أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر - باتر محمد علي وردم - العولمة وتدمير البيئة















المزيد.....

العولمة وتدمير البيئة


باتر محمد علي وردم

الحوار المتمدن-العدد: 709 - 2004 / 1 / 10 - 04:33
المحور: الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر
    


بدأت التأثيرات السلبية الناجمة عن تحولات العولمة والنظام الاقتصادي الدولي على الموارد الطبيعية والبيئة تستقطب الاهتمام الكبير في المناقشات الدولية الخاصة بتأثيرات العولمة على نوعية الحياة والتنمية في دول الجنوب. ومن المعروف أن الرابط الأساسي بين العولمة والبيئة يتمثل في أن تزايد النشاط الاقتصادي بشكل عام وفي مقدمته التجارة يؤدي حاليا إلى تدهور في نوعية البيئة، فمن المعروف أن كل النشاط الاقتصادي في العالم مبني أساسا على الموارد الطبيعية والبيئة، حيث تمثل البيئة مدخل جميع المواد الخام والطاقة المستخدمة في التصنيع وكذلك المستقبل الأخير للمخلفات الناتجة عن النشاط الاقتصادي.
إذا كان هناك ثمة وصف  مبسط لخصائص الاقتصاد العالمي في القرن العشرين، والاقتصاد الليبرالي الجديد الذي يشكل جوهر العولمة، فهو أن هذا الاقتصاد قائم على "قرصنة الطبيعة" وعلى الاستنزاف المتواصل للموارد الطبيعية بدون حساب وبدون حدود منطقية للاستهلاك، وخاصة موارد الدول النامية. وهذه القرصنة تهدف أساسا إلى زيادة المؤشرات الاقتصادية الرئيسية التي أصبحت بمثابة "عقيدة" لدى معظم الدول الصناعية في العالم والنخبة الغنية المترفة في الدول النامية وهي عقيدة النمو الاقتصادي بلا حدود، وعقيدة الاستهلاك المفرط، وخاصة في المجتمعات الغربية.
لقد مثل القرن العشرين قرن النمو الاقتصادي بامتياز، والمترافق مع التدهور البيئي. فقد توسع الاقتصاد العالمي من 3,2 تريليون دولار عام 1900 إلى 45 تريليون دولار عام 2000 مما يعني الزيادة بحوالي ثمانية عشر ضعفا. وقد تجاوز النمو الاقتصادي الذي حدث خلال ثلاث سنوات فقط ما بين 1995-1998 المردود منذ عشرة آلاف سنة وهو عهد بداية الزراعة حتى العام 1900 وكذلك فإن النمو الاقتصادي العالمي عام 1997 قد تجاوز النمو الاقتصادي للقرن السابع عشر كله. وقد اصبح النمو هاجسا لكل المجتمعات في الشمال والجنوب، بل تحول إلى عقيدة اجتماعية قبل أن يكون عملية اقتصادية في بعض المجتمعات والنخب الاقتصادية حيث يجاهد الناس لرفع مستويات معيشتهم وثرواتهم ويعد السياسيون الطامحون جماهيرهم بالنمو ولكن في خضم كل ذلك تختفي القدرة على تقييم التكلفة الاجتماعية والبيئية لهذا النمو.
وتقول منظمة أصدقاء الأرض وهي من أكثر المنظمات البيئية في العالم انتقادا للسياسات الاقتصادية للعولمة أن العولمة الاقتصادية التي تسود العالم حاليا والتي تبحث عن الربح بغض النظر عن الكلفة  البيئية والاجتماعية تتناقض تماما مع مبادئ التنمية المستدامة لعدة أسباب منها:
• زيادة نسبة التباين الاقتصادي ما بين الدول وضمن الطبقات الاجتماعية للدولة الواحدة.
• تركيز الثروة والقوة بأيدي نخب اقتصادية وسياسية معينة وحرمان بقية الناس منها وبالتالي تقويض مبادئ الديمقراطية.
• التهميش الاقتصادي والاجتماعي والسياسي للفئات غير القادرة على التأقلم مع خصوصيات العولمة.
• تضاعف مستويات استنزاف الموارد الطبيعية والبيولوجية
• منع صيانة وتحسين أنماط التجارة والاقتصاد المحلي الذي يدعم المجتمعات الفقيرة والريفية
• إضعاف المعاهدات البيئية الدولية والاتفاقيات التي تشكل مظلة جهود التنمية المستدامة في العالم.

