|
خَريفُ الغِياب
كمال سبتي
الحوار المتمدن-العدد: 1826 - 2007 / 2 / 14 - 12:40
المحور:
الادب والفن
هذا خريفُكَ ، ذِكْرَياتُ البَيْتِ مَدْخَنَةٌ ، وَاُمّكَ في الجِوارِ ، بُحَيْرَةٌ..راعٍ يُشاكِسُ عارِياتٍ ، لَمْ تَقُلْ شَيْئاً لِنَفْسِكَ ، رَأَيْتَ حُبَّكَ موحِياً بِالمَوْتِ ،تَعْبُرُ جِسْرَ هذا الدَّمْعِ ،..ثُمَّ تَضيعُ : سِرٌّ..مايُغَرِّبُهُ الكَلامُ ، الوَقْتُ : آخِرَةُ المَدينَةِ ، سَوْفَ نَبْدَأُ بِالنُّزولِ ، وإِّْذْ يَنامُ اللّيْلُ أَسْمَعُ نايَها..
هَلْ كُنْتَ تُدْرِكُها؟
الخَريفُ،
نَهارُ هذا العامِ..
أُنْثى اللّيْلِ تُجْهِضُ ،
ظِلُّكَ الذَّهَبِيُّ أَدْمَتْهُ القِطاراتُ ،
اِنْتَهى.
قَمَرانِ مَنْفِيّانِ ، لَمْ يَجْهَرْ رَمادي بِالنَّشيدِ ،
هُما البِدايَةُ ، في السَّريرِ أَضعْتُ كَنْزَهُما ، لِيَ الخَدَرُ الأَخيرُ مِنِ الجُنونِ ،أَضعْتُ مَوتي في الطَّريقِ إِلَيَّ ، لا أَحَدٌ تَمَلَّكَهُ الخَريفُ سوايَ ، جَنّاتي سَتائِرُ ،أُفْقُها حَجَرٌ و َمَمْلَكَتي يَدايَ، أُؤَرِّخُ الأَرَضينَ بِالسِّريِّ مِنْ لَغَطي ، وَأُخْرِجُ ماردي المَذْعورَ مِنْ جَيْبي : قَصائِدُ مِنْ صَدى المَعْنى.. وَمَنْفِيّانِ : وَحْدَهُما صَقيعي في اللَّهيبِ، اِذا تَكاثَرَ في الشَّوارِعِ إِِرْثُ مَوْتى ، لَيْسَ لي ما لا يُطاقُ .. وَلَيْسَ لي ما رَقَّ ، أَصْحَبُ زِنْجَ أَفْريقِيا لأَعْبُرَ جِسْرَ مِيرابو ، فَتَشْملُني الطُّبولُ بِجوعِها ، إِذّاكَ أَضْحَكُ ، أَوْ أُنيمُ اللَّيْلَ عِنْدَ المَرْأَةِ الشَّقْراءِ ، أورُبّا : سُؤالٌ تائِهٌ وَجَوابُهُ قَبْرٌ ، دَمٌ مُرٌّ يُلَوِّثُ إِرْثَنا الرَّمْلِيَّ بِالشُّعَراءِ ، يَلْبَثُ سَيِّداً ، يَخْتارُ ما يَخْتارُ مِنْ كَلِماتِنا ، حَتّى اذا اِنْتَفَضَتْ قَصيدَتُنا الجَديدَةُ ، قالَ ذي روحي تَخَطَّتْ قَيْدَها.
كَلِماتِنا .. هَلْ لاجَديدَ لَدَيْكِ ؟ أورُبّا ..كِتابٌ غابِرٌ ، أَلْغازُهُ سِرُّ المَغولِيِّ القَديمُ ، ونارُهُ نَحْنُ:التُّرابَ وَقَدْ تَفَتَّتَ عَنْ حِكاياتٍ وأَقْبِيَةٍ وَسُمّارٍ يَجولونَ الزَّمانَ صَدىً ، بِما وَهَبَتْ قَريحَتُنا المُدَوِّيَةُ. انْتَظَرْتُكَ قُرْبَ هذا النّهْرِ، قَبْلَ مَدينَتَيْنِ .. وما أَتَيْتَ ؟
أَكُنْتَ تَدْري بالقَطيعَةِ بَيْنَ آوِنَةٍ وَأُخْرى ؟ ضِعْتُ بَيْنَهُما أَدورُ وَصَرْخَتي في التَّيْهِ حَوْلَ المَعْبَدِ الوَثَنِيِّ ، لَمْ أَسْأَلْ عَنِ الهِنْدِيّةِ ابْتَكَرَتْ لَها " بوذا " يُغَنّي في ملاهي اللّيْلِ ..لَمْ أَسْأَلْ سُِوى عَنّي.. فَقُلْتُ لَهُمْ : أَلَيْسَ هُناكَ مَنْ يُصْغي إِلَيَّ ؟ فَقالَ حارِسُهُم : أَيَنْفُخُ سَيِّدي في الطِّينِ ؟ كانَتْ هَيْأَةُ الطَّيْرِ اِعْتَلَتْ بَوّابَةً ، حُرّاسُها يَبْكونَ ، وَالخَرَزُ المُلَوَّنُ شَعَّ، حَدَّقَ بي ، سَأُقْتَلُ قُلْتُ اِنْ لَمْ أَدْنُ مِنْهُمْ ، فَاعْتَراني خَوْفَهُمْ ..
وَأَخَذْتُ أَبْكي ، في البُكاءِ رَأَيْتُ أُمّي وَالخَريفَ ، وَقُبْلَةً مَهْجورَةً ، فَصَرَخْتُ : أَيْنَ أَنا ؟ فَقيلَ : لَقَدْ تَعَمَّدْتَ :
انْتَظَرْتُكَ ،
هذِهِ الكَلِماتُ تَسْطَعُ في السَّرابِ ، أَكُنْتَ تَدْري بِالتَّواريخِ الخَفِيَّةِ ؟ غابَةٌ في الأُفْقِ تَسْأَلُ عَنْ ضَفافٍ غادَرَتْها ، لاضّفافَ لَدَيَّ ، قَرَّبَنا الفُراغُ الَيْهِ، ساءَلَنا عَنِ الحَيِّ الَّذي يَكْتَظُّ بالمَوْتى ، فُراغٌ ،
تِلْكَ نافِذَةٌ ،
وَتِلْكَ فَتاتُها..
انْتَهَتِ التَّواريخُ الخَفِيَّةُ في الشَّوارعِ ،
وَانْتَهى قَمَرانِ ..
قَرَّبَنا الفُراغُ إِلَيْهِ ،
فَلْنَسْمَعْ مَعاً صَرَخاتِهِ، فَهُنا انْتَهَتْ آشورُ بالعَرَباتِ ، بابِلُ أَدْرَكَتْ أَبْوابَها، أوروكُ تَبْحَثُ عَنْ نَباتِ الخُلْدِ . يالِقَصائِدِ المُدُنِ القَديمَةِ ، كَيْفِ تُتْلَفُ في المَتاحِفِ ؟ لا ضَفافَ لَدَيَّ ، أَقْرُنُ ميتَتي بالرّاحِلينَ ، وَبَيْتُنا رَكْضٌ سَريعٌ ، ما السُّؤالُ الآنَ ؟ أَيْنَ تَرَكْتَني ؟
في اللَّيْلِ تَخْرُجُ فِتْنَةُ المُدُنِ ،
ارْتَمَيْتُ عَلى الجِدارِ ، لِيَرْتَمي وَشْمٌ جَنوبِيٌّ عَلَيَّ ، أَكُلُّ هذا لي ؟
كَوابيسي ، المُؤَجَّلَةُ ، الخَبيئَةُ في الفُراغِ ، بَنَتْ لَها قُرْبي أَنا المَلِكَ المُشَرَّدَ ، قَلْعَةً، حَمْراءَ ، اَمْ سَوْداءَ ، لا أَدْري ، هُنا أَبْناؤها المَوْتى تَسَمَّرَ حَوْلَهُمْ شَجَرٌ تُرابِيٌّ سَيَثْمرُ حَشْرَجاتٍ ، قالَتْ الأَفْعى: حَياتي، فَاسْتَدِرْتُ إلى الجِدارِ، اَكُلُّ هذا لي ؟.. هُوَ المَنْفى ، وَغَنّى لي غِناءً بَرْبَريّاً. ياطُبولَ الجِسْرِكَيْفَ رَجَعْتِ مِئْذَنَةً إِلَيَّ؟ وَبَيْتُنا رَكْضٌ سَريعٌ ، نَغْمَةٌ سادَتْ فَلَمْ نَسْمَعْ بِها ، تَلْويحَةُ العِمْيانِ .. هذا البَيْتُ ، مُنْذُ تَكَوَّمَتْ أَسْمالُهُ ، وَعَلاهُ هذا الطّينُ ، أَدْرَكَ انَّهُ المَأْهولُ مِنْ جِنٍّ وَسِيّاحٍ وَمَوْتى ، ما لَدَيْكَ ؟ هُنا دُمىً مَحْروقَةٌ ،في الصَّيْفِ عَلَّقَها العَجوزُ عَلى الجِدارِ ، وَأَشْعَلَ الأَعْشابَ ، قالَ مِنَ الدُّخانِ تَجيءُ ، هذا وَجْهُكَ المَحْروقُ ، تِلْكَ بَقِيَّةُ الأَسْمالِ ، فَاكْشِفْ عَنْ مَصيرِكَ ، قالَ سَوْفَ تَجيءُ ، ياابْنَ النّارِ، شِئْتَ ، أَبَيْتَ ، أَن هذي الدُّمى نَطَقَتْ ،أَنِ احْتَرَقَتْ أمامَ رَحيلِكَ الشَّمْسِيِّ وَالقَمَرِيِّ،سَوْفَ تَجيءُ ، فَاهْبِطْ ،لا تَخَفْ ، تِلْكَ العَجائِزُ يَبْتَكِرْنَ أُمومَةَ الأَثْداءِ غَرْبَ العُمْرِ فَاقْرَأْ بِاسْمِهنَّ دُعاءَ مَن تاهَتْ بَصيرَتُهُ ، وَضَلَّ ، وَلا تَخَفْ ، سَيَكونُ ظِلُّكَ بَيْتَهُنَّ، وَوَقْتُهُنَّ غِيابَكَ ، اهْبِطْ ، لا تَخَفْ..
1986- الناصرية
#كمال_سبتي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تلك السَّعادةُ غائبة
-
في الليل .. قصيدة بدر شاكر السياب والاستثناء الشعري
-
بمناسبة ذكرى رحيل السياب ..تشظّي الصّوتِ الشّعريِّ الأوّل
-
الآخَرُ ، العدوّ، عند إدوارد سعيد والشعراء العرب
-
الشاعر والتاريخ والعزلة
-
قصيدة البلاد
-
مكيدة المصائر
-
بريد عاجل للموتى
-
وسوى الرومِ خلفَ ظهرِكَ رومٌ : نشيد انتصار
-
الشاعر واصدقاؤه
-
أنعتبُ على أدوارد سعيد وهو غائب عنا ..؟
-
الأَقْبِيَة
-
حين يبيع الغشيم شعرنا رخيصاً
-
الخطوةُ الأولى في الحداثة الشعرية العراقيّة
-
الصّوتُ الشّعريّ
-
الخوف على الشعر
-
التاسع من نيسان واللاءات الأربع
-
آخِرُ المدنِ المقدَّسة..براثا: لم اغتسل في السوق القديمة
-
كمال سبتي: هربنا من دكتاتور قاس لكن الحرب والاحتلال أفسدا أم
...
-
دموعٌ من أجلِ أطوار وبنفسجِها الغاوي
المزيد.....
-
اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
-
نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم
...
-
هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية
...
-
بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن
...
-
العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
-
-من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
-
فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
-
باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح
...
-
مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل
...
-
لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش
...
المزيد.....
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
المزيد.....
|