|
هل حقا استقر الوضع في العراق ؟
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 2324 - 2008 / 6 / 26 - 11:48
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
تغيرت الاوضاع و تعددت المواقف من الجهات المختلفة التي تدير امور البلاد ، و تبينت بالتلميح تارة و بالتصريح اخرى ، بعد العمليات العسكرية التي نفذت في البصرة تغيًر كثير من المواقف و تحسن وضع الحكومة و ازدادت الثقة بها شيئا ما من قبل من نعتها بالطائفية و المذهبية و الحزبية، و لمح الجهات امكانية العمل مع المالكي في ادارة البلاد اصبح معقولا و فتح رئيس الوزراء العراقي طريق المصافحات بين الاخوة من جديد، و بالفعل بدات التحركات و الاجتماعات لعودة الجهات المنسحبة من الحكومة وفق متغيرات الساحة و تغيرت تركيبة التحالفات عدا التحالف الكوردستاني و هذا ليس لاتحادهم و قوة رص صفوفهم و انما خوفا من انتهاكات القوى العراقية و الحكومة المركزية لحقوقهم كما يدعون ، وعدم تطبيق الديموقراطية الضامنة لحقوق اقليم كوردستان العراق و عدم اقرار القوانين المهمة و الحساسة التي تتطلب وحدتهم و وضع خلافاتهم جانبا و تجميد صراعاتهم لمدة معينة، و الا انهم ليسو موحدين كما يدعون و كما يثبته تاريخ محاككاتهم و علاقاتهم و خاصة بين الحزبين الرئيسين، وهم على دراية كافية بان ملف كركوك الهام لم يصل الى حالة الغلق بعد و التدخلات الاقليمية و العالمية لم تنتهي بشان قضية كركوك بعد، و اذا تفكك التحالف الكوردستاني في صراعهم امام المركز ستنعتق كافة القضايا كعقد سبحة و هذا تدمير لمصير و لا يتحمله الشعب الكوردستاني و كما هو الحال ان الدول التي تتوزع الكورد عليهم في تربص مستمرالى اليوم لواد حبل امالهم. الفدرالية التي اقرها الدستور لم تستقر تفاصيل تطبيقها بعد و التوجهات و الاراء حولها متعددة ، قانون النفط و الغاز لازال يتراوح مكانه، قوانين اخرى ثانوية منها ما تمس القضاء و العدل و علاقة الاقاليم بالمركز لم يتم البت فيها لحد اليوم، المناطق المتنازع عليها عدا كركوك كقضية كبرى لم يتم التوصل الى الحل بشانها بعد ايضا و حتى الامم المتحدة تدخلت في هذه الشؤون، قانون الانتخابات و ما يتعلق بالمناطق و المحافظات و الاقاليم و كيفية تنفيذ العملية الانتخابية لم يتوصلو الى حل بعد بشانها بحيث يرضى الجميع، تدخلات دول الجوار في شؤون البلاد و مواقف مكونات الشعب و الجهات الحزبية لازال محل خلاف، العلاقات الدبلوماسية و الديون العراقية لم يتم التوصل الى صيغة عليها، الارهاب و العمليات العسكرية لاتزال مستمرة، البطالة و الفقر المدقع المستشري مازال من اهم نقاط ضعف المجتمع و الحكومة العراقية، الصراع الدولي على ارض العراق و ارتباط جميع قضايا المنطقة و تشابكها مع وضع العراق و مصير العملية السياسية العراقية من سلبيات و العوائق امام العمل السياسي العراقي، الضغوطات الدولية في عملية الخصخصة و الاقتصاد الهزيل رغم ارتفاع اسعار النفط، و اولى الافات هو الفساد المستشري في كل اركان الدولة، وغير ذلك من المعوقات التي تجعل الفرد متشائما من مسقبل العملية السياسية و ما يؤول اليه الوضع. و لكن لو قارنا الوضع الحالي و ما كان عليه العراق من فوضى بعد سقوط الدكتاتور نتوقف لبرهة و نعود الى التفاؤل الحذر، حيث تغير الوضع الامني نحو الاحسن بكثير، الفوضى تقلصت من نواحي عدة و عاد القانون الى بعض مسار الحياة، ازداد ثقل العراق و مكانته في ميزان القوى للمحافل الدولية ، تفهم العديد من العراقيين الوضع و تعلم العديد منهم مباديء ارساء الديموقراطية