أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - جمال المظفر - الحديد والنار















المزيد.....

الحديد والنار


جمال المظفر

الحوار المتمدن-العدد: 2255 - 2008 / 4 / 18 - 01:22
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


بالحديد والنار ... حكم العراق ، وجعل متونه معسكرات للتدريب، وحول رياضه الى سجون ومعتقلات ... طموح رجل حالم حد الثمالة بالدم والمجد وسيناريوهات العنف وبناء عرشه على جماجم المعارضين لمواهبه الاجرامية .. رجل حالم بالخلود .... ادخل العراق في ثلاث حروب كونية خاسرة .... وحول ساحات المدارس والجامعات والمعاهد الى معسكرات للتدريب .... وأنشأ أنظمة قمع جماهيري بتسميات مختلفة يشرف عليها المقربون اليه، من الذين يتفننون في القتل والتعذيب والترهيب والجريمة ، على حسن المجيد، وطبان ابراهيم الحسن، حسين كامل، برزان التكريتي، واسماء كثيرة من أعتى المجرمين الذين برهنوا للقائد الاوحد بأنهم أهل للمسؤولية ... فبدلا من أن ينشئ مصانع جديدة بنى سجونا ومعتقلات ومحطات إستراحة له ولاتباعه ، وبدلا من أن ينشئ صالات جديدة للولادة أنشأ صالات لاجهاض زوجات المناضلين والمعارضين ... دخل التاريخ من أوسع أبوابه ، بجرائمه ، وحروبه الخاسرة ، والتصفيات الجسدية ، والمقابر الجماعية التي لم يصل الى أرقامها أي دكتاتور آخر ترك وراءه فضائح وملفات فساد وبطش سلطوي ... لم يسلم من بطشه العرب ولا الاكراد ، وأسس أكبر جبهة وطنية لضم الاحزاب المعارضة والتي اصبحت في مابعد مصيدة لها وصفيت الواحدة بعد الاخرى ... ولم يسلم من بطشه الادباء والمثقفين والصحفيين ، طاردتهم أجهزته القمعية حتى في المنافي التي لجأوا إليها ، وصفى العشرات منهم في تلك المنافي ... الف مقبرة ومقبرة أنشئت ، تلم رفات الالاف من الضحايا الذين قتلوا بدم بارد على الهوية وسوء الظن ... أطفال يولدون وعيونهم مكسورة لفقد الاباء الذين غيبهم النظام في السجون والمعتقلات أو ناموا إلى الابد في تلك المقابر التي لم تعد تتسع للتمدد على راحة الشخص المغدور ، جثث رصفت متقرفصة لضيق المكان .... في العام 1980 ادخل العراق في حرب كارثية استمرت لثمانية اعوام حصدت فيها ارواح مئات الالاف من الضحايا ويتم الالاف من الاطفال ، وترملت نساء كثيرات ، سبق هذه الحرب بأكبر حملة لتهجير العوائل الفيلية بدعوى التبعية ، فسيقت العوائل من موائد الطعام ومن غرف النوم الى خارج الحدود بملابسهم، لم يسمح لهم بأخذ أية حاجيات اخرى، واودع العديد منهم في السجون والمعتقلات .... نظام رحل وخلف معه اكبر طابور عرفه التاريخ من الايتام والارامل والمنكوبين والامهات المفجوعات لفقد ابنائهن في السجون او المقابر او في حروب خاسرة ... طوابير من الجياع ، وجيوش من العاطلين عن العمل، ومعوقين، وثكالى، وملفات فساد يندى لها التاريخ .... بالنار والحديد طوق العراق ، من شماله الى جنوبه ، وأباد الالاف من الاكراد في ابشع جريمة يندى لها التاريخ بالاسلحة الكيمياوية ، أطفال رضع قتلوا في أحضان امهاتهم ..... جثث ممتدة على مد البصر لشيوخ وعجائز ، لم يعد احد قادر على التعرف عليها بسبب تفسخها وتشويه معالمها ... تعددت المعتقلات في العراق ، كل مسؤول وله معتقل ، الابن والاخ غير الشقيق واقارب القائد الضرورة ..... مع غياب تام للقانون ، إجتهادات كل مسؤول ورؤياه هي القانون بعينه .... قطع رؤوس وألسن وبتر أطراف وقص آذان وجلد وفلقة وترهيب بالاسود والنمور وأحواض من التيزاب وفنون أخرى يصعب حصرها ... ليس هنالك من مشاركة في الحكم ، فالعائلة هي التي تحكم ، وتسيطر على التجارة ورؤوس الاموال والشركات ودوائر الانتاج ، نظام دكتاتوري إستولى على كل مفاصل الحياة في العراق ... الامي يصبح في أعلى رتبة في الدولة أو يصبح وزيرا للدفاع ، والى مالانهاية من المتناقضات في الحكم الدكتاتوري ... الابن انشأ دولة داخل دولة ، وأنشأ اكبر مليشيا للترهيب .... وأقام معتقلات خاصة به ، وتفنن في اصدار الحكم الفنطازية ، واحتكر تجارة العراق ومارس التهريب ، لم يسلم من بطشه واستهتاره حتى من هم أعلى منه رتبة او منزلة عند ابيه .... والابن الاخر استولى على جهاز الامن الخاص ومارس تصفياته للمعارضين بدم بارد وأشرف على الحرس الجمهوري رغم صغر سنه بالنسبة الى القادة الكبار الذين يحملون رتبا واوسمة