مبادرة متأخرة ولكن ..!!

جمال المظفر

الحوار المتمدن-العدد: 2299 - 2008 / 6 / 1 - 07:56
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    

اقدمت الحكومة العراقية مؤخرا على اتخاذ قرار كان يمكن ان يكون سابقا لاوانه قبل اعوام باخلاء البنايات الحكومية التي شغلتها الاحزاب المتعددة التسميات والمواطنين الذين تركوا بيوتهم ، بل البعض منهم اجر بيته وشد رحاله الى الدور او المقرات الحزبية للنظام السابق الذي هرول اعضاءه الى التخفي او النزوح الى دول الجوار بعدما كانوا يبيعون على الشعب وصاياهم ويفرضون اتاواتهم ...
القرار جرئ ، ولكنه جاء متاخر جدا ، وصحوة كان يمكن ان تكون قبل سنوات ، بعدما احتلت هذه المقار والبنايات من قبل مسؤولين او شخصيات بارزة سياسية ودينية ..
مؤسسات الدولة تبحث عن ابنية لها بسبب الدمار الذي لحق بالنظام المؤسساتي العراقي بعد الاحتلال ، اذ ان ماسلم من القصف الامريكي طالته يد التخريب الذي مارسته بعض الاجهزة المخابراتية لدول الجوار الجغرافي والعاطفي للعراق ..
عدد كبير من الوزارات والمؤسسات استأجرت مبان اهلية لشغلها وكلفت ميزانية الدولة مبالغ طائلة في حين ان هناك بنايات محتلة لم تجرؤ الدولة على المطالبة بها ، لان الامر سيصلها ايضا ، لان مايطبق على غيري يطبق علي ...ولذلك كان السكوت على هذه الحالة قبولا بالخطأ ..
ازمة البصرة السياسية والامنية واكتشاف رئيس الوزراء ان مقار الاحزاب السياسية والدينية اكثر من تعداد الشعب وان بعضها يستخدم لاغراض غير سياسية وبات هناك مابين مقر حزب وحزب بوابة حزب آخر ، وان الكثير من تلك الاحزاب مارست ضغوطها على الحريات العامة في البصرة ، بل وصارت تهدد العملية السياسية برمتها وراء اتخاذه هذا الاجراء ...
الصحوة المتأخرة ربما هي يقظة للمستقبل ودرسا من دروس الماضي القريب ، مايريده الشعب من الدولة ان تكون دولة قانون لادولة احزاب ، ان يسود القانون الجميع ابتداءا من الشخصيات القيادية الى آخر مواطن في سلسلة العناوين العشائرية والوظيفية ..
حركة رئيس الوزراء باتجاه الجنوب الجغرافي ثم باتجاه الشمال وبالضبط في أم الربيعين اثبت للجميع بان الحكومة قد سلكت الطريق الصحيح في توزيع وجهات النظر بصورة متوازية دون محاباة لهذا الطرف او ذاك ...
سكتت الدولة عن التجاوزات التي كانت تهدد المواطنين وتخنق حرياتهم رغم صيحات الكثيرين واستغاثاتهم ، ورغم عمليات تهريب النفط التي تمارس علنا ، وباتت سلطة الاحزاب اعلى من سلطة الدولة ، وقانون الاحزاب اقوى من قانون الدولة ، واخذ يشكل تهديدا لها في كل مفاصل الحياة ..
كان بامكان الحكومة جعل المقرات التي استولت عليها الاحزاب منذ سقوط النظام عيادات طبية شعبية او دورا للايتام ومدارس بدلا من مدارس الطين التي تجاوزت اعدادها الالفي مدرسة في بلد المليون بئر نفطي ، او اعادة اعمارها وتاهيلها واعادتها كدوائر حكومية ، وماعلى الاحزاب الا استئجار مبان لها ضمن مبالغ التمويل التي تحصل عليها ...
كل العراقيين مع دولة القانون ، لكنهم لايقفون معها عندما تكون دولة للاحزاب وقانون المشاعية البدائية والفتوات وارهاب الفكر والعصا الغليظة ...

#جمال_المظفر (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل