أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - باتر محمد علي وردم - الشيطان ضحية البشر














المزيد.....

الشيطان ضحية البشر


باتر محمد علي وردم

الحوار المتمدن-العدد: 718 - 2004 / 1 / 19 - 06:21
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


بما أن صورة الشيطان في الإسلام وجميع الأديان السماوية تشير إلى أنه كائن مطرود من رحمة الله وأنه قرر بعد ذلك انتقاما أن يغوي البشر لارتكاب الخطايا والآثام، فإنه بطريقة أو بأخرى يحدد تاريخ البشرية وحضاراتها البائدة والقائمة واللاحقة ويصبح دوره بالتالي هو الدور المركزي إذا سلمنا بهذه الفلسفة الدينية حول الدور الوظيفي للشيطان.
وهذا الشيطان هو بكل تأكيد أكثر المخلوقات التي يعشقها الإنسان في اللاوعي لأنه يستطيع من خلاله أن "يبرر" كل آثامه وقلة حيائه وأدبه وشروره فالإنسان وبتبرير ساقط من السماء يستطيع أن يمارس عامدا متعمدا أية خطيئة يريدها ثم يقول  ببساطة " أعوذ بالله من الشيطان الرجيم" وبالعامية "الله يلعن الشيطان" وربما يتطلب الأمر بعد ذلك مجموعة من العبادات البسيطة استنادا إلى نصوص دينية تعطيه المخرج والعفو العام بشكل يشبه عروض ترويج السلع الاستهلاكية!
إن دور الشيطان المسكين يصبح ثانويا إذا قورن بالشر المفجع الكامن في النفس الإنسانية والمنبعث من الغرائز التي لا يمكن للإنسان أن يتجاوزها أو ينفك من أسرها. أن قلة المناعة الأخلاقية الذاتية وتفكك منظومة القيم لدى الإنسان اساسها الإطمئنان بأن هناك حليفا صادقا بمكن الاعتماد عليه وهو الشيطان لحمل أوزار كل الخطايا البشرية. كما أن الله الغفور الرحيم سيقبل توبة أي شخص عندما يقرر القطيعة مع رفقة الشيطان ويصبح من التائبين العابدين القانتين وهذا ما يحدث عادة في أرذل العمر ومع تزايد اقتراب نبضات الموت، حيث يمكن الحصول على الغنيمة كاملة: متع الحياة في الشباب ومتع الآخرة عند الشيخوخة وبمنتهى الفهلوة والذكاء.
جمع البشر كل الصفات الرذيلة فيهم وركبوها فوق بعضها البعض فنتج عن ذلك الشيطان فأصبح صراع الإنسان مع الشر سهلا لأنه تحول من صراع مع الذات والضمير إلى صراع مع الآخر... وما أسهل للإنسان أن يلوم الآخرين وحتى لو كانوا مخلوقات خرافية لأنه يبعد الإثم عن نفسه.
للشيطان صور عديدة في الثقافات الدينية السائدة وكذلك الأفكار السياسية الناجمة عنها، فالشيطان رفيق الشعراء والملحدين والزنادقة ( اي نحن جميعا كتاب الحوار المتمدن!) أو بمعنى آخر كل الفلاسفة والمثقفين غير الدينيين. وهو "ملهم" العلماء من جاليليو انتهاء بفرويد وداروين. وفي الثقافات المكبوتة مثل الثقافة العربية فإن الشيطان هو المرأة بأنوثتها القادرة على غواية الرجل الطيب المسكين الصالح وهي التي تسببت بالهبوط الإضطراري لأبي البشر من الجنة إلى الأرض حتى يعيث فيها فسادا ويسفك الدم كما كان مقررا له من الازل إلى الأبد، وربما لو لم يكن الشيطان والمرأة موجودان وبقي ابا البشر في الجنة لاختلفت قصة الكون كلها!
أما في السياسة فإن الشيطان بالنسبة للعرب هو الاستعمار والصهيونية وللإسلاميين فالشيطان هو العلمانية والشيوعية وغني عن القول بأن شيطان جماعة ما قد يكون معبود جماعة أخرى فتنشأ أعتى الحروب دموية.
العالم سيكون مكانا أفضل بكثير لو وجه الإنسان اللوم لنفسه بدلا من إسقاطه على الشيطان ولو تمكن الإنسان من تنمية قيمه وأخلاقه والنقد الذاتي لسلوكه وتصرفاته. أن الشيطان ليس إلا ضحية لآثام البشر التاريخية ولو كان الشيطان كائنا حيا فإنني أتصور أنه سيذرف الدموع على جرائم ارتكبها اشخاص مثل صدام وميلوسوفتش وشارون وبن لادن انتهكوا كل قيم الكرامة الإنسانية بشكل لا يمكن للشيطان نفسه أن يتصوره، فهذا الكائن الذي بدأ حياته العملية بوسوسة لتناول تفاحة محرمة، ومن ثم أظهر افضل إبداعاته عندما يكون "ثالثا" للرجل والمرأة في خلوتهما لم يحفر المقابر الجماعية ولم يذبح آلاف الناس بسبب العرق ولم يفجر الطائرات المدنية بل هو كائن مسكين ويستحق الشفقة مقارنة مع شياطين البشر الذين تفوقوا عليه في كل شئ!!