و الحرية و خاصة الجيل الجديد الذي عاش تحت نير ظلم الدكتاتور منذ ان فتح عينيه و لم يتلمس حتى جزء بسيط من هذه المفاهيم، الاعلام تغير و اتجه نحو الاستقرار و بدا ما يمكن ان يعتمد عليه في تطبيق حرية الاعلام كسلطة رابعة بعيدا عن الفوضى الاعلامي و حتى الاعلاميين و المثقفين النخبة عادو الى اصدار نتاجاتهم و نشر ابداعاتهم و لو بشكل قليل بعد، و لحد اليوم الخلفيات التاريخية التي تلتصق بهم هي التي تحدد مسار الاعلام و ليس حرية الاعلام بذاتها، تقليص العمليات الارهابية و تنفس الشعب الصعداء نسبيا، و نجاح نسبي ايضا لعميات فرض القانون، الاجتماعات و الجلسات الهامة لاصدار القوانين و من ضمنها جلسات حكومة اقليم كوردستان مع حكومة المركز بداية جديدة لتعليم الناس ان الخلافات يمكن حلها عن طريق الحوار و خاصة لم يكن خلافات اكبر مكونين اللعراق العربي و الكردي قد توصل الى الحل عسكريا كما يشهد التاريخ و عملية التفاوض، و الاجتماعات تعتبر واجهة جديدة للعراق الجديد و هي تُدعي التفاؤل الى التوصل الى الحلول الجذرية و خاصة القضايا التي استمرت الخلاف حولها لعقود و اودى بحياة العديد من العراقيين، و هذا يتطلب عدم تصرف طرف هنا و هناك على تاريخه و خلفيته السياسية الفكرية و الحزبية التي هي دائما السبب الرئيسي للخلافات، والتزام الجميع باعادة الحقوق الى اصحابها، و غير ذلك من الانجازات الهامة من حيث الخدمة العامة ولو بنسة غير مقبولة و تتطلب الاستمرار و التطور في تقديمها و في ظل الوضع الامني المستحسن نسبيا حاليا ، و هذه الانجازات تجعل المحلل ان يتفائل في التقدم للعملية السياسية و ما يؤول اليه الوضع. بين هذين الشعورين التفاؤل و التشاؤم ،اي ما يعيق العملية السياسية و ما يدعمها ويجعل المحلل و المفسر السياسي يتشائم من جهة و يتفائل في اخرى لمستقبل العملية السياسية، اي لو نظرنا بمنظار المتفائل الى النصف المليء من الكاس نحتاج الى عمل و اتحاد الجميع للتطور و تقدم الوضع و لو نظرنا بمنظار المتشائم الى النصف الفارغ من الكاس نحتاج الى ارادة قوية متينة من الجميع و في مقدمتهم النخبة التي يحتاج اليها الشعب في المهامات الصعبة ، سيؤل الوضع الى التحسن طبعا و اهم شيء في هذا المضمار هو الاستمرارية و عدم التوقف في الجهد و العمل و يعلم الجميع ان نسبة التفاؤل و التشاؤم لا تكون متساوية ابدا و يجب ان نثقل كفة التفاؤل مع الزمن و العمل ، و يجب ان يسيطر احداها على الاخرى، و المهم ان يكون الغد غير اليوم كما هو الحال خلال الاشهر القليلة الماضية، و يجب ان تفكر الدولة و الحكومة بالذات في الاولويات و الكل على العلم ان اول الاولويات بعد الامن و الاستقرار هو تقديم الخدمات الاساسية الضرورية و محاربة البطالة و العمل من اجل العدالة الاجتماعية بعيدا عن الضغوطات المتتالية من المؤسسات الراسمالية العالمية التي لا تهمها سوى تطبيق نظامها و مبادئها و اهدافها ، العراق اليوم بكافة فئاته و مكوناته معروف في اخلاقياته بالعمل من اجل خير و مصلحة اخيه العراقي الاخر والتساوي المتقارب في الوضع المعيشي لابناء شعب العراق تقريبا هو الصفة المغروزة في الاحاسيس و الشعور الباطن، لا نعتمد على الشواذ هنا، اي ان اهم اولويات و الاهداف العامة و المفيدة للاكثرية و هي الطبقة المعدومة هو تحقيق ما يفيدها ، بعيدا عن الضغوطات الدولية الراسمالية التي لا يهمها اوضاع الطبقات، و كما نعلم وضع العراق هش لحد اليوم و لم يستقر تماما بعد و اي خلل يعيد الحالة الى نقطة البداية و هو لم ولن يتمناه اي كان مهما حدث.