الخطاب البيئي المضاد للعولمة
يمكن تلخيص اعتراضات التيارات المناهضة للعولمة وتحرير التجارة على سياسات وأنظمة مؤسسات العولمة من خلال خطاب هذه التيارات وأدبياتها خاصة أثناء تظاهرات سياتل وبراغ وجنوى ومنتديات بورتو أليجري المختلفة، في مجال البيئة بست نقاط رئيسية:
1- قوانين منظمة التجارة ستكون سائدة على القوانين والأنظمة الوطنية التي تحمي البيئة:
بناء على مبادئ العولمة في حرية انتقال السلع بدون حواجز جمركية أو غير جمركية فأن قوانين العولمة سوف تكون لها الأولوية على القوانين والأنظمة الوطنية لكل دولة والتي تهتم بحماية البيئة وتضع معايير الجودة البيئية والتي يتم تصنيفها بأنها "حواجز غير جمركية"   Non- Tariff       Barriers ينبغي إزالتها لتسهيل انتقال التجارة.

وفي هذه الحالات فإن من أخطر نتائج تحرير التجارة هي تقويض الديمقراطية، مهما كانت هشة في الدول النامية حيث تقل نسبة المساهمة الشعبية في اتخاذ القرارات وينشأ تحالف دكتاتوري بين الشركات الكبرى التي تعمل ضمن برامج التخاصية والاستثمار وحكومات هذه الدول ورأسمالييها على حساب مصالح غالبية الشعب.

1. 2- استنزاف الموارد الطبيعية:
 سوف تؤدي عمليات إلغاء التعرفة الجمركية على المواد والمنتجات الخشبية الى تقليل أسعارها دوليا وبالتالي زيادة معدل قطع الغابات والأشجار للحصول على المنتجات الخشبية. ومع تزايد قوة وتأثير الشركات الكبيرة المختصة في عمليات قطع الأخشاب وصناعات الورق فإن تأثيرها سيمتد إلى العالم النامي والذي توجد فيه أكبر كميات من الغابات الطبيعية في العالم والتي سوف تتعرض لمضاعفة التدمير من قبل الشركات الغربية.
تحرير التجارة سيؤدي أيضا إلى استنزاف الكثير من الموارد الطبيعية غير المتجددة كالمياه الجوفية أو الغابات أو موارد التعدين في إنشاء صناعات جديدة وتوسعة الصناعات القائمة وإذا ما  ترافق ذلك مع توجه تنموي غير مستدام والكثير من التهميش لمجتمعات العالم الثالث فإن تأثيرا سلبيا كبيرا سوف يقع. ويجادل البيئيون في العالم بأن مؤشرات النمو الاقتصادي المتبعة دوليا مثل الناتج القومي الاجمالي أو نصيب الفرد هي مؤشرات مالية بحتة لا تأخذ بعين الاعتبار خسارة الرأسمال الطبيعي واستنزاف الموارد الطبيعية المرافق لهذا النمو الاقتصادي الرقمي. كما أن الأرباح التي تتحقق عن هذه المشاريع تكون عادة لصالح الشركات العالمية الكبرى والتي تستغل الموارد الطبيعية لدول العالم الثالث تحت حجة تشجيع الاستثمار.