منحها لهم السيد الوالد ..!! طغيان العائلة ادى الى حدوث انشقاقات وانهيارات في اوساطها ، فصهره الذي تولى منصب وزير الدفاع هرب مع ابنته الى الاردن في سيناريو مفتعل من أجل الايقاع بالمعارضة كشفت الاخيرة تلك اللعبة ولم تمكن صهر الطاغية من الاندساس في بنيتها ، فعاد خائبا بعد وساطة من ملك الاردن الحسين بن طلال ، بعدما اخذ الامان من دكتاتور العراق آنذاك ... ولكن هل هناك من أمان مع الطغاة .. فقد ارسل الطاغية اولاده للثأر من زوج اختهم الذي لم يحسن اللعبة وفضح مخططهم ، ونشر فضائحهم وكشف اسرار الدولة ووثائق التصنيع العسكري امام العالم ... في العام 1991 اقدم على جريمة اخرى يشهد لها التاريخ بعد هزيمته في حرب الخليج ، يوم انتفض الشعب على تهوره وطغيانه ، إذ ضرب المدن الجنوبية بالصواريخ ومارس ابن عمه علي حسن المجيد المعروف ب ( علي كيمياوي ) لبراعته في استخدام الاسلحة الكيمياوية ليس ضد المعارضين فقط أو ضد القطعات العسكرية المعادية وانما ضد ابناء الشعب بكل مفاصله وفئاته .. مجازر جماعية ارتكبت في المحافظات الجنوبية وقتل الالاف بدم بارد دون محاكمة او حتى لجان تحقيقية كتلك المتعارف عليها لدى ذلك النظام .. تآمر على اقرب الناس اليه ، بل حتى من اوصلوه الى كرسي السلطة .. وكان لايثق بأي احد ، يخفي مكان تواجده ونومه حتى عن اهله .... وكان كلما جلس في اجتماع لمجلس الوزراء الذي كان يرأسه يردد مقولة : أشم ان هناك رائحة خيانة ..!! وتلك الترديدة كانت تدخل اقرب الناس اليه في حالة من الرهبة والانذار خوفا من بطشه بهم ، نظرية المؤامرة التي كان يؤمن بها كثيرا ويمارسها على الجميع .. المؤسسات العسكرية والامنية كانت حكرا لاقربائه وابنائه ، وكان يوثق جرائم الابادة من خلال تصويرها لتبقى شاهدا حيا على جرائمه، وانما سيرى هل ان الذين ينفذون اوامره ينفذونها بقلب جلد وبقسوة، أم انهم ينفذون اوامره بتراجع وعدم رضا ، وكان نصيب العديد ممن لم ينفذوا اوامره او اوامر ابنه الاكبر عدي بقسوة الابعاد او الاقصاء وربما رميهم في السجون للاشتباه بولائهم .. تهور قائد ، عسكر المدينة وريفها، ولاوى من هو اقوى منه ، ادخل العراق في مواجهة مع اقوى دولة في مجال التطور العسكري والتكنولوجي ، فكانت الهزيمة في الكويت ضربة قاصمة لنظامه، وانهارت الدولة انذاك في اكبر انتفاضة عرفها التاريخ ... قاومها بكل جبروته وعنفه ، فتناثرت الاليات العسكرية والدبابات على طول الحدود الكويتية وانهك الاقتصاد العراقي في تلك الحروب ومازال العراق يدفع ثمنها ... الشعب يتضور جوعا .. والقائد الاوحد يبني القصور والمنتجعات ويعبث بأموال الشعب ويزج بها في شراء الاسلحة والمعدات العسكرية ... بينما يمارس هو وحاشيته العهر السياسي يطلق في الجانب الاخر الحملة الايمانية التي كانت اكذوبة العصر ، فبالمقابل كان ابنه يعبث بشرف العراقيات .... ومنطقة المنصور التي جرت فيها محاولة اغتياله شاهدة على ذلك ... ومثلما كانت له ميليشيا للقتل والترهيب ، كانت هناك منظومة للسمسرة والتهريب والتصفية .. في التاسع من نيسان عام 2003 سقط الصنم في اغرب سيناريو تراجيدي، فالدكتاتور الذي حكم العراق بالحديد والنار ينهار في ايام معدودات، ويهرب الطاغية من المواجهة الى جهة مجهولة تاركا الشعب يواجه مصيره لوحده، والقي القبض عليه في حفرة بائسة مثل جرذ هارب من هر سمين .... وبينما كان الشعب يتضور جوعا ، وتلتصق بطونهم على ظهورهم من شدة الجوع ، وأطفال يعانون سوء التغذية وأجنة تولد مشوهة ، راح الطاغية يبني القصور ويخصص عوائد النفط لشراء الاسلحة والمعدات العسكرية والتي تركت للسلب والنهب بعد سقوط نظامه والكثير منها دمر في الحروب غير المتكافئة او تركت في سوح المعارك ... تماثيله التي انتشرت في كل بقعة من أرض العراق أطيحت في لحظة واحدة ، وسحلت في الشوارع ، بينما كان قائد الحديد والنار يبحث له من بحبوحة ليختبئ بها، وأدخل العراق في حالة من الصدمة ... لم يكن يعرف العراق طعم الحرية ، بل حتى الانتخابات التي كان يجريها كانت صورية ، المشرفون عليها يكتبون الاستمارات ويسلمونها للمواطنين من اجل رميها في الصناديق ... في التاسع من نيسان انهارت المؤسسة الحزبية والعسكرية، وهرب القائد الضرورة، وترك الرفاق اسلحتهم وهربوا إقتداءا برمزهم الاعلى الذي ذهب برجليه الى مزابل التاريخ..