#باتر_محمد_علي_وردم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رموز الجهل والسخافة في الفضائيات العربية
- أهم أحداث العلوم والتكنولوجيا للعام 2003
- لهذه الأسباب لن اشارك في مسيرة تأييد المقاومة العراقية في عم ...
- العولمة وتدمير البيئة
- أساليب النفاق والخداع التي يستخدمها الإسلاميون في قضية الحجا ...
- التركيب البيوسايكولوجي لعقل الإنسان يرفض كل النظريات الشمولي ...
- التركيب البيوسايكولوجي لعقل الإنسان يرفض كل النظريات الشمولي ...
- مؤسسة رامسفيلد السرية لاستفزاز الإرهابيين!!
- مفاعل ديمونا...محرقة الشرق الأوسط النووية القادمة
- ثورة المعلومات تغير أنماط العمالة في العالم
- أمنية العام الجديد: تحرير صدام وتنصيبه زعيما على الأمة العرب ...
- متى نتخلص من نظرية المؤامرة ونصارح أنفسنا بالواقع؟
- القضايا العشر التي تحدد مستقبل التنمية في العالم
- بوش وبلير والديمقراطية الليبية!
- ما هي الدولة العربية الناجحة؟
- كارثة الإنفاق العسكري في العالم العربي
- زعيم العصابة الأكبر إذ يصفي منافسيه!
- مواطنون عراقيون...لا شيعة ولا أكرادا!
- إلى نقابة المحامين الأردنية: هل قرأتم لائحة الاتهام؟
- الشعوب العربية تريد الديمقراطية لنفسها والدكتاتورية للعراقيي ...


المزيد.....




- “أسعدي أطفالك اليوم بأغاني البيبي” تردد قناة طيور الجنة بيبي ...
- تنظيم الدولة الإسلامية: أرملة أبو بكر البغدادي تكشف تفاصيل ح ...
- المسيحيون يطالبون بتشريعات خاصة -بأحوالهم الشخصية-
- +++ تغطية مباشرة للانتخابات الأوروبية: المسيحي أولاً والبديل ...
- +++ تغطية مباشرة لانتخابات البرلمان الأوروبي: المسيحي أولاً ...
- من حرب غزة إلى حرب الرقائق.. لماذا تُعتبر إسرائيل -روح الروح ...
- مستذكرا لقاء جمع بيريز وعباس.. البابا فرانسيس يطالب إسرائيل ...
- البطريرك كيريل: روسيا تعيق انتشار الإلحاد في العالم
- حماس تدعو الدول الإسلامية لمواصلة جهودها للضغط على الاحتلال ...
- شكر دولة عربية.. بابا الفاتيكان يوجه رسالة إلى إسرائيل وحماس ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - باتر محمد علي وردم - الشيطان ضحية البشر