1. 3- ملاذات التلوث الدولية:
من المتوقع ضمن أطر تحرير التجارة  انتقال العديد من الصناعات الملوثة بيئيا من الدول الصناعية التي تفرض معايير بيئية صارمة الى الدول النامية الأقل التزاما بحماية البيئة وإنشاء هذه المصانع هناك. ومع أن ذلك سيؤدي في المدى القريب الى تأمين فرص عمل   كبيرة في هذه الدول إلا أنها ستنقل التلوث إليها. وهذا ما يسمى في الاقتصاد العولمي بالاستثمار الأجنبي المباشر Direct Foreign Investment  في الدول النامية والذي من الممكن أن يؤدي إلى وجود ملاذات للتلوث Pollution Havens  في هذه الدول غير خاضعة لمعايير بيئية صارمة خصوصا إذا رافق هذا الانتقال للصناعات الملوثة وجود تعاون مع بعض الحكومات الفاسدة في دول العالم الثالث للتغاضي عن عمليات التلوث التي ترافق هذه الصناعات. بالأضافة إلى ذلك فإن بعض الشركات الكبيرة تقوم بإغراق الأسواق النامية بمنتجات مبنية على أساليب غير رفيقة بالبيئة ومدمرة للموارد الطبيعية وبهذا تؤثر على الصناعات الصغيرة التي قد تستخدم طرقا رفيقة بالبيئة.
1. 4- المنتجات المعدلة وراثيا:
 الانتقال التجاري الحر للمنتجات الغذائية المعدلة ورائيا، أو ما تسمى الكائنات المعدلة وراثيا  Genetically Modified Organisms ( GMO)   في العالم سيؤدي الى نشر التأثيرات البيئية السلبية لهذه المنتجات من حيث تغيير النظام البيئي الطبيعي والتنوع الحيوي  Biodiversity  أو التسبب أحيانا بمشاكل صحية للمستهلكين بسب تغيير التركيب الوراثي لهذه الكائنات الذي قد يكون مؤذيا للمستهلك كما أنه لن يسمح للدول المستوردة في رفض أو إغلاق أسواقها أمام المنتجات المعدلة وراثيا قبل فحصها والتأكد من صلاحيتها. وهناك مشاكل تتعلق بالأمن الغذائي الدولي، فتزايد الاتجار بالمنتجات الغذائية المعدلة وراثيا سيؤدي الى تركز الثروة واحتكار إنتاج هذه المنتجات بالدول المسيطرة حاليا على هذا القطاع فهي الولايات المتحدة وكندا والأرجنتين التي تشكل 98% من إنتاج الأغذية المعدلة وراثيا من خلال شركاتها الكبرى مثل مونسانتو ونوفارتيس  ولا شك أن ذلك الاحتكار للتكنولوجيا سيضعف من الأمن الغذائي لمعظم الدول النامية. وبالرغم من عدم ثبات وجود التأثيرات السلبية على صحة المستهلكين فلا زالت العديد من الدول ومنظمات البيئة تعتمد على المبدأ الوقائي Precautionary Principle  لمنع دخول هذه المواد إليها قبل التأكد علميا من سلامتها الصحية.

5- إضعاف المعاهدات البيئية الدولية:
الانتقال الحر للمنتجات ذات التأثير البيئي الملوث مثل المنتجات المستنزفة للأوزون لن يكون بالإمكان إيقافه ضمن بنود معاهدة مونتريال مثلا لمنع الاتجار بالمنتجات المستنزفة للأوزون إذ أن قوانين منظمة التجارة ستحظى بأولوية قانونية دولية على هذه المعاهدات، بالإضافة إلى ذلك فإن سيادة اتفاقيات منظمة التجارة يهدد بإضعاف قدرة أنظمة الحكم البيئي العالمي    Global Environmental Governance على الإدارة البيئية التعاونية للموارد العالمية من خلال اتفاقيات الأمم المتحدة المتعددة.

6-القرصنة الحيوية والملكية الفكرية:
معاهدة منع الاتجار بالكائنات الحية وتلك المعرضة للانقراض     CITES  لن تكون ذات سند قانوني في مواجهة حرية الاتجار بهذه الكائنات ضمن شروط المنظمة وسوف تتعرض الدول النامية للعديد من عمليات القرصنة الحيوية  Biopiracy  أي سرقة الكائنات النادرة وخاصة النباتات الطبية من قبل الشركات الكبرى ثم إنتاج أدوية منها والحصول على براءات اختراع خاصة بدون تقديم نسبة الى الدولة المنشأ ومن ثم بيع هذه الأدوية بأسعار غالية حتى في أسواق البلدان التي تمت سرقة النباتات الطبية منها، علما بأن اتفاقية حقوق الملكية الفكرية في منظمة التجارة العالمية تعطى للشركة صانعة الدواء أو المستحضر حق الملكية الفكرية لطريقة تصنيع المنتج أو للمنتج نفسه ولكنها لا تعطي أية حقوق للمادة الخام التي صنع منها المنتج ولا للسكان الأصليين في المنطقة التي توجد فيها هذه المواد الخام.

