|
طقوس دنيوية
جمال المظفر
الحوار المتمدن-العدد: 2316 - 2008 / 6 / 18 - 04:52
المحور:
كتابات ساخرة
لكل فرد في المجتمع طقوسه الخاصة في التعامل مع المناسبات والاشياء ، وهو من يحدد شكل احتفاله الديني او الدنيوي ، سرا وعلانية .... وكبقية افراد المجتمع لي طقوسي الخاصة في التعامل مع المناسبات ، احتفل كل عام في الثامن من حزيران بالذكرى السنوية لاعتقالي في زمن النظام السابق ، وقد يستغرب البعض من هذا الطقس الخاص ، فكل العالم يحتفل بعيد ميلاده او ذكرى زواجه ، الا انا أحتفل بهزائمي وانكساراتي ... فمن وجهة نظري لا ارى في الامر غرابة ، لاننا في بلدان العالم الثالث ، وفي العراق خاصة ، نحتفل دائما بخساراتنا وخيباتنا ، بانكساراتنا وهزائمنا ... ليس لنا في ظل الانظمة الشمولية الا النظر الى الوراء ، نتعكز على تاريخنا بهزائمه وخراباته وعذاباته وانهياراته ، ونسمي الاشياء عكس مسمياتها ، نحول الهزائم الى انتصارات ، والخسارات الى مكاسب ستراتيجية حتى لو كانت خسارات قاسية ، المهم ان نتعلم من الدرس ، وجماجم الضحايا هي مادة هذا الدرس الستراتيجي الذي يفيدنا على المدى البعيد ... في الثامن من حزيران ، هذا اليوم الذي يقع ضمن الرقعة الجغرافية والتاريخية لنكسة حزيران ، اعيد قراءة الماضي القريب ، اللجان التحقيقية التي تشكل بأمر فردي واستهتار ذوي السلطة بكل الاعراف والمفاهيم الانسانية ، وذكريات الزنزانة رقم واحد والنوم على الارض ، والحصى الذي يطبع اثاره على ظهورنا ، وصفيحة السمن المتأكسدة التي نشرب منها الماء الساخن في ذلك الصيف اللاهب ورعب حرس المعتقل وصور التعذيب والجوع الذي يلازمنا ليل نهار ، والسيافة الذين يحملون سيوفهم لقطع الاذان والايادي والالسن ، والفلقة ، والخيزرانات التي تتعدد اسماؤها لدى القادة ( الرؤوفة ، الرحيمة ، العطوفة ، الودودة ، اللطيفة ، الرشيقة ) واسماء اخرى افقدني الدهر اسماؤها الاخرى ، من يسمع بتلك الاسماء يظن ان تلك الخيزرانات رؤوفة رحيمة مئة بالمئة ، والغريب في الامر ان المسؤولين عن التعذيب يخيرونك في نوع الخيزران التي تود ان ( تدغدغ ) أو تلامس ظهرك ، واول مايبدر الى ذهن المنتهكة انسانيته الطف الاسماء ، رغم ان كل تلك الاسماء تدل على الرأفة والرحمة ، وبالتالي يكتشف من يختار تلك الاصناف ان ارشق وارحم واحدة فيهن هي الاقسى والاكثر ايجاعا وتترك بصماتها على الظهربحيث لاتمحيها السنون الارضية او الضوئية ، حتى لو محيت اثارها الظاهرة ، الا ان وقعها النفسي يبقى يحز في داخل الفرد ... وللرقم ثمانية وقع خاص في نفسي ، تماما كالرقم (13 ) الذي يتشاءم منه الكثيرون ، فرقم ثمانية هو يوم اعتقالي السياسي والذي لم أكن قبله كمعارض بالمعنى المتعارف عليه ، وانما لاني كنت اكتب بقوة وهذه الكتابة اعتبرت معارضة من قبل الساسة الذين يستمعون بآذان صاغية الى الوشاية من كلابهم ( زملاء ) المهنة الذين كانوا يتسابقون في تنبيه المسؤولين ( الاميين ) الى لغة التشفير والتلغيز التي نعتمدها في كتاباتنا ، وبأننا نتصيد في الماء العكر ونحاول ان نستغل مهنتنا في استغفال السلطة ... الرقم ثمانية يرمز الى النكسة والهزيمة لان هيئته عكس هيئة الرقم (7 ) التي تشبه علامة النصر ، فرقمنا هذا أي ( 8 ) نصر بالمقلوب ، ركض عكس التيار والتطور والتقدم ، رجوع أو هرولة نحو أمجاد التاريخ والتعكز على انجازاته ، التغزل بالسيوف واغاني الفتوحات و( طقطوقات ) المعركة ، إحياء الجهاد حتى ولو كان على اخيك او اقرب الناس اليك ....
#جمال_المظفر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أمدية الوصاية الامريكية
-
حقائق مؤلمة
-
انهيار النظام البيئي في العراق
-
المسؤولون والارهاب
-
مبادرة متأخرة ولكن ..!!
-
المخرج التلفزيوني احمد سعيد :رحلتي بين احتجاج البالون وذاكرة
...
-
الحديد والنار
-
اين الوعود ياوزارة التجارة
-
من يقاضي السلطة
-
قرارات ارتجالية
-
سلطة رابعة وسلطة رادعة
-
تقاطعات دبلوماسية
-
لغة السيوف
-
من يقاضي شركات النقال
-
متى يبنى العراق
-
قتل النساء
-
مسرحة النص في إشارات مقترحة
-
قامة أخرى هوت
-
تهريب لقمة العراقيين
-
مصالحة ... ومناطحة
المزيد.....
-
هتستمتع بمسلسلات و أفلام و برامج هتخليك تنبسط من أول ما تشوف
...
-
وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما
...
-
تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
-
انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
-
الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح
...
-
في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
-
وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز
...
-
موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
-
فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
-
بنتُ السراب
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|