كمال سبتي



#كمال_سبتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصيدة المَغيب
- الماء
- بِلادي ..
- السياب ، صِلة قُربى..
- العربات
- في الأصلِ الشّعريّ...
- لم أهدأْ فعرَّفني الجبلُ تائباً..
- قصيدة اِبْنُ رُشْد ..
- -تخطيط أوليّ- لفصلٍ مّا من المذكرات
- قَواربُ المليكة
- مقالان في مهاجمة الحداثة
- كلمات في المهب
- كلمات في المهب / الكتابة الجديدة / 2
- كلمات في المهب : في الكتابة الجديدة
- الطريق إلى الحرب.. والإعلام العربيّ
- الاختلاف الحر
- لم أهدأْ فعرَّفني الجبلُ تائباً
- مصائرُ السّرد
- خَريفُ الغِياب
- تلك السَّعادةُ غائبة


المزيد.....




- فنانون يتدربون لحفل إيقاد شعلة أولمبياد باريس 2024
- الحبس 18 شهرا للمشرفة على الأسلحة في فيلم أليك بالدوين -راست ...
- من هي إيتيل عدنان التي يحتفل بها محرك البحث غوغل؟
- شاهد: فنانون أميركيون يرسمون لوحة في بوتشا الأوكرانية تخليدً ...
- حضور فلسطيني وسوداني في مهرجان أسوان لسينما المرأة
- مهرجان كان: اختيار الفيلم المصري -رفعت عيني للسماء- ضمن مساب ...
- -الوعد الصادق:-بين -المسرحية- والفيلم الأميركي الرديء
- لماذا يحب كثير من الألمان ثقافة الجسد الحر؟
- بينهم فنانة وابنة مليونير شهير.. تعرف على ضحايا هجوم سيدني ا ...
- تركيز أقل على أوروبا وانفتاح على أفريقيا.. رهان متحف -متروبو ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كمال سبتي - هذه القصائد ، من أجلِكَ أيُّها العزيز*..