كل هذه القضايا الحساسة ترتبط تماما بالعلاقة التنموية غير المتوازنة بين الشمال والجنوب وتشكل بندا رئيسيا في الخلافات السياسية والاقتصادية التي تسود بين هذه الدول ولكن من الواضح أن كوكب الأرض بموارده بات أحد اشد ضحايا العولمة وضوحا وسوف ينعكس ذلك على نوعية الحياة لكل سكان الدول النامية ومنها العالم العربي الذي لا يزال غير منتبه بعد إلى الأبعاد البيئية الناجمة عن سياسات العولمة.



#باتر_محمد_علي_وردم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أساليب النفاق والخداع التي يستخدمها الإسلاميون في قضية الحجا ...
- التركيب البيوسايكولوجي لعقل الإنسان يرفض كل النظريات الشمولي ...
- التركيب البيوسايكولوجي لعقل الإنسان يرفض كل النظريات الشمولي ...
- مؤسسة رامسفيلد السرية لاستفزاز الإرهابيين!!
- مفاعل ديمونا...محرقة الشرق الأوسط النووية القادمة
- ثورة المعلومات تغير أنماط العمالة في العالم
- أمنية العام الجديد: تحرير صدام وتنصيبه زعيما على الأمة العرب ...
- متى نتخلص من نظرية المؤامرة ونصارح أنفسنا بالواقع؟
- القضايا العشر التي تحدد مستقبل التنمية في العالم
- بوش وبلير والديمقراطية الليبية!
- ما هي الدولة العربية الناجحة؟
- كارثة الإنفاق العسكري في العالم العربي
- زعيم العصابة الأكبر إذ يصفي منافسيه!
- مواطنون عراقيون...لا شيعة ولا أكرادا!
- إلى نقابة المحامين الأردنية: هل قرأتم لائحة الاتهام؟
- الشعوب العربية تريد الديمقراطية لنفسها والدكتاتورية للعراقيي ...
- العرب والمسلمون: معايير مزدوجة في تقدير قيمة الحياة الإنساني ...
- ردا على ناهض حتر: الخطأ ليس في مضمون رسالة الحزب الشيوعي الع ...
- ضد الاحتلال الأميركي، ودكتاتورية البعث معا!
- فاجعة للثقافة العربية


المزيد.....




- مبنى قديم تجمّد بالزمن خلال ترميمه يكشف عن تقنية البناء الرو ...
- خبير يشرح كيف حدثت كارثة جسر بالتيمور بجهاز محاكاة من داخل س ...
- بيان من الخارجية السعودية ردا على تدابير محكمة العدل الدولية ...
- شاهد: الاحتفال بخميس العهد بموكب -الفيلق الإسباني- في ملقة ...
- فيديو: مقتل شخص على الأقل في أول قصف روسي لخاركيف منذ 2022
- شريحة بلاكويل الإلكترونية -ثورة- في الذكاء الاصطناعي
- بايدن يرد على سخرية ترامب بفيديو
- بعد أكثر من 10 سنوات من الغياب.. -سباق المقاهي- يعود إلى بار ...
- بافل دوروف يعلن حظر -تلغرام- آلاف الحسابات الداعية للإرهاب و ...
- مصر.. أنباء عن تعيين نائب أو أكثر للسيسي بعد أداء اليمين الد ...


المزيد.....

- ‫-;-وقود الهيدروجين: لا تساعدك مجموعة تعزيز وقود الهيدر ... / هيثم الفقى
- la cigogne blanche de la ville des marguerites / جدو جبريل
- قبل فوات الأوان - النداء الأخير قبل دخول الكارثة البيئية الك ... / مصعب قاسم عزاوي
- نحن والطاقة النووية - 1 / محمد منير مجاهد
- ظاهرةالاحتباس الحراري و-الحق في الماء / حسن العمراوي
- التغيرات المناخية العالمية وتأثيراتها على السكان في مصر / خالد السيد حسن
- انذار بالكارثة ما العمل في مواجهة التدمير الارادي لوحدة الان ... / عبد السلام أديب
- الجغرافية العامة لمصر / محمد عادل زكى
- تقييم عقود التراخيص ومدى تأثيرها على المجتمعات المحلية / حمزة الجواهري
- الملامح المميزة لمشاكل البيئة في عالمنا المعاصر مع نظرة على ... / هاشم نعمة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر - باتر محمد علي وردم - العولمة وتدمير البيئة