#عماد_علي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الاهتمام بمجاهدي خلق من تناقضات السياسة الامريكية
-
المسؤولية الاخلاقية للسياسي المبدئي
-
لماذا سيطرت الاصولية بعد سقوط الدكتاتور في العراق؟
-
هل يولٍد الفقر الغضب ضد الراسمالية لينتج عصر المساواة؟
-
هل تحديد نسبة النساء في الانتخابات(الكوتا) من مصلحتهن؟
-
الدبلوماسية العراقية و كيفية انقاذها في نهاية المطاف
-
كيف يُمحى الارهاب في العراق؟
-
ملامح السياسة الامريكية المستقبلية في العراق
-
آليات ترسيخ المجتمع المدني في العراق
-
الامن الوطني و حق العراق في مياه الدجلة والفرات ام النفط مقا
...
-
الجبهة الوطنية ام التعاون السياسي
-
هل يجني المالكي من الجولات المكوكية شيئا؟
-
اين مفهوم اليسار في العمل السياسي العراقي؟
-
من باستطاعته تغيير العقليات السائدة في المنطقة؟
-
هل يُرضي ديمستورا جميع الجهات لتطبيق مقترحاته؟
-
اي نظام سياسي نريد ؟
-
اقليم كوردستان العراق بحاجة الى المثقفين اكثر من السياسيين
-
السلطة و الاعلام والالتزام بالثوابت
-
الضغوطات منعت نيجيرفان البارزاني من المضي في بعض العقود النف
...
-
الاتفاقية العراقية الامريكية وتدخلات دول الجوار
المزيد.....
-
عاشوا في بيوت برجية.. مدينة -إيمت- تكشف عن حياة المصريين قبل
...
-
ليست بدون جدوى.. كيف تشكل إطلالات المشاهير -قوة ناعمة- في صا
...
-
قامت هذه البلدة الأمريكية ببناء -مكتبة للكلاب-.. ماذا يوجد د
...
-
وزير خارجية إيران مهددا أمريكا بعد ضرباتها على مواقع نووية:
...
-
كيف تلقى الإسرائيليون خبرالقصف الأمريكي على المواقع النووية
...
-
ما هي هوامش الرد الإيراني على الهجوم الأمريكي على المواقع ال
...
-
ما حجم الضرر الذي يمكن أن تكون قد أحدثته الهجمات الأمريكية ع
...
-
إيران تتعهد بالرد.. ما هي المصالح الأمريكية التي يُمكن استهد
...
-
تسريبات نووية هزّت العالم: من تشيرنوبل إلى فوكوشيما
-
من هو رضا شاه بهلوي ولي عهد إيران السابق؟
المزيد.....
-
كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف
/ اكرم طربوش
-
كذبة الناسخ والمنسوخ
/ اكرم طربوش
-
الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر
...
/ عبدو اللهبي
-
في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك
/ عبد الرحمان النوضة
-
الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول
/ رسلان جادالله عامر
-
أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب
...
/ بشير الحامدي
-
الحرب الأهليةحرب على الدولة
/ محمد علي مقلد
-
خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية
/ احمد صالح سلوم
-
دونالد ترامب - النص الكامل
/ جيلاني الهمامي
-
حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4
/ عبد الرحمان النوضة
المزيد.....
|