#جمال_المظفر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اين الوعود ياوزارة التجارة
- من يقاضي السلطة
- قرارات ارتجالية
- سلطة رابعة وسلطة رادعة
- تقاطعات دبلوماسية
- لغة السيوف
- من يقاضي شركات النقال
- متى يبنى العراق
- قتل النساء
- مسرحة النص في إشارات مقترحة
- قامة أخرى هوت
- تهريب لقمة العراقيين
- مصالحة ... ومناطحة
- فن الاغواء في كتابة القصة القصيرة جدا
- قوة مميتة
- وزارات خارج التغطية
- سلامات لسلم الرواتب
- الفحولة العربية
- القوميات وسياسة الاقصاء ..؟!!
- مأساتنا ... حسد عيشة


المزيد.....




- أثار مخاوف من استخدامه -سلاح حرب-.. كلب آلي ينفث اللهب حوالي ...
- كاميرا CNN داخل قاعات مخبّأة منذ فترة طويلة في -القصر الكبير ...
- جهاز التلقين وما قرأه بايدن خلال خطاب يثير تفاعلا
- الأثر الليبي في نشيد مشاة البحرية الأمريكية!
- الفاشر، مدينة محاصرة وتحذيرات من كارثة وشيكة
- احتجاجات حرب غزة: ماذا تعني الانتفاضة؟
- شاهد: دمار في إحدى محطات الطاقة الأوكرانية بسبب القصف الروسي ...
- نفوق 26 حوتا على الساحل الغربي لأستراليا
- تركيا .. ثاني أكبر جيش في الناتو ولا يمكن التنبؤ بها
- الجيش الأمريكي يختبر مسيّرة على هيئة طائرة تزود برشاشات سريع ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - جمال المظفر - الحديد والنار